اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
القول مني في جميع الاشياء قول آل محمد عليهم السلام فيما اسروا وما اعلنوا وفيما بلغني عنهم ومالم يبلغني، الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة و ازكى السلام على المبعوث رحمة للخلائق اجمعين سيدنا ومحمد واهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم واعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين .. آمين
تعمّد اهل البيت صلوات الله و سلامه عليهم نيلهم من اعدائهم لعنة الله عليهم اجمعين ..
يستمر كلامنا في عرض الامثلة من واقع سيرة المعصومين (صلوات الله و سلامه عليهم اجمعين) التي تؤكّد أنّ سيرة المعصومين (صلوات الله وسلامه عليهم) كان فيها تعمّد للنّيل من الشخصيات ذات الرمزيّة المقدّسة لدى بعض الطوائف الباطلة . المعصومون (صلوات الله وسلامه عليهم) نعم كانوا يتعمّدون النيل من الشيخصيات ذات الرموز المقدّسة لدى الطوائف المنحرفه ، هذا النيل منهم كان يسهم في اسقاط اعتبار هذه الشخصيات وتحرير اتباع هذه الشخصيات من الانقياد الاعمى لهذه الشخصيات ، كان هذا النيل يحررهم من هذا الانقياد الاعمى ولو بعد حين . إنّ هذا النيل هو عند الله (تعالى) عمل صالح يؤجر عليه وإن كان ينطوي على اغاضة العدو كما قال سبحانه {ولايطؤون موطئا يغيض الكفار ولا ينالون من عدو نيلاَ إلا كتب لهم به عمل صالح} دققوا {ولا يطؤون موطئا يغيض الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب الله لهم عمل صالح إن الله لايضيع اجر المحسنين} . إذاً هذا النيل هو عند الله (تعالى) عمل صالح يؤجر عليه حتى وإن كان ينطوي على اغاضة العدو ، اغاضة العدو هنا مطلوبه .
لنمضي هنا لعرض بقيّة الامثلة :
المثال الرابع وهو مارواه ابوبكر الجوهري وهذا من اعلام اهل الخلاف وكذا روى هذه الرواية جمع كبير من الخاصة و العامة عن سيدتنا و مولاتنا فاطمة الزهراء (صلوات الله و سلامه عليها) حين خطبة خطبتها الاحتجاجيه العصماء ضد ابوبكر ابن ابي قحافه (لعنة الله عليه) ، الخطبة الفدكية التي كانت في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ، جاء في هذه الخطبة الشريفه قولها (صلوات الله و سلامه عليها) وهي تخاطب الانصار {إيهاً بني قيلة [اي هيهات يا ايها الانصار ،الانصار هم بنو قيله نسبو الى ام لهم قديمة] أؤهتظم تراث ابي وانتم بمرئى ومسمع تبلغكم الدعوة ويشملكم الصوت [الى ان تقول صلوات الله وسلامه عليها] افتأخرتم بعد الاقدام ونكصتم بعد الشدّة وجبنتم بعد الشجاعة عن قوم نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم ، فقاتلو ائمة الكفر [هكذا تقول الزهراء صلوات الله عليها] فقاتلوا ائمة الكفر انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون إلا تقاتلون قوما نكثوا ايمانهم وهمّوا بإخراج الرسول وهم بدؤكم اول مرة اتخشونهم فالله احق أن تخشوه ان كنتم مؤمنين}.
ماهو شاهدنا هنا ؟ شاهدنا هنا أنّ الزهراء (ارواحنا فداها) نالت من ابي بكر وعمر وابي عبيده ابن الجراح و اضرابهم (لعنة الله عليهم) ممن تآمروا على اغتصاب الخلافة ، نالت منهم حين وصفتهم بأنهم ائمة الكفر ، ائمة الكفر الذين يجب محاربتهم وقتالهم، نيل الزهراء (صلوات الله و سلامه عليها) من هؤلاء الرموز كان على رؤوس الاشهاد في المسجد النبوي الشريف بهذه الصراحة وبهذه القوّة الفاطميّة نطقت مولاتنا الزهراء (صلوات الله و سلامه عليها) بالحق واعلنت الثورة على هؤلاء الظالمين ائمة الكفر (لعنة الله عليهم) ، وكذلك فعل مولانا امير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه)، كذلك فعل كما نراه في هذه المثال الثاني وهو المثال الخامس الذي نعرضها في هذا السياق:
روى شيخنا الكليني (رضوان الله (تعالى) عليه) في الكافي الشريف خطبة شريفة لأمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) ، كان امير المؤمنين قد خطب بهذه الخطبة بعد جمعة للقرآن الحكيم ،خطب عليه السلام بهذه الخطبة ايضا على رؤوس المهاجرين و الانصار في المسجد النبوي الشريف بعد ايام قلائل من قيام حكومة ابي بكر وعمر لعنهما الله بعد انقلاب السقيفة الاسود الرواية هي عن امامنا وسيدنا ابي جعفر الباقر صلوات الله و سلامه عليه الباقر هو الذي روى هذه الخطبة الشريفه وامر جابر ابن يزيد الجعفي أن يبلّغ هذه الخطبة للناس حيث انتهت به راحلته أن يبلغ هذه الخطبة للناس حيث انتهت به راحلته اي الى كل مكان يمكن أن يصل اليه هكذا حثّ الباقر عليه السلام جابر على أن يبلّغ هذه الخطبه وهذا كاشف عن مدى شدّة اهتمام الائمه صلوات الله و سلامه عليها على هذه الخطبة ومضامينها ماذا تسمى هذه الخطبه ؟
تسمى خطبة الوسيلة هي خطبة مطوّلة شاهدنا فيها هو ماجاء من قول امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) عن ابي بكر وعمر (لعنهما الله) ، قال (صلوات الله و سلامه عليه) : { ولئن تقمّصها دوني الاشقيان ونازعاني فيما ليس لهما بحق وركباها ضلالة واعتقداها جهالة فلبئس ماعليه وردا ولبئس مالأنفسهما مهّدا يتلاعنان في دورهما ويتبرؤ كل واحد منهما من صاحبة يقول لقرينه إذا التقيا يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين فيجبه الاشقى على رثوثة [اي على سوء حال بسبب العذاب على حال رثّة على حال النتنة] ياليتني لم اتّخذه خليلا لقد اضللتني عن الذكر بعد ان جائني وكان الشيطان للإنسان خذولا فأنا الذكر الذي ضل والسبيل الذي عنه مال والايمان الذي به كفر والقرآن الذي ايها هجر والدين الذي به كذّب والسراط الذي عنه نكث ولئن رتعا في الحطام المنصرم والغرور المنقطع وكانا منه على شفا حفرة من النار لهما على شر ورود في اخيب وفود وألعن مورود يتصارخان باللعنه ويتناعقان بالحسرة مالهما من راحة ولا عن عذابهما من مندوحه }.
الخطبة مطوّله الى أن يقول امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) في خطبة الوسيله : { رجعوا على الاعقاب وانتكسوا على الأدبار وضربوا بالاوتار واظهروا الكتائب وردموا الباب وفلو الديار وغيروا اثار رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ورغبوا عن احكامه وبعدوا من انواره واستبدلوا بمستخلفه [اي بخليفته] بديلا اتخذوه وكانوا ظالمين وزعموا أنّ من اختاروا من آل بني قحافه اولى بمقام رسول الله صلى الله عليه و آله ممن اختار رسول الله صلى الله عليه وآله لمقامه وأنّ مهاجر آل بني قحافه خير من المهاجر الانصاري الرباني ناموس هاشم ابن عبد مناف ألا وإن اول شهادة زور وقعت في الاسلام شهادتهم أنّ صاحبهم مستخلف رسول الله صلى الله عليه وآله [شهادة أنّ صاحبه ابوبكر مستخلف ، اي خليفة رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ، هذه اوّل شهادة زور وقعت في الاسلام لا تلك الشهادة التي شهد بها امام عائشه أنها الكلاب ليست كلاب الحوئب الى آخر الخطبة الشريفة التي اقتطعنا منها هذه المقطع ..] } .
التفتوا ايها الاخوه الى أنّ امير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) قد فرا ابوبكر وعمر (لعنة الله عليهما) بلسانة الشريف ، وكان ذلك امام جميع الناس ، وفيهم انصار ابي بكر وعمر واشياع ابي بكر وعمر (لعنهم الله جميعا) هذا إن لم يكن ابوبكر وعمر (لعنة الله عليهما) انفسهما متواجدين مع هؤلاء في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم)، حيث يلقي امير المؤمنين (صلى الله عليه و آله و سلم) خطبته هذه ،ماذا صنع امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) بهذه الكلمات الحقّه ؟ نال من ابي بكر وعمر (لعنة الله عليهما) اشدّ النيل وصفهما بالأشقيين {ولئن تقمصها دوني الاشقيان}، وايضا صرّح بضلالتهما وجهالتهما وانهما سيتلاعنان في النار على رثوثة اي على بشاعة على قبح منظر ، لماذا ؟ بسبب عذاب النار الذي يجعل هيئتهما اقبح هيئة وقال عنهما أنّهما يتصارخان باللعنه وقبل ذلك قال {ولئن رتعا في الحطام المنصرم} رتعا في الحطام المنصرم اتعلمون معنى هذا ؟
هذا تشبيه لهما بالبهائم اجلكم الله .. البهائم التي ترتع في الحطام كانية عن حطام الدنيا شبههما بالبهائم التي ترتع في التبن في الحطام ، ثم يقول { وكانا منه على شفا حفرة من النار لهما على شر ورود في اخيب وفود وألعن مورود يتصارخان باللعنه ويتناعقان بالحسرة مالهما من راحة ولا عن عذابهما من مندوحه } ، هذا تشبيه لهما بغرابين يتناعقان الى آخر كلمات امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) القاسية على ابي بكر وعمر (لعنهما الله) ، لايخفى على احد ماتحمله هذه الكلمات من تحقير وتسفيه مع أنّ ابابكر وعمر (لعنة الله عليهما) كانا ولايزالا شخصيتين عظيمتين محترمتين عند انصارهما على الاقل مع ذلك امير المؤمين (صلوات الله و سلامه عليه) لم يعبئ بذلك ، لم يجعل لهما احتراما وكذالك نحن لاينبغي أن نجعل لهما او لغيرهما من ائمة الباطل احتراما، فالذين يزعمون اليوم أنّ علينا احترام رموز الآخرين لمجرّد انها رموز محترمه لدى الآخرين هؤلاء قطعا خارجون عن منهاج امير المؤمنين علي ابن ابي طالب (صلوات الله و سلامه عليه) .
المثال السادس :
وهو مارواه شيخنا الكليني وشيخنا الحلبي ابو الصلاح الحلبي وشيخنا المفيد (رضوان الله (تعالى) عليه) وغيرهم من الاعلام روو عن امامنا ابي عبد الله الصادق (صلوات الله و سلامه عليه) " أنّ امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) لما بويع بعد مقتل عثمان (لعنة الله عليه) صعد امير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) المنبر فخطب خطبة عظيمة جاء في هذه الخطبة قوله (عليه افضل الصلاة و السلام) : { وقد قتل الله الجبابرة على أفضل احوالهم وآمن ماكانوا [يعني في اقوى حالات الامن التي كانوا عليها مع ذلك الله (عز وجل) قتلهم واهلكم] وأمات هامان وأهلك فرعون وقد قتل عثمان ألا وإنّ منيّتكم قد عادة كهيئتها يوم بعث الله نبيها (صلى الله عليه و آله و سلم) [الى أن يقول (عليه افضل الصلاة و السلام) في خطبته الشريفه] وقد سبقني الى هذا الامر من لم اشركه فيه ومن لم اهبه له ومن ليست له منه نوبة إلا بنبي يبعث ألا ولا نبي بعد محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) أشرف منه على جرف هار فانهار به في نار جهنم [المعني هنا من سبقة في هذا الامر وليس له منه نوبة إلا بنبي يُبعث ، هذا الذي سبقه وهو ابوبكر ثم عمر ثم عثمان (لعنة الله عليهم) اشرف منه ، من فعله هذا على شفا ــ طرف ــ جرف هار فالنهار به في نار جهنم] حق وباطل [يقول امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام] ولكل اهل فلئن امر الباطل لقديما فعل [لئن امر اي لئن كثر الباطل لقديما فعل ، عادتا مايكون الباطل واهله اكثر من الحق واهله من يمثّل الباطل يكون اكثر ممن يمثل الحق ، وإن تلبّس اهل الباطل بلبوس الحق] ولئن قلّ الحق فلربما ولعل [ربما يقل ولعله يعود ثانيه فيصبح هو الغالب بمعنى أنّ اهله يصبحون هم الاكثريّة على اهل الباطل ، لكن ذلك لايكون إلا على نحو لعل بمعنى أنّ القاعدة و العاده هو أن يكون اهل الباطل اكثر من الحق ، الاستثناء هو في أن يكون اهل الحق اكثر من اهل الباطل ] ولقلّما ادبر شيئا لأقبل ولئن ردّ عليكم امركم أنّكم سعداء وماعليّ إلا الجهد وإنّي لأخشى أن تكونو على فترة نلتم مني نيله كنتم فيها عندي غير محمودي الرأي ولو اشاء لقلت عفا الله عمّا سلف [لو اشاء أن اسقط حقي الشخصي في التظلم عمن سبقني لقلت عفا الله عمن سلف ، ولكن الامر لايتوقف عند حدود الشخصيه ماكان بين امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام وبين ابي بكر وعمر وعثمان (لعنة الله عليهم) لم يكن قضية شخصيه ، ولذا لا اتمكن أن اقول عفا الله عمن سلف اسقاط للحق الشخصي لأن المهم هو تبصير الامة وايقاضها على حقيقة هؤلاء حتى لا تعتقد إمامة من لم يجعله الله اماما فتضل ويضل بها ، لهذا لو اشاء لقلت عفا الله عما سلف لكن حيث أنّ الامر يقتضي البيان تبيين أنّ هؤلاء المتقدّمين علي كانوا ظالمين ولا يحل لكم الاعتقاد بإمامتهم فلا بد لي أن ابيّن لكم ، وهذا مايفسر أنّ امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) اكمل وبيّن واوقف مخاطبيه اي الذين خاطبهم على حقيقة أنّ من سبقه كانوا ظلمه قال (عليه افضل الصلاة و السلام)] ولو اشاء لقلت عفا الله عما سلف سبق فيه الرجلان [في الذي قال فيه امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) : { سبقني الى هذا الامر من لم اشركه فيه ومن لم اهبه له ومن ليست له منه نوبة}] سبق فيه الرجلان وقام الثالث كالغراب همّه بطنه ويله لو قصّ جناحاه وقطع رأسه كان خيرا له شغل عن الجنة والنار امامه }.
لايتأتّى لأحد أن يجادل في أنّ مانطق به امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) في هذه الخطبه الشريفه كان فيه من الذم والتحقير لأبي بكر وعمر وعثمان (لعنة الله عليهم) مالا يخفى !! لقد شبّة (عليه افضل الصلاة و السلام) ابابكر (لعنة الله عليه) بهامان وشبّه عمر (لعنة الله عليه) بفرعون كما بيّنه الشيخ ابو الصلاح الحلبي والعلامه المجلسى (رضوان الله عليهما) في تعليقتيهما في هذه الخطبه في كتابهما تقريب المعارف وبحار الانوار ، وعلى كل حال انه (عليه افضل الصلاة و السلام) بعدما صرّح بأن الله (تعالى) قتل عثمان (لعنة الله عليه) ، قال : {وقد قتل الله عثمان} بعدما صرّح امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) بذلك عاد فأكّد على أنّ الرجلين الذين قبله كانا ظالمين سبقاه في الظلم ، واخذا هذا الامر في الخلافه اخذاها دون أن يهبها لهما او يشركهما فيها ، هو صاحب الحق الذي نصبه خاتم النبيين (صلوات الله عليه و آله و سلم) . فإذاً لا يتأتّى عليهما أن يتآمرا على الناس او يأخذا نصيبا من الإمره على المؤمنين ، إلا بأن يزعما أنّ هنالك نبي جديد قد بُعث وقد نصّبهما في هذا المقام ألا ولا نبي بعد محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) اي لاحق لهما لأنه لم يبعث نبي ، انما النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) نصّبني انا وانا صاحب الحق لم اجعل لهما فيه نصيبا !
ثم إنّ امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) نال من عثمان ابن عفان (لعنة الله عليه) شبّهه بالغراب الذي همّه بطنه {ويله لو قص جناحاه وقطع رأسه كان خيرا له} يعني لو كان قد اصيب بشلل قص جناحاه واصبح عاجز مشلول ، لو اصيب بشلل او عجز او حتى لو قتل وقطع رأسه ، حتى لو قتل لكان خيرا له من أن يلي هذا الامر والخلافه ، لأنه إنما يخسر دنياه ولا يخسر آخرته إن قصّ جناحاه وقطع رأسه يخسر بدنه وحياته الدنيويه ، أمّا تبقى آخرته لا يخسرها اما وقد أخذ الامر والخلافة التي لم يجعل له فيها نصيب شرعا فقد خسر آخرته ايضا ، وصل الشقي الى السلطه ماذا حصل ؟ { وشغل عن الجنه والنار امامه } شُغل عن الجنه وذهب الى النار ، اين قال امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) ومتى قال هذا الكلام ؟ لقد قال هذا الكلام في مسجد رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) جميع الناس كانوا يسمعونه وهو يثلب ابي بكر وعمر وعثمان (لعنة الله عليهم) ويصرّح بظلمهم ويؤكّد أنّ مآلهم النار وبئس المصير ..
قال امير المؤمنين (صلوات الله عليه و آله الطاهرين) هذا الكلام { وقد قتل عثمان } .. انتهى . ولربما لم تكن جيفت عثمان (لعنة الله عليه) قد دُفنت بعد لأنّ دفنه قد تأخّر ثلاثة ايام كما هو معلوم ، هذا يعني أنّ امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) ،قال هذا الكلام وحرارة قتله عثمان (لعنة الله عليه) لم تبرد بعد في قلوب محبيه واشياعه الذين يعتبرونه رمزا من رموزهم ، مادام الكلام قد وصل الى عثمان (لعنة الله عليه) فدعونا ايها الاخوه نورد مثالين آخرين لنيل امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) من هذا الرجل اشد النيل ، المثال الاول وهو على ترتيبنا يكون المثال السابع هذا المثال في نفس الخطبه الشقشقيه المأثوره التي نجدها في نهج البلاغه الشريف ، يقول امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) في الخطبه الشقشقيه واصفا حال عثمان ابن عفان (لعنة الله عليه) : { قال ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيلة ومعتلفه وقام معه بنو ابيه يخضمون مال الله خضمت الابل نبتت الربيع } وكم اتأسّى ايها الاخوه من أنّ بعض الخطباء ينقلون هذه الخطبه الشريفه على المنابر دون ايقاف الناس على المعاني الحقيقه فيها ، لو أنهم فعلوا ذلك لزال كثير من الاوهام التي تدفع بعض المؤمنين الى الاعتراض على منهج النيل من رموز الآخرين .
ولعلّه حتى لا يترك بعض المؤمنين اعتراضهم علينا فإن بعض الخطباء لايفسّرون بصراحه ماجاء في هذه الخطبه الشريفه وامثالها ويؤثرون المرور عليها بلا تفسير لأنهم إن فسّروها واوقفوا الناس على المعاني الحقيقيه فيها فسيزول كل الوهم في اذهانهم من انه لايجوز القدح او النيل من رموز الآخرين . إنّ امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) في الخطبه الشقشقيه فضلا عن نيله من ابي بكر وعمر (لعنة الله عليهما) نال من عثمان ابن عفان (لعنة الله عليه) في خطبته بأحد لسان بما يصل الى حد الشتم الصريح . وَصَفَه اولا بأنه كان نافجا حضنيه ، الحضن هو مابين الابط والكشح ، نافجا بمعنى رافعا ، هذه كنايه عن المتكبّر المتكبّر والمغرور يقال له جاء نافجا حضنيه اي متكبراً ، هذا معنى المعنى الآخر المحتمل أنه كان ينفج حضنيه يرفع حضنيه من شدة امتلاء بطنه من الحرام لأن عثمان كان على هذه الصفه ايضا .. يأكل كثيرا حتى امتلأ بطنه من الحرام ، وهذا ماذكر امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) في الخطبه السابقه التي خطب بها حين قُتِل عثمان (لعنة الله عليه) مرّ معنا { وقام الثالث كالغراب همّه بطنه } فقط يأكل ملأ بطنه من الحرام ، وكان ايضا عثمان (لعنة الله عليه) متكبرا مغرورا كما ذكره جمعا من اهل السير من اهل الفريقين معروف مواقفه في هذا الشأن .
على اية حال إنّ امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) لم يكتفي ببيان أنّ الرجل كان متكبرا او امتلأ بطنه من الحرام ، وانما اضاف الى ذلك وصفا تحقيريا لعثمان (لعنة الله عليه) لا نكاد نجد له نظيرا في بلاغته وهو قوله (عليه افضل الصلاة و السلام) : { بين نثيله ومعتلفه } اتعلمون ايها الاخوه ماهو النثيل انه الروث غائط الحيوانات اجلكم الله .. اما المعتلف بين نثيله ومعتلفه المعتلف معروف موضع العلف .. اتعلمون ماذا يعني امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) في استخدامه هذه العباره في عثمان (لعنة الله عليه) ، إنه يعني أنّ عثمان (لعنة الله عليه) كان كالحيوان ، الحيوان القذر لا هم له إلا أن يأكل ويأكل ثم يتغوط في مكانه فينتشر الغائط من حوله ، ولايبرح مكانه تماما كالدواب الدواب تأكل في مكانها وتتغوط في نفس المكان حتى ينتشر غائطها حولها حتى ينتشر غاطئها حولها وهي لاتزال تأكل وتتعلف { فصار عثمان بين نثيله ومعتلفه وقام معه بنو ابيه [يعني بني اميه ] يخضمون [يأكلون] مال الله خضمت الابل نبتة الربيع } .
هل نجد نيلا اشد من هذا ؟ هل نجد تحقيرا اشد من هذا ؟ هل نجد شتما اشد من هذا ؟ هكذا نطق امير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) في حق عثمان (لعنة الله عليه) الذي يعتبر ثالث القوم وجاء ثالث القوم ، ثالث القوم يعني ثالث الشخصيات المقدّسه لدى اهل الخلاف ، مع ذلك لم يبالي امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) لا بأهله ولا بعشيرته ولا بأنصاره ولا بمحبيه ، ولم يبالي بالحكم الموالي له القائم في الشام انذاك بقيادة معاويه (لعنه الله) ، لم يبالي امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) بكل هذا وانزل صواعقه الكلاميه والبلاغيه على رأس عثمان (لعنه الله) هذا مثال ؟
ولننتقل الى المثال الثامن وهو ايضا يتعلق بعثمان (لعنة الله عليه) كما وعدنا ، هذا المثال رواية الثقفي صاحب الغارات وابن ابي الحديد المعتزلي صاحب شرح النهج وغيرهما ، روى هؤلاء روايه أنّ امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) كان يخطب على منبر الكوفه محرضا الناس على قتال معاويه وجنده لعنة الله عليهم . ومن المعلوم إنما معاويه (لعنة الله عليه) كان يقاتل تحت اي شعار، كان يقاتل تحت شعار الثأر لدم من هو عند القوم الخليفه المظلوم الشهيد المظلوم امير المؤمنين الشهيد عثمان ابن عفان (لعنة الله عليه) ، ماذا كان يقول امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) في تحريضه الناس على قتال معاويه (لعنة الله عليه) لنقرأ الروايه وهي عن قيس ابن ابي حازم يقول :
" سمعت علي (صلوات الله عليه وآله الطاهرين) يقول {يا معشر المسلمين يا ابناء المهاجرين انفروا الى ائمة الكفر وبقية الاحزاب واولياء الشيطان انفروا الى من يقاتل على دم حمّال الخطايا فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة انه ليحمل خطاياهم الى يوم القيامه لا ينقص من اوزارهم شيئا} "
لاحظو هنا الصراحه الشديده من امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) في وصف الطاغيه عثمان (لعنة الله عليه) ، عثمان (لعنة الله عليه) الذي هو عند الطائفه الاخرى الخليفه الراشد ذو النورين الشهيد المظلوم عثمان (لعنة الله عليه) هذا هو عند امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) { حمّال الخطايا } ، يصفه امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) بهذا الوصف على الملأ ويضيف اليه أنه يحمل خطاياهم اي خطايا اتباعه ومحبيه الى يوم القيامه ، فهو إذاً غارق في المعاصي والخطايا وبذا يكون مآله ومآل اتباعه الى جهنم وبئس المصير ، يحمل خطاياهم ولا ينقص من اوزارهم شيئا يعني الخطايا عليه وعليهم ، إلا أنّه هو يحمل خطاياهم ايضا فيتقسام معهم في تلك الخطايا تسجل عليه ثم تسجل عليه ايضا { حمّال الخطايا } الى جهنم وبئس المصير ، أما معاويه وعمر ابن العاص وابا الاعور السلمي ومن اشبه من الطالبين بثارات عثمان (لعنهم الله اجمعين) فهؤلاء عند امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) ماذا ؟ ائمة الكفر وبقية الاحزاب واولياء الشيطان . يطعن امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) في عثمان (لعنة الله عليه) بهذه الحدّه في وقت كانت المشاعر فيه ملتهبة الى اقصى حد . كانت الأمه منقسمه الى قسمين تخوض حروب اهليّه بسبب ماذا ؟ بسبب أنّ طائفه منها كانت مفتونه بعثمان (لعنة الله عليه) ، عثمان (لعنة الله عليه) الذي صوّر لها كشيخ صالح مؤمن مظلوم قتل وهو يقرأ القرآن يالله !!
كان الناس في الشام مثلا يتبركون بقميص عثمان (لعنة الله عليه) الذي سالت عليه دمائه ، وكانوا يبكونه ليلا ونهار وصار عثمان (لعنة الله عليه) في قلوبهم اعظم رمز مقدّس ، كانوا يعقدون المجالس العثمانيّه في ندبه ورثائه والبكاء عليه ، كما يعقد المسلمون المجالس الحسينيه في رثاء سيّد الشهداء الحسين ابن علي (صلوات الله عليهما وآلهما الطاهرين) ، اي انه كانوا يعتقدون في عثمان (لعنة الله عليه) ويتعلقون عاطفيا وقلبيا واعتقاديا بعثمان (لعنة الله عليه) كما يعتقد المسلمون بالحسين (عليه افضل الصلاة و السلام) ، ويرتبطون به عاطفيا ، كان رمزاً ذا شأن عندهم ، مع هذا نال منه امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) اعظم النيل وسمّاه حمّال الخطايا .. فماظنك بؤلئك الذين كانوا يعشقون عثمان (لعنة الله عليه)!
كيف تظن انهم استقبلوا ذلك من امير المؤمين (عليه افضل الصلاة و السلام) ؟ لاشك انهم ابغضوا امير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) لطعنه في خليفتهم وهذا بالضبط ماحصل . رواي هذه الروايه نفسه قيس ابن ابي حازم صرّح بأنه ابغض امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) لمّا سمع منه طعنه هذا في امامه عثمان (لعنة الله عليه) وطعنه في قوم عثمان من بني اميه (لعنهم الله قاطبه) ، ابن ابي الحديد يروي في شرح النهج عن قيس ابن ابي حازم قوله : " اني سمعت عليا (صلوات الله و سلامه عليه) يخطب على منبر الكوفه ويقول انفروا الى بقيّة الاحزاب [الى أن يقول] فأبغضته ودخل بغضه في قلبي"
إنّ أئمتنا عليهم افضل الصلاة و السلام ماكانوا يطعنون في خلفاء القوم ورموزهم المقدّسة .. !
لماذا تكلّم هكذا على امامي ؟ على الشخصيه الرمز المقدّس الذي احترمه ، ولماذا تكلّم على القوم الذي يطلبون بثاراته بأنهم بقية الاحزاب وائمة الكفر واولياء الشيطان ؟ ولماذا وصفه بحمل الخطايا ؟ منذ سمعته ذلك اليوم يخطب هكذا على منبر الكوفه ابغضته ودخل بغضه في قلبي ، إذاً مع علم امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) بأنّ القوم الذين كانوا تحت حكمه في الكوفه كقيس ابن حزم هذا واضرابه ، مع علمه بأن هؤلاء سيبغضونه ويكرهونه إذا تكلّم على عثمان إلا انه آثر إلا أن ينال من عثمان (لعنة الله عليه) بما يستحق حتى لايضل الناس حتى يبصّروا بحقيقه عثمان الطاغيه المنافق (لعنة الله عليه) ، لم يبالي امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) ونطق بالحق .. ابعد هذا يصح لأحد أن يستحمق نفسه ويستحمق الناس قائلا إنّ ائمتنا (عليهم افضل الصلاة و السلام) ماكانوا يطعنون في خلفاء القوم ورموزهم المقدّسه علنا ويح هؤلاء ..
هذا التاريخ بين ايدينا جائنا عبر مصادرنا ومصادرهم وفيه عشرات الشواهد على أنّ ائمتنا (صلوات الله و سلامه عليهم) كانوا ينالون علنا من ائمة الكفر والضلاله . متى ماتسنّى لهم ذلك بل اكثر من هذا إنهم (عليهم افضل الصلاة و السلام) كما سأوضّح لاحقا إن شاء الله (تعالى) كانوا حتى في بعض ضروف التقيّة يتركونها ويصرحون بالحق لكي لا يضيع الحق ، إن تركوا الأمة هكذا فإنها ستضيع ويضيع الحق . ويح هؤلاء لما لايراجعون المصادر ؟ لما لايقرؤون التاريخ جيدا ولما يعتّمون على هذه الحقائق ولاينقلونها الى عامة الناس ؟ حتى أنّ ائمة اهل البيت (عليهم افضل الصلاة و السلام) كانوا ينالون علنا من ائمة الكفر والضلاله بمن فيهم كبار الرموز المقدسه لدى بعض الطوائف كابي بكر وعمر وعثمان (لعنة الله عليهم) ، كانوا ينالون منهم في كل فرصه سامحه ، متى ماتسنّى لهم ذلك كانوا يفعلونه حتى في بعض ضروف التقيّه الخانقه كانوا يفعلونه لأنّ الامر كان يستوجب التضحيه ، وإلا لا يتميّز الحق عن الباطل ، مازالت هنالك امثله اخرى كثيرة في هذا الشأن نرجؤها إن شاء الله (تعالى) الى الحلقه المقبله من هذا المبحث وصلى الله على سيدنا محمد واهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم واعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين الى قيام يوم الدين .. آمين