هل يصح إرجاع الفضل في الفتوحات الإسلامية إلى أبي بكر وعمر وعثمان؟ ولماذا شارك الأئمة فيها مع أنها تحت راية الجور؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد وألعن أعدائهم

الشيخ الفاضل ياسر الحبيب حفظه الله تعالى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

س1:كثيرا ما ينسب للقادة انجازات من كان معهم من الجند وبقية الأفراد فهل هذا ما حصل مع الخلفاء المغتصبين الثلاثة الأوائل - لعنهم الله - بالنسبة لما يسمى بالفتوحات وغيرها فهل أشار الائمة عليهم السلام إلى هذا المعنى؟

س2:إن كان الجهاد الدفاعي تحت راية أهل الضلال كمعاوية أو عمر من باب الفرض أو من كان على شاكلتهم في زمننا الحاضر فهل من الممكن عمليا العمل معهم دون ايقاع الناس في شبهة عدم فسادهم وصلاحهم وصحة منهجهم ودون نسبة فضل الجهاد والانتصار وغيره لهم؟

س3:هل شارك الحسن عليه السلام وبعض كبار أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام كسلمان رضوان الله عليه في تلك الفتوحات مع العلم أنه لا يجوز الجهاد تحت راية الظالمين هذا وقد كان أمير المؤمنين عليه السلام حريص على الحسنين عليهما السلام في المعارك كما ينقل عنه ، وإن شارك الحسن في الفتوحات بغرض حفظ بيضة الاسلام وهو أمر خطير فلماذا لم يشارك أمير المؤمنين عليه السلام في تلك الفتوحات أيضا ولماذا لم يحفظ التاريخ تفاصيل تلك المعارك التي شارك بها الحسن عليه السلام ويذكر بطولاته وانجازاته فيها؟

س4:بل على العكس ألا يكون جهاد مثل أبو بكر وعمر ومعاوية أولى من جهاد الكفار في حال ما توفرت القدرة لأن دمارهم من الداخل وباسم الدين؟

س5: ألم يكن الغرض من تلك الفتوحات هو تكديس الغنائم والأموال لدى الخلفاء وليس نشر الاسلام كما يدعي البعض لأن نشر الاسلام لا يكون بالجهاد إنما حماية الدعوة والمستضعفين تكون بالجهاد(والذي لاينشر بحد السيف وإنما بالدليل والإقناع) ؟

س6:وهل بلغت الشجاعة في هؤلاء الثلاثة الأوائل حتى تنسب أفضال الفتوحات لهم إن كان لها أفضال أصلا؟

س7:لماذا كان رأي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالنسبة لمجريات معركة أحد أن يكون الجهاد في سكك المدينة وأن يكون الضعفاء فوق البيوت يرمون الحجارة (إن صح النقل) ، ألا يجعل الجهاد داخل المدينة النساء والشيوخ والاطفال عرضة للخطر أكثر مما لو كانت المعركة خارج المدينة وقد انتصر المسلمون بالفعل لولا جري الرماة وراء الغنائم ومخالفة أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالثبات ، وهل التحليل الذي يقول لعله كان هذا الرأي حماية المدينة من خطر اليهود وأن القتال إنما كان سيجري في أطراف المدينة بحيث يكون هؤلاء الشيوخ والنساء والأطفال بعيدين عن أرض القتال والمعركة ؟

نسأل الله أن يرزقنا إيانا وإياكم الثبات على ولاية آل محمد والبراءة من أعدائهم.


باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

ج1: لا يمكن نسبة تحقق تلك الفتوحات إلى الانقلابيين الثلاثة (عليهم اللعنة) إذ لم يكونوا قُوّادا للجيوش الفاتحة ولم يشتركوا فيها، فإنهم استبقوا أنفسهم في الأمان بعيدا عن أهوال الحرب! وهذا بخلاف فتوحات وانتصارات النبي الأعظم وأمير المؤمنين (صلوات الله عليهما) فإن فضل تحققها يرجع إليهما إذ كانا يشتركان بنفسيهما في قيادة الجيوش وإدارة المعارك في ساحاتها عمليا وفعليا. أما ابن أبي قحافة وابن الخطاب وابن عفان فما كانوا يحسنون غير دفع الناس للحرب مع استبقاء أنفسهم لما يعرفونه في أنفسهم من جُبن وخوف وفرار مقابل العدو، ومجرد دفع الناس للحرب لا بطولة فيه فإن الجميع يقدر عليه بكلمة واحدة هي: امضوا إلى الحرب! لا أكثر ولا أقل! أما الذي لا يقدر الجميع عليه فهو إدارة المعركة عسكريا وتحقيق النصر فيها، وهذا ما لم يكن هؤلاء يحسنونه، وكيف وهم مَن هم؟!

ج2: نعم يمكن ذلك، والسيرة تشهد عليه، ويكون بالالتزام بأخلاقيات الحرب الإسلامية، وتمييز النفس عن المجموع الفاسد، وبيان أن المشاركة إنما هي من باب تقديم الأهم على المهم ليس إلا. وهذا نظير ما لو كنت تتوطن بلادا حكومتها كافرة – كأميركا مثلا – ثم وقع على تلك البلاد اعتداء خارجي، فإنك – حسب الأحكام الشرعية – تنضم إلى بقية أهل تلك البلاد من الكفار في الدفاع ومواجهة العدو المشترك، تغليبا للأهم على المهم، ودفعا للضرر الأعظم، ولا تكون مشاركتك في هذه الحالة إسباغا للشرعية على حكومة تلك البلاد.

ج3: نعم قد سجّل التأريخ مشاركة الحسنين (عليهما السلام) وبعض شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) كأبي ذر الغفاري (رضوان الله عليه) في تلك المعارك، كفتح فارس وفتح أفريقية. وكانت المشاركة منهم بأمر من الأمير (عليه السلام) لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من سمعة الإسلام حين يدخل تلك البلاد، فكانت وظيفتهم هي المحافظة قدر ما أمكن على أخلاقيات الحرب الإسلامية، وتبليغ الدين بالشكل الصحيح إلى أهالي البلدان المفتوحة، ولذا تلاحظ أن التأريخ لم يذكر بتفصيل بطولاتهم ومواقفهم الحربية في تلك المعارك والفتوحات، لأن وظيفتهم الأساسية لم تكن عسكرية بل رسالية. والجهاد تحت راية أهل الضلال يجوز في حالات الاضطرار وتقديم الأهم على المهم، فكيف إذا كان بإجازة الإمام المعصوم. أما أن الأمير (عليه السلام) كان حريصا على الحسنين (صلوات الله عليهما) فذلك صحيح، غير أن إرساله إياهما في تلك الحروب لا ينافيه، إذ الأئمة مطلعون على الغيب وهم يعلمون بعواقب الأمور، وبذا يكون الأمير (عليه السلام) عالما بأن سوءا لن يصيب سيدي شباب أهل الجنة (عليهم السلام)، هذا إذا سلكنا مسلك الظواهر في تفسير الحدث، أما إن سلكنا المسلك الآخر فنقول أن منعه (صلوات الله عليه) يوم الجمل ويوم صفين ولديه (عليهما السلام) من القتال إنما كان بغرض إفهام الغير أنهما هما الامتداد لرسول الله (صلى الله عليه وآله) بعده، فلا يكون للمنع حقيقة ويكون من باب "إياك أعني فاسمعي يا جارة". وأما عن سبب امتناع أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) عن المشاركة في الفتوحات الواقعة في زمان الأنجاس الثلاثة (عليهم لعائن الله) فلأن موقعه (عليه السلام) كان يختلف عن موقع الحسن والحسين (عليهما السلام) إذ كان هو رمز المعارضة والاحتجاج على وجود الحكومة غير الشرعية في ذلك الوقت، ولذا وجب أن يبقى منعزلا عن المشاركة في أي عمل من أعمالها ومعتكفا في بيته، أما الحسنان (عليهما السلام) فلم يكونا آنذاك في هذه الموقعية الرمزية الأساسية، وكذلك بقية الشيعة المخلصين (رضوان الله عليهم) ولذا حدّثنا التأريخ أن الأمير (عليه السلام) بلغ من حكمته أن جعل سلمان الفارسي (رضوان الله عليه) يدخل في التشكيلات الحكومية نفسها حين أصبح واليا لعمر (عليه اللعنة) على المدائن، وما هذا إلا لتلك الغايات والمصالح العليا التي كان يهتم بها الأمير (عليه السلام) في عملية مبهرة لتوزيع الأدوار، فلاحظ هنا أنه وزّعها على النحو التالي: أخذ هو دور المعارضة الصامتة، وجعل أبا ذر يأخذ دور المعارضة الناطقة، فيما جعل سلمان يأخذ دور المشاركة في الحكومة، وكذلك أشرك الحسنين (عليهما السلام) في مسايرة الجيوش الفاتحة.

ج4: يكون أولى مع تحقق الشرائط، أما بدونها فلا.

ج5: صحيح ذلك، ولذا قلنا أن مشاركة الحسنين (عليهما السلام) في تلك الحروب إنما كانت اضطرارية، فسواء اشتركا أم امتنعا فإن الجيوش سوف تغزو وتفتح لأن السلطة الحاكمة كان يهمها توسيع رقعة سلطانها لا لأجل نشر الإسلام وإنما لجني الغنائم والأرباح، فإن امتنعا عن المشاركة كان ذلك مؤديا إلى عدم وصول الإسلام إلى أهالي البلدان المفتوحة بالشكل الصحيح، ولعلّهم كانوا يضمرون عداوة له، خاصة إذا ما ارتكبت الجيوش الفظائع في حق الأهالي، لذا كان وجود الإماميْن (عليهما السلام) وأمثال أبي ذر (رضوان الله عليه) بمثابة صمام الأمان للمحافظة ما أمكن على أخلاقيات الحرب فلا ينفر الناس من الإسلام بسبب تصرفات الجيش الإسلامي الفاتح، كما كان وجودهم بمثابة مشعل هداية لتلك الأقوام والأمم، ولذا تراهم قد دخلوا في دين الله أفواجا، طائعين غير مكرهين، ولو في الجملة.

ج6: قد بيّنا جواب هذا في جواب السؤال الأول.

ج7: لم يصح عندنا أن هذا الرأي كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بل الصحيح أنه كان رأي المنافق عبد الله بن أبي بن سلول، وقد أعرض عنه نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإنما كان التشاور تأليفا للقلوب كما يدلّ عليه السياق القرآني وتدل عليه الأحاديث الشريفة، كما أنه كان تمحيصا للمسلمين ليتبيّن المؤمن من المنافق. وعندنا أن من أخلاقيات الحرب الإسلامية التي أرسى دعائمها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الابتعاد بالحرب عن المدن وإقامتها في الأراضي المفتوحة لكيلا يطال شرّها الأبرياء والمدنيين العزّل من الشيوخ والنساء والأطفال.

وفقكم الله لمراضيه وأنالكم سعادة الدارين. والسلام. 29 رجب لسنة 1427 من الهجرة النبوية الشريفة.



السلام عليكم شيخنا

ووفقنا الله وإياكم على رد البكريين وإشكالاتهم، حيث بات موقعكم المصدر الرئيسي لإعانة كل موالي للرد على هذه الشاكله من المخالفين.

قرأت في الموقع أن مشاركة الإمامين الحسن والحسين، ومالك الأشتر في فتح بلاد فارس، السؤال هو لماذا لم يستخدم علي بن أبي طالب جيشه الذين كانو تحت الإمامين الحسن والحسين ولواء مالك الأشتر لمهاجمة عمر بن الخطاب والإطاحه به، وهل مساعدة جيش علي مع جيش المرسل من قبل خليفتهم عمر، معناها أنه صلح بين الاثنين وإلا كيف كان يحارب جيش شيعة علي مع جيش عمر بن الخطاب الملعون لفتح بلاد فارس معا؟

والسلام عليكم و رحمه الله و بركاته

علي


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد سيد الشهداء ومولى الإمام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام).

لم يكن لأمير المؤمنين والحسنين (عليهم السلام) جيش في ذلك الزمان، كما لم يكن لمالك الأشتر (رضوان الله عليه) جيش أيضاً، إنما شاركوا في بعض الفتوحات إنقاذاً لما يمكن إنقاذه كما شارك النبي (صلى الله عليه وآله) في بعض حروب الجاهلية كحرب الفجار على قول، وكانت طاعة الجند لهم في حدود المعارك فقط، لا أنها كانت طاعة مطلقة تمكّنهم من إعلان الثورة على الخليفة غير الشرعي.

وليست المشاركة دليلاً على الانسجام والصلح بين الطرفين، إنما كانت المشاركة من باب إنقاذ ما يمكن إنقاذه لأن عمر وأضرابه من الحكام الجائرين (لعنهم الله) كانوا سيسيّرون الجيوش إلى البلاد الخارجية في كل الأحوال، وكان همّ تلك الجيوش هو النهب والسلب والسبي ليس إلا، فدخل الإمامان الحسن والحسين (عليهما السلام) وبعض الأصحاب الأبرار في تلك الجيوش لكبح جماحها ما أمكن، ولإيصال رسالة الإسلام إلى تلك البلاد وإظهارها بصورتها الحقيقية، فالأمر كله كان من باب الاضطرار ليس إلا.

مكتب الشيخ الحبيب في لندن
ليلة 27 محرم الحرام 1431


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp