• إن عمار بن ياسر نموذج من أروع النماذج الحربية الرافضية في البصيرة والوعي، وكان ذا بصيرة لافتة للنظر ووعي عالٍ، ولذا كان الإمام علي عليه السلام يُرجع إليه الشكاك والمترددين.
• مسيرة الحق الرافضية دائما ما تتعرض لفتنن وبلايا وفي كل يوم لها فصلٌ جديد من هذه الفصول التي تلجئ بعضا للتراجع والانكسار، ولا يكون ثابتا تمام الثبات كعمار بن ياسر الذي بعدما علّمته التجارب والمحن وصار صلبًا ثابتًا وقد تبلور فكره جيدا.
• كان يناهز التسعين عاما وقد صار مخضرمًا وصقلته التجربة، لا كغيره ممن قد يكون الذي يراه في بعض المواقف مزلزلًا لنفسه فيتراجع.
• لما كان الإمام عليه السلام في موقعة صفين مبتلى ببعض هؤلاء الشكاك والمتراجعين، كان يحيلهم إلى هذا المخضرم الناضج عمار بن ياسر رضوان الله تعالى عليه.
• في كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص321: عن أسماء بن الحكم الفزاري قال: كنا بصفين مع علي بن أبي طالب عليهما السلام تحت راية عمار بن ياسر ارتفاع الضحى استظللنا ببرد أحمر، إذ أقبل رجل يستقر الصف حتى انتهى إلينا، فقال: أيكم عمار بن ياسر؟ فقال عمار بن ياسر: هذا عمار، قال: أبو اليقظان؟ قال: نعم. قال: إن لي حاجة إليك، فأنطق بها علانية أو سرا؟ قال: اختر لنفسك أي ذلك شئت. قال: لا بل علانية، قال: فانطق. قال: إني خرجت من أهلي مستبصرا في الحق الذي نحن عليه، لا أشك في ضلالة هؤلاء القوم وأنهم على الباطل.
• فلم أزل على ذلك مستبصرا حتى كان ليلتي هذه صباح يومنا هذا، فتقدم منادينا، فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ونادى بالصلاة، فنادى مناديهم بمثل ذلك، ثم أقيمت الصلاة، فصلينا صلاة واحدة، ودعونا دعوة واحدة، وتلونا كتابا واحدا، ورسولنا واحد، فأدركني الشك في ليلتي هذه فبت بليلة لا يعلمها إلا الله! حتى أصبحت.
• بعض الناس من سذاجتهم تؤخذهم هذه المظاهر وتجرهم العاطفة، ولطالما سمعنا هذه الكلمة من بعض الناس أن لم هذه الجبهات الداخلية مع هذه الجهة أو تلك؟ ألسنا كلنا شيعة؟ ومن مرجعية واحدة؟ وما أشبه ذلك.
• تأخذ بعضهم هذه العاطفة وتستدرجهم وهو استدراج شيطاني في الحقيقة، فما كل من يصلي فهو أخونا بالضرورة في الدين، وما كل تحت مرجعيتنا أو لوائنا الرافضي من الصالحين إلى آخر المطاف.
• إياكم أن تجعلوا الاعتبارات العاطفية تطغى على اعتباراتكم المبدئية، بل ينبغي أن يكون لكم مقياسا واحدا تقيس به الناس قريبهم وبعيدهم، ولا تبالي حينئذ بالنتيجة من الذي وقع عليه الحق.
• قال أمير المؤمنين عليه السلام: إنما علينا أن نأمركم بما أمركم الله به، وأن ننهاكم عما نهاكم الله عنه، وأن نقيم أمر الله في قريب الناس وبعيدهم لا نبالي فيمن جاء الحق عليه.
• تكملة الرواية: فأتيت أمير المؤمنين فذكرت ذلك له، فقال: هل لقيت عمار بن ياسر؟ قلت: لا، قال: فالقه فانظر ما يقول لك فاتبعه. فجئتك لذلك. قال له عمار: هل تعرف صاحب الراية السوداء المقابلة لي فإنها راية عمرو بن العاص، قاتلتها مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث مرات، وهذه الرابعة ما هي بخيرهن ولا أبرهن، بل هي شرهن وأفجرهن.
• في السابق كانت تلك الراية تحت شعار اللات والعزى وهبل، والآن تحت شعار الإسلام، إلا أنها شر من تلك، لأنه إذا كانت الراية تحت شعار الإسلام لكنها في الحقيقة راية شرك وكفر ووثنية وجاهلية فلاشك حينئذ أنها راية أشر وأفجر.