هل صحيح أن زيارة كربلاء أفضل من الحج؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاه والسلام على اشرف الخلق والمرسلين حبيب الله المطفى ابو القاسم محمد الهم صلي على محمد وآل محمد
شيخنا الكريم وفقكم الله في خدمه محمد وآل بيته الاطهار (ص)

1- كم كان فارق العمر بين الزهراء صلوات الله وسلامه عليها وبين عائشه ؟

2-ما يعرف ان الرجل اذا توفيت زوجته يحرم عليها فكيف دفنت الزهراء روحي فداها وغسلها الامام علي (ع) والشائع انه تحرم عليه في حال وفاتها ؟

3-كيف يقال ان زياره كربلاء افضل من حج بيت الله الحرام علما بان كربلاء لها مكانتها عند الشيعه لكن يشاع ان اجر زياره كربلاء للامام الحسين (ع) لها اجر افضل من حج البيت

نتمنى من سماحتكم الرد الواضح والعاجل على الاسئله ولكم الاجر بحق محمد وآله الاطهار


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عظم الله لكم الأجر في مصابنا الجلل بسيدنا ومولانا أبي عبدالله الحسين عليه السلام وأهل بيته وأنصاره وسبي نسائه وعياله , جعلنا الله وإياكم من الطالبين بثأره مع إمام هدى منصور من أهل بيت محمد عليهم الصلاة والسلام.

ج1: من خلال التحقيق التاريخي يتبين أنّ عائشة حين تزوجت برسول الله صلى الله عليه وآله كانت قد بلغت مبالغ النساء وكانت تبلغ من العمر 18 أو20 عاما

عندما هاجرت البتول الى المدينة كان عمرها ثمان سنين تقريبا , وحسب الرأي القائل بأنّ عائشة حين تزوجت رسول الله كان عمرها 20 عاما أي كان زواجها في السنة الاولى من الهجرة, بهذا يكون الفارق في العمر بينها وبين الزهراء البتول عليها السلام 12 عاما

ج2: ليس صحيحا ما ذكرتموه. بل يجوز شرعا للرجل ان يغسل ويلحد زوجته في قبرها وأن يجهزها.

ج3: قد ثبت عن الأئمة الأطهار من آل النبي المختار (صلوات الله عليهم) أن أرض كربلاء المقدسة أفضل من أرض مكة المعظمة، وأنها أفضل بقاع الأرض، بل أنها أفضل أرض في الجنة. وقد ورد هذا المعنى في روايات معتبرة مستفيضة.

ولو أصرّ مخالفونا على إنكار ذلك التزاما منهم بمقاطعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) فإنّ بالإمكان إثباته أيضا من مصادرهم وأقوال أئمتهم وعلمائهم، وذلك بالتقريب التالي:

قد روى البخاري عن رافع بن خديج عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ”المدينة خيرٌ من مكة“. (التاريخ الكبير للبخاري ج1 ص 160 وكذلك رواه الطبراني في المعجم الكبير ج4 ص288).

ولهذا فإن عمر بن الخطاب، ومالك بن أنس إمام المالكية، وأكثر علماء المدينة كانوا يعتقدون بذلك. قال المناوي: ”المدينة خير من مكة لأنها حرم الرسول صلى الله عليه وسلم ومهبط الوحي ومنزل البركات وبها عزّت كلمة الإسلام وتقرّرت الشرائع وأُحكمت، وغالب الفرائض فيها نزلت، وبه تمسّك مَن فضّلها على مكة، وهو مذهب عمر ومالك وأكثر المدنيّين“. (فيض القدير للمناوي ج6 ص343). وقال ابن كثير: ”وقد ذهب الإمام مالك وأصحابه إلى أن مسجد المدينة أفضل من المسجد الحرام لان ذاك بناه إبراهيم، وهذا بناه محمد صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل من إبراهيم عليه السلام“. (البداية والنهاية لابن كثير ج3 ص267).

وحتى الذين فضّلوا الكعبة على المدينة من علماء المخالفين؛ قد استثنوا من ذلك قبر النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا أنه أفضل حتى من الكعبة، وقد حُكي الإجماع على ذلك، وبعضهم فضّل القبر الشريف حتى على عرش الله تعالى وكرسيّه. قال المناوي: ”الكعبة أفضل من المدينة اتفاقا خلا البقعة التي ضمّت أعضاء الرسول صلى الله عليه وسلم فهي أفضل حتى من الكعبة كما حكى عيّاض الإجماع عليه“. (فيض القدير للمناوي ج6 ص343). وقال ابن عابدين: ”ما ضم أعضاءه الشريفة فهو أفضل بقاع الأرض بالإجماع“. (حاشية رد المحتار لابن عابدين ج2 ص688). وقال الحصفكي: ”ما ضم أعضاءه عليه الصلاة و السلام أفضل مطلقا حتى من الكعبة والعرش والكرسي“. (الدر المختار للحصفكي ج2 ص688).

ولهذا فقد قالوا بأن ثواب الصلاة والعبادة في المسجد النبوي الشريف أعظم منه في المسجد الحرام. قال الدسوقي: ”وحيث كانت المدينة أفضل فيكون الثواب المترتب على العمل في مسجدها من صلاة أو اعتكاف أكثر من الثواب المترتب على العمل في مسجد مكة“. (حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج2 ص173).

فعلى هذا تكون المدينة المنورة أفضل من مكة المكرمة، والمرقد الشريف للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أفضل من الكعبة الشريفة، وما ذلك إلا لاحتوائه على أعضائه الطاهرة صلوات الله عليه وآله، وهذا هو مناط التفضيل، فإذا وجدنا الشرع قد عدّى هذا المناط إلى فرد آخر بجعله له الاعتبار ذاته؛ وجب حينها الحكم نفسه.

وقد وجدنا الشرع قد نطق بقول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: ”حسين مني وأنا من حسين“. (رواه البخاري في التاريخ الكبير ج8 ص415 والترمذي في سننه ج5 ص658 وأحمد في مسنده ج4 ص172 وغيرهم كثير وقد صحّحه الألباني في سلسلته الصحيحة برقم 1227).
وبدلالة هذا الحديث يُفهم أن الشرع قد ساوى بين الاعتباريْن، فكل اعتبار للنبي (صلى الله عليه وآله) يكون لسبطه (عليه السلام) والعكس، إلا ما خرج بدليل الاستثناء الخاص. وبناءً عليه فمناط التفضيل متحد بينهما، فالأرض التي دُفن فيها الحسين (عليه السلام) لها الاعتبار الشرعي ذاته للأرض التي تحوي أعضاء جدّه (صلى الله عليه وآله)، والقبر الذي ضمّ أعضاء الحسين (عليه السلام) له الاعتبار الشرعي ذاته للقبر الذي ضمّ أعضاء جدّه (صلى الله عليه وآله)، فتكون النتيجة أن أرض كربلاء المقدسة كما أرض المدينة المنورة أفضل من أرض مكة المكرمة، والمرقد الحسيني المقدّس كالمرقد النبوي الشريف أفضل من الكعبة المعظمة، سيّما مع ما ورد من أن حرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمة الكعبة، وفي هذا حديث شريف عن عبد الله بن عمرو قال: ”رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك“. (سنن ابن ماجه ج2 ص1297).

وإذ تبيّن لكِ ذلك؛ تعرف أن الذين يشنّعون على شيعة أهل البيت (عليهم السلام) اعتقادهم بأفضلية وأقدسية أرض كربلاء إنما يكيلون بمكيالين، ففي حين أن خليفتهم عمر وإمامهم مالك وجمعا كثيرا من علمائهم يفضّلون المدينة ويقدّسونها أكثر من مكة، وبلغ بهم التقديس أن قالوا أن القبر النبوي الشريف أفضل حتى من العرش والكرسي؛ مع هذا تجدينهم يتعاموْن عن ذلك ويرمون سهام هجومهم على الشيعة فقط! موهمين عوام الناس بأن الشيعة منفردون باعتقاد مفضولية مكة، والحال أنهم يشتركون مع غيرهم بهذا، فلماذا لا يشنّع هؤلاء الناصبة على خليفتهم عمر وإمامهم مالك ويرمونهما ومن مال إليهما في استبعاد مكة عن الأفضلية بالزيغ والضلالة؟! أم أن عين الرضى عن كل عيب كليلة؟!

هذا والشيعة يحفظون لمكة المكرمة حرمتها، ويعتبرونها حرم الله تعالى، ومن أقدس بقاع الأرض وأشرفها، والكعبة المشرفة فيها هي قبلتهم في الصلاة لا يعدلون عنها إلى غيرها، وحجّهم إليها في كل عام فلا يجوّزون أداء مناسك الحج في غيرها. وقد رُويت أحاديث عديدة من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في بيان فضل مكة وشرفها، منها ما عن الإمام الباقر (عليه السلام) في حديث ميسر بن عبد العزيز، قال: ”كنت عند أبي جعفر عليه السلام وعنده في الفسطاط نحو من خمسين رجلاً، فجلس بعد سكوت منا طويلاً فقال: ما لكم؟! لعلكم ترون أني نبي الله! والله ما أنا كذلك، ولكن لي قرابة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وولادة، فمن وصلنا وصله الله ، ومن أحبَّنا أحبَّه الله عزَّ وجل، ومن حرمنا حرمه الله، أتدرون أي البقاع أفضل عند الله منزلة؟ فلم يتكلم أحد منا، فكان هو الراد على نفسه، فقال: ذلك مكة الحرام التي رضيها الله لنفسه حرماً، وجعل بيته فيها. ثم قال: أتدرون أي البقاع أفضل فيها عند الله حرمة؟ فلم يتكلم أحد منا، فكان هو الراد على نفسه، فقال: ذلك المسجد الحرام. ثم قال: أتدرون أي بقعة في المسجد الحرام أعظم عند الله حرمة؟ فلم يتكلم أحد منا، فكان هو الراد على نفسه، قال: ذاك ما بين الركن الأسود والمقام وباب الكعبة، وذلك حطيم إسماعيل عليه السلام، ذاك الذي كان يذود فيه غنيماته ويصلي فيه، والله لو أن عبداً صفَّ قدميه في ذلك المكان، قام الليل مصلياً حتى يجيئه النهار، وصام النهار حتى يجيئه الليل، ولم يعرف حقَّنا وحرمتنا أهل البيت، لم يقبل الله منه شيئا أبدا“. (ثواب الأعمال للصدوق ص245).

أما غير الشيعة من الذين يسمّون أنفسهم بأهل السنة والجماعة فقد وجدناهم قد رموا الكعبة بالمنجنيق وأحرقوها بالنار وهدموها فلم يحفظوا لها حرمة! قال الطبري: ”وصابرهم ابن الزبير يجالدهم حتى الليل، ثم انصرفوا عنه؛ وهذا في الحصار الأول. ثم إنهم أقاموا عليه يقاتلونه بقية المحرم وصفر كله، حتى إذا مضت ثلاثة أيام من شهر ربيع الأول يوم السبت سنة أربع وستين قذفوا البيت بالمجانيق، وحرقوه بالنار“! (تاريخ الطبري ج4 ص383) وقال المسعودي: ”فتواردت أحجار المجانيق والعرادات على البيت، ورمي مع الأحجار بالنار والنفط ومشاقات الكتان وغير ذلك من المحرقات، وانهدمت الكعبة“! (تاريخ المسعودي ج1 ص379) وقال السيوطي: ”ولما فعل يزيد بأهل المدينة ما فعل مع شربه الخمر وإتيانه المنكرات اشتد عليه الناس وخرج عليه غير واحد ولم يبارك الله في عمره وسار جيش الحرة إلى مكة لقتال ابن الزبير فمات أمير الجيش بالطريق فاستخلف عليهم أميراً وأتوا مكة فحاصروا ابن الزبير وقاتلوه ورموه بالمنجنيق وذلك في صفر سنة أربع وستين واحترقت من شرارة نيرانهم أستار الكعبة وسقفها وقرنا الكبش الذي فدى الله به إسماعيل وكان في السقف“! (تاريخ الخلفاء للسيوطي ج1 ص182).
كما وجدنا هؤلاء الذين يدّعون أنهم مسلمون موحدون ومن أهل السنة والجماعة يؤدون مناسك الحج في غير مكة المكرمة! فقد حوّلوا في بعض السنين الحج إلى الصخرة المزعومة في بيت المقدّس فكانوا هناك يطوفون حولها ويسعون ويحلقون شعورهم ويذبحون أضاحيهم! قال ابن كثير: ”وبلغ ذلك عبد الملك فمنع الناس من الحج فضجوا، فبنى القبة على الصخرة والجامع الأقصى ليشغلهم بذلك عن الحج ويستعطف قلوبهم، وكانوا يقفون عند الصخرة ويطوفون حولها كما يطوفون حول الكعبة وينحرون يوم العيد ويحلقون رؤوسهم“! (البداية والنهاية لابن كثير ج8 ص308 عن صاحب مرآة الزمان).

أما الذين يفترون الكذب ويزعمون أن الشيعة ”يحجّون“ إلى كربلاء المقدسة فغرضهم هو خداع السذج من الناس بأن الشيعة يؤدون مناسك الحج في كربلاء! والحال أنهم إنما يقصدون كربلاء لزيارة سبط رسول الله وريحانته أبي عبد الله الحسين وأهل بيته وأصحابه الذين استشهدوا بين يديه صلوات الله عليهم، وليس هناك إحرام أو طواف أو سعي أو تحليق أو تقصير أو وقوف أو مبيت أو رمي جمار أو ذبح هدي! وإنما هي زيارة وصلاة ركعتيْن، كما يزور الناس رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويصلون عنده في روضته الشريفة ركعتين. ومعنى الحج بالأصل اللغوي هو القصد، لكن الشيعة لا يطلقون هذا الوصف على زيارتهم كربلاء لما له من حقيقة شرعية خاصة وهي الحج إلى مكة المكرمة لأداء المناسك والشعائر الدينية المخصوصة.

وقد بلغ الكذب في هؤلاء النواصب حدّ زعمهم أن الشيعة قد بنوا كعبة أخرى في كربلاء! وذلك باستغلالهم صورة من صور الاحتفالات بميلاد أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الثالث عشر من شهر رجب حيث قام أهالي كربلاء بصنع مجسّم للكعبة المشرفة باعتبار أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد وُلد فيها، تماما كما يصنعون مجسّما للقبة النبوية الخضراء يوم ميلاد النبي الأكرم في السابع عشر من شهر ربيع الأول، وكما يصنعون مجسّمات لقباب الأئمة الأطهار (عليهم السلام) في كثير من أنحاء الدنيا للاحتفال بمناسبات مواليدهم، فهي عادة احتفالية ليس إلا، توضع فيها هذه المجسّمات كمظهر جمالي على منصات الاحتفال حيث تُلقى الخطابات والأشعار، ثم تُرفع ويأخذها منظمو الاحتفالات بعد انتهائها، إلا أن الوهابيين والنواصب والذين في قلوبهم مرض استغلوا صور هذه الاحتفالات ووزعوها في أرجاء العالم الإسلامي بدعوى أن الشيعة يصنعون كعبة أخرى في كربلاء ليستغنوا عن الحج إلى مكة! فقاتلهم الله أنى يؤفكون!

أما عن مسألة ثواب زيارة الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) فنعم؛ قد وردت روايات مؤكدة عن أهل بيت النبوة (عليهم الصلاة والسلام) أن في زيارته ثوابا عظيما يعادل ألف حجة مبرورة ونحو ذلك. ففي الحديث الشريف عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) قال: ”من زار قبر الحسين عليه السلام ليلة النصف من شعبان وليلة الفطر وليلة عرفة في سنة واحدة كتب الله له ألف حجة مبرورة، وألف عمرة متقبّلة، وقُضيَت له ألف حاجة من حوائج الدنيا والآخرة“. (وسائل الشيعة ج14 ص476).

وليس معنى ذلك أن الحج إلى مكة يسقط عن ذمة المكلّف إذا زار الحسين عليه السلام! ولا معناه أن زيارته (عليه السلام) تؤدّى فيها ما يؤدّى في الحج من أعمال ومناسك! بل المعنى أن المؤمن إذا قام بهذا العمل المستحب - وهو زيارة الحسين عليه السلام - يكتب الله تعالى له أجرا عظيما يعادل أجر وثواب ألف حجة وألف عمرة ويقضي له ألف حاجة، وهذا من كرم الله تعالى وجوده وإحسانه وفضله.

وقد ورد نظيره عندنا وحتى في بعض مصادر المخالفين بالنسبة لأعمال أخرى، فقد رُوي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله: ”لرَدُّ دانق من حرام ليعدل عند الله سبعين ألف حجة مبرورة“. (من مصادرنا: الدعوات للرواندي ص25 ومن مصادرهم: الأنساب للسمعاني ج4 ص87).
وهكذا جعل الله تعالى لبعض الأعمال الواجبة والمستحبة أجرا عظيما، والله يرزق من يشاء بغير حساب، ولا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون.

ـ شكرا لتواصلكم

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

12 صفر 1432


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp