كيف تتفق هذه الرواية مع اعتقادنا بعلم الأئمة عليهم السلام للغيب؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

الصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا وحببنامحمد صل الله عليه واله وسلم

شيخنا الحبيب ياسر الحبيب دام ظله الشريف

ما هي ادلتنا من الكتاب والسنة على علم الغيب ؟ وكيف نثبت هذا العلم للمعصومين عله السلام ؟

وكيف يتوافق ادعائنا ان الائمة يعلمون الغيب وفي نفس الوقت ورد في الكافي الشريف عن أبي عبد الله قال: " يا عجباً لقوم يزعمون أنا نعلم الغيب, ما يعلم الغيب إلا الله عز وجل, لقد هممت بضرب جاريتي فلانة, فهربت مني فما علمت في أي بيوت الدار هي"

ونسالكم الدعاء

علي هادي


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بتر هذه الرواية هو من تدليس المخالفين. نُورد الرواية الشريفة التي استفسرتم عنها تامة كما جاءت في (الكافي الشريف 1/200 باب نادر فيه ذكر الغيب)

أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان عن أبيه، عن سدير قال: كنت أنا وأبوبصير ويحيى البزاز وداود بن كثير في مجلس أبي عبدالله عليه السلام إذ خرج إلينا وهو مغضب، فلما أخذ مجلسه قال: يا عجبا لاقوام يزعمون أنا نعلم الغيب، ما يعلم الغيب إلا الله عزوجل، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة، فهربت مني فما علمت في أي بيوت الدار هي.

إبتداءا من الجزء التالي بدأ البتر

قال سدير: فلما أن قام من مجلسه وصار في منزله دخلت أنا وابوبصير وميسر وقلنا له: جعلنا فداك سمعناك وأنت تقول كذا وكذا في أمر جاريتك ونحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا ولا ننسبك إلى علم الغيب قال: فقال: يا سدير: ألم تقرء القرآن؟ قلت: بلى، قال: فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عزوجل: " قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك " قال: قلت: جعلت فداك قد قرأته، قال: فهل عرفت الرجل؟ وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب؟ قال: قلت: أخبرنى به؟ قال: قدر قطرة من الماء في البحر الاخضر فما يكون ذلك من علم الكتاب؟ ! قال: قلت جعلت: فداك ما أقل هذا فقال: يا سدير: ما أكثر هذا، أن ينسبه لله عزوجل إلى العلم الذي اخبرك به يا سدير، فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عزوجل أيضا: " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب قال: قلت: قد قرأته جعلت فداك قال: أفمن عنده علم الكتاب كله أفهم أم من عنده علم الكتاب بعضه؟ قلت: لا، بل من عنده علم الكتاب كله، قال: فأومأ بيده إلى صدره وقال: علم الكتاب والله كله عندنا، علم الكتاب والله كله عندنا.

فإذاً يتبين لك أنّ الرواية تثبت العلم اللدني المطلق لأهل البيت عليهم السلام. الجزء الأول من الرواية خرج مخرج التقية لوجود أحد من المخالفين أو عيون السلطة.
بعض المخالفين الحاقدين آنذاك لم يكونوا ليتورعوا عن رمي الإمام بالسحر كما وصفت قريش من ذي قبل جده المصطفى صلى الله عليه وآله وهذا يستتبعه التكفير فالساحر كافر, وبالتالي يؤدي ذلك إلى إغراء السلطات والغوغاء بقتل الإمام عليه السلام.

أيضا الحديث في الجزء المتعلق بالتقية بعض عباراته يمكن حملها على غير ظاهرها وبعضها الآخر على نحو الإخبار عن المعتقد الصحيح.
إنّ المؤمن ينظر لكلامهم عليهم السلام بعين البصيرة وكلما كان مُسلّماً لحديثهم وفقه الله تعالى لمعرفة معاريض كلامهم عليهم السلام.

قول الإمام عليه السلام:(ياعجبا لأقوام يزعمون أنَا نعلم الغيب) أي يزعمون أنّ أهل البيت يعلمون الغيب من عند نفسهم وباستقلال لا بتعليم من الله تعالى.
قول الامام عليه السلام :(ما يعلم الغيب إلا الله) يعني باستقلال. اي الله تعالى وحده هو الذي يعلم الغيب باستقلال أما الانبياء والأوصياء لا يعلمون الغيب بذاتهم وباستقلال وإنما بتعليم من الله تعالى.

إن حملنا هذه العبارة (هممتُ بضرب جاريتي) على ظاهرها نقول أنّ الجارية فعلت ما جعلها مستحقة للعقاب وهو ضرب التأديب لا التعذيب. أي الضرب الذي ورد في القرآن الكريم كعلاج أخير للنشوز.

أما إن حملناها على غير الظاهر فنقول أنّ الضرب يأتي بمعنى المخالطة.

وضُرِبَتِ الشاةُ بلَوْنِ كذا أَي خولِطَتْ (لسان العرب) فيمكن حمل الكلمة على الكناية عن الرفث.

أما غضب الامام فهو ناشيء عن كلام بلغه بأنه عليه السلام يعلم الغيب بطريق استقلالي وهذا باطل مجانب للحق والإمام عليه السلام يغضب للحق.

وفي قوله عليه السلام:(فهربت مني) يأتي الهرب بمعنى الغياب
ويقال هَرَبَ من الوَتِدِ نِصْفُه في الأَرض أَي غابَ (لسان العرب) أي غابت الجارية.

(مني) أي عني لأنّ (من) تأتي في اللغة أيضا بمعنى (عن)

(فما علمتُ في أي بيوت الدار هي). أي ما تعلمتُ من أحد في أي بيوت الدار هي لأنّ الإمام علمه من الله تعالى.
ابن السكيت: تَعَلَّمْتُ أنّ فلاناً خارج بمنزلة عَلِمْتُ. (لسان العرب)

حيث حصول العلم عنده تم بوساطة الإخبار من الآخرين سماعا أو الحس الشخصي ولذا أتت تعلمتُ بمعنى علمتُ.

وفقكم الله لمراضيه.

3 ذو الحجة 1433


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp