هل هذه الأحاديث في ذم البربر صحيحة؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو إفادتنا شيخنا الفاضل في الأحاديث التالية، علما أني وجدتها عند المخالفين، فما مدى صحتهاعندنا إن وردت،وهل يمكن الأخذ بإحداها،وإذا كانت موضوعة فماذا كان المراد منها

1- قال يحيى بن سعيد وأخبرني عثمان بن عبد الرحمن عن عنبسة ابن عبد الرحمن عن شبيب بن بشر
عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعي وصيف بربري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن قوم هذا أتاهم نبي قبلي فذبحوه وطبخوه وأكلوا لحمه وشربوا مرقه

2- حدثنا عبد الله بن مروان عن عون الميثمي عن سعيد بن أبي سعيد
عن أبي هريرة سوّدالله وجهه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ما تحت أديم السماء خلق أشر من بربر ولأن أتصدق بعلاقة سوط في سبيل الله أحب إلي من أن أعتق مائة رقبة من بربر

3-عن كعب قال إذا ظهر المغرب على مصر فبطن الأرض يومئذ خير من ظهرها لأهل الشام ويل للجندين جند فلسطين والأردن وبلد حمص من بربر يضربون بسيوفهم إلى باب للعطر وصاحب المغرب رجل من كنده أعرج.

وشكرا وفقكم الله
منير
إسبانيا


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عظم الله أجورنا وأجوركم باستشهاد الإمام الهادي عليه السلام.

بمراجعة الشيخ أفاد أنه يكفي أمارة على أن هذه الأحاديث موضوعة أنها مروية عن أشهر الكذابين على رسول الله المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فالحديثان الأولان مرويان عن أنس بن مالك وأبي هريرة (لعنهما الله) وقد قال الإمام الصادق عليه السلام: «ثلاثة كانوا يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله: أبو هريرة وأنس بن مالك وعائشة». (الخصال للصدوق ص190)
أما الحديث الأخير فقول كعب الأحبار اليهودي (لعنة الله عليه) وهو الذي أغرق تراث أهل الخلاف بالإسرائيليات.

والهدف من وضع هذه الأحاديث هو ترسيخ الطبقية والتفرقة في المجتمع الإسلامي خلافاً لحكم الله ورسوله صلى الله عليه وآله، فإن الإسلام لا يعرف فضلاً لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، وقد جاء الإسلام ليجعل المعيار الأساسي في تفضيل بعض البشر على بعض هو التقوى. قال تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ». وليس في الإسلام احتقار لعرق أو شعب أو قومية، فالكل سواسية كأسنان المشط.

لقد أرادت حكومة أبي بكر وعمر وعثمان ومن بعدهم حكومات بني أمية وبني العباس جعل بقية شعوب الأرض عبيداً وخدماً لهم، وإعادة أمر الجاهلية في إعلاء العرب وبطون قريش مهما كان بعدهم عن التقوى والورع، لذلك دفعوا للكذابين أمثال أبي هريرة وأنس بن مالك وعائشة وكعب الأحبار ووهب بن منبه ليضعوا لهم الأحاديث التي تستحقر غيرهم وترميهم بوابل من الافتراءات والأكاذيب الشنيعة. وهذه الأحاديث الثلاثة هي من أمثلة ذلك.

وقد حاول الطاغية عمر بن الخطاب (لعنه الله) تحريف معاني القرآن الكريم بزعمه أن قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ» نزل في العرب خاصة! أي أن أكرم العرب عند الله هو أتقاهم، لا أن أكرم الناس عند الله هو أتقاهم! وذلك لأن العرب حتى لو لم يكونوا متقين فهم أكرم من غيرهم من القوميات الأخرى! أخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب في تفسير هذه الآية قوله: «هي مكية وهي للعرب خاصة! الموالي أي قبيلة لهم وأي شعاب»؟! (كنز العمال للمتقي الهندي ج2 ص507 عن ابن مردويه) بهذا كان عمر يستحقر غير العرب ويعتبرهم كاللقطاء الذين لا قبيلة لهم ولا شعوب! ساخراً بقوله: «الموالي - أي غير العرب - أي قبيلة لهم وأي شعاب»؟! ولهذا قام عمر بمنع زواج العربيات من غير العرب بدعوى أنهن ذوات أحساب وليس غير العرب بأكفاء لهن! مع إن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) قال: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه» سواءً كان عربياً أو غير عربي، فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.

أما موقف أهل البيت الطاهرين (عليهم الصلاة والسلام) فكان موقفاً حازماً في مواجهة الطبقية والتفرقة، ويكفي أنهم كانوا يحذرون حتى السادة من بني هاشم بأن عليهم أن لا يفتخروا بأصلهم وانتسابهم إلى النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا إذا كانوا على التقوى والورع، فالمعيار هو التقوى دائماً.

وقد جاءت أحاديث عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في مدح البربر بالذات. من ذلك الحديث المعتبر الذي رواه الشيخ الصدوق عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «الشجاعة في أهل خراسان، والباه في أهل بربر، والسخاء والحسد في العرب، فتخيّروا لنطفكم». (من لا يحضره الفقيه للصدوق ج3 ص472)

ويكفي أن الأئمة (عليهم الصلاة والسلام) قد صاهروا البربر، فقد اختار الإمام الصادق (عليه السلام) سيدة فاضلة بربرية بأمر أبيه الباقر (عليه السلام) لينجب منها حجة الله على خلقه وهو الإمام الكاظم عليه السلام، تلك السيدة الطاهرة هي السيدة حميدة بنت صاعد البربري (عليها السلام)، وقد لقبها الإمام الباقر (عليه السلام) بالمحمودة حيث قال لها: «أنت حميدة في الدنيا محمودة في الآخرة» (الكافي ج1 ص476) ولقبها الإمام الصادق (عليه السلام) بـ «المصفاة من الأدناس» (الكافي للكليني ج1 ص477) وقد جاء في الحديث الشريف أن الملائكة كانت تحرسها. (المصدر نفسه) وكان الإمام الصادق (عليه السلام) يُرجع النساء إليها ليتعلمن الأحكام الشرعية منها، فقد كانت فقيهة تفتي الناس طبقاً لتعاليم الأئمة من آل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) لا تعاليم أمثال أبي حنيفة ومالك بن أنس والشافعي وابن حنبل من المخالفين. (راجع نموذجا من الفتاوى الصادرة منها في وسائل الشيعة للحر العاملي ج11 ص286)

كذلك فقد اختار الإمام الجواد (عليه السلام) سيدة فاضلة مغربية لينجب منها حجة الله على خلقه وهو الإمام الهادي (عليه السلام)، تلك السيدة الطاهرة هي السيدة سمانة المغربية (عليها السلام)، وقد وصفها بالإمام الهادي بأنها «من أهل الجنة، لا يقربها شيطان مارد ولا ينالها كيد جبار عنيد، وهي مكلوءة بعين الله التي لا تنام، ولا تختلف عن أمهات الصديقين والصالحين» (دلائل الإمامة للطبري ص216).

بهذا امتزجت دماء أهل البيت الطاهرين (عليهم السلام) بدماء البربر، وهذا أروع تجسيد عملي ينسف الطبقية والتفرقة بين المسلمين التي جاء بها الطغاة والوضاعون.

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

3 رجب 1431


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp