هل خالف أمير المؤمنين (عليه السلام) السنة النبوية هنا؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم

اللهم صل على محمد وآل محمد

بارك الله جهودكم في خدمة مذهب أهل البيت عليهم السلام ، وبارك الله بالشيخ الفاضل ياسر الحبيب على محاضراته الرائعة ..

يا إخوان .. لي سؤال مستعجل أحببت أن أعرف رأيكم فيه ، وأحببت أن أعرف جوابه الصحيح ..

وكتبت في العنوان (سؤال شخصي) أملاً أن يصل الجواب سريعاً ..

لقد طرح أحد السنة سؤالاً ، وكان الموضوع دائراً حول حدود علم المعصوم عليه السلام ..

والسؤال كالتالي :

عليّ بن ابراهيم في ( تفسيره ) عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في قوله تعالى : ( لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم ) (1) قال : نزلت في امير المؤمنين ( عليه السلام ) وبلال وعثمان بن مظعون ، فأما امير المؤمنين ( عليه السلام ) فحلف أن لا ينام بالليل ابدا ، وأما بلال فانه حلف أن لا يفطر بالنهار أبدا ، وأما عثمان بن مظعون فانه حلف أن لا ينكح ابدا إلى ان قال : فخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ونادى الصلاة جامعة ، وصعد المنبر ، وحمد الله ، واثنى عليه ، ثم قال : ما بال اقوام يحرمون على انفسهم الطيبات الا إنيّ انام الليل ، وانكح ، وافطر بالنهار ، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي ، فقام هؤلاء ، فقالوا : يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقد حلفنا على ذلك ، فأنزل الله عزّ وجلّ : ( لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته اطعام عشرة مساكين من اوسط ما تطعمون اهليكم او كسوتهم او تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام ذلك كفارة ايمانكم اذا حلفتم

تفسير القمي 1 : 179

وسائل الشيعة ج 23

19 ـ باب حكم الحلف على ترك الطيبات

ص235 ـ ص252

السؤال/ هل كان يعلم الامام علي رضي الله عنه (على حد تعبير ذلك السني ) بانه كاد ان يخالف سنة النبي عليه (وعلى آله) الصلاة والسلام بقراره الذي اتخذه بعدم النوم ليلا ؟؟؟

فإن كان يعلم .. فلماذا يخالف سنة النبي عليه (وعلى آله ) الصلاة والسلام ؟؟

ولو لم يكن يعلم ، فكيف تدعون أن الأئمة عندهم علم ما كان وما سيكون ؟؟

هذا هو السؤال .. وجزيتم خيراً ..

بارك الله فيكم

وأنتظر الإجابة على أحر من الجمر ، وأريد لو سمحتم نوعاً من الإجابة المقنعة ، التي تجعلهم يقتنعون ، أو جواباً مسكتاً ، حسب ما ترونه أنه الأصلح ..

تحياتي

خادمكم / أحد الموالين


باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد مولاتنا الزهراء (صلوات الله عليها) التي تزامنت مع فاجعة الاعتداء الناصبي الثاني على الحرم العسكري الشريف. نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للأخذ بالثأر مع ولينا المهدي أرواحنا فداه وعجل الله تعالى فرجه.

هذه الشبهة من أسخف الشبهات، وجوابنا هو أنه (صلوات الله عليه) إنما حلف لا لمخالفة السنة وإنما لتسبيب علّة تشريع كفارة اليمين، وقد كان مأمورا بذلك حتى تتحقق تلك العلة، وكان عالما بأن النبي (صلى الله عليه وآله) سيقوم خطيبا على المنبر لتشريع كفارة اليمين. وهذا نوع من توزيع الأدوار بينهما.

ونظير ذلك ما فعله رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين حلف أن لا يقرب ماريّة رضوان الله عليها، فأنزل الله تعالى: ”يَأَيهَا النّبي لِمَ تحَرِّمُ مَا أَحَلّ اللّهُ لَك تَبْتَغِي مَرْضات أَزْواجِك وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيم. قَدْ فَرَض اللّهُ لَكمْ تحِلّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللّهُ مَوْلاكم وَهُوَ الْعَلِيمُ الحَْكِيمُ“. (التحريم 2-3).

فلم يحلف النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) بقصد مخالفة أمر الله وتحريم ما أحلّ والعياذ بالله، وإنما لغرض تأكيد حكم كفارة اليمين وما يُضاف إلى ذلك من مصالح في بيان مقدار مناوئة المرأتيْن عائشة وحفصة وتظاهرهما عليه، حتى دفعه ذلك ظاهرا إلى القسم بأن لا يقرب أمته مارية رحمة الله عليها.

والمخالفون بجهلهم يظنون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذا الموضع قد خالف أمر الله بحلفه! ولذا فهم ينفون عنه العصمة المطلقة! أما نحن فلا ننظر إلى المعصوم تلك النظرة القاصرة التي ينظرونها، بل نؤمن بما علّمنا إياه أئمتنا (عليهم السلام) من أن جدّهم رسول الله وإياهم معصومون عصمة مطلقة، وأن هذه الحوادث التي يظهرون أنفسهم فيها وكأنهم يخالفون أمرا إنما صدرت منهم لمصالح شرعية أهم.

ويتأكد لك هذا المعنى من ملاحظة ما جرى في غزوة تبوك، حين أذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) للمنافقين بالتخلّف، فنزلت آيات يظهر منها وكأن الله يعاتب نبيّه على إذنه لهم، في حين أنك لو تتبّعت في الآيات اللاحقة فستكتشف أن الله تعالى كره خروجهم أصلا وهو الذي أقعدهم! مما يعني أن النبي في إذنه لهم بالقعود إنما كان يطبّق إرادة الله تعالى، والإذن صادر من الله تعالى حقيقة وبالأصالة.

ففي آية قال تعالى: ”عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ“ (التوبة: 43). ثم بعدها بقليل قال عزّ من قائل: ”وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ“. (التوبة: 46). وبذا تفهم أن أفعال المعصوم تسير وفق مصالح ونحن لا نرى إلا الظاهر منها، مما قد يبدو وكأنه مخالفة سببها عدم العلم، إلا أنها ليست كذلك في الحقيقة.

فكذلك حال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) حين حلف أن لا ينام الليل لإحيائه بالتهجد والعبادة، إنما صدر منه ذلك وهو عالم به، ولا ملازمة بين صدور ذلك وبين نفي العلم عنه عليه السلام، فإن لصدور أفعال المعصوم أوجه متعددة قد تخفى، وليست أفعال الخضر (عليه السلام) المحكية في القرآن عن ذهنك ببعيدة.

إلا أن المخالفين تظل عقولهم قاصرة عن إدراك هذه الحقائق، ولذا فاعتقادهم في النبي يخالف اعتقادنا! كما أن اعتقادهم في الأئمة يخالف اعتقادنا! وليس علينا في ذلك من بأس لأنهم بذلك يخالفون القرآن نفسه إذ حرموا أنفسهم من التدبّر فيه وانحصر تعاطيهم له بالتلاوة فحسب فلم يتجاوز آذانهم! فيأخذون بظاهر آية، ويهملون أخرى، دون أن يتدّبروا في عمق المعنى والمدلول.

وكذلك هم يفعلون في الروايات التي ينتقونها من كتبنا، وهم يظنون بذلك أنهم يقيمون الحجة علينا! مع أننا حين نلاحظ شبهاتهم تنتابنا موجة من الضحك!

وفقكم الله لجوامع الخير في الداريْن. والسلام.

28 من جمادى الأولى لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp