بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك لسنة 1439 من الهجرة النبوية الشريفة، يلقي سماحة الشيخ الحبيب ورقة بحثية مساء كل ليلة في تمام الساعة 12 بعد منتصف الليل بتوقيت المدينة المنورة.
وهذا ملخّص الليلة الأولى، وهي عبارة عن تغريدات نشرها مكتب الشيخ على موقع التواصل الاجتماعي تويتر:
الشيخ الحبيب يستهل الليالي الرمضانية بأحاديث حادة حول من يأكل أموال المسلمين ويقتطعها بغير حق.
"أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى، يسقون من الحميم والجحيم، ينادون بالويل والثبور، يقول أهل النار بعضهم لبعض، ما بال هؤلاء الأربعة قد آذونا على ما بنا من الأذى؟ فرجل معلق في تابوت من جمر، ورجل يجر أمعاءه، ورجل يسيل فوه قيحا ودما، ورجل يأكل لحمه"
عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "أعظم الخطايا اقتطاع مال امرئ مسلم بغير حق".
نتطرق لهذه الأحاديث لأن واقعنا البائس كشف عن أن كثيرا من الناس - وخصوصا في بعض البلدان - يأكلون الحرام حتى أصبح ذلك من العادات الاجتماعية
على من يأكل حقوق الناس ويجتهد مع ذلك ظاهرا في العبادة، تذكر بأن رسول الله صلى الله عليه وآله قد قال: "درهم يرده العبد إلى الخصماء خير له من عبادة ألف سنة، وخير له من عتق ألف رقبة، وخير له من ألف حجة وعمرة"
عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: "إن الله عز وجل حرم الجنة جسدا غذي بحرام"
هذه دنيا التكوين... الله جعل فيها علة ومعلولا... فالذي يشرب مسكرا وإن كان جاهلا يسكر... وكذلك الذي يأكل الحرام فإن جسده قد غذي به... أما الذي تاب وأراد أن يذيب هذا الحرام الذي غذى به جسده، فليغتنم هذا الشهر بأن يصومه احتسابا.
التائب الذي أراد أن يصوم شهر رمضان احتسابا ينبغي أن يخلص نيته لله تعالى ولا ينوي في صيامه إلا طلب وجهه عز وجل ومرضاته، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله: "ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب الله تبارك وتعالى له سبع خصال، أولها يذوب الحرام في جسده".
هنالك خلط عند الناس بين الصيام المقبول والصيام الصحيح، فالصيام الصحيح هو تأدية أحكامه من امتناع عن المفطرات وما شاكل، وليس كل صيام صحيح مقبول فأنى يقبل صيام المقيم على المحرمات في شهر رمضان!
يجتهدون والعياذ بالله في شهر رمضان في إنتاج المسلسلات المنكرة، وهنالك من "الصائمين" من يعكف نهاره على متابعتها على ما تحويه من محرمات وانتهاكات للشهر الفضيل، فهل هذا يكون من الصيام المقبول؟
هذه فرصة للتوبة والإنابة إلى الله... كن قويا وشجاعا وواجه ألد أعدائك - نفسك التي بين جنبيك - بصوم هذا الشهر احتسابا
في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لأهل الصُفَّة بعدما استبشر أحدهم لما ذكره النبي مما يظهر أنه من حسن الحال في ما يلي من الأزمنة: "زمانكم هذا خير من ذلك الزمان، إنكم من ملأتم بطونكم من الحلال توشكون أن تملأوها من الحرام"
مثال هؤلاء الأصحاب الذين أمسوا لا يهمهم إلا ما يدخل بطونهم؛ أبوهريرة الذي قال: "الصلاة خلف علي أتم، و الأكل مع معاوية أدسم، و الوقوف على التل أسلم" !
كيف تحول صعلوك مثل معاوية إلى حد يقال له فيه "كسرى العرب" فيستطيل على أعناق المسلمين بالظلم والفجور؟... كان ذلك بسبب ما عرف عنه من البطنة وكثرة الأكل
على المؤمن أن يقوم بتجويع بنفسه لترويضها وكسر شهواتها، وقد جاء في الحديث: "إنكم من ملأتم بطونكم من الحلال توشكون أن تملأوها من الحرام"... الإنسان إذا امتلأت بطنه من الحلال بدأ يفكر في ملئها بمال الربا والغش وأكل الحقوق وغير ذلك من الحرام، وهكذا حال كثير من الناس والعياذ بالله!
كثيرة هي الأحاديث والآثار عند أهل الخلاف حول بطنة معاوية، فقد قيل فيه أنه كان يأكل في اليوم سبع مرات طعاماً بلحم وكان يقول: "والله لا أشبع ولكن أعيى"!