كيف أرد على المخدوعين بابن صهاك (لعنه الله تعالى) من القرآن الكريم؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد آله الطيبين الطاهرين
سؤال للشيخ المجاهد ياسر الحبيب (اعزه الله تعالى)
كيف ارد على المخدوعين ببن صهاك لعنه الله تعالى من القرءآن الكريم
اي آتي لهم بآيات تنص على كفره وعدم إيمانه بالله تقدست اسماؤه وبرسوله صلى الله عليه وآله . غير الاية الكريمة التي تقول . والذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا وازدادوا كفرا . ولكم جزيل الشكر محباً لسماحة الشيخ الحبيب

اسعد محمد البديري


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد النبي الأعظم (صلوات الله عليه وآله).

ج1: من الآيات التي نزلت في ذم عمر ابن صهاك (لعنة الله عليه) وفي بيان نفاقه وعدم إيمانه، قوله تعالى: «أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ» وهو استفهام في صورة التوبيخ والاستنكار، وقد نزلت الآية في شأن معركة أحد، حينما شاع أن رسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله) قد قُتل فيها، فانهزم الناس وولّوا العدو أدبارهم وانكشف ضعف إيمانهم حتى أنهم قالوا: ”قُتل محمد، فالحقوا بدينكم الأول“! (تفسير الطبري ج4 ص151).

ولم يثبت من المسلمين سوى أمير المؤمنين علي (صلوات الله عليه) وأبو دجانة الأنصاري بعدما أثخنته الجراح واحتمله علي (عليه السلام)، وبعض الأصحاب بعد فرارهم يظهر أنهم ندموا فعادوا إلى ساحة القتال كأنس بن النضر وسهل بن حنيف. وكان على رأس الفارّين يومها عمر بن الخطاب وأبو بكر بن أبي قحافة وعثمان بن عفان وأضرابهم عليهم اللعنة والخزي.

ويكشف ذلك عن حقيقة أن جلّ المسلمين آنذاك ما كان إسلامهم إلا ظاهريا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبهم، إذ لو كانوا لما فرّوا - والفرار من السبع الموبقات - ولما شكّوا وكادوا أن يرتدّوا بدعوتهم أنفسهم إلى الرجوع إلى دينهم الأول!

والآية صريحة في مفادها أن هؤلاء ومنهم عمر بن الخطاب (لعنه الله) إنما يتعلّقون بالإسلام ما دام رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيا، فإذا مات أو قُتل انقلبوا على أعقابهم، ومعنى الانقلاب على الأعقاب رجوعهم إلى ما كانوا عليه تماما في جاهليّتهم، من الكفر والشرك وعبادة الأصنام.

ودلالة الآية على ذلك باقية إلى ما بعد معركة أحد إذ لم تنزل آية أخرى تنقض دلالتها فتنفي إمكان وقوع الانقلاب والردّة منهم، وإذ ذاك يتأكد أنهم بعد استشهاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد انقلبوا على أعقابهم وكفروا وارتدّوا، إلا من عصم الله منهم من الذين بقوا أوفياء لرسول الله وأمير المؤمنين (صلوات الله عليهما وآلهما).

أيضا من الآيات التي نزلت في ذمه لعنه الله حين تعاطى الخمر وسكر وعنّفه رسول الله (صلى الله عليه وآله) تعنيفا شديدا إلى درجة أنه ضربه بشيء كان في يده! روى ذلك شهاب الدين الأبشيهي إذ قال: ”قد أنزل الله تعالى في الخمر ثلاث آيات، الأولى قوله تعالى: «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ» (البقرة: 220) فكان من المسلمين من شارب ومن تارك إلى أن شرب رجل فدخل في الصلاة فهجر. فنزل قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ» (النساء: 44) فشربها من شربها من المسلمين وتركها من تركها، حتى شربها عمر رضي الله عنه فأخذ بلحى بعبير وشجّ به رأس عبد الرحمن بن عوف ثم قعد ينوح على قتلى بدر بشعر الأسود بن يعفر يقول:

وكائن بالقـليــب قـليـــب بـــدر من الفتيان والعرب الكـرام

أيوعدني ابن كبشة أن سنحيا وكيف حياة أصداء وهــام؟!

أيعـجـز أن يــردّ المـوت عني وينشرني إذا بليت عظامي؟!

ألا مــن بلـــغ الرحمــن عني بأني تارك شهــر الصيــــام!

فقــل لله يمنـعـني شـــــــرابي وقــل لله يمنـعني طعـــامي!

فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج مغضبا يجر رداءه، فرفع شيئا كان في يده فضربه به، فقال: أعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله! فأنزل الله تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ؟ (المائدة: 92) فقال عمر: انتهينا.. انتهينا»! (المستطرف لشهاب الدين الأبشيهي - الجزء 2 - الصفحة291) ونقل عنه الزمخشري في ربيع الأبرار).

وكان عمر أثناء نزول الآيات السابقة يحاول أن يتملص من دلالتها التحريمية رغبة في البقاء على تعاطي الخمر!

فقد روى الحاكم عن أبي ميسرة قال: ”لما نزلت تحريم الخمر قال عمر رضي الله عنه: اللهم بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً! فنزلت: يسألونك عن الخمر والميسر التي في سورة البقرة فدعي عمر فقرئت عليه فقال: اللهم بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً! فنزلت التي في المائدة فدعي عمر فقرئت عليه فلما بلغ فهل أنتم منتهون قال عمر: انتهينا انتهينا“! (مستدرك الحاكم - الجزء 2 - الصفحة 278)

فلاحظ في الرواية قول أبي ميسرة: ”لما نزلت تحريم الخمر“ أي آية تحريم الخمر. ومعنى هذا أن المسلمين فهموا من الآية أنها تحرّم الخمر بدلالتها الطبيعية، إلا أن عمر يصرّ على أنها قاصرة عن ذلك، إلى أن نزلت الآيات الأخرى! وهذا يكشف عن حب عمر وعشقه للخمر وإصراره على شربه!

وقد روى نظائر هذه الرواية كل من الترمذي في سننه في الجزء 4 الصفحة 319، والبيهقي في سننه الجزء 4 الصفحة 143، وأحمد في مسنده الجزء 1 الصفحة 53، وغيرهم كثير.

وعندما صدر التحريم الأكيد من لدن المولى عز وجل في الآية الأخيرة؛ امتعض عمر امتعاضا شديدا عبّر عنه بأن الخمر قد ضاعت من يده بعد اليوم حين قرنها الله تعالى بالميسر!

إذ روى السيوطي عن ابن جرير عن سعيد بن جبير قال: ”لما نزلت يسئلونك عن الخمر والميسر الآية؛ كرهها قوم لقوله فيهما إثم كبير وشربها قوم لقوله ومنافع للناس حتى نزلت يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فكانوا يدعونها في حين الصلاة ويشربونها في غير حين الصلاة حتى نزلت إنما الخمر والميسر الآية، فقال عمر: ضيعةٌ لك اليوم! قُرنت بالميسر!“ (الدر المنثور - الجزء 2 - الصفحة 317).

والأدلة من مصادرهم كثيرة على عدم إيمانه، منها أنه كان يتردّد على مدارس اليهود كل يوم سبت ليتعلم منهم الدين! وقد اعترف بذلك وبأنه كان أحب الناس إلى اليهود! وذلك حين قال: ”إني كنت أغشى اليهود يوم دراستهم! فقالوا: ما من أصحابك أحد أكرمُ علينا منك لأنك تأتينا“! (كنز العمال - الجزء 2 - الصفحة 353). هذا مع أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد نهره عن ذلك قائلا له: ”أمتهوّكون فيها يابن الخطاب“! (مسند أحمد - الجزء 3 - الصفحة 387).

وغير خافٍ بأن المؤمن الحقيقي لا يترك سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله) ويذهب لليهود المشركين ليأخذ منهم الدين! فهذا دليل على عدم إيمان عمر، وقد صرّح بنفسه بأنه كان شاكاً في الإسلام وفي نبوة النبي (صلى الله عليه وآله) وذلك في صلح الحديبية! قال: ”والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ“! (المعجم الكبير للطبراني - الجزء 20 - الصفحة 14).

كما أن المؤمن الحقيقي لا يتطاول على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا يردّ أمره! وقد صنع ذلك عمر مرارا، منها في رزية الخميس حيث اتهم عمر النبي بأنه يهجر ويهذي وأن الوجع قد غلب عليه، فطرده النبي وطرد أصحابه!

روى البخاري عن ابن عباس قال: ”لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال النبي صلى الله عليه وسلم: هلم أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده. فقال عمر: إن النبي قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله! فاختلف أهل البيت فاختصموا منهم من يقول: قربوا يكتب لكم النبي كتاباً لن تضلوا بعده! ومنهم من يقول ما قال عمر! فلما أكثروا اللغو والإختلاف عند النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله: قوموا! كان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم“! (البخاري - الجزء 7 - الصفحة 9).

أيضا جاء في صحيح البخاري عن مسور بن مخرمة، قال: ”لما طعن عمر جعل يألم، فقال له ابن عباس وكأنه يجزعه: يا أمير المؤمنين ولئن كان ذاك لقد صحبت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صحبتهم ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون، قال (عمر): أمّا ما ذكرت من صحبة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورضاه فإنما ذاك منّ من الله تعالى منّ به علي، وأمّا ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذلك منّ من الله جل ذكره منّ به علي وأمّا ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه“. (صحيح البخاري - الجزء 4 - الصفحة 201).

وهذه فضيحة واضحة لأهل الخلاف؛ إذ يشهد فيها عمر على نفسه بأنه منافق بما يطابق ما جاء في الآية: «إن الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ» والتي أجمع المفسرون على أنها نزلت في المنافقين.

شكرا لحسن التواصل.

مكتب الشيخ الحبيب في لندن


ليلة 24 صفر 1435 هجرية


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp