21 شهر رمضان 1446
الشيخ:
كل ما يطنطن به النواصب الجدد في إفكهم على أمير المؤمنين عليه السلام بأنه ومن معه كانوا - والعياذ بالله - هم الفئة الباغية لا معاوية ومن معه؛ يزهق عند مذبح قوله صلى الله عليه وآله: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية»!
والمذبوح كثيرا ما يُرى في آخر لحظاته يرتعش ويهذي في صراخ واستصراخ وكأنه يرقص على حافة السيف ملتقطًا أشلاء الأوهام يحسبها فتائل حبلٍ للنجاة! لكن أنّى له! فالسيف هاوٍ على أم رأسه على كل حال! وهكذا هي حال النواصب الجدد، فقد مرَّ معنا زعمهم أن البخاري لم يخرج (هذه الزيادة) لخلو بعض النسخ المخطوطة منها، فإذا بنا نرى ثبوتها في أكثر النسخ المصدَّقة المعروفة كما أثبته المتضلعون منهم في دراساتهم التحقيقية.
أما لماذا خلت بعض نسخ البخاري من هذه العبارة الخطيرة الحاسمة واقتصرت على قوله صلى الله عليه وآله: «ويح عمار يدعوهم إلى الجنة [أو: إلى الله] ويدعونه إلى النار. قال: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن»؟
لهذا تفسيران، يبرئ أحدهما البخاري، ويدينه الآخر.
أما الذي يبرئه فيقول بكل سذاجة: إن (هذه الزيادة) لعلها لم تقع للبخاري! ولا يخفى أن ليس لعاقل تصديق ذلك بعد العلم بما كان عليه البخاري من تبحر في العلم بحديث القوم وطرقهم، حتى أنه يدعى أنه حفظ ثلاثمئة ألف حديث بما فيها ما لم يكن صحيحا! وأنه جمع ستمئة ألف حديث انتقى منها ما ضمّنه صحيحه! فمحالٌ مع السعة الكونية هذه أن لا يسمع بهذه العبارة وأن تفوته في طريقيْه مع كونها صحيحة مشهورة بل ومتواترة. والذي يصدق هذا التفسير الساذج لا بد له من تكذيب أن البخاري.. هو البخاري الذي نعرفه!
بقي إذن التفسير الآخر؛ وهو أن البخاري كان عالما بالحديث بتمام ألفاظه، وقد حدّث به وأملاه فحوته النسخ الخطية الأولى من صحيحه، إلا أنه لمّا أدرك ما يمثله هذه الحديث من أزمة للمذهب البكري؛ تصرَّف فيه فحذف (هذه الزيادة) عمدا!
والذين اعتبروا البخاري مشتَبَهًا به في ارتكاب هذه الجريمة ليسوا الرافضة حتى يقال أنهم متحاملون عليه ولا عبرة بما قالوا؛ وإنما هم أولياء البخاري من كبار كهنة المذهب البكري! فهذا الحافظ ابن حجر ينقل في (فتح الباري) كلام الحافظ الحميدي ابن أبي نصر، فيقول: «واعلم أن (هذه الزيادة) لم يذكرها الحميدي في الجمع، وقال: إن البخاري لم يذكرها أصلا، وكذا قال أبو مسعود. قال الحميدي: ولعلها لم تقع للبخاري، أو وقعت فحذفها عمدا»!
ولو رجعنا إلى (الجمع بين الصحيحين) للحميدي لوجدنا عبارته الأصلية هكذا: «في هذا الحديث (زيادة مشهورة) لم يذكرها البخاري أصلا في طريقيْ هذا الحديث، ولعلها لم تقع إليه فيهما، أو وقعت فحذفها لغرض قصده في ذلك»!
فيا ترى ما يكون غرض البخاري الذي ارتكب هذه الخيانة فحذف متعمدا هذه العبارة النبوية الساطعة في برهانها؟! أليس هو التستر على إمام الفئة الباغية؛ سيده معاوية؟! أليس هو خوف أن تكون كلمة النبي صلى الله عليه وآله خنجرا في صدر مذهب البخاري المهترئ؟!
وإن الذي تابع جلساتنا البحثية، واطلع على سلسلتنا بعنوان: (أهل السنة أم أهل الخدعة)؟ لن يكون له هذا الكلام صادما أو غريبا، فلقد كُشِفَ البخاري في هذه البحوث على حقيقته من شواهد كثيرة، وهو أنه رجل محتال دجال، يتلاعب بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله كما يحلو له حتى يستر عورات ومثالب سادته وكبرائه الذين أضلوه السبيلا!
نعم؛ قد تبرّع ابن حجر بالترقيع له في هذه بكلام متهافت لسنا الآن في صدد التعرض لما فيه من بطلان خوف الإطالة، فلعلنا نرجئه إلى قريب بإذن الله تعالى. غير أن الذي يجدر أن نثبته هنا، أن النواصب الجدد أرادوا لها تكحيلا فأصابها العمى! فلولا أنهم ضربوا على طبل أن البخاري لم يخرج (هذه الزيادة) أملا في تكذيبها والتخلي عن صدق نطق النبي صلى الله عليه وآله بها؛ لما توفر الداعي لكشف جناية البخاري (المغرض) فيها إذ وقعت له وحدَّث بها ثم حذفها عمدا «لغرض قصده في ذلك»!
والحمد لله! فما زالت الناصبة تجني على نفسها كما جنت على نفسها براقش! وما ذلك إلا لأنها حسبت أن كلمات سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الطاهرين؛ تشبه - عياذا بالله - خيوط العنكبوت، ويمكن تقطيعها بمخالب الأهواء! هيهات هيهات! إنه ليغيب عن هؤلاء الحقراء أن الحق لا يدفن في رماد الخيانة والتلاعب، فمهما حذفوا من كلمات، ومهما لوَوْا من سياق، ومهما أوَّلوا من دلالات، ستظل (تقتله الفئة الباغية) لطمة على خد البكرية والناصبة إلى أبد الدهر! تذكِّرهم بأن معاوية وأتباعه هم سادة النار؛ وأن عليا وعمارا وأصحابهما عليهم السلام؛ هم سادة الجنة!
وللكلام صلة تأتي إن شاء الله تعالى.
الشيخ:
— الشيخ ياسر الحبيب (@Sheikh_alHabib) March 22, 2025
كل ما يطنطن به النواصب الجدد في إفكهم على أمير المؤمنين عليه السلام بأنه ومن معه كانوا - والعياذ بالله - هم الفئة الباغية لا معاوية ومن معه؛ يزهق عند مذبح قوله صلى الله عليه وآله: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية»!
والمذبوح كثيرا ما يُرى في آخر لحظاته يرتعش ويهذي في صراخ… pic.twitter.com/LIWpHUh7i6