لماذا رفض الإمام علي عليه السلام مبايعة أبي سفيان له؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يذكر صاحب نهج البلاغة أن العباس وأبا سفيان بعد وفاة النبي صلى الله عليه واله وسلم أتيا علياً عليه السلام ليبايعاه فرفض وهؤلاء هم سادات بني هاشم وبني أمية أكبر عشائر قريش، فلماذا رفض الامام علي عليه السلام إذا كانت خلافته أمر إلهي وأصل من أصول الدين
وشكرا لكم


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجوركم بذكرى استشهاد الصديِّقة الكبرى السيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها ولعنة الله على قتلتها أجمعين.

لم تكن رغبة العباس وأبي سفيان في مبايعتهما لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام بعد استشهاد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله على أنه إمام منصّب من الله سبحانه وتعالى وأنه مفترض الطاعة، بل كان الأمر عن قبليةٍ وجاهلية.

يروي لنا التاريخ أن أبا سفيان لم يتحمل وجود ابن أبي قحافة في سدة الحكم وذلك لأنه من أذل بيوت قريش وأحقرها وهو قبيلة بني تيم، وكان كلامه للإمام علي عليه السلام من أجل استعادة مكانته الاجتماعية بعد أن أزيح عنها بالانتصار عليه يوم فتح مكة، فظن أنه بهذه الحيلة سيستعيد تلك المكانة، رغم ما يضمره من حقد وكراهية لأمير المؤمنين صلوات الله عليه.

جاء في المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري عن مرة الطيب، قال: "جاء أبو سفيان بن حرب إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، فقال: ما بال هذا الأمر في أقل قريش قلة وأذلها ذلة -يعني أبا بكر-...ألخ".

وفي تاريخ الطبري ينقل رواية عن عن هشام، قال: حدثني عوانة، قال: لما اجتمع الناس على بيعة أبي بكر، أقبل أبو سفيان، وهو يقول: والله إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلا دم يا آل عبد مناف، فيم أبو بكر من أموركم؟ أين المستضعفان؟ أين الأذلان علي والعباس؟ وقال: أبا حسن ابسط يدك حتى أبايعك، فأبى علي عليه فجعل يتمثل بشعر المتلمس:

ولن يقيم على خسف يراد به
إلا الأذلان عير الحي والوتد

هذا على الخسف معكوس برمته
وذا يشج فلا يبكي له أحد

قال: فزجره علي، وقال: إنك والله ما أردت بهذا إلا الفتنة، وإنك والله طالما بغيت الإسلام شرا، لا حاجة لنا في نصيحتك.

ومن خلال هاتين الروايتين يتضح لكم أن الغاية من مبايعة أمير المؤمنين علي عليه السلام كانت غايةً قبلية وليست دينية خالصة، ولم يقبل أن تؤول الرئاسة إلى بيتٍ من أراذل البيوت في قريش.
بل لو كان هدفه من مبايعة أمير المؤمنين علي عليه السلام طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وآله والامتثال للأوامر الإلهية لما قبل بالعرض الذي قدّمه له أبو بكر من ترك الصدقات بيده ومبايعته له، كما جاء في العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي.

عن مالك بن دينار قال: توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبو سفيان غائب في مسعاة أخرجه فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلما انصرف لقي رجلا في بعض طريقه مقبلا من المدينة، فقال له: مات محمد؟ قال: نعم، قال: فمن قام مقامه؟ قال: أبو بكر. قال أبو سفيان: فما فعل المستضعفان: عليّ والعباس؟ قال: جالسين. قال: أما والله لئن بقيت لهما لأرفعنّ من أعقابهما؛ ثم قال إني أرى غبرة لا يطفئها إلا دم! فلما قدم المدينة جعل يطوف في أزقّتها ويقول:

بني هاشم لا تطمع الناس فيكم ... ولا سيّما تيم بن مرّة أو عديّ
فما الأمر إلا فيكم وإليكم ... وليس لها إلا أبو حسن عليّ

فقال عمر لأبي بكر: إن هذا قد قدم، وهو فاعل شرا، وقد كان النبي صلّى الله عليه وسلم يتألّفه على الإسلام، فدع له ما بيده من الصدقة! ففعل، فرضي أبو سفيان وبايعه.

وأما بالنسبة للعباس فيقول أمير المؤمنين علي عليه السلام "ثم أخذت بيد فاطمة وابني الحسن والحسين، ثم درتُ على أهل بدر وأهل السابقة فأنشدتهم حقي ودعوتهم إلى نصرتي، فما أجابني منهم إلا أربعة رهط: سلمان وعمار والمقداد وأبو ذر، وذهب من كنتُ أعتضد بهم على دين الله من أهل بيتي، وبقيتُ بين خفيرتين قريبي العهد بجاهلية، عقيل والعباس" (الاحتجاج للطبرسي ج1 ص281)

وقال (عليه السلام) أيضاً: "والله لو كان حمزة وجعفر حيّيْن ما طمع فيها أبو بكر، ولكن ابتليتُ بجلفين، عقيل والعباس!" (الدرجات الرفيعة لصدر الدين ابن معصوم ص65)

وفقكم الله لمراضيه

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

4 جمادى الآخرة 1439 هجرية


ملاحظة: الإجابات صادرة عن المكتب لا عن الشيخ مباشرة إلا أن يتم ذكر ذلك. المكتب يبذل وسعه في تتبع آراء الشيخ ومراجعته قدر الإمكان.
شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp