تصريح أمير المؤمنين بعداوة أبي بكر وعمر
كنا قد بدأنا منذ المحاضرة السابقة بهذه السلسلة البحثية بعنوان بيان آل محمد في أعدائهم، وذكرنا مجموعة من المقدمات أن هذا التراث العظيم وهو أقوال أهل البيت عليهم السلام وشكاياتهم وبياناتهم في أعدائهم وآهاتهم الذي نحن بأنفسنا حجرنا عليه وغيبناه بسبب الإنهزامية والخوف، أثبتنا في تلك المقدمات وجوب الجهر بالحق إجمالا وذكرنا أن الصادع به حسب النصوص الشرعية الكثيرة والمستفيضة هو مجاهد في سبيل الله عز وجل ..
سنبدأ بأولى الأحاديث التي انتقيناها للشرح والبيان وكنا قد تلونا جزءا منها في البداية هذا الحديث رواه إبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي رضوان الله تعالى عليه، كما تعلمون فإن كتاب سليم بن قيس يمكن أن يقال فيه أنه الكتاب الحاوي لأسرار آل محمد )صلوات الله وسلامه عليهم( وهو خلافا لمن يحاول التشكيك فيه والبحث في هذه المسألة يطول، هذه الرواية التي سنرويها هي رواية معتبرة ..
قال سليم : (شهدت عليا عليه السلام حين عاد زياد بن عبيد بعد ظهوره على أهل الجمل وأن البيت لممتلئ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله) ..
أمير المؤمنين بعدما انتهى من معركة الجمل وهزم جيش عائشة وطلحة والزبير دخل الأمير فاتحاً البصرة وهناك عاد زياد بن عبيد وهو نفسه زياد بن أبيه يسمى سابقاً زياد بن عبيد وبعد ذلك أطلق عليه زياد بن أبي سفيان بعد إستلحاق معاوية له وكان زياد في ظاهر أمره في عداد الذين يتبعون أمير المؤمنين ولكنه لم يكن من شيعته إنما من جملة هؤلاء الذين يطلق عليهم أهل العامة، مبناهم أن الذي يكون على رأس السلطة يوالوه، فجاء أبوبكر فوالوه ثم جاء عمرفوالوه ثم جاء عثمان فوالوه، ولكن حينما جاء عليّ عليه السلام فأولئك الذين خضعوا للمنطقة الجغرافية التي يحكمها علي والوه عليه السلام، ولكنهم لم يكونوا معتقدين بإمامته ومتبصرين بولايته وزياد من جملة هؤلاء، وعندما ذهب الإمام لعيادته لم يكن إكراماً له بل لمصالح أخرى ستظهر من خلال قراءة الرواية ..
شكاية أمير المؤمنين عليه السلام من أبي بكر وعمر :
سليم يقول : ((شهدت علياً حينما عاد زياد بن عبيد بعد انتصاره على أهل الجمل وأن البيت لممتلئ من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفيهم عمار بن ياسر وأبو الهيثم وأبو أيوب الأنصاري وجماعة من أهل بدر نحو من سبعين رجلاً ، وزياد في بيت عظيم يشبه البهو إذ أتاه رجل بكتاب لأحد رجال الشيعة بالشام الموالين القاطنين بالشام تحت حكم معاوية، وكان عيناً للإمام في الشام، قال: إن معاوية استنفر الناس ودعاهم إلى الطلب بدم عثمان يقولون يا لثارات عثمان وكان فيما يحضّهم به أنه قا : إنّ علياً قتل عثمان وآوى قتلته ، وأنه يطعن على أبي بكر وعمر ويدّعي أنه خليفة رسول الله وأنه أحق بالأمر منهما، فنفرت العامة والقرّآء واجتمعوا على معاوية إلا قليلا منهم )).
فهنا إن جاز التعبير تفتحت قريحة الإمام وبانت آهاته وشكاياته ((قال: فحمد الله وأثنى عليه، أما بعد، ما لقيت من الأمة بعد نبيها منذ قبض (صلى الله عليه وآله)، قال: فأقام عمر وأصحابه أبا بكر فبايعوه، وأنا مشغول بغسل رسول الله وكفنه ودفنه أقاموا أبا بكر فلولا عمر لما أصبح أبوبكر خليفة هو الذي أقامه خليفةً وحاكماً وما فرغت من ذلك حتى بايعوه وخاصموا الأنصار بحجتي وحقي)).
تعلموا أن الأنصار أرادوا أن ينصبوا سعد بن عبادة ولما جاء أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح في السقيفة خاصموهم، من ذا الذي ينازعنا في سلطان محمد ونحن عشيرته وأهله نحن من قريش لا من الأوس ولا من الخزرج فنحن أحق بالخلافة - يقول الإمام عليٌ عليه السلام : (( وخاصموا الأنصار واحتجوا بحجتي، والله إنه ليعلم يقينا والذين ظاهروه -يرجع الأمرإلى عمر دون أبي بكر- أني أحق بها من أبي بكر)) ..
(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسۡتَيۡقَنَتۡهَا أَنفُسُهُمۡ)
المهاجرين والأنصار يخذلون الإمام:
((فلما رأيت اجتماعهم على أبي بكر وتخاذلهم عني وتركهم إياي ناشدتهم الله عز وجل وحملت فاطمة على حمار وأخذت بإبني الحسن والحسين لعلهم يرتدعون فلم أدع أحد من أهل بدر ولا من أهل السابقة من المهاجرين والأنصار إلا دعوتهم إلى نصرتي وناشدتهم الله حقي فلم يجيبوني ولم ينصروني، أنتم تعلمون يا معاشر من حضر من أهل بدر أني لم أقل إلا حقا -فكيف ردوا عليه؟!- قالوا: صدقت يا أمير المؤمنين وبررت سنستغفر الله. وكان الناس قريبي عهد بالجاهلية فخشيت فرقة أمة محمد واختلاف كلمتهم إذا أشهرت السيف في هذا الموضع، والنبي لحينه استشهد لترى الأعراب والأمم ذلك فيرتدون عن دين الله أفواجا، ولوصي رسول الله الصبر، فسكتُّ وصبرتُ وخشيتُ فرقة أمة محمد واختلاف كلمتهم وذكرت ما عهد إليّ رسول الله، لأنه أخبرني بما صنعوا وأمرني إن وجدت أعوانا جاهدتهم وإن لم أجد كففت يدي وحقنت دمي. فالإمام بعدما حاجج أبا بكر خرج من المسجد وقال:
(والله لو أن لي أنصار بعدد الشيات لأزحت إبن آكلة الذبان عن ملكه، أُنزله عن السلطة ومنبر رسول الله)
الذي حدث أنً جماعة جاءوا للإمام عليه السلام فقالوا له: ((نحن ننصرك، قال لهم الإمام إذا كنتم صادقين تعالوا غداً بالساعة المعينة محلقي رؤوسكم مستعدين للحرب، ما جاء منهم إلا ثلاثة والرابع عمار جاء متأخر حتى أمير المؤمنين عاتبه، قال: أما تصحو من نومة الغفلة -الظاهر أنّ عمار كان نائماً فعاتبه الإمام، ما جاء إلا هذا العدد فكيف يقوى على النهوض؟!- ثم ردها أبو بكر إلى عمر وليعلم يقينا أني أحق بها من عمر فكرهت الفرقة فبايعت وسمعت وأطعت بعدها جاء أبي بكر وأوصى بالخلافة إلى عمر ، قال عمر: أيها الناس اسمعوا وأطيعوا لخليفة رسول الله، فأرجع أبوبكر الخلافة لعمر، ثم جعلني عمر سادس ستة فولى الأمر بن عوف فخلى بإبن عفان فجعلها له على أن يردها عليه ، ثم بايعه فكرهت الفرقة والإختلاف)) .. بعدما طُعن عمر بيد أبو لؤلؤة رضوان الله تعالى عليه ..
عمريشكّل مجلسا كارتونياً :
شكل مجلساً كارتونياً مضحكاً من أهل الشورى على أساس أن يختاروا خليفةً عليهم، عبدالرحمن بن عوف جعل عثمان خليفةً على أساس أن يردها عليه غداً إذا انتهت مدة عثمان وجاءه الموت فعليه أن يرجع الخلافة إلى عبدالرحمن بن عوف ... قضية مقايضة، ثم إن عثمان غدر بإبن عوف وزواها عنه فبرء منه إبن عوف وقام خطيباً فخلعه كما خلع نعله، ثم إن عثمان أتى ببني أمية وجعلهم متحكمين بالمسلمين وأموالهم، وإبن عوف وأمثاله اضطروا أن يجلسوا في بيوتهم، فقام خطيباً وقال: أخلع عثمان كما أخلع نعالي هذا، فقتله عثمان، فمات إبن عوف وأوصى أن لا يصلي عليه عثمان، وزعم أبناء عبدالرحمن بن عوف وقالوا: موتة أبينا لم تكن ميتة طبيعية وإنما قتل بالسم، ثم قُتل عثمان وراح إلى جهنم واجتمع الناس ثلاثة أيام يتشاورون في أمرهم، كل الأنصار خرجت على عثمان بسبب جوره وظلمه الشنيع الذي سطره التاريخ، على أية حال الناس خرجت عليه وقتلوه وتشاوروا ثلاثة أيام ينصبون خليفة إلى أن جاءوا إلى أمير المؤمنين طواعية لا كرهاً، تذكروا أن بيعة أبي بكر ما كانت طواعية وإنما كانت تحت السيف من خلال جحافل عسكرية تجبر الناس على البيعة كبيعة عمر وعثمان وما تمت بيعة بالإسلام حقيقية إلا بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، الناس هرعت إليه طواعية ((ثم جاؤوني فبايعوني طائعين غير مكرهين ثم إن الزبير وطلحة أتياني يستأذنانني بالعمرة فأخذت عليهما أن لا يبغيا عليّ ولا يحيكان مؤامراتٍ ضدي، ثم توجها إلى مكة فسارا بعائشة إلى أهل مدرة [بلدة فقيرة معظم بيوت أهلها من الطين- يقصد الإمام البصرة] ، أهل مدرة كثيرٌ جهلهم قليلٌ فكرهم لينكثوا بيعة أمير المؤمنين واستحلال دمه ))..
يقول سليم : ((ثم ذكر عائشة وخروجها من بيتها وما ركبت منه، بدأ الإمام يذكر مخازي عائشة فقال عمار: يا أمير المؤمنين كف عنها فإنها أمك فترك الإمام ذكرها وذهب في موضوع آخر ثم عاد في ذكرها وقال أشد فيما قال)) ..
عائشة اول إمرأة إرهابيه في التاريخ :
أولاً هذه المرأة خارجية ملعونة ناصبية، هل تعلمون أن جيش طلحة وعائشة والزبير وجيش البصرة حينما أرادوا تصفية الشيعة كانوا يأخذون فتاوى القتل من عائشة أي إنسان موالي لعليّ اقتلوه، فتاوى القتل والإرهاب كانوا يأخذونها من عائشة، عائشة أول إمرأة إرهابية في التاريخ الإسلامي ومن أراد أن يتأكد فليرجع إلى التاريخ الذي سجل وحشيتها وجرائمها.
إبتلاء الأمة بعائشة :
فقال عمار: ((يا أمير المؤمنين كف عنها فإنها أمك فأعرض عن ذكرها ثم عاد الثالثة فقال أشد مما قال، فقال عمار: كف عنها فإنها أمك فقال عليه السلام: كلا إني مع الله على من خالفه وإن أمكم ابتلاكم الله بها ليعلم أمعه تكونون أم معها؟!))
هناك أمرين مهمين جدا ، الأمر الأول :
عمار يقول كف عنها لأنها أمك أم المؤمنين، فأمير المؤمنين بعد ثلاث مرات يضع قاعدة ويقول: كلا إني مع الله على من خالفه أيا كان ليس هناك مشكلة سواء كانت زوجة رسول الله أو صاحب رسول الله أو إبن رسول الله إذا افترضنا مثلاً نبي الله نوح عليه السلام .. ليس هناك مشكلة أفضحه لإعتبارات لا دخل لها في مسألة الولاية والبراءة.
أم المؤمنين خصوصية تحريمية :
ماذا يعني أم المؤمنين غاية مافي الأمر خصوصية تحريمية لا خصوصية شرفية أي أنهن بمثابة أمهاتكم لا يجوز الزواج منهن لا منصب شرفي معين في الإسلام، والدليل أن عائشة تعترف أن إمرأة سلمت عليها وقالت: السلام عليكم يا أماه، فقالت: لست بأمك أنا أم رجالكم لا نسائكم، يعني خصوصية تحريمية لا تشريفية، فلقب أم المؤمنين ليس بلقب أمير المؤمنين. مع هذا كله عائشة مسلوب منها هذا اللقب في قضية مفصلة إذ الرسول (صلى الله عليه وآله) سلبه منها ، كن مع الله على من خالفه حتى لو كانت عائشة ..
الأمر الثاني : (إن أمكم ابتلاكم الله بها ليعلم معه تكونون أم معها) وهنا جواب على سؤال يطرحه الكثيرون ..
الجواب: جعلها الله زوجة للنبي ابتلاكم بها ليعرف مع من تكونون مع الله أم مع هذه المرأة، مثلما ابتلى الله الأمة بزوجة موسى عليه السلام مثلما ابتلى الله الأمة بآل أمية قال تعالى:
( وَمَا جَعَلۡنَا الرُّؤيَا الَّتِى أَرَيۡنَاكَ إِلاَّ فِتۡنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الۡمَلۡعُونَةَ)
تزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأمر من الله عز وجل حتى يختبرنا، الذي يوالي عائشة اليوم سقط بالإختبار والذي يتبرأ منها نجح بالإختبار، تلاحظ أن عمار أكثر من مرة يبدي الإعتراض على أمير المؤمنين، هل يعقل ذلك؟ في قضية تنفيذية يعني عمار تعمّد ذلك إياك أعني فاسمعي يا جارة أراد إستدراج أمير المؤمنين بالكلام وكأنه إتفاق مسبق وإلا عمار أجل وأعظم من أن يعترض على إمامه، مثلما يستخدم الله سبحانه وتعالى هذا الأسلوب في القرآن الكريم
(عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمۡ)
الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله)، الله سبحانه وتعالى يعاتبه، يعني لماذا أذنت لهم أن يتخلفوا عن الغزوة آية ظاهرها العتاب واقعها تبيان الحق، ثم ذكر عليّ (عليه السلام) بيعة أبي بكر وعمر وعثمان ..
الرسول الأكرم لم يترك الأمر شورى:
فقال : ((لعمري لأن كان الأمر كما يقولون ولا والله ما هو كما يقولون ثم سكت، فقال له عمار: وما يقولون ]هنا يظهر دور عمار أكثر حتى يلقي الإمام الحقيقة[ يقولون أن رسول الله لم يستخلف أحداً وأنهم إنما تركوا ليتشاوروا فيما بينهم، ففعلوا غير ما أمروا به)).
وقول أمير المؤمنين عليه السلام: (لعمري إن كان الأمر كما يقولون أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يستخلف أحداً، إنما ترك الأمر شورى)
ليس كما يقولون ولكن على فرض فإنهم ناقضوا أنفسهم ولم يعملوا بالشورى (فقد بايعوا أبا بكر من دون شورى وإنما كانت بيعة عمر وأبو عبيده الجراح لأبي بكر ]القضية قضية طائشة فقد بايع القوم أبا بكر[ عن غير مشورة ولا رضاً من الناس ثم أكرهوني أنا وأصحابي وشيعتي على البيعة ثم جعلها عمر شورى بين ستة أفراد وأخرج جميع الأنصار والمهاجرين منها، يقول إن عمر خلال هذه الأيام وهم يتشاورون كان صهيب يصلي بالناس وإن مضت ثلاثة أيام ولم ينصب القوم خليفة أن تضرب رقابهم وإن اجتمع أربعة وخالف اثنان أن يقتلوا اثنين، الشورى لم تتحقق كل هذه البيعة قضية إكراه وقتل وتهديد فأزاحوا الخلافة عني إذا قلتم أن الخلافة بالشورى فخالفتم وإذا قلتم أنها بالنص فأنا الذي عينت من قبل رسول (الله صلى الله عليه وآله)، ثم قال :
إن موسى قال لهارون :
( يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي )
وأنا من نبي الله بمنزلة هارون من موسى عهد إليّ رسول الله إن ضلت الأمة بعده واتبعت غيري أن أجاهدهم إن وجدت أعواناً وإن لم أجد أن أكف يدي وأحقن دمي وأخبرني بما تُحدث الأمة من بعده ]يقول أنا لم أجاهد حتى لا أفرق بين الأمة عين ما صنع هارون[ فلما وجدت أعواناً بعد قتل عثمان على إقامة أمر الله لم يسعني الكف، فنفضت يدي فقاتلت هؤلاء الناكثين ]عائشة وطلحة والزبير[ وأنا غداً مقاتل القاسطين بأرض الشام بأرض صفين ثم بعدها بأرض يقال لها النهروان أمرني الله أن أقاتلهم في هذه المواطن الثلاث ]وهذا دليل على أنه متصل بالوحي[ ، وكففت يدي لغير عجز ولا جبن ولا كراهية للقاء ربي ولكن طاعة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وحفظ وصيته)) ..
حفظ الإمام وصية رسول الله :
نقطة مهمه كثيرين يعترضون وخصوصاً من إتبع الضال المضل (المدعو محمد حسين فضل الله لعنه الله محيي المدرسة البترية) يقولون كيف تقولون أن الإمام رأى حرمته تُضرب ولم يرفع السيف هل هو جبان هذا هو الجواب ..
(وكففت يدي لغير عجز وجبن ولا كراهية للقاء ربي ولكن طاعة لرسول الله وحفظ وصيته)
شاء الله أن يرى الزهراء في ذلك الموضع كما قال الحسين (عليه السلام) : (شاء الله أن يراكن سبايا)، إذاً الله عز وجل أراد أن تتحمل فاطمة (عليها السلام) هذه المصيبة كما أراد الله عز وجل أن تتحمل آسية إمرأة فرعون العذاب، ليس لهوانها على الله عز وجل ولاعلى رسوله الكريم وأمير المؤمنين، وإنما جزء من ابتلاء الله -ما كففت يدي خوفاً وإنما طاعةً لذلك-ذكرنا أنه ((حينما صاحت السيدة فاطمة (عليها السلام) انقض أمير المؤمنين على عمر وجعل وجه عمر تحت قدميه وقال: يا ابن صهاك لولا عهدٌ من الله لعلمت أنك لا تدخل بيتي ولقلعت الذي فيه عيناك)) فلا يأتينا أحد جاهل يأخذ هذه الحجة لإنكار قضية الزهراء فليتدبر النصوص (فلما وجدت أعوانا نظرت فلم أجد بين السبيلين) يعني ما وجدت إلا طريقين (إما الجهاد في سبيل الله أو الكفر بالله والجحود بما أنزل الله والإرتداد عن الإسلام ولست أنا بالذي يصنع هذا الصنيع وقد أخبرني رسول الله أن الشهادة من ورائي وأن لحيتي ستخضب من دم رأسي وأن قاتلي رجل أحيمر أشقى الأولين والأخرين يعدل عاقر الناقة ويعدل قابيل قاتل هابيل وفرعون الفراعنة والذي حاج إبراهيم في ربه نمرود ورجلين من بني اسرائيل بدلا كتابهم وغيرا سنتهم) ..
أبوبكر وعمر أول من بدل دين الله :
إثنين هما اللّذان هوّدا اليهود، أمير المؤمنين يكمل الرواية، ثم قال لي : (ورجلين من أمتي سيصنعان صنيع ذلك الرجلان يحرّفان الدين والكتاب، ثم قال عليه السلام: إن عليهما خطايا أمة محمد، إن كل دم يُسفك إلى يوم القيامة ومال يؤكل حرام وفرج يغشى حرام وحكم يجار فيه فعليهما إثم ذلك من غير أن ينقص إثم من عمل به شيء ]فكل مظلمة وقعت منذ يوم السقيفة إلى يومنا الحالي تقع عليهما[ حتى الزنا وشرب الخمر والمال المسروق والقتل إلى يوم القيامة لأنهما هما من أسسا أساس الظلم والجور)
نقول يوم القيامة لولا أبو بكر وعمر الذين أزاحا أهل البيت عن الحكم لما وقع علينا هذا الجور، مثلا : نحن في هذا الزمان نعيش بحكم الإمام المهدي، ولولا أن الحكم انحرف عن مساره الحقيقي لما وصل الحكم إلى صدام وغيره، فأول وزر يقع على هؤلاء الملعونين ثم على المذنب، لذلك نقرأ في زيارة عاشوراء اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد لأنهم هم من أسس أساس هذا الظلم والجور.
وجوب لعن ابو بكر وعمر والبراءة منهما:
قال عمار يا أمير المؤمنين سميهما لنا فنلعنهما [هذا دوره يستدرج الإمام ليظهر الحقائق] قال يا عمار: ألست تتولى رسول الله وتتبرأ من عدوه؟! قال: بلى،قال: وتتولاني وتتبرأ من عدوي؟! قال: بلى، قال: حسبك يا عمار فقد برئت منهما ولعنتهما وإن لم تعرفهما بإسمائهما [هذا كله كناية وتعريف أمام القوم كل شي بشكل تدريجي]، قال: يا أمير المؤمنين لو سميتهما لإصحابك فبرؤوا منهما كان أمثل من ترك ذلك،قال (عليه السلام): رحم الله سلمان وأباذر والمقداد ما كان أعرفهم بهما وأشد براءتهم منهما ولعنتهم لهما رحمة الله عليهم كانوا يعرفون هذين الملعونين حق المعرفة. قال: يا أمير المؤمنين جعلت فداك فسمهما فإنا نشهد أن نتولى من توليت ونبرأ ممن برأت منه، قال: إذاً يُقتل أصحابي وتتفرق عني جماعتي وأهل عسكري وكثير ممن ترى حولي، ]إذا أنا أقول شيئاً على أبوبكر وعمر تجد هؤلاء الذين حولي يبتعدون عني لأنهم كانوا أهل العامة، للعلم جيش الإمام عليّ في موقعة الجمل وصفين ونهروان الشيعة منهم ما كان يتجاوز نسبتهم واحد بالمائة، لذلك ما حفظ التشيع إلا عن طريق الخُلص من الشيعة فقط من أمثال سلمان وعمار وسليم بن قيس (رضوان الله تعالى عليهم)[.
براءة محمد بن ابي بكر من أبيه :
(يا عمار من تولى موسى وهارون وبرأ من عدوهما فقد برأ من العجل والسامري ومن تولى العجل والسامري وبرأ من عدوهما فقد برأ من موسى وهارون من حيث لا يعلم، يا عمار ومن تولى رسول الله وأهل بيته وتولاني وبرأ من عدوي فقد برأ منهما، ومن تولّاهما وبرأ من عدوهما فقد برأ من رسول الله وأهل بيته من حيث لا يعلم، فقال محمد بن أبي بكر يا أمير المؤمنين لا تسميهما فقد عرفتهما ونُشهد الله أن نتولاك ونتبرأ من عدوك كلهم قريبهم وبعيدهم وأولهم وآخرهم وحيهم وميتهم وشاهدهم وغائبهم. فقال أمير المؤمنين: يرحمك الله يا محمد بن أبي بكر إن لكل قوم نجيب ]يعني شريف[ وشاهداً عليهم وشافعاً لأماثلهم وأفضل النجباء النجيب من أهل السوء وإنك يا محمد لنجيب أهل بيتك ]يعني أبوك وهؤلاء أهل بيتك من أهل السوء ولكنك نجيب من بينهم وها هنا قد صرح أمير المؤمنين بمن عاداه وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين[ ..