كيف استخدم الجفر؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

كيف استخدم الجفر؟

أحمد


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لا يجوز لك استعمال الجفر(1)، وذلك لأحد أمرين:

1- الجفر الوارد في أحاديث المعصومين (عليهم السلام) هو من مختصات الأئمة (صلوات الله عليهم)(2)، ومواريثهم(3)، ولا يطلع عليه إلا نبي أو وصي نبي(4).

2- ما يُسمى ”الجفر“ الذي هو شائع عند الدجالين، والذي هو مباين للجفر الوارد في أحاديث الأئمة (عليهم السلام)، ما هو إلا ضرب من ضروب الدجل والشعوذة غالباً. ويذهب أهله فيه إلى قولين:

القول الأول: هو (أي الجفر) مستنبط من أحاديث أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) أي أن الاشتراك بينهما اشتراك لفظي ومعنوي.
القول الثاني: هو غير مستنبط من أحاديث أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) أي أن الاشتراك بينهما اشتراك لفظي فقط دون الاشتراك المعنوي.

وفي كلا القولين لا يخفى عليك بطلان ما يذهبون إليه، ففي القول الأول تجد عدم صدق دعواهم تلك واضحةً جليةً وذلك لحصول العلم لدى أدنى مطّلع على أحاديث أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) الواردة في الحديث عن الجفر أن لا علاقة لها بما يذهبون إليه من أرقام وحروف وجداول، ويحاولون بجَهْد جهيد الربط بينهما وأنّى يقدرون. وفي القول الثاني يتضح انحراف منحاهم هذا لانحرافه عن أحاديث أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام).

ومن يدّعي معرفته بالجفر ويمكنه الإخبار عن الحوادث المستقبلية فهو من قبيل من ينظر في النجوم ويقرأ الفنجان والكف ويمارس الرياضات الروحانية ويخبر عن الحوادث المستقبلية، فإن صَدَقَ الفريق الأول الذي يدّعي معرفة ”الجفر“ فيما يدّعي؛ صَدَقَ الفريق الثاني الذي ينظر في النجوم ويقرأ الفنجان والكف، وإن كَذَبَ الفريق الثاني فيما يدّعي؛ كَذَبَ الفريق الأول كذلك، فمنشأ تلك ”الخوارق“ واحد(5).

وممّا ورد في أحاديث أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) في الحديث عن الجفر ما رواه الشيخ الكليني (عليه الرحمة والرضوان) في كتابه الكافي الشريف: ”عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقلت له: جعلت فداك إني أسألك عن مسألة، ههنا أحد يسمع كلامي؟ قال: فرفع أبو عبد الله عليه السلام ستراً بينه وبين بيت آخر فأطّلع فيه، ثم قال: يا أبا محمد سل عما بدا لك، قال قلت: جعلت فداك إن شيعتك يتحدثون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) علّم علياً (عليه السلام) باباً يفتح له منه ألف باب؟ قال: فقال: يا أبا محمد علّم رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) ألف باب يفتح من كل باب ألف باب، قال قلت: هذا والله العلم، قال: فنكت ساعة في الأرض، ثم قال: إنه لعلم وما هو بذاك. قال: ثم قال: يا أبا محمد وإن عندنا الجامعة، وما يدريهم ما الجامعة؟! قال قلت: جعلت فداك وما الجامعة؟ قال: صحيفة طولها سبعون ذراعا بذراع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإملائه من فلق فيه وخط علي بيمينه، فيها كل حلال وحرام وكل شيء يحتاج الناس إليه حتى الأرش في الخدش، وضرب بيده إلي فقال: تأذن لي يا أبا محمد؟ قال قلت: جعلت فداك إنما أنا لك فاصنع ما شئت، قال: فغمزني بيده وقال: حتى أرش هذا - كأنه مغضب - قال قلت: هذا والله العلم، قال: إنه لعلم وليس بذاك. ثم سكت ساعة، ثم قال: وإن عندنا الجفر، وما يدريهم ما الجفر؟! قال قلت: وما الجفر؟ قال: وعاء من أدم فيه علم النبيين والوصيين، وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل، قال قلت: إن هذا هو العلم، قال: إنه لعلم وليس بذاك. ثم سكت ساعة، ثم قال: وإن عندنا لمصحف فاطمة (عليها السلام)، وما يدريهم ما مصحف فاطمة (عليها السلام)؟! قال قلت: وما مصحف فاطمة (عليها السلام)؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد، قال قلت: هذا والله العلم، قال:إنه لعلم وما هو بذاك. ثم سكت ساعة، ثم قال: إن عندنا علم ما كان وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، قال قلت: جعلت فداك هذا والله هو العلم، قال: إنه لعلم وليس بذاك. قلت: جعلت فداك فأي شيء العلم؟ قال: ما يحدث بالليل والنهار، الأمر من بعد الأمر، والشيء بعد الشيء، إلى يوم القيامة.“. (المصدر: الكافي الشريف للشيخ الكليني - الجزء 1 - الصفحة 239).

وورد أيضا: ”عن الحسين ابن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن عندي الجفر الأبيض، قال قلت: فأي شيء فيه؟ قال: زبور داود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وصحف إبراهيم (عليهم السلام)، والحلال والحرام، ومصحف فاطمة، ما أزعم أن فيه قرآنا، وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد حتى فيه الجلدة ونصف الجلدة وربع الجلدة وأرش الخدش. وعندي الجفر الأحمر، قال قلت: وأي شيء في الجفر الأحمر؟ قال: السلاح وذلك إنما يفتح للدم يفتحه صاحب السيف للقتل(6)، فقال له عبد الله بن أبي يعفور: أصلحك الله، أيعرف هذا بنو الحسن؟ فقال: إي والله! كما يعرفون الليل أنه ليل والنهار أنه نهار، ولكنهم يحملهم الحسد وطلب الدنيا على الجحود والإنكار، ولو طلبوا الحق بالحق لكان خيرا لهم.“. (المصدر: الكافي الشريف للشيخ الكليني - الجزء 1 - الصفحة 240).

وأورد الشيخ المفيد روايتين في الجفر، إحداها: ”وكان يقول (الإمام الصادق) عليه وعلى آبائه السلام: ”علمنا غابر ومزبور، ونكت في القلوب، ونقر في الأسماع، وإنّ عندنا الجفر الأحمر والجفر الأبيض ومصحف فاطمة (عليها السلام)، وإن عندنا الجامعة فيها جميع ما يحتاج الناس إليه.“. فسُئل عن تفسير هذا الكلام، فقال: ”أما الغابر فالعلم بما يكون، وأما المزبور فالعلم بما كان، وأما النكت في القلوب فهو الإلهام، والنقر في الأسماع حديث الملائكة، نسمع كلامهم ولا نرى أشخاصهم، وأما الجفر الأحمر فوعاء فيه سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولن يظهر حتى يقوم قائمنا أهل البيت، وأما الجفر الأبيض فوعاء فيه توراة موسى وإنجيل عيسى وزبور داود وكتب الله الأولى، وأما مصحف فاطمة (عليها السلام) ففيه ما يكون من حادث وأسماء كل من يملك إلى أن تقوم الساعة، وأما الجامعة فهي كتاب طوله سبعون ذراعا، إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) من فلق فيه وخط علي بن أبي طالب عليه السلام بيده، فيه - والله - جميع ما يحتاج الناس إليه إلى يوم القيامة، حتى أن فيه أرش الخدش والجلدة ونصف الجلدة.“. (المصدر: الإرشاد للشيخ المفيد - الجزء 2 - الصفحة 186).

وأورد الشيخ الصفّار أيضاً روايات في الجفر في كتابه بصائر الدرجات، منها ما نصّه: ”عن محمد بن عبد الملك قال: كنّا عند أبي عبد الله عليه السلام نحواً من ستين رجلا - وهو وسطنا - فجاء عبد الخالق بن عبد ربه، فقال له: كنت مع إبراهيم بن محمد جالساً فذكروا أنك تقول أن عندنا كتاب علي (عليه السلام)، فقال: لا والله ما ترك علي كتاباً، وإن كان ترك علي كتاباً ما هو إلّا إهابين، ولوددت أنه عند غلامي هذا فما أبالي عليه، قال: فجلس أبو عبد الله عليه السلام، ثم أقبل علينا، فقال: ما هو والله كما يقولون، إنهما جفران مكتوب فيهما، لا والله إنهما لإهابان عليهما أصوافهما وأشعارهما، مدحوسين كتبنا في أحدهما، وفي الآخر سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعندنا والله صحيفة طولها سبعون ذراعاً، ما خلق الله من حلال وحرام إلّا وهو فيها حتى أن فيها أرش الخدش - وقام بظفره على ذراعه فخط به - وعندنا مصحف أما والله ما هو بالقرآن.“. (المصدر: بصائر الدرجات للشيخ محمد بن الحسن الصفّار - الصفحة 171).

وأورد أيضا: ”عن عنبسة بن مصعب قال: كنّا عند أبي عبد الله عليه السلام، فأثنى عليه بعض القوم حتى كان من قوله وأخرى الله عدو له من الجن والإنس، فقال: أبو عبد الله لقد كنّا وعدونا كثير، ولقد أمسينا وما أحد أعدى لنا من ذوي قراباتنا ومن ينتحل حبنا(7)، إنهم ليكذبون علينا في الجفر، قال قلت: أصلحك الله وما الجفر؟ قال: وهو والله مسك ماعز ومسك ضأن ينطق أحدهما بصاحبه، فيه سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله) والكتب ومصحف فاطمة أما والله ما أزعم أنه قرآن.“. (المصدر: بصائر الدرجات - محمد بن الحسن الصفار - الصفحة 174).

وأخبر الأئمة (عليهم السلام) بعض أصحابهم وخواصّهم عن بعض الحوادث المستقبلية الواردة في الجفر الأبيض، منها الخبر الوارد في كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق - ننقله كاملاً للإفادة في مقام الرد على من شكك بوجود الإمام المهدي (عليه السلام) - والخبر هو: ”عن سدير الصيرفي قال: دخلت أنا والمفضل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، فرأيناه جالساً على التراب وعليه مسح خيبري مطوق بلا جيب، مقصر الكمين، وهو يبكي بكاء الواله الثكلى، ذات الكبد الحري، قد نال الحزن من وجنتيه، وشاع التغيير في عارضيه، وأبلى الدموج محجريه، وهو يقول: سيدي غيبتك نفت رقادي، وضيقت علي مهادي، وابتزت مني راحة فؤادي، سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجايع الأبد، وفقد الواحد بعد الواحد يفنى الجمع والعدد، فما أحس بدمعة ترقى من عيني، وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا، وسوالف البلايا، إلا مثل بعيني عن غوابر أعظمها وأفظعها، وبواقي أشدها وأنكرها، ونوائب مخلوطة بغضبك، ونوازل معجونة بسخطك. قال سدير: فاستطارت عقولنا ولهاً، وتصدّعت قلوبنا جزعاً من ذلك الخطب الهائل، والحادث الغائل، وظننا أنه سمت لمكروهة قارعة، أو حلت به من الدهر بائقة، فقلنا : لا أبكى الله يا ابن خير الورى عينيك، من أية حادثة تستنزف دمعتك وتستمطر عبرتك؟ وأية حالة حتمت عليك هذا المأتم؟ قال: فزفر الصادق (عليه السلام) زفرة انتفخ منها جوفه، واشتد عنها خوفه، وقال: ويلكم نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص الله به محمداً والأئمة من بعده عليهم السلام، وتأملت منه مولد غائبنا وغيبته وإبطاءه وطول عمره وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان، وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته وارتداد أكثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الاسلام من أعناقهم التي قال الله تقدس ذكره: «وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه» - يعني الولاية - فأخذتني الرقة، واستولت علي الأحزان، فقلنا: يا ابن رسول الله كُرّمنا وفُضّلنا بإشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك. قال: إن الله تبارك وتعالى أدار للقائم منّا ثلاثة، أدارها في ثلاثة من الرسل (عليهم السلام) قدّر مولده تقدير مولد موسى (عليه السلام)، وقدّر غيبته تقدير غيبة عيسى (عليه السلام)، وقدّر إبطاءه تقدير إبطاء نوح (عليه السلام)، وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح - أعني الخضر (عليه السلام) - دليلاً على عمره، فقلنا له: اكشف لنا يا ابن رسول الله عن وجوه هذه المعاني. قال عليه السلام: أما مولد موسى (عليه السلام) فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده، أمر بإحضار الكهنة فدلوه على نسبه، وأنه يكون من بني إسرائيل، ولم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود، وتعذّر عليه الوصول إلى قتل موسى (عليه السلام) بحفظ الله تبارك وتعالى إياه، وكذلك بنو أمية وبنو العباس لما وقفوا على أن زوال ملكهم وملك الأمراء والجبابرة منهم على يد القائم منّا ناصبونا العداوة، ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول (صلى الله عليه وآله) وإبادة نسله طمعاً منهم في الوصول إلى قتل القائم، ويأبى الله عز وجل أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون. وأما غيبة عيسى (عليه السلام): فإن اليهود والنصارى اتفقت على أنه قُتل فكذّبهم الله جل ذكره بقوله: «وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم»، كذلك غيبة القائم فإن الأمة ستنكرها لطولها، فمن قائل يهذي بأنه لم يلد، وقائل يقول: يتعدى إلى ثلاثة عشر وصاعداً، وقائل يعصي الله عز وجل بقوله: إن روح القائم ينطق في هيكل غيره. وأما إبطاء نوح (عليه السلام): فإنه لما استنزلت العقوبة على قومه من السماء بعث الله عز وجل الروح الأمين (عليه السلام) بسبع نويات، فقال: يا نبي الله إن الله تبارك وتعالى يقول لك: «إن هؤلاء خلائقي وعبادي ولست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجة فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فإني مثيبك عليه وأغرس هذه النوى فإن لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص، فبشر بذلك من تبعك من المؤمنين». فلما نبتت الأشجار وتأزّرت وتسوّقت وتغصّنت وأثمرت وزها التمر عليها بعد زمان طويل استنجز من الله سبحانه وتعالى العدة، فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس من نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد، ويؤكد الحجة على قومه، فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتد منهم ثلاثمائة رجل وقالوا: لو كان ما يدعيه نوح حقاً لما وقع في وعد ربه خلف. ثم إن الله تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كل مرة بأن يغرسها مرة بعد أخرى إلى أن غرسها سبع مرات، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منه طائفة بعد طائفة إلى أن عاد إلى نيف وسبعين رجلا، فأوحى الله تبارك وتعالى عند ذلك إليه، وقال: يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرّح الحق عن محضه وصفي (الأمر والإيمان) من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة، فلو أنّي أهلكت الكفار وأبقيت من قد ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك، واعتصموا بحبل نبوتك بأن أستخلفهم في الأرض وأمكّن لهم دينهم وأبدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشك من قلوبهم، وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل الخوف بالأمن منّي لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا وخبث طينهم وسوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق، وسنوح الضلالة فلو أنهم تسنّموا منّي الملك الذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعداءهم لنشقوا روائح صفاته ولاستحكمت سرائر نفاقهم تأبّدت حبال ضلالة قلوبهم، ولكاشفوا إخوانهم بالعداوة، وحاربوهم على طلب الرئاسة، والتفرد بالأمر والنهي، وكيف يكون التمكين في الدين وانتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب كلا «واصنع الفلك بأعيننا ووحينا». قال الصادق (عليه السلام): وكذلك القائم فإنه تمتد أيام غيبته ليصرّح الحق عن محضه ويصفو الإيمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخاف والتمكين والأمن المنتشر في عهد القائم (عليه السلام). قال المفضل: فقلت: يا ابن رسول الله فإن (هذه) النواصب تزعم أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي (عليه السلام) فقال: لا يهدي الله قلوب الناصبة. متى كان الدين الذي ارتضاه الله ورسوله متمكنا بانتشار الأمن في الأمة، وذهاب الخوف من قلوبها، وارتفاع الشك من صدورها في عهد واحد من هؤلاء، وفي عهد علي (عليه السلام) مع ارتداد المسلمين والفتن التي تثور في أيامهم، والحروب التي كانت تنشب بين الكفار وبينهم. ثم تلا الصادق (عليه السلام): «حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا». وأما العبد الصالح - أعني الخضر عليه السلام - فإن الله تبارك وتعالى ما طوّل عمره لنبوة قدّرها له، ولا لكتاب ينزله عليه، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء، ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها، ولا لطاعة يفرضها له، بلى إن الله تبارك وتعالى لما كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم (عليه السلام) في أيام غيبته ما يقدّر، وعلم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول، طول عمر العبد الصالح في غير سبب يوجب ذلك إلا لعلة الاستدلال به على عمر القائم (عليه السلام) وليقطع بذلك حجة المعاندين لئلا يكون للناس على الله حجة“. (المصدر: كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق - الصفحة 352).

ولا يطيرنّ البكري فرحاً للتشنيع علينا بما لا يحتمله عقله القاصر، وليعلم أن الأحاديث الواردة في الجفر وصحة نسبته إلى الأئمة الطاهرين عليهم السلام ليست موجودة في كتبنا فقط، بل أقر علماؤهم بوجوده ونسبته إلى أئمة أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) وأنه يحوي علوماً جمّة، فلا يأتي البكري بعد عجزه عن إبطال برهان الطائفة الحقّة ليتشبّث بالأحاديث الواردة في كتبنا ظناً منه - أو جهلاً - أنه قولنا فقط. ننقل جملة من أقوال علمائهم الذين أقّروا بوجود الجفر عند أهل البيت (عليهم السلام)، ونذكرها على سبيل القصر لا الحصر:

1- قال الشيخ محمد رشيد رضا: ”إن علم الجفر عبارة عن العلم الإجمالي بلوح القضاء والقدر المحتوي على كل ما كان وما يكون كلياً وجزئياً، وقد يقرن بالجامعة، فيقال: الجفروالجامعة. فالجفر: عبارة عن لوح القضاء والقدر الذي هو عقل الكل، والجامعة لوح القدر الذي هو نفس الكل. وقد ادّعى طائفة أن الإمام علي بن أبي طالب وضع الحروف الثمانية والعشرين على طريق البسط الأعظم في جلد جفر وهو الذكر من المعزى، والشاء الذي يبلغ أربعة أشهر. يستخرج منها بطريق مخصوصة وشرائط معينة ألفاظ مخصوصة يستخرج منها ما في لوح القضاء والقدر. وهذا علم يتوارثه أهل البيت ومن ينتمي إليهم ويأخذ منهم من المشايخ الكاملين، وكانوا يكتمونه عن غيرهم كل الكتمان، وقيل لا يقف على هذا الكتاب حقيقة إلا المهدي المنتظر خروجه آخر الزمان“. (المصدر: الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه رابع الخلفاء الراشدين للشيخ محمد رشيد رضا - الصفحة 320). فهذا الشيخ البكري وإن أخطأ في بعض تفاصيل الجفر إلا أنّه من حيث الإجمال أقر بأن لأهل البيت (عليهم السلام) جفراً وفيه أسرار وعلوم، ولا يظهره إلا الإمام المهدي (عليه السلام وعجّل الله فرجه الشريف).

2- قال القندوزي الحنفي: ”وهو (أي الإمام علي عليه السلام) أول من وضع مربع مائة في مائة في الإسلام، وقد صنف الجفر الجامع في أسرار الحروف، وفيه ما جرى للأولين وما يجري للآخرين، وفيه اسم الله الأعظم، وتاج آدم، وخاتم سليمان، وحجاب آصف عليهم السلام. وكانت الأئمة الراسخون من أولاده (رضي الله عنهم) أسرار هذا الكتاب الرباني واللباب النوراني، وهو ألف وسبعمائة مصدر المعروف بالجفر الجامع والنور اللامع، وهو عبارة عن لوح القضاء والقدر. ثم الإمام الحسين (رضي الله عنه)، ورث علم الحروف عن أبيه (كرم الله وجهه)، ثم الإمام زين العابدين ورث من أبيه (رضي الله عنهما)، ثم الإمام محمد الباقر ورث من أبيه (رضي الله عنهما)، ثم الإمام جعفر الصادق ورث من أبيه (رضي الله عنهما)، وهو الذي غاص في أعماق أغواره واستخرج درره من أصداف أسراره، وحل معاقد رموزه وصنف الخافية في علم الجفر، وجعل في خافيته الباب الكبير ”ابتث“، وفي الباب الصغير ”أبجد“ إلى ”قرشت“، ونقل أنه يتكلم بغوامض الأسرار، والعلوم الحقيقة، وهو ابن سبع سنين“. (المصدر: ينابيع المودة لذوي القربى للقندوزي الحنفي - الجزء 3 - الصفحة 221).

3- قال ابن الصباغ المالكي: ”وقد نقل بعض أهل العلم أن كتاب الجفر بالمغرب الذي يتوارثونه بنو عبد المؤمن بن علي هو من كلامه (أي الإمام الصادق)“. (المصدر: الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي - الجزء 2 - الصفحة 913، وأيضاً ذكر محمد بن طلحة الشافعي(8) قولاً مشابهاً في كتابه مطالب السؤول في مناقب آل الرسول - الصفحة 437). وفي القول هذا إثبات وجود(9) كتاب اسمه الجفر عند الإمام الصادق (عليه السلام)، ولكن أخطأوا في نسبة ذلك الكتاب الموجود بالمغرب في ذلك الزمان إليه عليه السلام، ويرجع السبب في ذلك لعدم اعتقادهم بوجود الإمام المهدي (صلوات الله عليه وعجل الله فرجه الشريف) الذي عنده مواريث الأنبياء والأوصياء، فإنه قد ثبت عندهم وجود الكتاب فلم يظفروا به لأنه من مختصات الإمام، ونُسبوا - جهلاً - كتاباً غير الذي كان موجوداً عنده صلوات الله عليه.

4- ذكر الإيجي في كتابه المواقف: ”جاز أن يكون أحدنا عالماً بالجفر والجامعة، وهما كتابان لعلي (رضي الله تعالى عنه) قد ذكر فيهما على طريقة علم الحروف الحوادث التي تحدث إلى انقراض العالم، وكان الأئمة المعروفون من أولاده يعرفونهما ويحكمون بهما، وفي كتاب قبول العهد الذي كتبه علي بن موسى (رضي الله عنهما) إلى المأمون أنك قد عرفت من حقوقنا ما لم يعرفه آباؤك فقبلت منك عهدك إلا أن الجفر والجامعة يدلان على أنه لا يتم. ولمشايخ المغاربة نصيب من علم الحروف ينتسبون فيه إلى أهل البيت، ورأيت أنا بالشام نظماً أُشير فيه بالرموز إلى أحوال ملوك مصر وسمعت أنه مستخرج من ذينك الكتابين“. (المصدر: المواقف للإيجي - الجزء 2 - الصفحة 60).
موضع الشاهد في قول الإيجي هنا هو إقراره بوجود الجفر عند الأئمة الطاهرين عليهم السلام، وأن فيه أسراراً وعلوم كثيرة، وجانب الصواب بقوله ”على طريقة علم الحروف“ و”ولمشايخ المغاربة نصيب من علم الحروف ينتسبون فيه إلى أهل البيت“ ورددنا على ذلك في القول الثالث أعلاه (بعد نقلنا قول ابن الصباغ).

5- قال أبو الفرج الأصفهاني: ”حدثني علي بن العباس المقانعي، قال: أخبرنا بكار بن أحمد، قال: حدثنا الحسن بن الحسين بن عنبسة بن نجاد العابد، قال: كان جعفر بن محمد إذا رأى محمد بن عبد الله بن حسن تغرغرت عيناه. ثم يقول: بنفسي هو أن الناس ليقولون فيه أنه المهدي، وإنه لمقتول. ليس هذا في كتاب أبيه علي من خلفاء هذه الأمة.“. (المصدر: مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني - الصفحة 142). لفظة ”الكتاب“ الواردة تشير إلى كتاب الجفر الذي حوى علوم الأولين والآخرين.

6- قال الكحلاني: ”قال المصنف: إنما سأل أبو جحيفة علياً رضي الله عنه عن ذلك لأن جماعة من الشيعة كانوا يزعمون أن لأهل البيت (عليهم السلام) لا سيّما علي (رضي الله عنه) اختصاصاً بشيء من الوحي لم يطلع عليه غيره وقد سأل علياً (رضي الله عنه) عن هذه المسألة غير أبي جحيفة أيضا. (....) وما ينطق عن الهوى بما هو أعم من القرآن. ويدل عليه قوله: وما في هذه الصحيفة فلا يلزم منه نفي ما نسب إلى علي (رضي الله عنه) من الجفر وغيره وقد يقال: إن هذا داخل تحت قوله: إلا فهم يعطيه الله تعالى رجلاً في القرآن. فإنه كما نسب إلى كثير ممن فتح الله عليه بأنواع العلوم ونور بصيرته أنه يستنبط ذلك من القرآن.“. (المصدر: سبل السلام لمحمد بن إسماعيل الكحلاني - الجزء 3 - الصفحة 235، وذكر ذلك أيضا الشوكاني في نيل الأوطار - الجزء 7 - الصفحة 151). ويُفهم مما سبق أن المخالفين لعليٍ (عليه السلام) وشيعتهِ يشنّعون عليهم منذ صدر الإسلام لقولهم أن لأهل البيت (عليهم السلام) علوم خاصة ليس لأحد أن يطّلع عليها سواهم وانتشار ذلك القول في ذلك الزمان، لذا قال الكحلاني: ”وقد سأل علياً (رضي الله عنه) عن هذه المسألة غير أبي جحيفة أيضا“. وهذا يثبت أيضاً أن القول بأن لأهل البيت (عليهم السلام) علوماً خاصة كان منذ صدر الإسلام ولم يكن وليد العصور المتأخرة كما يدّعي المبطلون.

7- لشهرة ثبوت الجفر عن الأئمة الطاهرين (صلوات الله عليه) سار ذكره حتى على ألسنة الشعراء والأدباء، فأنشأ أبو العلاء المعري قائلاً:

لقد عجبـوا لأهل الـبيـت لما أروهم علمهم في مسك جفر
ومرآة المنجم وهي صغرى أرتـه كـل عــامــــرة وقــفـــر

وقال البستاني: ”الجفر، ادّعى طائفة أن الإمام علي بن أبي طالب وضع الحروف الثمانية عشر على طريق البسط الأعظم في جلد الجفر، وهذا علم يتوارثه أهل البيت، قال ابن طلحة(10): الجفر والجامعة كتابان جليلان أحدهما ذكره الإمام وهو يخطب على المنبر، والآخر أسر إليه الرسول وأمره بتدوينه“. (المصدر: دائرة المعارف لبطرس البستاني - الجزء 6 - الصفحة 478).

فبعد إيراد أقوال كبار علماء المخالفين حول الجفر لا يبقى للمبطلين منهم إلا أن يقرّوا بما أقر به علماؤهم أو أن يصدحوا بالقول أنهم كاذبون!

وفقكم الله تعالى لكل خير.

مكتب الشيخ الحبيب في لندن




(1) الجَفْرُ لغة: من أَولاد الشاء إِذا عَظُمَ واستكرشَ، قال أَبو عبيد: إِذا بلغ ولد المعزى أَربعة أَشهر وجَفَرَ جَنْبَاه وفُصِلَ عن أُمه وأَخَذَ في الرَّعْي، فهو جَفْرٌ، والجمع أَجْفَار وجِفَار وجَفَرَةٌ، والأُنثى جَفْرَةٌ؛ وقد جَفَرَ واسْتَجفَر. (المصدر: لسان العرب لابن منظور - الجزء 4 - الصفحة 142).
والجَفْرُ اصطلاحاً: الجفر الأبيض: هو وعاءٌ من جلدِ جفرٍ مدبوغ فيه زبور داود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وصحف إبراهيم، والحلال والحرام، ومصحف فاطمة ووفيه علوم المنايا والبلايا والرزايا، وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، خص الله به النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) من بعده. أما الجفر الأحمر: فهو وعاءٌ فيه سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يخرجه الإمام الحجة (عليه السلام وعجل الله فرجه الشريف) ويقاتل به حين ظهوره المبارك.

(2) ورد في الحديث الشريف المروي عن الإمام الرضا (عليه السلام) الوارد في عيون أخبار الرضا ما نصه: ”عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام، قال: للإمام علامات يكون أعلم الناس، وأحكم الناس، وأتقى الناس، وأحلم الناس، وأشجع الناس، وأسخى الناس، وأعبد الناس، ويولد مختوناً، ويكون مطهراً، ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه، ولا يكون له ظل، وإذا وقع على الأرض من بطن أمه وقع على راحتيه رافعاً صوته بالشهادة، ولا يحتلم، وتنام عينه ولا ينام قلبه، ويكون محدثاً، ويستوي عليه درع رسول (الله صلى الله عليه وآله)، ولا يُرى له بول ولا غائط لأن الله عز وجل قد وكّل الأرض بابتلاع ما يخرج منه ويكون له رائحة أطيب من رائحة المسك، ويكون أولى الناس منهم بأنفسهم وأشفق عليهم من آبائهم وأمهاتهم، ويكون أشد الناس تواضعاً لله عز وجل، ويكون آخذ الناس بما يأمرهم به وأكف الناس عما ينهى عنه، ويكون دعاؤه مستجاباً حتى لو أنه دعا على صخرة لانشقت نصفين، ويكون عنده سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيفه ذو الفقار، ويكون عنده صحيفة فيها أسماء شيعته إلى يوم القيامة وصحيفة فيها أسماء أعدائهم إلى يوم القيامة، ويكون عنده الجامعة وهي صحيفة طولها سبعون ذراعاً فيها جميع ما يحتاج إليه ولد آدم، ويكون عنده الجفر الأكبر والأصغر إهاب ماعز وإهاب كبش فيهما جميع العلوم حتى أرش الخدش وحتى الجلدة ونصف الجلدة وثلث الجلدة، ويكون عنده مصحف فاطمة عليها السلام“. (المصدر: الخصال للشيخ الصدوق - الصفحة 528).

(3) ننقل موضع الشاهد في رواية أوردها الصفّار في كتابه بصائر الدرجات عن الإمام الصادق (عليه السلام): ”... وهو الجفر وفيه علم الأولين والآخرين وهو عندنا، والألواح وعصا موسى عندنا، ونحن ورثنا النبي صلى الله عليه وآله“. (المصدر: بصائر الدرجات للشيخ محمد بن الحسن الصفار - الصفحة 160).

(4) ورد في الحديث الشريف المروي عن الإمام الكاظم (عليه السلام) الوارد في الكافي الشريف ما نصه: ”عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: إن ابني علياً (الإمام الرضا عليه السلام) أكبر ولدي وأبرّهم عندي وأحبّهم إليّ وهو ينظر معي في الجفر ولم ينظر فيه إلا نبي أو وصي نبي“. (المصدر: الكافي الشريف للشيخ الكليني - الجزء 1 - الصفحة 311).

(5) بيّن سماحة الشيخ مفصلا أسباب نشوء بعض الخوارق عند المنحرفين، تجدها بالضغط على التالي: (1) ، (2) ، (3) ، (4) ، (5) ، (6) ، (7) ، (8) ، (9)

(6) بيان ذلك نجده في الرواية المروية في بصائر الدرجات للشيخ الصفّار عن الإمام الصادق (عليه السلام)، والتي نصّها: ”عن رفيد - مولى أبى هبيرة - قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جُعلت فداك يا بن رسول الله يسير القائم بسيرة علي بن أبي طالب في أهل السواد؟ فقال: لا يا رفيد! إن علي بن أبي طالب سار في أهل السواد بما في الجفر الأبيض وإن القائم يسير في العرب بما في الجفر الأحمر، قال فقلت له: جعلت فداك وما الجفر الأحمر؟ قال: فأمر إصبعه إلى حلقه، فقال: هكذا. يعني الذبح، ثم قال: يا رفيد إن لكل أهل بيت مجيباً شاهداً عليهم شافعاً لأمثالهم.“. (المصدر: بصائر الدرجات - محمد بن الحسن الصفار - الصفحة 172). وكما يُستظهر من الروايات الشريفة الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) أن الإمام المهدي (عليه السلام وعجل الله فرجه الشريف) لا يُعْمِل السيف إلا بعدما تثبت الحجة عليهم وينكروها جحوداً، حيث يكون الناس يومئذ إما مهتدٍ مستبصر بحجته (صلوات الله عليه) أو جاحد معاند محارب، وذلك على نحو أن آخر الدواء الكي.

(7) ويعني الإمام (عليه السلام) بذلك بعض أبناء الإمام الحسن (عليهم السلام) الذين أخذ الحسد منهم وحب الدنيا مأخذاً، وادّعوا أنهم أئمة منصوبون من الله تعالى، وما يؤكد أن المقصود بهم في الرواية الشريفة هو ما ورد في بصائر الدرجات: ”عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ذُكِرَ له وقيعة ولد الحسن وذكرنا الجفر، فقال: والله إن عندنا لجلدي ماعز وضأن إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخط علي وأن عندنا لصحيفة طولها سبعون ذراعاً وأملاها رسول الله وخطها علي بيده وأن فيها لجميع ما يُحتاج إليه حتى أرش الخدش.“. (بصائر الدرجات - محمد بن الحسن الصفار - الصفحة 174).

(8) محمد بن طلحة: هو الشيخ كمال الدين أبي سالم محمد بن طلحة النصيبي الشافعي، المتوفي سنة 652 هجرية، وقد ألف كتاباً اسمه (الجفر الجامع والنور اللامع)، أوله: الحمد لله الذي أطلع من اجتباه... إلخ. ذكر فيه أن الأئمة من أولاد جعفر يعرفون الجفر، فاختار من أسرارهم فيه).

(9) قولنا هذا وفق ما يعتقده البكري، وإلّا عندنا قد استفاضت الروايات في إثبات وجود الجفر والإخبار عنه وعما يحتوي.

(10) كالهامش (8).

13 ذي القعدة 1434 هجرية


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp