إني ميّال كثيرا للتشيع لولا هذه الأمور فهل من تفسير؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخ ياسر الحبيب
انا شخص سني أو بكري سمني ماشئت ولكني ميال كثيرا للمذهب الجعفري وكنت سأعتنق المذهب الإمامي لولا بعض المواضيع التي لاتعجبني لدى الشيعه وعقلي لايتحمل الاقتناع أو التسليم بها لهذا لم أتشيع الى الآن وهناك الكثير مثلي يقولون لولا ذلك لتشيعنا ولا اجد لهذه المواضيع تفسير فنصحني البعض بأخذ نصيحتك وأتمنى أن تساعدني وتكسب فيني أجر بتشيعي:-

1- ماقولك بالآيه الكريمه (تلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ماكسبتم ولاتسألون عما كانوا يعملون)) أليس في هذه الآيه نص صريح بأننا المفروض أن لا نقلب التاريخ الذي مضى فأنا أراك تهاجم وتشتم حتى الشيعه الذين يترحمون على بعض الشخصيات حتى ولو من باب التقارب بين المذاهب وتجعلهم منحرفين عن الدين فمابالك بالسنه ..؟

2- كيف يحلل الشيعه الربا وذلك عندما يحلل المرجع الديني للأشخاص بالاقتراض من البنوك الربويه وهو يعلم أن هله البنوكتأخذ فائده ربويه على المبلغ الأصلي ويقول المرجع أخذه بنية مجهول المالك وضعه في ذمة المرجع!! أليس هذا ضحك على الدين وعلى العقول ياشيخ؟؟

3- كيف يحلل الشيعه التدخين وهو الذي أجمع عليه أطباء العالم بأنه السبب الرئيسي لأمراض القلب والسرطان هل لأن الخوئي كان مدخنا شرها قبل دراسته الدينيه فحاول أن يوجد لها مخرجا شرعيا ..؟؟

4- كيف يقول الخميني يجوز التمتع بالطفله الرضيعه هل هذا يدخل عقل أي انسان عاقل بالغ ..؟؟ ((وهذه من أكثر المواضيع التي تثير السنه على الشيعه))

5-الشيء الجميل بالمذهب السني هو الوحده الفقهيه والتي هي غير موجوده أبدا لدى الشيعه فأنا كسني أستطيع أن أخذ أحكامي من أي شيخ دين معتبر ولكن الشيعي لايستطيع ذلك لأنه يجب أن يعرف مقلده مارأيه في المسأله .؟

6- لم نقرأ في كتب التاريخ أو الاحاديث بأن الأئمه الاثني عشر عانوا يزورون قبور أبائهم (المعصومين) مثلا لم نسمع بأن جعفر الصادق كان يزور أبيه الباقر ولم نقرأ بأن الجواد كان يزور أبيه الرضا ويتمسح بقبره.؟

7-الشيعه في بعض تصرفاتهم يذكروني بالخوارج مثلا الخوارج كانو يكفرون الإمام علي على موضوع التحكيم والشيعه يكفرون ويلعنون بعض الصحابه فقط لأنه مثلا قال للإمام علي (لا) أليس هذا الشخص انسان عادي ليس معصوما فلماذا يلعن الشيعه الناس فقط لأنهم مختلفون بالرأي منهم.؟

8- الدين الإسلامي أتى بالتسامح بين الناس وعفة اللسان واليد ولكن بعض أتباع المذهب الشيعي دائما سليطي اللسان واللعن والشتم على أطراف ألسانهم من أن تكون معارض لبعض افكارهم يلعنونه ويطلبون له الطرد من رحمة الله !!؟

أسف للإطاله ولكن بعض هذه الأسئله تبعدني عن المذهب الشيعي مع إن قلبي ميال كثيرا له ولكن العقل والمنطق يمنعاني
فماذا أفعل؟؟

خالد عثمان - الكويت


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب الشيخ:

بسم الله الرحمن الرحيم. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أنت وأمثالك ممن يطلبون الحق على الرحب والسعة عندنا دوماً إن شاء الله تعالى، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم إلى سبيل الرشاد برحمته.

ج1: على العكس من ذلك، فإن الآية ليست نصاً في منع البحث في التاريخ، ولا نظن أحداً من الفقهاء يقول بهذا. إنه تعالى قال: ”وَلَا تُسْأَلُونَ“ بضم التاء، ولم يقل: ”وَلَا تَسْأَلُونَ“ بفتح التاء، فلم يمنعنا من أن نسأل عما فعلت الأمم التي خلت ونبحث في تاريخها، وإنما أنبأنا أننا لن نُسأل عن أعمالها، بمعنى أننا لن نتحمّل أوزارها، فلها ما كسبت من أعمال، ولنا ما كسبنا من أعمال. هذه فقط هي دلالة الآية لا غير.
والقرآن الحكيم مشحون بقصص الأمم السالفة والدعوة إلى النظر فيها لنرى العواقب، فقد قال تعالى: ”قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ“ (آل عمران: 138). وقال تعالى: ”وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ“ (النحل: 37) وقال تعالى: ”فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ، أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ“ (الحج: 47) إلى غيرها من آيات في هذا المعنى.
وإن أحداً اليوم لو جاء وترحّم على قابيل، أو نمرود، أو فرعون، أو أبي لهب، أو مسيلمة، أو غيرهم من أعلام الكفر والضلالة، لما وسع المؤمن إلا أن يغار على الحق فيقف وقفة شجاعة ضد المترحمين، لأنهم بترحّمهم هذا يخلطون الحق بالباطل، ويجعلون المبطل محقاً، والضال مهتدياً. ولا يصح لأحد أن يعترض على هذا الشجاع بدعوى أن قابيل ونمرود وفرعون وأبا لهب ومسيلمة قد ماتوا وانتهى أمرهم فلماذا نقلّب صفحات التاريخ!
وكذا، لو جاء أحد اليوم وترحّم على كهنة مشركي قريش، أو رهبان نصارى نجران، أو أحبار يهود خيبر، فإن المؤمن الصادق الشجاع لا يطيق السكوت، بل تراه يضجّ ويصرخ قائلاً: ”إنهم أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وآله! كيف تترحّمون عليهم“؟! ولا ينفع المترحّمين عذر أنهم ترحّموا من باب التقارب بين الأديان وإزالة الاحتقان! فهذا عذر أقبح من ذنب! أفهل نراعي جانب اليهود والنصارى فنترحّم على كبارهم ولا نراعي جانب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي عانى ما عاناه بسببهم؟!
كلا! بل يأتي المؤمن الصادق الشجاع بكل قوة وجرأة، فيقتحم عالم الأباطيل هذا، ويردّد قوله تعالى في ذم كبار اليهود: ”مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ“ (الجمعة: 6) ولا يلتفت المؤمن إلى معترض يقول: لماذا تشتم أحبار اليهود وتصفهم بالحمير الذين يحملون أسفارا مع أن اليهود إخواننا في الوطن كما في مصر والمغرب واليمن؟!
وكذا، حين يأتي أحد الناس ويترحّم على أبي بكر، أو عمر، أو عائشة، أو حفصة، بذريعة التقارب مع من خُدع بهم، متجاوزاً ما نزل به القرآن في ذمهم، وما نطق به نبي الله وآله الطاهرون (صلوات الله عليهم) في التظلم منهم، فإن المؤمن الصادق الشجاع لا يسعه إلا أن يقف وقفته البطولية ذاتها، فيصيح قائلاً:
يا قوم! إن الذين تترحّمون عليهم ظالمون! منافقون! قد حادّوا الله ورسوله! وسعوا في الأرض فسادا!
يا قوم! جرّد الله أبا بكر من الإيمان في قوله تعالى: ”فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ“ فلماذا تترحّمون على المنافق؟!
يا قوم! حكم الله على عمر في رزية الخميس بالعذاب الأليم في قوله تعالى: ”فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ“ فلماذا تترحّمون على المعذَّب؟!
يا قوم! أثبت الله كفر عائشة وحفصة وتظاهرهما على نبيّه (صلى الله عليه وآله) في قوله: ”إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ“ فلماذا تترحّمون على امرأتين كانتا حرباً لله ولرسوله صلى الله عليه وآله؟!

ج2: إطلاقك القول بأن الشيعة يحللون الربا خطأ، فإن الربا من المحرّمات الأكيدة في الشريعة الإسلامية المقدسة، ولا أحد من فقهاء التشيع يجيزه إلا في صورة الاضطرار والضرورة، وذلك كأكل الميتة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ”رُفع عن أمتي تسعة؛ الخطأ، والنسيان، وما أُكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، وما اضطروا إليه، والحسد، والطيرة، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة". (خصال الصدوق ج2 ص417). وقال الإمام عليه السلام: ”ليس شيء مما حرّم اللّه إلاّ وقد أحلّه لمن اضطر إليه“. (تهذيب الأحكام ج3 ص177).
فإذا كان لا خيار لك لكي تعيش وتعيّش عيالك أو تنقذ نفسك وإياهم من ورطة صعبة أو توجد لنفسك ولهم مسكناً إلا أن تقترض من البنك الربوي فمعنى ذلك أنك مضطر، فتكون الحرمة مرفوعة عنك بحديث الرفع السابق، وقد قال تعالى: ”فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ“ (البقرة: 174). والقاعدة المعروفة هي أن الضرورات تبيح المحظورات.
وهذا ليس حكماً لدى الشيعة وحدهم، إنما هو حكم يشترك فيه الجميع. قال أبو الأعلى المودودي وهو من علماء أهل الخلاف: ”الشريعة تسمح بإعطاء الربا في حالة من الاضطرار، هي حالة قد يحل فيها الحرام، كأن تعرض للإنسان نازلة لا بد له فيها من الاستقراض بالربا، أو حلت به مصيبة في عرضه أو نفسه أو يكون يخاف خوفاً حقيقياً حدوث مشقة أو ضرر لا قبل له باحتمالها، ففي مثل هذه الحالات يجوز للمسلم أن يستقرض بالربا ما دام لا يجد سبيلاً غيره للحصول على المال“. (الربا لأبي الأعلى المودودي ص157)
نعم؛ إن بعض الناس يتساهل في الحكم ويزيّن لنفسه أنه مضطر وأن الموقف الذي هو فيه هو موقف الضرورة، فيقترض قرضاً ربوياً لما شاء واشتهى، وهذا أمر ينكره علماء الشيعة ولا يجوّزونه، ولا يمكن تحميل كل طائفة ما يصنعه ويقوله عوامها، كالقول الذي نقلتَه عن جعل المال في ذمة المرجع.. إن صحّ، فهذا قول هراء.

ج3: إطلاقك القول بأن الشيعة يحللون التدخين خطأ، فأولاً؛ إن بعضاً من فقهاء الشيعة حرّموه ولو ابتداءً. وثانياً؛ إن المجوّزين له من فقهاء الشيعة قيّدوا هذا الجواز بأن لا يستلزم التدخين ضرراً بالغاً وإلا فيكون حراماً. وثالثاً؛ إن المجوّزين له من فقهاء الشيعة نصّوا على أنه وإن كان جائزاً إلا أنه مكروه. ورابعاً؛ إن الحكم بالجواز يشترك فيه معهم فقهاء طائفة أهل الخلاف، قال مفتي مصر الحالي لمّا سُئل عن حكم التدخين: ”اختلف العلماء في هذا، والراجح عندنا حرمة التدخين“ وهذا يعني أن هناك من يجوّزه، غاية ما في الأمر أنه شخصياً يرجّح حرمته. وخامساً؛ إن سبب التردّد في الفتوى بالتحريم عند البعض هو عدم ورود نص بحرمته والتردّد في أنه مشمول بإطلاقات المنع من الخبائث والمنع من الإضرار بالنفس أم لا؟ وسادساً؛ إن كلاًّ من فقهاء التشيع يستقل بالفتوى، فلا يأخذ فتوى غيره كالمحقق الخوئي، فكونه من المدخنين المجوّزين له أم لا؛ ليس له أدنى أهمية عند غيره من الفقهاء، فكلٌّ منهم يبحث في الأدلة بشكل مستقل حتى يستقرّ على رأي في فتواه. وسابعاً؛ إن الإحصاءات الطبية ذكرت لأمور أخرى غير التدخين آثاراً هي أخطر من آثاره إن كان باعتدال، كإدمان أكل الوجبات السريعة، ومع ذا لم يقل أحدٌ بحرمتها حتى الآن في ما نعلم.
إذن فالبحث بحث فقهي صِرف؛ فمن ترجّح له من الفقهاء أن التدخين حرام أفتى بذلك، ومن ترجّح له أنه مكروه أفتى بذلك. وهذا على كل حال لا يقدح بالعقيدة الشيعية حتى يتوقف أمر اعتناقك لها عليه، فإن المسألة ليست من العقائد وأصول الدين أصلاً.

ج4: سألتني عمّن أكره وعمّا أكره! ومع ذا أجيبك بأن هذا من التدليس، فإن الفتوى هذه ليست في باب نكاح المتعة خاصةً، وإنما في باب النكاح عامةً، وهي اتفاقية عند الجميع، فالجميع أجاز الزواج بالرضيعة، وحرّم وطأها ما لم تبلغ، وجوّز سائر الاستمتاعات الأخرى بها. قال السرخسي وهو من كبار علماء أهل الخلاف: ”لو تزوج رضيعة صح النكاح“ (المسبوط للسرخسي ج8 ص15) فإن قلتَ: إنه أفتى بصحة النكاح لا بالاستمتاعات؛ جاء جوابك منه بما قبل هذه العبارة عينها إذ قال: ”عرضية الوجود بكون العين منتفعاً بها تكفي لانعقاد العقد“ (المصدر نفسه) أي أن الرضيعة عين يُنتفع بها ويُستمتع بها ولذا يعرض عليها وجود المنفعة فيصح العقد. وقال ابن عمر الجاوي الشافعي: ”إذا كانت صغيرة لا تطيق الوطء تمتّع بالمقدمات“ (نهاية الزين لابن عمر الجاوي الشافعي ج1 ص334) وقال عبد الله الفقيه وهو معاصري أهل الخلاف في فتواه رقم (11251): ”إذا تزوج الرجل الكبير البنت الصغيرة جاز له أن يستمتع بها بكل أنواع الاستمتاع المباحة شرعاً، أما وطؤها فلا يطأها حتى تكون مطيقة للوطء بحيث لا يضر بها“ وهذا عين ما قاله المذكور في سؤالك، غاية ما هنالك أنه ذكر بعضاً من أنواع هذه الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ.

ج5: هذا الذي ذكرتَ هو من مساوئ ما يسمى بالتسنن لا من محاسنه، ويكفيك لاستدراك عمق المأساة أن تقف على شكوى أهل مذهبك مما أسموه (فوضى الفتاوى) كما عبّر أمين عام مجمع الفقه الإسلامي الدولي محمد عبد السلام العبادي في تصريحاته لجريدة المدينة للسعودية قبل نحو عامين، فراجع.
إن من مفاخر التشيع أن الذي تُقبل منه الفتوى لا يكون إلا فقيهاً جامعاً لشرائط الفقاهة قد طوى عمراً مديداً في حوزات العلم والاجتهاد وقد عُرِكَ عركاً وصُقِلَ صقلاً وناجزته المحافل العلمية بالنقض والإبرام والإشكال والإلزام مناجزة الفارس لمن على شفا حفرة! وما ذاك إلا لعظم وخطورة موقع المرجع والمتصدّي للإفتاء، فإن بيده أزمِّةُ أمور الناس في أحكامهم ومعاملاتهم، وهذا دين الله تعالى وليس لعبة حتى يُفتي فيه كل أحد!
ثم إن عامة المكلفين يتحرّون الأعلم من الفقهاء لتقليده، فإذا ما استقرّ اطمئنان الواحد منهم إلى أحد الفقهاء قلّده دينه ورجع إليه وحده في معرفة أحكامه، إذ كيف يرجع إلى مَن هم سواه وهو يراهم دونه في العلم وأبعد عن إصابة الحكم الواقعي؟! نعم؛ إن هذا الفقيه الأعلم إن تردّد في مسألة أو احتاط جاز لمقلده أن يرجع إلى غيره ممن جزم بفتوى، على أن يكون هذا الغير من الفقهاء الشامخين ممن تدور حولهم الأعلمية أيضاً.
هكذا تكون الحيطة في دين الله تعالى والحرص على شريعته، أما أن يأخذ المكلف ضغثاً من هذا وضغثاً من ذاك حسب هواه؛ فذاك ما يُحدث (فوضى الفتاوى) ويستلزم وقوع التناقضات والتهافت، وهو خطأ فاحش، وأفحش منه أخذ المكلف الفتوى من كل مَن هبَّ ودبَّ وإن كان من مشايخ الحكومات ومَن يسمّون بدعاة الفضائيات كما هو حاصل لدى أهل الخلاف!

ج6: لو بحثتَ أكثر لقرأتَ وسمعتَ، فهذا - كمثال - إمامنا الصادق (عليه السلام) توجّه إلى العراق قاصداً النجف الأشرف لزيارة جده أمير المؤمنين (عليه السلام) وجدّه سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) مع جمع من أصحابه منهم صفوان بن مهران الجمّال الذي روى ما جرى في تلك الزيارة وكيف علّمهم الإمام (عليه السلام) آدابها والأدعية التي يقرأونها، فقال: ”وردتُ مع سيدي أبا عبد الله (الصادق) عليه السلام إلى هذا المكان، ففعل مثل الذي فعلناه في زيارتنا، ودعا بهذا الدعاء، عند الوداع بعد أن صلّى كما صلّينا، وودّع كما ودّعنا. وقال لي أبو عبد الله عليه السلام: تعاهد هذه الزيارة، وادعُ بهذا الدعاء، وزُر به، فإني ضامن على الله تعالى لكل من زار بهذه الزيارة ودعا بهذا الدعاء من قرب أو بعد أن زيارته مقبولة وسعيه مشكور وسلامه واصل غير محجوب وحاجته مقضية من الله بالغاً ما بلغت ولا يخيّبه، يا صفوان؛ وجدتُ هذه الزيارة مضمونة بهذا الضمان عن أبي، وأبي عن أبيه علي بن الحسين عليهما السلام، مضموناً بهذا الضمان، والحسين عن أخيه الحسن عليهما السلام، مضموناً بهذا الضمان، والحسن عن أبيه أمير المؤمنين عليهما السلام، مضموناً بهذا الضمان، وأمير المؤمنين عن رسول الله صلى الله عليه وآله، مضموناً بهذا الضمان، ورسول الله صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عليه السلام، مضموناً بهذا الضمان، وجبرئيل عن الله عز وجل، مضموناً بهذا الضمان“. (مصباح المتهجد للشيخ الطوسي ج781).
وفي رواية أخرى عن صفوان قال: ”سار (الصادق) عليه السلام وأنا معه في القادسية، حتى أشرف على النجف، فقال: هو الجبل الذي اعتصم به ابن جدي نوح عليه السلام وقَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ، فأوحى الله عز وجل إليه: أيعتصم بك مني أحد! فغار في الأرض وتقطّع إلى الشام. ثم قال عليه السلام: اعدل بنا، فعدلتُ به، فلم يزل سائراً حتى أتى الغري فوقف على القبر، فساق السلام من آدم على نبي نبي، وأنا أسوق السلام معه، حتى وصل السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله. ثم خرَّ إلى القبر فسلّم عليه، ثم قام فصلّى أربع ركعات - وفي خبر آخر ست ركعات - وصلّيتُ معه وقلتُ: يابن رسول الله؛ ما هذا القبر؟ قال: هذا قبر جدي علي بن أبي طالب عليه السلام“. (فرحة الغري لابن طاووس ص125)
ومن هذا القبيل روايات وروايات تأمر وتحث على زيارة الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم، وقد كانت سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها) مواظبة على زيارة عمها حمزة سيد الشهداء (عليه السلام) وشهداء أحد، وهذا حديث معتبر روته الخاصة والعامة، فقد روى الحاكم: ”إن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده“ (مستدرك الحاكم ج1 ص377) وعلّق الحاكم على هذا الحديث بقوله: ”هذا الحديث رواته عن آخرهم ثقات، وقد استقصيت في الحث على زيارة القبور تحرّيا للمشاركة في الترغيب وليعلم الشحيح بذنبه أنها سنة مسنونة، وصلى الله على محمد وآله أجمعين“ (المصدر نفسه) فهذا أحد كبار علماء الطائفة البكرية يصرّح بالحق في زيارة قبور عباد الله الصالحين والحث على ذلك لأنها سنة مسنونة ويردّ على كل شحيح بذنبه يمنع من ذلك.
والشيعة تقتدي بالزهراء (صلوات الله عليها) فتزور قبور أبيها والأئمة الطاهرين من آله (عليهم السلام) وتصلي وتبكي عندهم. وأما التمسح بنفس القبور الطاهرة فإن أحداً لا يسعه فعل ذلك، إذ القبور اليوم محاطة بأضرحة نُصبت لحفظها، إنما يقبّل الشيعة تلك الأضرحة والعتبات العاليات تعظيماً لأصحابها وتبرّكاً بنسبتها إليهم وتقرّباً إلى الله تعالى، وذلك كمن يتبرّك بمنبر النبي (صلى الله عليه وآله) ويقبّله أو يمسّ ويقبّل قبره الشريف لأن هذه المواضع منسوبة إليه، وقد أجاز إمام الحنابلة ذلك، فقد سُئل أحمد بن حنبل ”عن الرجل يمسّ منبر النبي صلى الله عليه وسلم ويتبرّك بمسه ويقبّله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى الله جل وعز؟ فقال: لا بأس بذلك“. (العلل ومعرفة الرجال لأحمد بن حنبل ج2 ص492).

ج7: معاذ الله! ليس علي (صلوات الله عليه) إنساناً عادياً، بل هو نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) بنصّ قوله تعالى: ”وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ“ (آل عمران: 62) وولي أمرنا بنصّ قوله تعالى: ”إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ” (المائدة: 56) ونصّ قوله صلى الله عليه وآله: ”من كنت مولاه فهذا علي مولاه“ (مسند أحمد بن حنبل ج1 ص84 وسنن ابن ماجة ج1 ص45 وسنن الترمذي ج5 ص297 ومستدرك الحاكم ج3 ص109 وغيرها كثير).
ومخالفة علي هي مخالفة محمد صلوات الله عليهما وآلهما، ومخالفة محمد هي مخالفة الله تبارك وتعالى، وذلك لأن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) يقول: ”من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع عليّاً فقد أطاعني، ومن عصى عليّاً فقد عصاني“ (مستدرك الحاكم ج3 ص121 ونصّ على صحّته الذهبي في التلخيص) وعليه فلا يمكن لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يعصي عليا (عليه السلام) أو يخالفه، لأنه ولي أمر هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وآله، أفهل يعصي المرء مولاه؟!
والعاصي لعلي يكون عاصياً لمحمد (عليهما وآلهما السلام) ويكون تالياً عاصياً لله عز وجل كما نصّ عليه الحديث الشريف، ”وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا“ (الجن: 24) فهو إذن خارج عن الملة مارق يحل لعنه.
والاختلاف في الرأي إنما يُباح في المباحات، لا في ما نصّ عليه الشرع، وإلا لجاز لأحد من الناس أن يقول للنبي (صلى الله عليه وآله) إذا أمره بأمر ما: ”لا! أنا أختلف في الرأي معك فلن أطبق ذلك“! فهل يجوز هذا بالله عليك؟! أم يكون هذا (المختلف في الرأي) عاصياً ومخالفاً فيكون كافراً معلوناً!
كذلك الحال في مَن يأمره أمير المؤمنين (عليه السلام) بأمر فيعصيه قائلاً: ”لا! أنا أختلف في الرأي معك“! لأن ولاية الإمام والنبي والله واحدة لا تفكيك فيها، ولا يجوز لكائن مَن كان رفضها، فإذا رفض كان ملعوناً بلا ريب.
إن هذا من أهم أسباب رفضنا لبعض أولئك المنافقين المنحرفين الذين تسمّونهم (صحابة)، لأننا وجدناهم عاصين لولي أمرهم الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما.
لقد سلّموا عليه في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بإمرة المؤمنين، وقال له عمر بن الخطاب يوم الغدير: ”بخ بخ لك يابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مسلم“. (تاريخ بغداد للخطيب ج8 ص289 ومسند أحمد ج4 ص281)
فهنا يعترف ابن الخطاب بأن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) هو ولي أمره وولي أمر كل مسلم، فكيف عصى ولي أمره ولم يخضع له؟! وأي موقف تريدنا أن نتخذ من هذا العبد الآبق الذي تطاول على سيده ومولاه؟! ولا عجب أن يعصي عمر علياً (عليه السلام) فقد عصى مَن هو أعظم منه، وهو النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) في رزية الخميس حين رفض أن يكتب لهم الكتاب الذي لن يضلوا بعده، واتهمه بالهجر والهذيان وأنه ليس في كامل قواه العقلية - والعياذ بالله!
فلعن الله عمر ولعن الله كل منافق مخالف عاصٍ لله ولرسوله وللأئمة الشرعيين من آله عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام.
إننا لا نحترم ممن تسمونهم (صحابة) إلا الذين احترموا الله والنبي والأئمة الشرعيين عليهم السلام، كأمثال أبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي المحمدي والمقداد بن الأسود الكندي ومصعب بن عمير البدري وحذيفة بن اليمان وعثمان بن مظعون وعمار بن ياسر المخزومي وجابر بن عبد الله الأنصاري وخالد بن سعيد بن العاص الأموي وأخواه أبان وعمرو وغيرهم من المسلمين المؤمنين الصادقين ممن لم ينقلبوا على أعقابهم القهقرى.
أما البقية فلا نحترمهم وليس لهم عندنا إلا البراءة إلى الله تعالى منهم ومن أفعالهم التي كانت مصيبة على الإسلام والمسلمين.
ولا يهولنّك موقفنا هذا تجاه معظم من تسمونهم (صحابة) فإن هذا هو موقف رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي نصّ على أن أكثر أصحابه هالكون في نار جهنم ولن ينجو منهم إلا أقل القليل، وذلك في روايات وأحاديث مستفيضة، منها ما رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ”أنا فرطكم على الحوض وليرفعن رجال منكم ثم ليختلجن دوني فأقول: يا رب أصحابي! فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك“! (صحيح البخاري ج7 ص206).
وأخرج البخاري أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ”يرد على يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول: يا رب أصحابي! فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، انهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى“. (المصدر نفسه).
وأخرج البخاري أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ”بينا أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم، فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: انهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى. ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم، قلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم؟ قال: انهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى. فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم“. (المصدر نفسه).

ج8: لا شك بأن الشتم واللعن من سوء القول، ولا شك أنه مبغوض عند الله تعالى، إلا أنه إذا كان من المظلوم للظالم فهو محبوب عند الله تعالى! فقد قال سبحانه: ”لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا“ (النساء: 149)
وحيث أنه قد ثبت لدينا أن عمر بن الخطاب - مثلاً - ظالم بنصّ إمامنا أمير المؤمنين (عليه السلام) إذ كان يدعو عليه بقوله: ”اللهم اجزِ عمر، لقد ظلم الحجر والمدر“ (الجمل للمفيد ص92) فإذن يجوز توجيه السوء من القول إليه، ويكون ذلك محبوباً عند الله تعالى بنص الآية الكريمة.
وإنك لو دققت في ما نقول لوجدت أننا إنما نصف الأفراد بما يستحقون، فقولنا مثلا أن عمر كان ظالما فاجراً أو ما شاكل ذلك، ليس شتماً وإنما هو بيان لصفته الحقيقية بناءً على ما نملكه من أدلة، وقولنا أن خالد بن الوليد مجرم سفاح وغد ليس شتماً وإنما هو بيان لصفته الحقيقة بناءً على ما نملكه من أدلة، وهكذا. وهذا الأسلوب هو أسلوب القرآن الحكيم، فقد قال الله تعالى في بيانه لصفة علماء اليهود المعاصرين للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله: ”مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا“. (الجمعة: 6). كما أنه مما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله، حيث قال: "إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة، وباهتوهم كي لا يطمعوا في الفساد في الاسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الاخرة". (الكافي للكليني ج2 ص375).
وأما إشراكك اللعن بالشتم والمساواة بينهما فخطأ فادح، ذلك لأن اللعن إنما هو بالأصل دعاء لله تعالى بأن يطرد فلاناً من رحمته ويوقع عليه عذابه، وهو مشروع إتفاقا لقوله تعالى: ”أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ“. (البقرة: 160).
و اللعن هو من آداب الإسلام ومن منهاج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يلعن حتى في صلاته، فقد أخرج البخاري: ”عن سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله (ص) إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الأخيرة من الفجر يقول اللهم العن فلاناً وفلاناً وفلاناً بعد ما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد“. (صحيح البخاري ج5 ص35).
وكانت سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) تدعو على أبي بكر وتلعنه في كل صلاة، فقد أخرج ابن قتيبة - وهو من كبار علماء أهل الخلاف - أنها (عليها السلام) قالت لأبي بكر: ”والله لأدعونَّ عليك في كل صلاة أصليها“. (الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج1 ص25).
وكان أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) يلعن في قنوت كل صلاة أبا بكر وعمر وعائشة وحفصة في الدعاء المعروف بدعاء صنمي قريش. (راجع كتب الأدعية ككتاب مصباح الكفعمي والبلد الأمين وأيضا كتاب المحتضر).
وكان أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يلعنون أعداء الله في الصلوات وفي أدبار الصلوات كما كان يفعل الإمام الصادق عليه السلام، فقد أخرج الكليني عن الحسين بن ثوير وأبي سلمة السراج قالا: ”سمعنا أبا عبد الله عليه السلام وهو يلعن في دبر كل مكتوبة أربعة من الرجال وأربعا من النساء، أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية، وعائشة وحفصة وهند وأم الحكم أخت معاوية“. (الكافي ج3 ص342).
ونحن لا نلعن إلا رموز الكفر والنفاق وأعلام الضلالة والبدعة، أما عوام المخالفين لنا فلا نلعنهم بل ندعو الله تعالى أن يهديهم إلى الحق بإذنه. فإذا تلقّيتَ أنت شخصياً شتماً أو لعناً من أحد من المنسوبين للتشيع، فاعلم أنه مخطئ، ولا تحسب ذلك على الكل، فإن بعض المسلمين أيضاً يصنعون ذلك مع الكفار، بل ويفجّرون القنابل والمتفجرات في أسواقهم فيقتلون نساءهم وأطفالهم، ويقومون بشتى الأعمال الإرهابية الوحشية باسم الإسلام، فهل يصحّ لكافر أن يعمّم ذلك على جميع المسلمين ويحسب أن هذه هي تعاليم الإسلام؟! كلا وحاشا، إنما نطالبهم بأن يكونوا منصفين فلا يحمّلوا سائر المسلمين جريرة ما تصنعه القلة الإجرامية الوهابية الإرهابية منهم. فكذلك نتمنى منك أن تكون منصفاً تجاه الشيعة، فلا تعمّم تصرفات أفراد منهم على الجميع.
هذا مع أنك لو تدبّرت لرأيت أن الشيعة أكثر الناس ضبطاً للنفس والتزاماً بالأخلاق الفاضلة وردّ الإساءة بالإحسان، وأن ما يصيبه من مخالفيهم وخصومهم من القتل والذبح والاضطهاد والشتم والتحقير أضعاف أضعاف ما تصف، فأيّنا يحقّ له أن يشتكي من الآخر يا ترى؟! كن منصفاً بارك الله فيك.

نسأل الله تعالى أن تزول حيرتك، ويتقوّى قلبك لقبول الحق، فلئن كانت هذه هي أسألتك فالأمر سهل، وأنت أقرب ما تكون إلى الحق والعقل والمنطق إذا التزمت بمنهاج محمد وأهل بيته الأطهار (عليهم الصلاة والسلام) الذين هم سفينة النجاة، فلا تتردّد واركبها، باسم الله مجراها ومرساها، إن ربك أعلم بمن يضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين.

رزقنا الله وإياكم الجنة باتباع محمد وعترته الطاهرة صلوات الله عليهم. والسلام. الحادي عشر من ربيع الأول لسنة 1431 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp