اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
القول مني في جميع الاشياء قول آل محمد عليهم السلام فيما اسروا واعلنوا وفي ما بلغني عنهم ومالم يبلغني، الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة وازكى السلام على المبعوث رحمة للخلائق اجمعين سيدنا المصطفى محمد واهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم واعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين من الان الى قيام يوم الدين .. آمين
في المحاضرة السابقة
وصلنا في ما تقدم من محاظرات الى اهمية التفريق في التعامل بين الانسان وبين الفكره. الانسان بما هو انسان نتعامل معه برحمة وشفقه نبني واياه علاقات اجتماعيه ودوده تجعل المجتمع الذي نعيش فيه متصالحا ومتوائما مع نفسه، وذلك ضمن عقد مدني اجتماعي يعطي لكل ذي حق حقه. هكذا نتعامل مع الانسان بغض النظر عن انتمائه الديني او الفكري أمّا تعاملنا مع الفكره التي يحملها هذا الانسان، تعاملنا مع هذه الفكره هو تعامل مرفوض نعرض هذه الفكره و العقيده التي يحملها الانسان نعرضها على مشرحة النقد فنحترمها إن كانت تستحق الاحترام ونستهين بها إن كانت تستحق الاستهانة او الاستخفاف، وذلك كنتيجة من نتائج البحث والنقد العام. ولأن كنا لا ننكر بأن الاستهانة بعقائد الآخرين او هدم مايحملونه من فكر وإن كنا لا ننكر أنّ الاستهانة بذلك يؤدي الى شيء من الاضطراب الاجتماعي، إلا أنّ ومن واقع التجربه التي طابقت النظريه نرى ذلك انما يكون في البداية فقط. ما إن يمضي الزمن حتى ترى كل طائفه تتقبل مايورد على معتقداتها وافكارها وتتعامل معه كأمر واقع لابد من التكيف معه. إذاً لابد لنا من أن نتحمّل ردة الفعل في بادئ الامر، لابد لنا أن نتحملها إلا أن نتمكن من تطويع المجتمع بمختلف فئاته على تقبل هذه الحاله. لا يمكن لنا أن نتراجع او نتخلى عن حقنا في هدم الاديان والمبادئ الاخرى، نهدمها بسلاح العلم والمنطق. لا يمكن لنا أن نتراجع عن ذلك لأنّ ذلك مأذاه استبقاء مانعتبره ظلاله وجهلا، ومعناه منع ديننا ومبادئنا الى الانتشار. لا يمكنك أن تنشر التوحيد إذا لم تهدم الوثنيه و لم تهدم الالحاد. لا يمكنك أن ننتشر الاسلام إذا لم تهدم اليهوديه. إذا لم تهدم النصرانيه لا يمكنك أن تنشر التشيع. إذا لم تهدم التسنن الاموي وهكذا...
حربنا فكريّة وليست ارهابيّة واجراميّة ..
لابد إذاً من المشي بهذا الاتزان في التعاطي مع الفكرة او المعتقد والتعاطي مع الانسان بما هو انسان. لا يصح الافراط في أي منهما كما لا يصح التفريط، فكما لايجوز أن نعدّيه تدميرنا لهذه الفكرة او المعتقد الى تدمير من يحملها فتنشأ حروب وتطهير طائفي. كذالك لا يجوز أن نعدّي حفظنا للانسان الآخر، لا يجوز أن نعديه الى حفظ فكرته او عقيدته الباطله. التدمير يتوقف عند حدود العقيدة والفكر، وكذلك الحفظ يتوقف عند حدود الانسان. هذا هو الفرق المنهجي بيننا وبين غير اولي الفطنة منّا الذين يربطون بين الامرين بين حفظ الانسان وبين حفظ مايحمله الانسان من عقيدة او فكر، يقولون علينا حفظ الاخرين في معتقداتهم وفي مقدساتهم فلا نهينها ولا نتجاوز عليها حتى لا يتعكر صفو العلاقة بيننا وبينهم. ولقد عرفت اننا نقول بالفصل بين الامرين وأنه لابد من بناء علاقة صافية، ولكن على اساس القبول بالنقد وعدم سد الباب امام الجدال الديني والمذهبي. يقول لنا هؤلاء كفوا يديكم والسنتكم عن مقدسات الآخرين واحترموا مقدساتهم كي يحترموا مقدساتنا، لأن الله (سبحانه و تعالى) يقول :{ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم}، هذا مايقوله هؤلاء في طرحهم.
من اكبر اسباب الأزمة في الأمة الشيعية ..
صراحة اقول لكم ايها الاخوه أنّ من اكبر اسباب الأزمه التي تعيشها الامة الشيعيه هو نقصان حض المتصدين لتوجيهها من العلم والعقل، ناقصوا علم، ناقصوا عقل وفهم وادراك يتصدون لتوجيه الامة الشيعيه فيرجعونها ويرجعونها الى الوراء. انه المستوى العلمي والعقلي الهابط لهؤلاء المعممين الذين لم يقرؤا واذا قرؤا لم يدركوا او لم يفهموا. هؤلاء ليسوا منحرفين ليسوا بتريين بل هم منا كما قلنا غير انهم من غير اولي الفطنه. هؤلاء ذوي مستوى علمي وعقلي هابط لم يعرفوا من الدين الا اقله وليتهم فهموا هذا القليل على وجهه هؤلاء تصدوا مع شديد الاسف لقيادة وتوجه هذه الامه في هذا الزمن الاخير، دون أن يعرف المرء منهم قدر نفسه ولسنا ندري الى متى سنضل نعاني من هؤلاء .. مع اشفاقنا عليهم لأن نعلم أنّ بعضهم ذو نية حسنه فيما يفعل، فهو يحسب انه يحسن صنعا وأنّ هذا الذي يقدمه هو مافيه النفع مافيه النفع للإسلام والمسلمين، ولكن من الجهل ما قتل.
دخول البتريين لعنة الله عليهم على الخط ..
وما يزيد الطين بلة هو دخول المنحرفين والبتريين وعبيد الدنيا، دخولهم على الخط فأنهم يقوون هذا المنطق المغلوط ويشيعونه في اجواء الامه حتى يشب عليه الصغير ويهرم عليه الكبير، فيضطر المخلصون والواعون حينئذ الى اتلاف انفسهم حتى يصححوا هذا المنطق المخلوط ويزيلوا هذه الأوهام عن اذهان العوام، هذا مايشاع الآن من ضرورة الكف عن النيل من مقدسات الاخرين حتى لا ينال من مقدساتنا، هذا على اطلاقه من جملة هذه الاوهام التي زرعها هؤلاء المنحرفون وتلقّفها هؤلاء السذّج والضعفاء وافشوها بجهلهم حتى خدّروا ابناء هذه الامه وحرموهم من اعظم وظيفة شرعية هي وظيفة الدعوه والتبليغ ووظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ يمكن لنا بأن نرد على هذا الوهم بقولنا أنّا لو سلمنا بعدم جواز النيل بمقدسات الآخرين مطلقا لأستلزم ذلك تخطأت الانبياء والاوصياء (عليهم افضل الصلاة و السلام)، نعم إنّا نقرأ في القرآن الحكيم إنّ ابراهيم الخليل (صلوات الله و سلامه عليه) نال من اقدس مقدسات قومه حين حلف على أن يجيدها، ثم كسرها وجعلها جذاذا، ثم قال لها ولمن يعبدها افٍ الى ما الى هنالك من احداث .., ولم يخطّأ الله ابراهيم (على نبينا و آله و عليه افضل الصلاة و السلام)، بل سمّى مافعله رشداً، نعم سمّى مافعله رشدا وكان في سياق مدحه بهذا الرشد الذي تترجم بهذه الافعال..
لنقرأ الايات الكريمات قال الله (تبارك و تعالى):{ ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين* اذ قال لأبيه وقومه ماهذه التماثيل التي انتم لها عاكفون* قالوا وجدنا آبائنا لها عابدين* قال لقد كنتم انتم وآبائكم في ظلال مبين* قالوا اجئتنا بالحق أم انت من الاعبين* قال بل ربكم رب السماوات والارض الذي فطرهن وانا على ذالكم من الشاهدين* وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين*فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم اليه يرجعون*قالوا من فعل هذا بآلهتنا انه لمن الظالمين* قالوا أنا سمعنا فتى يذكرهم يقال له ابراهيم* قالوا فأتوا به على اعين الناس لعلهم يشهدون* قالوا انت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم* قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون* فرجعوا الى انفسهم فقالوا انكم انتم الظالمون* ثم نكسوا على رؤسهم لقد علمت ماهؤلاء ينطقون* قال افتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم* اف لكم ولما تعبدون من دون الله افلا تعقلون}، هذا الذي فعله ابراهيم (على نبينا و آله و عليه افضل الصلاة و السلام) كان نيلاً بل من اشد انواع النيل من مقدّسات الآخرين، انها آلهتم الذي يعبدونها لم يتجرّئ عليها ابراهيم (على نبينا و آله و عليه افضل الصلاة و السلام) لفظيا فقط بل قام بيده وكسرها.
تخيّل انت شعورك إذا جاء احد وكسر حجرا واحدا من الكعبه المشرفه بأعتبارها من مقدسات المسلمين، كيف يدب في عروقنا الغضب حينئذن كذلك كان حال المشركين في زمن ابراهيم (على نبينا و آله و عليه افضل الصلاة و السلام)، لقد دبّ في عروقهم الغضب من اهانة ابراهيم (على نبينا و آله و عليه افضل الصلاة و السلام) لمقدّساتهم ولم يكن شيء يطفئ لهيب قلوبهم إلا احراق ابراهيم نفسه (على نبينا و آله و عليه افضل الصلاة و السلام)، افهل تملك الجرئه على أن تخطّئ خليل الرحمن لأنه استفز مشاعر قومه ولم يراعي مقدساتهم؟
لاتنالوا من مقدّسات الآخرين ..
لكأنّي ارى هؤلاء الذين يقولون اليوم لا تنالوا من مقدسات الآخرين حتى لا ينالوا من مقدساتنا، لكأنّي أراهم إن فرض وجودهم زمان ابراهيم (على نبينا و آله و عليه افضل الصلاة و السلام) ، وكأني اراهم وهم يقولون له يا ابراهيم ماهذا؟ عليك أن تحترم مقدّساتهم حتى يحترموا مقدساتنا، انت على وشك أن تبني الكعبه فهل تريد منهم أن يثأروا بتكسير اصنامهم بأن يأتوا الى الكعبة ليكسروها او ليهدموها؟
لماذا لا تتعقل يا ابراهيم (على نبينا و آله و عليه افضل الصلاة و السلام) ؟هذا مانسمّيه المنطق المغلوط هنا، انه منطق الذين يعترضون علينا دون التفات الى أنّ اعتراضهم هذا يتوجه ايضا الى الانبياء والاوصياء (عليهم افضل الصلاة و السلام)، وهم مع هذا يصححون جميع افعال الانبياء والاوصياء (عليهم افضل الصلاة و السلام) بهذا هم يوقعون انفسهم في المغالطه لأنه لا سبيل لهم إلا واحد من الاثنين اما أن يسلّموا بصحة مافعلوه الانبياء والاوصياء (عليهم افضل الصلاة و السلام) حينما نالوا من مقدسات الآخرين فعليهم تاليا أن يسلّموا بصحة ما نقوم به يضا حين ننال من مقدسات الآخرين هذا السبيل الاول، اما السبيل الثاني أن يرفضوا مانقوم به فعليهم تاليا أن يرفضوا ما قاموا به الانبياء والاوصياء (عليهم افضل الصلاة و السلام)، ايضا لا سبيل ثالث لا سبيل ثالث امامهم إلا الوقوع في المغالطه التي بيّناها او وقوعهم بالكيل بمكيالين.. حتى تتأكد من أنّ النيل من مقدسات الاخرين هو من صميم سيرة الانبياء والاوصياء (عليهم افضل الصلاة و السلام) نضرب لك بعضا من الامثله:
امثلة على أنّ النيل من مقدسات الآخرين هو من سيرة الانبياء و الاوصياء صلوات الله و سلامه عليهم ..
المثال الاول: رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم) حين بدأ دعوته اخذ ينال من آلهة المشركين ويعيبها. روى اب اسحاق أنّ رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم) في رواية طويله حين ذكر رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) الهتهم وعابها ناكروه واجمعوا على خلافه وعداوته". إذاً بدأ دعوته وبدأ ينال من آلهتهم : " فذكرها وعابها قدح فيها، وحين صنع ذلك ناكروه واجمعوا على خلافه وعداوته فدخلوا على ابي طالب (عليهما افضل الصلاة و السلام) وكان من جملة ماقالوه له يا ابا طالب انت كبيرنا وسيّدنا فأنصفنا من ابي اخيك فامره فاليكف عن شتم ألهتنا وندعه والاهه [مره أن يكف عن شتم الهتنا وندعه والاهه [ليحترم مقدساتنا وسنحترم مقدساته ليحترم آلهتنا وسنحترم إلاهه] ولكن ماكان جواب النبي الاعظم (صلوات الله عليه و آله و سلم) إلا أن قال {والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن اترك هذا الامر حتى يظهره الله او اهلك فيه ما تركته}".
هكذا كان منطق رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) وهذه هي تعاليمه، نعم كان ينال من مقدّسات الآخرين المقدسات الزائفه، ومعلوم أنّ رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) حين فتح مكه كسر جميع الاصنام التي كانت محدقة بالكعبه، مع أنّ المشركين كانوا متواجدين آن ذاك بمعنى أنّ هناك فئة من البشر كانت لا تزال تعتقد بهذه التماثيل المقدسه في جزيرة العرب، وضلّت هذه الفئه تعبد هذه التماثيل المقدسه الى اواخر عهد رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) حين نزلت سورة برائه، أي انها بقت تعبد هذه الاصنام وهذه الاوثان والتماثيل المقدسه الى مابعد هذه الحادثه التي جرى فيها كسر الاصنام في فتح مكه الى مابعدها بسنتين تقريبا. مع هذا أنّ النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) نال من رموز مقدّسه لدى الاآخرين افتتح دعوته بهذا النيل واختتم دعوته بهذا النيل، كذلك مع الذين ينال من رموزهم كانوا احياء متواجدين يستشعرون الحرارة في نفوسه لأنّ مقدساتهم يُنال منها هذا هو المثال الاول.
المثال الثاني: إمامنا الباقر (صلوات الله و سلامه عليه) كان يتقصّد اهانة الرموز المقدّسة للمجوس تلك الرموز او التماثيل التي كانوا ينقشونها على البسط البسط: جمع البساط، وكان من عادتهم رفع تلك البسط وتعليقها على الجدران، كان الامام (عليه افضل الصلاة و السلام) يتقصّد جعل هذه البسط بما فيها من النقوش المقدسه للتماثيل المقدسه عند المجوس، كان يتقصد جعلها على الارض ليطأها. روى الطبرسي في مكارم الاخلاق عن ابي الحسن الكاظم (عليه افضل الصلاة و السلام) قال: "دخل قوم على ابي جعفر الباقر (عليه افضل الصلاة و السلام) وهو على بساط فيه تماثيل فسألوه لماذا انت تطأ هذا البساط الذي عليه التماثيل [او انت جالس عليه بهذه الكيفيّه] فقال [وهنا الشاهد] قال (عليه افضل الصلاة و السلام): {اردت أن اهينه}".
لاحظوا جيدا قال {اردت أن اهينه} اتعمّد أن اهين هذه الرموز المقدّسه للمجوس، هنالك رواية اخرى يرويها الكليني في الكافي الشريف بسنده عن عبدالله بن المغيرة قال: " سمعت الرضا (عليه افضل الصلاة و السلام) يقول قال قائل لأبي جعفر (عليه افضل الصلاة و السلام) [أي للأمام الباقر (صلوات الله و سلامه عليه)] يجلس الرجل على بسط فيه تماثيل فقال (عليه افضل الصلاة و السلام) الاعاجم تعظّمه [أي المجوس الاعاجم من المجوس الاعاجم تعظمه] وإنا لنمتهنه [وإنا لنهينه لنستحقره]".
هكذا يصرّح الامام (صلوات الله و سلامه عليه) بأنه انما يُريد أن يُهين هذه الرموز المجوسيه او المقدسه المنقوشه على البساط لماذا؟ حتى لا تتغلغل هذه الرموز في ثقافة المجتمع المسلم وتحمل معها تاليا المعتقدات الباطله من المجوس. هذا الموقف من الامام الباقر (عليه افضل الصلاة و السلام) يمثّل تحصينا للأمه من استقبال الثقافات والعقائد المنحرفه، هذا الموقف من الامام (عليه افضل الصلاة و السلام) يمنع تماهي هذه الثقافات وهذه العقائد المنحرفه مع الثقافه والعقيده الاسلاميه، بسبب الاحتكاك بين الحضارتين قارن هذا الموقف بموقف عمر بن الخطاب (لعنة الله عليه) مثلا حين استقبل بالترحاب عادة المجوس في التكفير أي التكتف، استقبل هذه العادة بالترحاب واعجب بها وجعلها او اقحمها في صلاة المسلمين لليوم بعض المسلمين يواظبون على هذه العاده المجوسيه. لماذا حصل ذلك؟ لماذا الصلاة المجوسيه صلاة المسلمين ؟ السبب هو في ضعف حصانة المجتمع المسلم ولذا عمل الامام الباقر (عليه افضل الصلاة و السلام) على تقوية هذه الحصانه بتعمده اهانة الرموز المقدسة للمجوس، حتى لا يستشعر أي مسلم ادنى قيمه او قداسه لهذه الرموز ولا يتعامل معها على النحو الذي يتعامل المجوس معها، ومع ماتمثّله وتحمله من عقائد وافكار، وحتى لا تتداخل عقيدة الفرد المسلم مع عقيدة الغير بأي شكل من الاشكال قد وقع في هذا التداخل المخالفون الذي اتبعوا عمر بن الخطاب واضرابه (لعنة الله عليهم) فيما سلم منه المؤمنون الشيعه لأنهم اتبعوا الائمة الشرعيين من آل محمد (صلوات الله و سلامه عليهم اجمعين) هذا هو المثال الثاني.
المثال الثالث: وهو ما انبأنا به امامنا امير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) في حديث طويل يرويه شيخنا الصدوق في كتابه الخصال وفيه أنّ امامنا المهدي المنتظر (صلوات الله و سلامه عليه و عجل الله فرجه الشريف) حين يخرج لملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا سيكون مما يفعله الامام المهدي (صلوات الله و سلامه عليه و عجل الله فرجه الشريف) هو انه يكسر الصليب. لا يخفى على احد أنّ الصليب هو اكثر الرموز المقدسه لدى النصارى واهانة الصليب تمثل منتهى الاستفزاز للنصارى إلا انه مع ذلك الامام صلوات الله عليه حين يظهر سيكسر هذا الصليب انتصارا للتوحيد لأن هذا الصليبيين. في واقع الامر يعتبر تعديا على التوحيد، وازيدكم علما أنّ حكم كسر الصليب لا يختص بالأمام المهدي المفدى (صلوات الله و سلامه عليه) بل هو في الواقع يعم كل مسلم هذه مسألة معروفه في الفقه لا يخالف فيها فقيه مسلم هذه.
المسأله هي أنّ الصليب إذا وقع في يد مسلم فأنه لابد أن يكسره كما أنّ الخمر إذا وقع في يد مسلم فلا بد أن يهراق، الشارع اسقاط ماهية الخمر كما اسقط مالية الصليب فليس على المسلم أي ضمان او تعويض لصاحب الخمر وكذا لصاحب الصليب، نعم ثمّة فتوى بأن على المسلم ضمان مادة الصليب لا هيئته بمعنى انه يدفع مثلا قيمة الذهب الذي صنع منه الصليب إذا ما كسره اما قيمة صناعة الصليب هيئه الصليب هذه لا يدفعها للنصراني. على اية حال هذا حكم لا يخالف فيه احد فكيف يُقال انه لا يجوز النيل من مقدسات الآخرين على نحو مطلق ؟ هذا الصليب من مقدسات الآخرين ومع ذا يفتي الفقهاء بكسره وسقوط مالهيّته وهذا اعظم نيل من هذا الرمز المقدس، إذاً ما يزعمه هؤلاء الجهله من انه لا يجوز النيل من مقدسات الآخرين على نحو الاطلاق هذا زعم باطل لا اساس له في شرعنا، ولازمه تخطئت سيرة الانبياء والاوصياء (عليهم افضل الصلاة و السلام) نعم لازمه تخطئت سيرة الانبياء والاوصياء (عليهم افضل الصلاة و السلام) لأنك لو تأمّلت لوجدت أنّ مشكلة كل نبي ووصي مع قومه انما تتمحور حول هذه النقطه، أنّ هذا النبي او هذا الوصي انما ينال مما هو مقدس عند القوم سواء كان هذا المقدس صنم ام رمزا ام رجلا ام عادة.
مشكلة تلك الاقوام مع الانبياء والاوصياء (عليهم افضل الصلاة و السلام) انهم كانوا ينالون من هذه الرموز المقدسه لهذا كانت الاقوام تعادي الانبياء والاوصياء (عليهم افضل الصلاة و السلام) فتعدو عليهم وتقتلهم او تحاربهم او تضيّق عليهم الدعوة لحفظ مقدسات الآخرين او احترامها وعدم المساس بها على نحو مطلق، انما هي في الواقع دعوة الى حفظ الكفر والضلالة والباطل لأنّ هذه المقدسات انما هي مقدسات زائفه جاء بها المنحرفون من البشر الذين انحرفوا عن منهاج السماء هذا امر واضح لا نقاش فيه، فكيف وعلى أي اساس يحفظ الانحراف من أن يمس به تريدون منا ان نحفظ الانحراف ونصونه؟
سبحان الله سبحان الله ليس شأني أن يأتي بعض البشر ليقدسوا الانحراف حتى يتوجب علي انا أن اقدّسه ايضا او يستوجب علي أن الجم لساني عن هذا الانحراف هذه مشكلتهم لا مشكلتي انا، هذا خطأهم لا خطأي انا هم الذين قدسوا الانحراف هم الذين قدسوا الباطل هم الذين قدسوا الوهم او الزيف مشكلتهم، هم خطأهم انا على منهاجي لو مضى الامر على أنّ كل جماعة من البشر تقدس باطلا او تقدس انحرافا ثم يتوجب تاليا على كل البشر أن يحترموا هذا المقدس الزائف لو مضى الامر على هذا لأصبح العالم بأسره سجنا فكريا. لا يمكن للمرء أن يتحرّر فكريا من العقائد السخيفه والاساطير التافهه لأن كل شيء مقدس لا يمكن لك أن تناقش لا يمكن لك أن تبحث عجيب عجيب من العجيب هذا المنطق حقيقة .. ! يريدون أن يحوّلوا العالم الى سجن يريدون أن يستبقوا العقائد السخيفة والاساطير التافهه.
لو مضى الامر على مايريدون وعلى مايطرحون وعلى دعوتهم التافهه هذه كل شيء سيصبح مقدسا حتى الشيطان حتى الشيطان سيصبح مقدسا لأن الشيطان عنده جماعات كثيرة من البشر هو رمز مقدس اليس ما هنالك من يعبد الشيطان؟ ألا يقدسه الإيزديون مثلا الذين هم في العراق والشام ويسمونه طاووس ملك؟ ألا يثور هؤلاء على من يلعن الشيطان او يستعيذ منه؟ فهل يريد منا هؤلاء الجهله وانصاف المتعلمين أن نحترم الشيطان ايضا؟ هل يريدون منا أن لا نسبه حتى لا يسبوا الهنا؟ إذاً يا أيها المسلمون يحرم عليكم من الان أن تمسوا الشيطان بكلمه عليكم أن تحترموا الشيطان لانه اله ورمز مقدّس عند طائفة من البشر يناهز عددها المليون الآن إن لم يكن اكثر احترموه حتى يحترموا الهكم، احترموا مقدساتهم حتى يحترموا مقدساتكم اهذا منطق بالله عليكم؟ يا للسخريه يا للسخريه هذا ماسنصل اليه إذا استجبنا لدعوة هؤلاء وهذا هو ما ستؤل عليه الامور. البداية يطلب منا أن نحترم ابا بكر وعمر وعائشه(لعنة الله عليهم) لانهم رموز مقدسه عند أهل الخلاف نفعل ذلك فيثور حين إذاً النصارى فيعترضون بعدم مساواتهم مع اهل الخلاف ويطلبون احترام رمزهم المقدس الصليب، فلا يكسر ولا بفتى بسقوط ماليته ويطلبون احترام كتابهم المقدس، فلا يقال فيه بأنه محرف ومصنوع فيأتي هؤلاء الدعاة دعاة الوحدة والتعايش فيطلبون منا احترام ذلك كله نحترم ونسلم فيثور حين ذاك اليهود ويطلبون الشيء ذاته، ثم يثور المجوس ويطلبون الشيء ذاته، ثم يثور البوذيون ويطلبون الشيء ذاته، ثم يثور الهندوس ويطلبون الشيء ذاته، ثم يثور الإيزديون وعبدة الشيطان فيطلبون الشيء ذاته فتوصد امامنا الابواب ولا نتمكن من نقد أيه عقيدة او المساس بأي رمزا مقدسا زائف حتى لو كان هذا الرمز الشيطان نفسهم بدعاة الوحدة والتعايش يحرمون علينا تعكير صفو الوئام الاجتماعي ويفتون لنا بضرورة احترام مقدسات الاخرين فأنا لله وأنا اليه راجعون.
الاستحمار يبدأ بالتدريج...
وحدة اسلاميّة مع مسيلمة الكذاب !!!
الحمد لله انه لم يكتب لأتباع مسيلمة الكذاب البقاء في الجزيرة العربيه وإلا لو افترضنا بقائهم فأنهم كانوا سيشكلون فئة عريضه من الشعب هناك ولعلهم لو كانوا بقوا الى زماننا. لعلهم اسّسوا دولة كبيرة هناك ولربما كان الحكم لكل الجزيرة العربية لهم، لو كان هذا هو الواقع اليوم لو كان هذا هو الواقع لوجدت البتري المبتدع وسامري القطيف ونعثل قم وطاغوت طهران، لوجدت هؤلاء يفتون لك بوجود احترام شخصية مسيلمة الكذاب وعدم الاساءة لها سيما انما بيننا وبين اخواننا اتباع مسيلمة بيننا وبينهم الكثير من المشتركات، انهم يؤمنون بالتوحيد، ويؤمنون بمحمد (صلى الله عليه و آله و سلم) كما يؤمنون بالقرأن ايضا، غاية ما هنالك أنّ الفرق بيننا وبينهم انهم يضيفون الى النبي نبيا اخر هو مسيلمة، ويضيفون الى القرأن كتابا آخر هو كتاب مسيلمة، وهذا يسير لا يقدح بما يجمعنا نحن متفقون على التوحيد والنبوة والمعاد المهم هذه الاصول الثلاثه .. !
لا تتعجب هذه هي حقيقة هؤلاء المنحرفين السفلة الذين يقدّمون مصالحهم على مصلحة الدين، اليسوا يفتون لك بوجوب احترام ابي بكر وعمر (لعنة الله عليهما)؟ ويقولون لك إنّ مابيننا وبين اهل الخلاف الكثير من المشتركات ومايجمعنا اكثر مما يفرقنا؟ بل الغاية في ما هنالك الفرق بيننا وبينهم انهم يعتقدون بولاية ابي بكر وعمر وعثمان (لعنهم الله جميعاً) دون ولاية الأئمة الأثني عشر (عليهم افضل الصلاة و السلام)، هكذا هم يصغّرون لك حجم الخلاف الرهيب بيننا وبين المخالفين في اصول العقيده والاحكام. وكأن الخلاف بيننا وبينهم محصور في هذه النقطه نقطة الولاية والامامة والحال أنّ الخلاف كما بيّنا في محاظرات كثيره يعم جميع الأبواب واخطرها اخطر هذه الابواب الذي نختلف فيها مافي التوحيد نفسه. القوم يشركون بالله (تعالى) ويشبّهونه بخلقه وينسبون اليه القبيح، ثم إنّ على فرض الخلاف بيننا وبينه انما ينحصر فيه نقطة الولاية والامامه في هذا الاصل هل هذا هيّن؟
كيف يكون هيّن وقد نطقت النصوص الشريفه بعظم وخطر هذا الخلاف وأنّ من يعتقد بأمامة ابا بكر وعمر (لعنة الله عليهما) دون الائمة الشرعيين من آل محمد (صلوات الله و سلامه عليهم) لا يكون مآله الى النار وبأس المصير اهذا خلاف هين بسيط؟ لقد ساووا الائمة (عليهم افضل الصلاة و السلام) بين من يشرك بالأمامه ساووا بينه وبين من يشرك بالله، لا فرق بين من يعتقد بولاية ابا بكر وعمر وعثمان (لعنة الله عليهم) وبين من يعتقد بوجود انداد لله (عز وجل)، الجميع يرد النار لا فرق بينهم من هذه الجماعه الجميع الى النار وبأس المصير. هذا دليل على مانقول من جملة ادلة مستفيضه تدل على ذلك، روى العياشي (رحمة الله عليه) في تفسيره بسنده عن جابر الجعفي قال: " سألت ابا عبدالله الصادق (عليه افضل الصلاة و السلام) عن قول الله (عز وجل){ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله} [ما تفسير هذه الآيه؟ او ما تأويلها؟ او ما المعنى التي تنطوي عليه من جملة معانيها على اقل تقدير؟] قال (عليه افضل الصلاة و السلام): {هم اولياء ابي بكر وعمر وعثمان اتخذوهم ائمة من دون الامام الذي جعل للناس أمام فلذالك قال الله )تبارك و تعالى( {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أنّ القوة لله جميعا وأنّ الله شديد العذاب * اذ تبرّأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورءوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب وقال الذين اتبعوا لو أنّ لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله اعمالهم حسرات عليهم وماهم بخارجين من النار} وماهم بخارجين من النار ثم قال ابو جعفر (عليه افضل الصلاة و السلام):{ والله ياجابر هم أئمة الظلم وأشياعه}".
هؤلاء الذين ماهم بخارجين من النار لأنهم اتخذوا ائمة من دون الآمام الذي جعل للناس، أمام بأمر الله. إذاً جحودها او الايمان بأمامة الظالم هذه ليست مسألة هيّنة يمكن التغاضي عنها وليست هذه المسأله فرقا طفيفا كما يروج هؤلاء المنحرفون، انها الجنة او النار انها الجنة او النار. إنّ اشكالية المقدّس هذه الاشكاليه اشكالية المقدس تحتاج منا الى اعادنا وإلا ضاع حقّنا في الدعوة الى دين الله (تعالى) فأن الدعوة تقتضي هدم الأديان والمذاهب الأخرى بمقدساتها الزائفه والإ لم تكن دعوتكم، وإلا لا تكونوا دعوتكم، هذا أمر طبيعي المقدس إذا لم يكن مقدساً حقا فلا قدّاسة له عندنا ولا يجب علينا احترامه لمجرد أنّ بعض البشر يتوهمون انه مقدّس، هذا المقدّس الزائف الذي يؤمن به هؤلاء لا يمكن أن يكون مصان من النقد بل لا يمكن أن يكون مصان من التسفيه. ليس النيل من هذا المقدس الزائف هو الهدف بذاته انما النيل منه هو لأسقاط قداسته وبالتالي يسقط الدين الباطل او الفكر الضال الذي يختزله هذا الرمز المقدس، من العجيب واقعاً اننا في الوقت الذي نعيش فيه في عالم تتساقط فيه كل المقدسات بما فيها المقدسات الحقيقيه، من العجيب اننا في هذا الوقت بعض منا من غير اولي الفطنه مازالوا يبقون قداسة اعداء اهل البيت بدعواهم انه يجب احترام مقدّسات الاخرين، والأعجب انهم يرون كيف أنّ مقدسات اهل البيت (عليهم افضل الصلاة و السلام) وهي المقدسات الاسلاميه الحقيقيه يرونها تنتهك امام عيونهم وعلى مسامعهم، ومع ذا يقولون لا تسيئوا لرموزهم المقدّسه حتى لا يسئوا لرموزنا ويلكم انهم قد اسائوا لها وانتهكوا وانتهى الامر، كانوا هم البادئين على ماذا تتباكون انتم .. ! هذا كلام اللوعه فالنضرب عنه الآن ولنرجع ماتبقى من الكلام الى المحاظرة المقبله بحول الله (تعالى) وصلى الله على محمد واهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم واعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين الى قيام يوم الدين .. آمين