الشيخ الحبيب في خطبة عيد الفطر 1436: لا بد من أن تهيمن الحضارة الإسلامية الرافضية على بلاد المسلمين ليُسهَم في إنهاء الجاهلية الثانية 

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

2015 / 07 / 21

بدعوة من هيئة خدام المهدي (عليه السلام وعجل الله فرجه الشريف) أمَّ سماحة الشيخ الحبيب المصلين لصلاة عيد الفطر السعيد لهذا العام 1436 هجرية تحت السماء في إحدى الساحات الخضراء من أرض فدك الصغرى، حيث توافد إلى الصلاة جمع من المصلين.

وفي مستهل خطبته أوصى الشيخ المؤمنين بتقوى الله تعالى، وبالمداومة على ذكره جل ثناؤه، كما أشار سماحته إلى أن العيد جعله الله تعالى لمن قبل صيامه وشكر قيامه، واستدل بذلك بقول عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم وعظ المؤمنين موعظة بليغة.

ووجّه الشيخ المؤمنين أن يسألوا ربهم أن يخلصهم من أدران الجاهلية الثانية، فلا يأتلفوا إلا مع الحق، ولا يفرّقوا إلا عن الباطل، ولا يغتروا بالكثرة، ولا يكونوا عبيد من غلب، ولا يستوحشوا الفتنة فإن فيها هلاك الجبابرة وطهارة الأرض من الفسقة، كما قال الإمام الصادق عليه السلام.

وأوصى سماحته المؤمنين أن يكونوا أشداء الشكائم لينصرهم الله على المجرمين الإرهابيين. وإن من شدة الشكيمة أن يستأسر أحدهم من غير أن يُثخَن بالجراح، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ”قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من استأسر من غير جراحة مثقلة فليس منّا“. وأوصى أن لا يستسلموا للإرهابيين، ولا يستأسروا لهم.

ونبّه سماحته أن أخطر الأمور تحريف الدين، وتأويل نصوصه بما يكون مضاداً للفطرة السوية، وهذا ما هو واقع اليوم، حتى أن إمامنا المهدي الموعود - صلوات الله عليه - سيعاني منه حين يظهر. ففي الحديث عن الفضيل قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ”إن قائمنا إذا قام استقبل من جهلة الناس أشد مما استقبله رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم تسليما - من جهال الجاهلية. فقلت: وكيف ذلك؟ قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم تسليما - أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة، وإن قائمنا إذا قام أتى الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله ويحتج به عليه“. (غيبة النعماني).

ثم اختتم الشيخ خطبته أن هذه هي الآفة في الجاهلية الثانية، أنها تلبّست بالإسلام، ويحتج أهلها بكتاب الله! ومعنى وقوع تحريف خطير لهذا الدين العظيم يجعله مضاداً للفطرة السوية. وذلك يقتضي منا بذل الجهود المضاعفة لإعادة هذا الدين العظيم كما كان، ديناً نقياً صافياً يعمّ البشرية بالسلام والعدل والنُّبل. وحين يرى الله تعالى منّا هذه الجهود تُبذل بإخلاص؛ فإن المرجوّ أن يمنّ علينا بظهور ولي أمرنا المهدي صلوات الله عليه، هذا الإمام والقائد العظيم الذي سيحرّر البشرية جمعاء.


وأدناه نص الخطبتين كاملتين:

[الخطبة الأولى]

بسم الله الرحمن الرحيم

الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر!

الحمد لله على ما عرّفنا من نفسه، وألهمنا من شكره، وفتح لنا من أبواب العلم بربوبيته، ودلّنا عليه من الإخلاص له في توحيده، وجنّبنا من الإلحاد والشك في أمره.

والحمد لله على ما أنار لنا من اتباع رسله، والائتمام بحججه، والأخذ بسننه. والحمد لله على ما رزقنا من نصرة دينه، والدعوة إلى سبيله، والذب عن أوليائه، ومحاربة أعدائه.

أحمده سبحانه حمداً نُعتق به من أليم ناره إلى كريم جواره. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عليا وليه وحجته، وأن فاطمة الزهراء وأبناءها المعصومين؛ الأئمة بأمره على المسلمين، لا يتقدمهم إلا مارق، ولا يتأخر عنهم إلا زاهق. صلى الله عليهم صلاة تترادف وتزيد، ولا تنفد ولا تبيد.

أما بعد عباد الله، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين. واعبدوا الله كأنكم ترونه، فإن كنتم لا ترونه فإنه يراكم. إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. إنه يعلم الجهر وما يخفى.

وهذا يوم جعله الله كرامة لسيد المرسلين، وعيدا للمسلمين، وبشارة للصائمين، ونجاة للتائبين. فاشكروا ربكم يزدكم من فضله، وتوبوا إليه يتوب عليكم. فإن رحمته وسعت كل شيء.

عباد الله! وإن من التوبة أن تتنزّهوا من كل شائبة جاهلية، فلا تتبعوا الهوى، ولا تتعصبوا لغير الحق، ولا تودّوا من حادّ الله ورسوله. لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

عباد الله! سلوا ربكم أن يخلصكم من أدران الجاهلية الثانية، فلا تأتلفوا إلا مع الحق، ولا تفرّقوا إلا عن الباطل، ولا تغتروا بالكثرة، ولا تكونوا عبيد من غلب، ولا تستوحشوا الفتنة فإن فيها هلاك الجبابرة وطهارة الأرض من الفسقة، كما قال إمامكم الصادق عليه السلام. لا تعضدوا ظالماً وإن كان منكم، ولا تخذلوا مظلوماً وإن كان من غيركم. لا تضعفوا عن مقالة بحق وإن كان فيها هلاككم فإن فيها نجاتكم، ولا تنشطوا لمقالة بباطل وإن كان فيها نجاتكم فإن فيها هلاككم، كما قال إمامكم الكاظم عليه السلام.

عباد الله! لا رأي في دين الله، فمن جاءكم ينطق بغير ما نطق به القرآن العظيم، ويتكلم بغير ما تكلمت به العترة الطاهرة فنبذوا كائنا من كان، فقد جاء في الحديث إن النبي صلى الله عليه وآله قال لأمير المؤمنين عليه السلام: ”يا علي! إن الله قضى الجهاد على المؤمنين في الفتنة بعدي. فقال علي عليه السلام: يا رسول الله! وكيف نجاهد المؤمنين الذين يقولون في فتنتهم آمنا؟ قال: يجاهدون على الإحداث في الدين إذا عملوا بالرأي في الدين، ولا رأي في الدين، إنما الدين من الرب“. (تفسير فرات الكوفي)

عباد الله! كونوا أشداء الشكائم لينصركم الله على المجرمين الإرهابيين. وإن من شدة الشكيمة أن يستأسر أحدكم من غير أن يُثخَن بالجراح، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ”قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من استأسر من غير جراحة مثقلة فليس منّا“. فلا تستسلموا للإرهابيين، ولا تستأسروا لهم، وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيْمِ

وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ﴿1﴾ فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ﴿2﴾ فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ﴿3﴾ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا ﴿4﴾ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا ﴿5﴾ إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ﴿6﴾ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ﴿7﴾ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ﴿8﴾ أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ﴿9﴾ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ﴿10﴾ إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ ﴿11﴾



[الخطبة الثانية]


الحمد لله حمداً يرتفع منا إلى أعلى عليين، والصلاة والسلام على محمد خاتم النبيين، وعلى أهل بيته الطيبيين الطاهرين، واللعنة على أعدائهم الأنجاس الخبيثين.
معاشر المسلمين! لا بد من أن تهيمن الحضارة الإسلامية الرافضية على بلاد المسلمين، ليُسهَم في إنهاء الجاهلية الثانية، وإنقاذ العباد من شر الجور والإرهاب، ومن أوبئة الجهل والتخلف. إن الحضارة الرافضية تعني رفض كل ظلم وطغيان وزيغ وانحراف، ومقاومة كل طاغية وظالم وزائغ ومنحرف. إن الحضارة الرافضية تعني الانتصار للفطرة والروح الإنسانية، وتسويد لغة العلم والعقلانية، وإشاعة القيم النبيلة الأخلاقية. بغير هيمنة الحضارة الرافضية لن يكون هنالك مستقبل مشرق ينتظر المسلمين، إذ سيبقون محبوسين محبس الثقافة المريضة التي تدفع الفرد إلى الخضوع للظالمين، أو الانسياق للإرهابيين، أو البقاء في جهل الأميين.

إن أخطر الأمور تحريف الدين، وتأويل نصوصه بما يكون مضاداً للفطرة السوية، وهذا ما هو واقع اليوم، حتى أن إمامنا المهدي الموعود - صلوات الله عليه - سيعاني منه حين يظهر. ففي الحديث عن الفضيل قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ”إن قائمنا إذا قام استقبل من جهلة الناس أشد مما استقبله رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم تسليما - من جهال الجاهلية. فقلت: وكيف ذلك؟ قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم تسليما - أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة، وإن قائمنا إذا قام أتى الناس وكلهم يتأول عليه كتاب الله ويحتج به عليه“. (غيبة النعماني).

هذه هي الآفة في الجاهلية الثانية، أنها تلبّست بالإسلام، ويحتج أهلها بكتاب الله! ومعنى وقوع تحريف خطير لهذا الدين العظيم يجعله مضاداً للفطرة السوية. وذلك يقتضي منا بذل الجهود المضاعفة لإعادة هذا الدين العظيم كما كان، ديناً نقياً صافياً يعمّ البشرية بالسلام والعدل والنُّبل. وحين يرى الله تعالى منّا هذه الجهود تُبذل بإخلاص؛ فإن المرجوّ أن يمنّ علينا بظهور ولي أمرنا المهدي صلوات الله عليه، هذا الإمام والقائد العظيم الذي سيحرّر البشرية جمعاء.

اللهم إنّا نسألك أن تعجّل فرج وليك المنتظر، وأن تجعلنا من خُلّص خدامه وأعوانه، والمجاهدين تحت لوائه، والمستشهدين بين يديه. اللهم إنّا نسأله أن تفرّج عن هذه الأمة المنكوبة بظهوره، وأن لا تحرمنا كرامته يا أكرم الأكرمين. وصلّ يا رب على خيرة خلقك أجمعين، محمد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن المجتبى، والحسين سيد الشهداء، وعلي زين العابدين، ومحمد الباقر، وجعفر الصادق، وموسى الكاظم، وعلي الرضا، ومحمد الجواد، وعلي الهادي، والحسن الزكي العسكري، والحجة القائم المهدي.





شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp