أبناء زواني .. كذا حكم شيخ البخاري على علمائهم!

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
أبناء زواني .. كذا حكم شيخ البخاري على علمائهم!

22 شهر رمضان 1446

الشيخ:

انقسمت الفرقة البكرية في التعامل مع الحديث النبوي الخطير الذي يقول: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية» إلى قسمين:

الأول؛ وهم الأكثر، اتجهوا إلى التهوين من دلالته بدعوى أنه لا يقدح بعدالة معاوية وأصحابه فهم عدول وإن كانوا بغاة! وكما يقال في المثل العامي الدارج: (عنزة ولو طارت)!

الآخر؛ وهم الأقل، اتجهوا إلى إنكار صدوره أصلا أو التشكيك في صحته وانطباقه! ومن هؤلاء مَن تطرَّف إلى حد قذف الأعراض! وهو إمامهم الثقة؛ قاضي الشام في زمانه، عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي المشهور بدُحَيم، فقد حدّثوا عنه أنهم لمّا ذكروا في مجلسه أن الفئة الباغية هم أهل الشام؛ انتفض فقال: «من قال هذا فهو ابن الفاعلة»!

ولا عجب أن تسمع هذا القذف القبيح من رجل كان مولى لبني أمية أخس البشر أخلاقا وأكثرهم دنسا ودناءة، إنما العجب غفلة كهنة البكرية عن شطب هذه الكلمة منه، لا لإبقاء وثاقته وعدالته التي اخترمت بهذه الكبيرة؛ بل لمنع الرافضة من اقتناص هذه الكلمة وصفعهم بها بالقول: هو ذا قاضيكم العدل دُحَيْم قد قضى على أئمتكم جميعا بأنهم أبناء زواني! ذلك لأنهم - كما ورد في (التذكرة للقرطبي) - أجمعوا على أن أمير المؤمنين عليا عليه السلام مصيب في قتال أهل الجمل وأهل صفين، وأن الذين قاتلوه بغاة ظالمون له، ومن هؤلاء الأئمة المجمعين: أبو حنيفة ومالك والشافعي والأوزاعي، وهذا الأخير هو إمام دُحَيْم في المذهب!

أما دُحَيْم فهو شيخ البخاري! ومن هنا تعرف لماذا كان البخاري من الفريق الآخر حيث حدَّث أولا بحديث «ويح عمار» بتمامه، إلا أنه عاد وحذف «تقتله الفئة الباغية»! ذلك لأن الرجل متأثر بشيخه، وشيخه ذو نزعة ناصبية! فإن الذهبي في ترجمته عندما أتى على ذكر هذه الحكاية الشنيعة عنه في قذف الأمهات؛ قال: «قلتُ: هذه هفوة من نصب»!

والمهم هنا أن نقول: إن قوله صلى الله عليه وآله: «تقتله الفئة الباغية» إن كان هيِّنًا لا يسقط عدالة ذي الأستاه وحزبه من الطلقاء واللعناء؛ لما كان مثل البخاري يضطر إلى حذفه من صحيحه! فإنه لم يحذفه إلا لأنه وجد فشل كل محاولة تهوُّن من دلالته أو تخفف من وطأته، وأنه لا محالة يُخرج ابن آكلة الأكباد من دائرة العدل والاحترام.

وهكذا ينفعنا البخاري أيضا حتى حينما يبتر الأحاديث ويحرّفها! فإن هذه الأفعال المعيبة منه؛ هي بحد ذاتها تدل أولي الألباب على أن وراءها أمرا جللًا لا هيِّنا كما يقول السخفاء! وكيف يكون هيِّنًا والنبي الأعظم صلى الله عليه وآله يقول: «يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار»؟! أترى الذي يدعو إلى النار يكون عدلًا تقيًّا؟! (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ؟ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)؟ (وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ)؟!

إن كهنة البكرية الذين تمرَّسوا في الكذب والتحريف كالبخاري؛ لا يعلمون أن أفعالهم هذه تغدو سهامًا ترجع إلى صدر مذهبهم! ولا يدركون أن الحق لا يُطوى، فإن نوره يتفجر من شقوق الكذب والتحريف كما يتفجر النبع من صدوع الصخور!

وللكلام صلة إن شاء الله تعالى.

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp