الشيخ الحبيب يصدر بيانا بمناسبة مرور مئة يوم على جريمة تفجير الحرم العسكري الشريف

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

2007 / 11 / 23

صدر عن الشيخ ياسر الحبيب البيان التالي:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

بمضي مئة يوم على جريمة الاعتداء الناصبي الحقير على حرم إماميْنا أبي الحسن الهادي وأبي محمد العسكري صلوات الله وسلامه عليهما؛ ينبغي لأمتنا الإسلامية الشيعية أن تقف وقفة حساب للنفس تستذكر فيها تقصيرها الذي نجم عنه وقوع هذه الجريمة الكبرى، ثم عليها أن تكفّر عن تقصيرها بثورة شاملة تبيّض بها وجهها عند أئمتها (عليهم السلام) وتحمي بها أبنائها وتعيد بها مجدها وقوّتها.

إن ما جرى يوم الثالث والعشرين من شهر محرم الماضي لم يكن حادثا عرضيا يمكن تجاوزه، بل كان استهدافا لشخص كلا الإماميْن عليهما السلام.

ووصول النواصب الكفرة إليهما ونجاحهم في تدمير مرقدهما الطاهر بهذه الصورة السهلة؛ يكشف عن غياب الدروع الشيعية التي يُفترض أن تكون حامية لهما ولسائر الأئمة الأطهار عليهم السلام.

إن الحسين بن علي (صلوات الله عليهما) لمّا استطاع النواصب الكفرة الوصول إليه وقتله؛ لم يكن أحد من الدروع باقيا على قيد الحياة، فكلّهم قدّموا أرواحهم دونه ودافعوا عنه حتى آخر نفس إلى أن استشهدوا بين يديه. هذا مع أنهم كانوا أقلية حينذاك مقابل النواصب المعتدين، وما كانوا يملكون قوة تسلحية تكافئ ما يملكه المعتدون.

وإن علي بن محمد والحسن بن علي (صلوات الله عليهما) لمّا استطاع النواصب الكفرة الوصول إليهما وهدم حرمهما وضريحهما على قبريهما؛ كان الدروع أحياء وهم بالملايين! وفي مقابل النواصب المعتدين هم أكثرية لا أقلية! كما أنهم يملكون قوة تسلحية تفوق بعشرات المرات قوة المعتدين! بل وحكومتان على وجه الأرض بيدهم! ولدى واحدة منها قوة نووية أيضا! هذا ناهيك عن أحزاب وجماعات في كثير من البلدان، تملك من القوة ما لا يُستهان به.

ولو كانت بيد الشيعة في زمان سيد الشهداء الحسين (صلوات الله عليه) حكومة واحدة، أية حكومة، ولو كانت في أقصى الأرض، ولو كانت حكومة جزيرة صغيرة من جزائر الصين أو أفريقيا؛ لوجدتها تهبّ وأهلها لحماية إمام زمانها والحيلولة دون مسّ النواصب له بسوء. فإنْ فاتها ذلك قصورا لا تقصيرا؛ لوجدتها تعلن الثورة للمطالبة بثاره، كما أعلنها المختار الثقفي عندما حكم الكوفة.

وإزاء هذا التفاوت المروّع؛ ألا يجب علينا أن نحاسب أنفسنا عن سبب بقاء الأنقاض متراكمة على جسدي إماميْنا الهادييْن العسكرييْن (عليهما السلام) حتى الآن؟! وبعد مرور مئة يوم على الجريمة؛ ماذا صنعنا للمطالبة بثار الإمامين؟! وماذا فعلنا لتطهير البلاد من النواصب المجرمين وحماية أئمتنا وشعبنا؟!

لا يدعينَّ أحدٌ أنه قصور، كلا.. إنه تقصير، وسنحاسَب عليه جميعا، رؤساء ومرؤوسين، يوم القيامة، بل يوم الظهور، يوم يخاطبنا إمام زماننا الحجة المهدي قائلا: "قد جعلت حرم أبي وجدي أمانة في أعناقكم.. فانظروا كيف فرّطتم في أمانتنا"!!

لنحاسب أنفسنا اليوم، ولنحاكم أنفسنا اليوم، حتى لا نحاسَب ولا نحاكَم غدا. لنعلنها ثورة تبعث في نفوسنا جميعا النهضة، فنحمي بها أئمتنا، وننتزع بها حقوقنا، ونقهر بها أعداءنا، ونطلب بها ثاراتنا، ونحقق بها أمننا، ونفرض بها على الأجنبي شروطنا، حتى يرحل عن بلادنا، وتسود العدالة بيننا.

وأول خطوة تكون في هذه الطريق هي النفر إلى سامراء المقدسة نفرة جماهيرية تتدفق فيها سيول مليونية من البشر، من العراق وخارجه، لرفع الأنقاض التي يرزح تحتها إمامانا العسكريان أرواحنا فداهما، وتطهير المدينة من أعدائهما المجرمين والإبقاء على الشرفاء فيها فقط، مع بسط الأمن هناك، وإعادة بناء الحرم الطاهر المقدّس في أسرع وقت ممكن.

إن هذا هو أول الخطوات، وعدم تحققها إلى الآن رغم مرور مئة يوم على وقوع الفاجعة؛ يعني أن الجبن والخوف قد عشّشا في نفوسنا! والطامة أننا مع هذا ندّعي الشجاعة والبطولة! فنجاهر في مخاطبة أنصار أبي عبد الله (عليه السلام) بالقول: "يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما" في حين أن المطلوب منا في قضية العسكريين (عليهما السلام) أقل بكثير مما كان مطلوبا منهم في قضية الحسين (عليه السلام).. ومع ذا لم نحرّك ساكنا! ولو كان أنصار أبي عبد الله (عليه السلام) معنا اليوم؛ لوجدناهم في سامراء يحامون عن بيت إمام زمانهم المهدي (عليه السلام) لا في بيوتهم قابعين كما نقبع نحن!

ولا يتشدقنّ أحد بالحكمة ومراعاة الظروف، فليست الحكمة أن تكون خانعا خاضعا ذليلا، بل إن ذلك هو نقيض الحكمة بلا كلام. أما الظروف، فلِمَ تجعل الآخر يصنعها ليتحكّم بك؟! اصنعها أنت لتتحكم به! أفلا تعقل؟!

وأما الذين يثبطون الأمة الشيعية، ويحبطون عزائمها، ويخدّرون طاقاتها، ويمنعون وثبتها ونهوضها، ويخمدون ثورتها، باسم الحكمة تارة، وباسم الوحدة أخرى؛ فاسأل الله تعالى أن ينتقم منهم انتقاما عاجلا..

اللهم اشهد أنّا قد صنعنا ما في وسعنا للطلب بثأر أوليائك ودحر أعدائك، اللهم نشكو إليك تعامي الأبصار وصمم الآذان، اللهم نشكو إليك رؤوسا جرفتنا إلى المهالك وأوقعتنا في المذلات، اللهم عجّل الفرج لوليك المنتقم فإنّا تائهون.

المغفرة يا رب.. المعذرة يا إمام..

ياســــــر الحبيــــــب
جمادى الأولى 1426 - لندن

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp