هل خُلقت حواء من ضلع آدم الأيسر؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالنا هو: كيف خلق الله حواء عليها السلام حسبما ورد في روايات أهل بيت العصمة والطهارة؟ وكيف تعالجون التعارض في الروايات؟ وما رأيكم فيما رواه العياشي ونقله عنه صاحب البحار رحمهما الله، عن عمرو بن أبى المقدام عن أبيه قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) من أي شيء خلق الله حواء: فقال: أى شئ يقولون هذا الخلق؟ قلت: يقولون: ان الله خلقها من ضلع من اضلاع آدم، فقال: كذبوا أكان الله يعجزه أن يخلقها من غير ضلعه؟ فقلت: جعلت فداك يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أى شئ خلقها؟ فقال أخبرنى أبى عن أبائه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ان الله تبارك وتعالى قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه ـ وكلتا يديه يمين ـ فخلق منها آدم وفضلت فضلة من الطين فخلق منها حواء، وقد استوقفتنا العبارة الواردة بين شرطتين -وكلتا يديه يمين- خصوصا وانها مما توافق كلام وأخبار العامة وهل هي من قول المعصوم ام الرواة او العياشي وهل يمكن بحال من الأحوال تأويلها دون الوقوع في اي اشكال آخر؟ وما مدى اعتبار وصحة الرواية؟
 
وشكرا جزيلا لكم
نسألكم الدعاء


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد سيد الشهداء ومولى الإمام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام).

جواب الشيخ:

بسم الله الرحمن الرحيم. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عظم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بسيد الشهداء الحسين وأهل بيته وأصحابه (عليهم السلام) وجعلنا الله وإياكم من الثائرين لأجلهم مع صاحب الثأر مولانا بقية الله المهدي أرواحنا فداه وعجل الله فرجه الشريف.

المراد من هذا الخبر الذي نقلتموه هو نفي خلقة حواء من نفس ضلع آدم (عليهما السلام) كما يقول به المخالفون، لأنه يستلزم أن يكون آدم قد نكح بعضه والعياذ بالله!

وليس المراد من الأخبار التي ذكرت أن حواء خُلقت من ضلع آدم الأيسر هو ما فهمه المخالفون، بل المراد هو أنها خُلقت من فاضل طينة ضلعه الأيسر، فقد روى الصدوق بسنده عن عبد الله بن يزيد بن سلام أنه سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ”آدم خُلق من حواء أم خلقت حواء من آدم؟ قال صلى الله عليه وآله: بل حواء خُلقت من آدم ولو كان آدم خُلق من حواء لكان الطلاق بيد النساء ولم يكن بيد الرجال (...) قال: فمن أين خُلقت؟ قال: من الطينة التي فضلت من ضلعه الأيسر. قال: صدقت يا محمد“. (علل الشرائع للصدوق ص470)

وهذا مصداق لقوله تعالى: ”يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا“ أي خلقكم من نفس الطينة التي خلق منها زوجها.

وأما ما ورد في الخبر المنقول من أن كلتا يديه يمين فلا يقتصر عليه، فقد جاء هذا المعنى في روايات أُخَر منها ما رواه الكليني عن أبي جعفر (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ”المتحابون في الله يوم القيامة على أرض زبرجدة خضراء في ظل عرشه عن يمينه - وكلتا يديه يمين - وجوههم أشد بياضا وأضوأ من الشمس الطالعة، يغبطهم بمنزلتهم كل ملك مقرّب وكل نبي مرسل، يقول الناس: من هؤلاء؟ فيقال: هؤلاء المتحابون في الله“. (الكافي للكليني ج2 ص126)

وهذا لا يستلزم التجسيم، لأنه يؤول إلى معنى أن القدرة التكوينية الإلهية - المكنّى عنها باليدين ههنا - ليس فيها نقص أو شؤم، إذ إن العرب ترى في اليد اليسرى نقصا وشؤماً، وترى في اليمنى كمالاً ويُمناً، بل لذلك سُمِّيت اليمين يميناً، أي من اليُمن والبركة. وهذا مستمر إلى اليوم وهو محسوس، فإنه لو قدّم أحدهم في مضايف العشائر فنجان القهوة إلى أحدٍ بيده اليسرى لعُدّ ذلك إساءة وإهانة. لذا نبّه النبي والأئمة (عليهم السلام) في أحاديثهم على أن كلتا يديه يمين، فهو سبحانه في أتم الكمال، وكذلك خلقه للأشياء وأفعاله إنما يكون في غاية التمام والحكمة.

وفقكم الله وإيانا لليقين والبصيرة في ديننا، والسلام. الأول من صفر الأحزان لسنة 1430 من الهجرة النبوية الشريفة.

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

ليلة 3 صفر المظفر 1431


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp