ملخّص الليلة التاسعة، وهي عبارة عن تغريدات نشرها مكتب الشيخ على موقع التواصل الاجتماعي تويتر:
كنا في سياق أن نكتشف ما قاله النبي صلى الله عليه وآله في المنافقين الكبار (أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وأضرابهم) مما أخفي عنا بواسطة الآلة الإعلامية البكرية
ذهبنا إلى طريق لم تعبث به الآلة الإعلامية البكرية، وهو طريق الأصول الأربعمئة، وذكرنا في أصل جعفر الحضرمي الذي وصلنا بتمامه.
وجدنا في أصل جعفر الحضرمي ما قاله النبي صلى الله عليه وآله لحفصة: هلكتِ أنتِ وأبوك! ووجدنا ما قالته السيدة ميمونة أنها لا تجد ممن يحب عليا في أصحاب النبي صلوات الله عليه وآله إلا قليلا!
نجد خبرا يعطي صورة مرعبة وهي أن النبي صلى الله عليه وآله يتحدث صراحة أن أصحابه معظهم ليسوا على محبة علي عليه السلام بل يبغضونه.
إنه لا يبعد أن تكون الطائفة البكرية كلها تتواطئ على الكذب، فلا حجية في الاحتجاج بالتواتر عندهم علينا، وقد علمنا منهم الكذب!
نحاول أن نكون منصفين قدر المستطاع، حيث كان بإمكاني أن نشطب على الخبر المذكور في آخر ما ذكرنا في ورقة أمس وننهي النقاش.
نتقمص ثوب المحقق المتجرد عن كل هوى ونورد اليوم الاحتمال الرابع كما وعدناكم ونتبناه: أن عليا قال ما مضمونه: خير هذه الأمة بعد نبيها أبا بكر وعمر، ولكن الخبر بُتر وقُص حتى تغير معناه.
البكريون فنانون في القص والتحريف، وأثبتنا لكم فيما سبق من محاضرات عدة.
جاء في الشافي لعلم الهدى م3 ص112: أن هذا الخبر قد روي على خلاف هذا الوجه وأوردت له مقدمة أسقطت عنه ليتم الاحتجاج به وذاك أن معاذ بن الحرث الأفطس حدث عن جعفر بن عبد الرحمن البلخي وكان عثمانيا يفضل عثمان على أمير المؤمنين عليه السلام قال: أخبرنا أبو خباب.. إلخ.
في المصدر السابق: عن الشعبي ورأيه في الانحراف عن أهل البيت عليهم السلام معروف قال سمعت وهب بن أبي جحيفة وعمرو بن شرحبيل وسويد بن غفلة وعبد الرحمان الهمداني.. إلخ.
في المصدر السابق: ..كلهم يقولون سمعنا عليا عليه السلام على المنبر يقول: ما هذا الكذب الذي يقولون، ألا إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر. فهذه المقدمة التي حُذّفت فتغير المعنى كليا!
هذا القطع والبتر أمر معروف ومعهود ولم يخلْ حتى في زماننا، بتروا الحديث ليتغير المعنى، وكذلك بتروا لي مقاطع حيث بتروا الكلمة التي تسبق والتي تلحق فتغير المعنى حتى صرت امتدح صدام!
عادة من ينشر المقاطع المبتورة عني لتشويه الصورة هو النظام الخامنئي، كمقطع أن "الملكة علوية" حيث قلتها على سبيل التهكم فاقتطعت الكلمة عن سياقها ونُشرت.
يعلق الشريف المرتضى على المقدمة التي بُترت: فإذا كانت هذه المقدمة قد رواها من روى الخبر ممن ذكرناه مع انحرافه وعصبيته فلا يلتفت إلى قول من يسقطها، فالمقدمة إذا ذكرت لم يكن في الخبر احتجاج لهم، بل يكون فيه حجة عليهم من حيث ينقل الحكم الذي ظنوه إلى ضده.
فتشت في مصادر أهل الخلاف لأجد عين هذه الرواية بنفس الطريق فوجدتها في تاريخ دمشق م44 ص201: قالوا سمعنا عليا يقول خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر ولو شئت أن أخبركم بالثالث لفعلت. أيضا المقدمة محذوفة.
قد يقول البكري لا أرتضي هذا الحديث من هذا الطريق، فنقول: الطريق طريقكم وأنتم ملزمون به.
قد يقول البكري: إن الشريف المرتضى "كذب"، فنقول: ليس للكذب مقام هنا إذ شهد أهل الخلاف له بالصدق والوثاقة.
إن الشريف المرتضى ألّف كتاب "الشافي" للرد على المغني فلو كان كاذبا لردوا عليه حينئذ وخصوصا أنه كتاب رد أي أنه مرصود.
مدلول الخبر بلفظه الأول هو أن عليا عليه السلام يعترف بلسانه معتقدا أن أبا بكر وعمر خير هذه الأمة! ومدلوله بلفظه الثاني هو أن عليا عليه السلان يتبرأ من أبي بكر وعمر.
ما قاله علي وأبناؤه عليهم السلام واعتمادا على القرائن نبحث وإياكم لنرى أي مدلول هو الصحيح وأيهما غير ذلك.
جاء في تاريخ دمشق م42 ص153: قلت لعلي بن حسين أشهد على عبد خير لحدثني أنه سمع عليا على هذا المنبر وهو يقول خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر وثالث لو شئت سميت ثالثا قال فضرب علي بن حسين فخذي وقال سمع رسول الله يقول لعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى.
وفي بعض ألفاظها الأخرى، قال السجاد عليه السلام للراوي: أين يُذهب بك يا حكيم؟!
بعض أهل الخلاف طعنوا بالرواي حُكَيْم بما مثل ما طعنوا بيونس بن خباب.
في تهذيب الكمال للمزي برقم 1452: قال ابن أبي حاتم: "سألت أبا زرعة عنه (حكيم) فقال: في رأيه شيء. قلت ما محله؟ قال محله الصدق إن شاء الله"
إليكم شاهد آخر يبين اعتقاد علي عليه السلام أنها يرى نفنسه خيرا من أبي بكر وعمر، ويرويه رجل جليل جدا عند أهل الخلاف وهو القاضي أبو بكر الباقلاني
قال ابن تيمية في رسالة الفتوى الحموية الكبرى ص 76: القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلانى المتكلم وهو أفضل المتكلمين المنتسبين إلى الاشعري ليس فيهم مثله لا قبله ولا بعده.
قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء ج17 ص190: صاحب التصانيف وكان يضرب المثل بفهمه وذكائه.
وقد ذكره القاضي عياض في "طبقات المالكية" فقال: هو الملقب بسيف السنة ولسان الأمة. (سير أعلام النبلاء ج17 ص190).
هنالك إشكال معضل جدا عند المخالفين وهو لماذا لم يقتل أمير المؤمنين عليه السلام قتلة عثمان ومنهم عمرو بن الحمق الخزاعي الذي كان أحد وزرائه. ذلك لأنه لا يقيم لدم عثمان وزنا!
ما يكشفه لنا الباقلاني هو ما كان عليه علي عليه السلام وأصحابه من عقيدة تبرأ من أبي بكر وعمر.
في كتاب الباقلاني مناقب الأئمة ونقض المطاعن عن سلف الأمة ص169 يروي خبرا يحاور فيه عمرو بن الحمق الخزاعي أمير المؤمنين عليه السلام ويبين أن عليا أفضل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله.
في كتاب الباقلاني مناقب الأئمة ونقض المطاعن عن سلف الأمة ص169 قال عمرو بن الحمق الخزاعي: فلو أني كلّفت نقل الجبال الراوسي، ونزح البحور الطوامي، حتى يؤتى عليّ في أمر أقوى به وليّك، وأهين به عدوك، ما رأيت أني قد أدّيت فيه كل الذي يحق عليّ من حقك.
كلمة عظيمة من عمرو بن الحمق الخزاعي تهز المؤمن: ما رأيت أني قد أدّيت فيه كل الذي يحق عليّ من حقك.
في كلمة يوجهها الشيخ إلى شيعة آل محمد عليهم السلام: غير مسموح لكم أن ترى منكرا ولا تنهى عنه. لابد أن يكون موقف بلسانك ويدك، إذا لم تفعل فاعلم أنك من المستأكلين بأهل البيت عليهم السلام وتسعى لذكر شخصي.
لو أن كل علمائنا وطلبة العلم والرواديد يقرأون هذا التاريخ بدقة لاستقاموا إلا أن يكون الشيطان قد استحوذ عليهم!
يكمل الشيخ خبر الباقلاني في "مناقب الأئمة ونقض المطاعن عن سلف الأمة ص169".
عمرو بن الحمق الخزاعي أحد كبار أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وهو من كبار قاتلي عثمان ليس - على رأيكم - له موقف سلبي من أبي بكر وعمر، فها هو يرى أن عليا أفضل من أبي بكر وعمر وجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله.
الأحمق محمد حسان أقام عزاء على مقتل عثمان بن عفان وتجاوز على عمرو بن الحمق بقوله: وأنا أسميه عمرو بن الأحمق! ثم تراجع بعد الاستنكار عليه أنه كان أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وآله.
أسأل المخالفين بكل إنصاف: من هم قتلة عثمان؟! بنيامين نتنياهو؟! أم الجن؟! كما قتلوا سعد بن عبادة! والواقع أن فرقة الاغتيالات التي أسسها عمر هي من اغتالت سعدا.
يلعب المخالفون لعبة الأسناد لدرجة أنهم انكروا حتى وقوع معركة الجمل أصلا! كما بينّا في "محاولات البكرية للخروج من أزمة الشرعية".
المشكلة مع الطائفة البكرية أنها "ما ترسى على بر". طائفة بإمكانها أن تنكر التاريخ كله.
حذف الباقلاني جواب أمير المؤمنين عليه السلام على عمرو بن الحمق ليُثْبِتَ مطلوبه، حيث قال علي عليه السلام: اللهم نوّر قلبه بالتقى واهده إلى صراط مستقيم ليت أن في جندي مائة مثلك.