ظهور النواصب الجدد خير!

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
ظهور النواصب الجدد خير!

17 شهر رمضان 1446

الشيخ:

المذهب البكري مذهب التنافر الداخلي حيث تتصادم فيه أمواج التناقض والتضاد، لذا فإن كل من يتعمق فيه من أبنائه بغرض تمتين اعتقاده لا بد أن يصل إلى نقطة الانفجار التي تلجئه إما إلى التخلي عن هذا المذهب كلية أو اصطناع نسخة منقحة منه لنفسه يراها خالية من التنافر. أما ذاك الذي يختار البقاء على هذا المذهب مع ما فيه من تنافر؛ فلا يمكن أن يكون إلا ممن يكابر أو يعطِّل عقله أو يخادع نفسه على غير يقين ولا راحة ضمير.

ومن أبرز ما في هذا المذهب المبتدع من تنافر؛ الجمع بين تولي أمير المؤمنين عليه السلام وتولي أضداده، والترضي عنهم جميعا بما يجعل الثكلى تضحك بل وتقهقه! ذلك لأن البكري يلجأ في هذا إلى التعامي عن دلائل القرآن ومسلمات الحديث وحقائق التاريخ، أو تأويلها تأويلات بعيدة عن العقل والمنطق.

هذا إذا اختار البكري البقاء متعاميا مكابرا، إلا أن كثيرا منهم سئمت أنفسهم من ذلك فوصلوا إلى نقطة الانفجار التي جعلتهم يختارون التشيع والرفض، بعد إذ آمنوا بما نادى به سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الطاهرين من الوصية باتباع علي عليه السلام والتأكيد على أن الحق معه يدور حيثما دار وأن كل من أبغضه منافق خارج عن الإيمان.

في قبال هؤلاء؛ اتخذ آخرون من البكرية طريقًا أخرى، وهي طريق اصطناع نسخة منقحة من المذهب لإزالة هذا التنافر، فاختاروا قطع الصلة بأمير المؤمنين عليه السلام والتخلي عن موالاته أصلا! والعودة بالمذهب البكري إلى ما كان عليه في بداياته الأولى من النصب والعداوة له. هذا لأنهم أدركوا أنه لا يمكن الجمع حقا بين موالاته وموالاة أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وحفصة ومعاوية وأضرابهم، لما كان بينه عليه السلام وبينهم من التنافر والتضاد الجلي، حتى سُلَّ السيف وجرت الدماء ووقع الشرخ الذي لا التئام له حتى تقوم الساعة لأن الأمر دين! ولأن الجمع بين علي وأضداده كالجمع بين الماء والنار في إناء واحد، فإما أن تنطفئ النار أو يتبخر الماء!

هؤلاء كالذين ترفضوا من أهل ملتهم، أبت عقولهم الجمع بين موالاة الطرفين بذلك الادعاء التخيلي السخيف الذي يعلِّق وقوع الشرخ على طرف سبئي ثالث أو على اجتهاد لا يقدح بكون الجميع رحماء بينهم مع كل ما كان بينهم من تباغض وتلاعن وتحارب! إلا أن هؤلاء يفترقون عن أولئك الذين ترفضوا منهم في أن أولئك اختاروا عليا وفاطمة وآل محمد الأطهار عليهم السلام، وهؤلاء اختاروا أبا بكر وعمر وعائشة وآل أمية الأقذار!

وإني لأذكر مداخلة أحد هؤلاء في إحدى جلساتنا البحثية حيث صبَّ لعنته على أحمد بن حنبل إذ يحمِّله مسؤولية تحريف المذهب البكري بالاعتراف بعلي خليفة رابعا!

ولئن كان ظهور هؤلاء النواصب الجدد باعثا على الاشمئزاز لما يتكلمون به من إفك ودناءة التطاول على مقام مولى الموحدين وأبنائه الميامين وأصحابه الخيرين عليهم السلام؛ فإنه من جهتين نراه من باب: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ).

أما الجهة الأولى؛ فإنهم يبرزون حقا ما كان من تنافر وتضاد بين أمير المؤمنين عليه السلام وبقية أولئك الخائنين من الأصحاب، وهذا خير لأنه يوقف المسلم على هذه الحقائق التي تصدمه وتجعله بين خيارين لا ثالث لهما: إما مع علي وإما مع غيره! ولا نحسب أن عامة المسلمين يختارون أحدا على علي وأهل البيت الطاهرين عليهم السلام.

وأما الجهة الأخرى؛ فإن هؤلاء النواصب الجدد يعالجون بمعالجات تافهة مضحكة ما يصادم اعتقادهم من دلائل القرآن وثوابت الحديث وحقائق التاريخ، حتى بلغ بهم الأمر حد الجحود التام! وهذا خير لأنه يزيد المسلم استخفافا بهم ويزيدهم نفورا من بدعتهم الناصبية الأموية التي يريدون إحياءها.

وهكذا يكون الخير في شر هؤلاء أنهم لا يتكلمون على أمير المؤمنين عليه السلام بإفك حتى يعود عليهم كالريح العاصفة التي تقتلع جذورهم كاشفةً ما أسرُّوه من عظمة أبي الحسن وحقارة مناوئيه! تاركة وراءها بقايا الأمويين هؤلاء صرعى على مذابح الجحود والمعالجات المهترئة!

وللكلام صلة إذ سنعرض شواهد من ذلك إن شاء الله تعالى، فترقب.

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp