ما وجه الاشكال على هذا الفعل من رسول الله صلى الله عليه وآله؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين الدين اذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا علئ العالمين

سماحة الشيخ المجاهد ياسر الحبيب (حفظك الله)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ماهو التفسير الصحيح لأول ثلاث آيات من سورة التحريم ، حيث ان تفسير البرهان يقول إن رسول الله (ص) نكح السيدة مارية (ع) وكانت حينها جارية له في يوم حفصة (لع) فعلمت بهذا فغضبت وحين واجهت رسول الله استحى منها (ص) وحلف لها إنه قد حرم على نفسه مارية فأنزل الله عليه هذه الآيات.

وقد شممت من هذه الرواية رائحة حفصة وعائشة النتنه، لأنه نحن المسلمين ننزه مثل هذه الإساء عن رسول الله (ص).
هذا ولكم جزيل الشكر


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ـ ما وجه الاشكال على ذلك الفعل من رسول الله صلى الله عليه وآله؟

لقد جاءت تلك الحادثة بمضامين مختلفة بعضها يفسر الآخر غير أنّ أثبت مضامينها ما رواه شيخنا القمي رضوان الله عليه.

في يوم حفصة لعنها الله كانت هي قد خرجت في حاجة وتلك الحاجة تبينها رواية في مجمع البيان من جهتنا لا نأخذ بكل مقاطع متنها غير أنّ صدرها فيه ما يفسر ما جاء في رواية القمي رضوان الله عليه:

إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قسم الأيام بين نسائه فلما كان يوم حفصة قالت يا رسول الله إن لي إلى أبي حاجة فأذن لي أن أزوره فأذن لها فلما خرجت أرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى جاريته مارية القبطية.

أي رسول الله لم يظلمها أو يجُر عليها وإنما هي استأذنت في الذهاب لأبيها فأذن لها رسول الله وطلب جاريته مارية عليها السلام وهذا حقه.

أما كيف حرم رسول الله صلى الله عليه وآله مارية على نفسه فهذا من شدة حياء رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا ينبيك عن مدى الاذى الذي ألحقته حفصة لعنها الله برسول الله الطيب الكريم وهو الحيي الندي أعدل الخلق. كيف لا وقد بلغ عدله بين أزواجه حد الاكتراث لإرضاء أكثر نسائه انحرافا والتحامل على نفسه صلى الله عليه وآله بأبي هو وامي وتحريم مارية عليها السلام على نفسه لا تشريعا وإنما التحريم بالمعنى اللغوي. حرم على نفسه الشيء أي امتنع عنه وجاء هذا التعبير القرآني في دلالة واضحة على مدى تحامل رسول الله على نفسه في سبيل تطبيق العدل بين أزواجه إلى حد الحرص على إرضاء من لاقيمة لها في الشرع ولا اهمية لرضاها لئلا تدعي في يوم أنّ رسول الله جار عليها. والحال انها هي من يجب عليها إرضاء رسول الله صلى الله عليه وآله.

فأنزل الله تعالى تلك الاية رحمة برسوله صلى الله عليه وآله وإشفاقا عليه وبيانا لمدى خسة وخبث من آذته. وهنا تتجلى الحكمة الإلهية فلولا تحريم النبي صلى الله عليه وآله لما تحققت العلة الموجبة لنزول هذه السورة الفاضحة لعائشة وحفصة. من هنا نفهم أن هذا التحريم جاء أصلا بأمر الله تبارك وتعالى لحكمة تحقق العلة.

هنا تبين رواية القمي أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله استحى والحال أنّ ما صنعه حقه ولكنه سيد الأولين والاخرين نبع الحياء والندى.

ايضا إن أتممتم قراءة الرواية الشريفة سترون أنّ في تلك الحادثة من وجهة اخرى ابتلاءا واختبارا لتلك المنافقة التي سقطت في الاختبار فحقت عليها لعنة الله والملائكة والناس اجمعين.

قال علي بن ابراهيم كان سبب نزولها ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان في بعض بيوت نسائه وكانت مارية القبطية تكون معه تخدمه وكان ذات يوم في بيت حفصة فذهبت حفصة في حاجة لها فتناول رسول الله مارية، فعلمت حفصة بذلك فغضبت وأقبلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وقالت يا رسول الله هذا في يومي وفي داري وعلى فراشي فاستحيا رسول الله منها فقال: كفى! فقد حرّمت ماريّة على نفسي ولا أطأها بعد هذا أبدا، وأنا أفضي إليك سرّا فإنْ أنتِ أخبرتِ به فعليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين! فقالت: نعم ما هو؟ فقال: إن أبا بكر يلي الخلافة بعدي (غصبا) ثم من بعده أبوك، فقَالَتْ: مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا؟ قَالَ: نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ. فأخبرت حفصة عائشة من يومها ذلك، وأخبرت عائشة أبا بكر، فجاء أبو بكر إلى عمر فقال له: إن عائشة أخبرتني عن حفصة بشيء ولا أثق بقولها، فاسأل أنت حفصة. فجاء عمر إلى حفصة فقال لها: ما هذا الذي أخبرت عنك عائشة؟ فأنكرت ذلك وقالت: ما قلت لها من ذلك شيئا! فقال لها عمر: إنْ كان هذا حقاً فأخبرينا حتى نتقدّم فيه (نُجهز على النبي سريعا)! فقالت: نعم! قد قال رسول الله ذلك! فاجتمعوا أربعةً على أن يسمّوا رسول الله“!

(تفسير القمي ج2 ص376).

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

27 رجب 1433 هـ


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp