ما موقفكم بالنسبة إلى إقامة الصلاة الموحدة بين الشيعة والمخالفين في العراق؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله بما حمد به نفسه و الصلاة و السلام على رسوله الأمين و خاتم المرسلين الذي بعثه رحمة للعالمين محمد وآله الطيبين الطاهرين

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

تحية طيبة إلى سماحة العلامة الشيخ ياسر الحبيب حفظه المولى

لا شك بأنكم من المتابعين للأوضاع الجارية في العراق و ما يحدث من قتل للشيعة من قبل الجماعات الإرهابية المتطرفة التي تحمل الحقد و الضغينة تجاه أتباع أهل البيت عليهم السلام , هذا من جانب الجانب الآخر برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة غريبة في العراق ألا و هي الإقتتال بين أبناء الطائفة الواحدة , ولعلكم شاهدتم ما جرى في مدينة النجف الأشرف مدينة أمير المؤمنين عليه السلام , من اقتتال بين الشيعة , فما هي توجيهاتكم و نداءاتكم لهؤلاء , وما حقيقة الوحدة الإسلامية التي ينادي بها البعض , هل من الممكن تحقيقها ؟ وماذا بالنسبة لإقامة صلاة الوحدة بين الشيعة و السنة ؟؟؟ أتمنى أن أرى تعليقكم في اقرب وقت ممكن , وبارك الله فيكم وفي جهودكم البناءة . وشـــــــــــكرا


باسمه تعالى شأنه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

العمليات الإجرامية التي يمارسها بعض غير الشيعة تجاه الشيعة في العراق هي وليدة قرون غذّت فيها السلطات المتعاقبة نزعة الكراهية لكل ما هو شيعي ينتسب إلى ولاية محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم)، وعندما جاء الحكم البعثي الأخير زاد من وتيرة هذه النزعة إلى حد كبير، وحيث أن معظم من عاش في العراق عاش في أجواء الحروب والتوترات العسكرية، فقد انطبع أفراده بطابع العنف، ومن هنا جاءت هذه العمليات الإجرامية المستمرة تجاه الشيعة المؤمنين، فذهنية من يقومون بها تكره الشيعة، وسلوكياتهم ذات سمة عنفية، ومن هذين جاءت هذه العمليات الوحشية. واللازم لإيقافها أمران؛ أولهما تشديد قبضة السلطة الحالية على المخططين والمحرّضين وتطبيق القصاص الشرعي عليهم لأن في القصاص حياة، والأمر الآخر إعداد خطة طويلة الأمد لتغيير ذهنيات غير الشيعة القاطنين في العراق تغييرا جوهريا عبر سبيلين، الأول عقيدي يهدف إلى هدايتهم إلى التشيع، والآخر فكري يهدف إلى توعيتهم وتطبيع سلوكياتهم ونزع سمة العنف عنها، وفي هذا السبيل الأخير يتوجب توظيف بعض مشايخهم وفاعلياتهم الاجتماعية والعشائرية في هذا الاتجاه وتجنيدهم لهذا الغرض.

أما بشأن بعض النزاعات الشيعية الشيعية والحوادث المؤسفة التي وقعت أخيرا، فإنّا ومن واقع ما لمسناه ابان وجودنا في العراق لا نشك في أن يدا خارجية ناصبية تعمل بخفاء في إذكاء نارها اعتمادا على تضخيم بعض موارد الإشكال الطبيعية بين أبناء وتيارات الملة الواحدة، ونداؤنا لأهلنا في العراق على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم هو بضرورة الالتفاف حول المرجعية الدينية والتزام أوامرها الحكيمة وعندم الانجرار إلى مستنقع الفتنة الذي يرغب المناوئون المندسّون إيقاعنا فيه، فإنهم يعمدون لذلك بسبب ما يعتقدونه من أن العراق قد ضاع من بين أيديهم وأصبح بيد الشيعة وحلفائهم الأكراد وأنهم قد خسروا كل شيء بعدما كانوا المسيطرين على الحكم والخامدين لكل تطلعات الأغلبية الشيعية في نيل حقوقها بقيادة البلاد.

أما عمّا يسمى بالوحدة الإسلامية، فقد شرحنا مرارا أننا لا نميل إلى هذا الاصطلاح ولا إلى مضمونه الداعي إلى تعطيل بحث ومناقشة نقاط الخلاف العقيدي والتركيز فقط على الجوامع والمشتركات، لأن ذلك يحرم الأمة من معرفة الحق كما يحرمها من الوصول إلى بر الأمان والنجاة التي أرادها الله لها باتباع محمد وآله الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين)، والذي نطرحه كصيغة بديلة هو ما نسميه (التعاون التعدّدي) ومضمونه أن على جميع الطوائف التعاون في مواجهة العدو المشترك وفي تنمية البلاد وما أشبه مما يجر النفع على الجميع، مع الإيمان بتعدّديتها واختلافها في عقائدها وثقافاتها، والقبول تاليا بما يرشح عن هذا الاختلاف من مناقشات صريحة لا يجب أن تثير أية حساسية بين الأطراف المختلفة بل أن تبقى ضمن إطار البحث العلمي حتى وإن كان يتصادم مع مسلّمات مذهبية معينة. فينبغي على الجميع تقبّل ذلك نفسيا حتى لا تُحرم الأمة من فرصة النجاة.

وعلى هذا تعرف موقفنا من بدعة الصلاة الجماعية التي نحمد الله تعالى أنها لم تنجح ولم تستمر، فما هي إلا عرض مسرحي لا وجه شرعيا له. وإني أتذكر عندما كنت في العراق حادثة وقعت في بغداد حاصلها أن بعض الشيعة اتفق مع بعض البكريين على إقامة هذه الصلاة، وكان الاتفاق على أن جمعة هذا الأسبوع يتوجه الشيعة فيها إلى قبر أبي حنيفة (لعنه الله) ليأتموا بأئمتهم، على أن يأتي أولئك في جمعة الأسبوع التالي إلى حرم الكاظمين (صلوات الله عليهما) ليأتموا بالأئمة الشيعة. وجاءت الجمعة الأولى ونفذ فيه الشيعة الاتفاق وصلّوا وراءهم، وعندما جاءت الجمعة التالية اعتذر البكريّون وقالوا: سنأتي في الجمعة المقبلة، وبطبيعة الحال لم تأتِ تلك الجمعة إلى اليوم!

نسأل الله لنا ولهم الهداية وأن لا نتفرق بل نعتصم جميعا بحبل الله الذي هو حبل ولاية محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم) كما ورد في التفاسير. والسلام عليكم وعلى جميع أهلنا وأخواننا في عراق الولاية ورحمة الله وبركاته.

العشرون من شهر رجب لسنة 1426 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp