بيان الشيخ الحبيب استنكارا لجريمة الإرهابيين بقتل زوار الإمام الكاظم عليه السلام

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

2007 / 11 / 23

صدر عن الشيخ ياسر الحبيب البيان التالي:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

حُرّر في 26 من رجب لسنة 1426 من الهجرة الشريفة

”إنه لا يفلح المجرمون“. ”إنه لا يفلح الظالمون“. ”إنه لا يفلح الكافرون“. (يونس:17، الأنعام:21، المؤمنون:117).

نعزي سيدنا ومولانا الإمام بقية الله الأعظم خاتم الأوصياء الحجة بن الحسن المهدي (صلوات الله وسلامه عليهما وعجل الله فرجه الشريف ونحن معه) بذكرى استشهاد إمامنا موسى الكاظم (صلوات الله وسلامه عليه) وكذلك نعزي المراجع العظام وشعب الولاية والإيمان في العراق العزيز وجميع أسر الضحايا وذوي الشهداء الذين اختطفتهم يد الإجرام البعثية الوهابية الدنيئة وهم في طريق زيارتهم لسيدنا ومولانا باب الحوائج (عليه الصلاة والسلام) في الكاظمية المشرفة. وإننا بعد التعزية بهذه الفاجعة التي أقرحت قلوبنا؛ نوجّه خمس رسائل:

أولها؛ للمجرمين القتلة الظلمة الكفرة، أحفاد عمر وأبناء هارون وأيتام صدام (عليهم اللعنة والعذاب) إذ نقول لهم: إنكم لن تفلحوا! كما قال الله تعالى في كتابه الكريم. لن تفلحوا في قتل مشاعر الولاء في قلوب أهل العراق وتعطيل زحف جماهير التشيع والولاء إلى مراقد الأئمة المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين)، ولن تفلحوا في زعزعة الاستقرار وعرقلة مسيرة بناء العراق الجديد، ولن تفلحوا في محاولاتكم لإعادة النظام المقبور ومنع الشعب الشيعي العراقي من استعادة حقّه المغصوب في الحكم والإدارة. لن تفلحوا لا دنيا ولا آخرة! ”فمهّل الكافرين أمهلهم رويدا“ (الطارق“17). ولكم فرح أسلافكم من الطغاة الذين سفكوا دماء آل محمد وشيعتهم فرحة لم تدم طويلا! فهلكوا وسقطت عروشهم وذهبت أيامهم، فيما بقي الشيعة منتصرين، ويلكم ألا تعتبرون! ألم تروا صدام - بجبروته وطغيانه - وما حلّ به؟! أو تظنّون أنكم بالقتل والذبح والتفجير والإرهاب ترعبون شيعة الكرار عليه السلام؟! كلاّ والله يا أولياء الشيطان، فأبناء علي والحسين (عليهما السلام) لا يركعون ولا تستطيع أعتى قوة في الأرض إخضاعهم. ووالله إن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، فأبشروا بعذاب أليم قريبا إن شاء الله تعالى. وغدا سترون عاقبة أمركم، فإن هذا التجرؤ والتعدّي من قبلكم على حرمات الأئمة الطاهرين (عليهم الصلاة والسلام) وعلى زوّارهم الموالين سيعجّل في هلاككم ونزول النقمة عليكم. ”وانتظروا إنّا منتظرون“. (هود:122).

ثاني الرسائل؛ نوجّهها إلى أهالي الشهداء الأبرار، فنقول لهم: هنيئا لكم بأبنائكم وبناتكم وآبائكم وأمهاتكم وإخوانكم وأخواتكم الذين وافق ارتحالهم إلى السماء يوم ارتحال الطهر الطاهر موسى بن جعفر (صلوات الله عليهما) وهم بين يديه وفي طريقهم إليه! هنيئا لهم ولكم هذه الكرامة العظيمة. قصور الجنة مساكنهم إن شاء الله، واطمئنوا.. فقد عانقوا أبا الرضا ساعة نزع أرواحهم! فطوبى لهم، ويا ليتنا كنا معهم فنفوز فوزا عظيما.

ثالث الرسائل؛ إلى أهالينا وشعبنا المجاهد البطل في العراق الحبيب، فنقول: يأبى القدر إلا أن يخطّ يوما بعد يوم بأقلام من نور قصة عظمتكم وتضحياتكم في طريق الولاء أيها الأوفياء لآل محمد الأطهار (صلوات الله عليهم) وأنتم منذ القِدم أكثر شعوب التشيّع فداء له، والمؤمن كلما زيد في إيمانه؛ زيد في بلائه، كما ورد عن أهل بيت الوحي عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام. فلا يلويّنكم هؤلاء الكفرة الغدَرة عن طريقكم، وليكن ردّكم عليهم بتكثيف الزيارة للعتبات المقدّسة بأضعاف مضاعفة، ليخسأوا في مراميهم، فإنهم ظنّوا أنهم يقدرون على بثّ الرعب في قلوبكم فتمتنعوا عن الزيارة! ولا والله لا يكون ذلك أبدا، ”فلو قطّعوا أرجلنا واليدين.. نأتيك زحفا سيدي يا حسين“! وإننا ننتظر ردّكم غدا، في ذكرى المبعث النبوي الشريف، والموعد عند حامي الجار، سيف الله البتّار، أبي الحسن الكرار! ولتكن حشودكم المليونية التي تؤم كعبة الإباء والعزّة في النجف الأشرف أعظم ردّ على هؤلاء النواصب الأقذار، عبّاد الجبت والطاغوت.

رابع الرسائل؛ إلى الحكومة العراقية الحالية التي ندعوها فيها مجددا إلى تطبيق القوانين الشرعية العادلة بحق المجرمين، والاقتصاص ممّن ثُقف منهم سريعا، ليكونوا عبرة لأمثالهم، فإن التهاون الذي أبدته الحكومة تجاههم حتى الساعة هو الذي جرّأهم. ثم على الحكومة أن تحقق بدقة في ما حصل لتعرف المتسبّبين في إثارة أجواء القلق والاضطراب، وأن تحاسب الأجهزة الأمنية التي لم يكن تعاملها على مستوى المسؤولية المطلوبة، فكان سوء تعاملها مع الحدث في لحظاته الأولى موجبا لزيادة أعداد الضحايا. وعلى الحكومة من الآن فصاعدا أن لا تتراخى مع الذين يجيرون المجرمين في مناطقهم وأحيائهم، ويتستّرون عليهم، ويقدّمون الدعم المادي والمعنوي لهم، ويدفعونهم إلى الإجرام والإرهاب من وراء الستار! كما يسمى بهيئة علماء المسلمين التي بلغت وقاحة أعضائها مبلغا لم يعد بالإمكان تحمّله! فلا تأخذكم فيهم رأفة، فإنما هم أصل الفتنة ورأس الكفر! وفعّلوا القوانين وطبّقوها عليهم، وليلقَ كل واحد منهم جزاءه حسب الموازين الشرعية، فإنكم إن لم تقتطعوا جذور الفتنة فلن تنتهوا منها.

وعلى الحكومة بعد اليوم أن لا تجامل الآخرين أكثر من اللازم، فإن أرادوا المشاركة في العملية السياسية على أساس التوافق وحسب حصتهم كأقلية فبها، وإن لم يُرِدوا فعليهم أن يتحمّلوا النتائج، ولا يأتينَّ أحدهم غدا ليتباكى على قومه زاعما أنهم مهمّشون ومغيّبون! فإنهم قد اختاروا ذلك منذ اليوم الذي امتنعوا فيه عن خوض الانتخابات وعرقلة كل جهد مبذول من أجل تحقيق السلام والاستقرار في ربوع هذا الوطن الجريح. ولا يأتينّ أحدهم غدا ليتوسّل بصاحب البيت الأبيض مستنجدا ومستصرخا بعدما كان بالأمس يعتبره الكافر المحتلّ الذي يجب قتله!

خامس الرسائل؛ إلى الدول المجاورة للعراق والحكومات العربية، نقول لهم جميعا: ويحكم! أما فيكم مسلم؟! هذا الذي يجري في العراق ونزيف الدم اليومي هناك ألا يثير فيكم على الأقل الشفقة؟! إنكم تعلمون أن بلدانكم هي التي صدّرت للعراق الخراب والدمار بابتعاث الإرهابيين من شعوبكم إليها، لأنكم لا تريدون لهذه التجربة العراقية أن تنجح، فإن نجاحها يعني قيام دولة شيعية قوية ملاصقة لكم! وهذا ما لا تطيقونه! إننا نعلم هذا منكم، ونعلم أنكم سبب البلوى في العراق، تحامون عن الأقلية المنتسبة إليكم، وتفسدون على العراق كل خططه لإعادة البناء داخليا وخارجيا، وتهملون حدودكم عمدا ليتسلل الإرهابيون إليه، بل وتعدّونهم إعدادا لترسلوهم إليه! وتغذي وسائل إعلامكم نبرة إلغاء الآخر الطائفي، وما إلى ذلك من أفعال سوّدتم بها وجوهكم! ألا فاستحوا! فإنما الأيام يداولها الله تعالى بين الناس، وإن كان هذا يومكم، فغدا سيكون يومنا، ووالله لن يغفر لكم شعب العراق بعد كل المصائب والويلات التي وقعت عليه بسببكم منذ القديم، حين وقفتم مع الطاغية اللعين ضد شعبه، وموّلتموه بالمليارات وذببتم عنه ولم تكترثوا بآهات الثكالى وآنّات اليتامى!

أبقوا أنفسكم بعيدين عن العراق.. اتركوا العراق لأهله وكفّوا شرّكم عنه، وإلا فإن القلاقل ستأتيكم إلى عقر داركم، لأن من حفر حفرة لأخيه وقع فيها، وما أحداث شرم الشيخ عنكم ببعيد، فاعتبروا وتعلّموا الدرس جيدا.

نسأل الله تعالى أن يعجّل في فرج الإمام المنصوب من الله والذي سيقيم دولته من العراق وعاصمتها الكوفة، ذلك الإمام الذي هو محطّ كل الآمال.. اللهم عجّل فرجه وسهّل مخرجه واجعلنا من أنصاره وأعوانه وخلّص خدّامه وارزقنا الشهادة بين يديه يا رب العالمين.

ياســـــــر الحبـــــــيب - لندن

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp