ملخّص الليلة الرابعة عشرة، وهي عبارة عن تغريدات نشرها مكتب الشيخ على موقع التواصل الاجتماعي تويتر:
قال أبو بكر وعمر كلمة خفية في يوم الغدير لما نصب النبي صلى الله عليه وآله وصيه علي بن أبي عليهما السلام أميراً للمؤمنين: "ما يألوا رفع خسيسة ابن عمه لو يستطيع أن يجعله نبياً لفعل وأيم الله لإن هلك لنزيلنه عما يريد" جاء ذلك في أصل سلام بن عمرة الخراساني.
السؤال المطروح هو كيف تمكن أبو بكر وعمر من تحقيق ما أراداه وهو عدم تمكين علي عليه السلام من منصبه الشرعي وإزالته عنه ورد أمر النبي صلى الله عليه وآله فيه؟
حتى نفهم هذه الخيانة الداخلية لابد أن نتوقف عند االمعاهدة والإتفاق المكتوب بين أبي بكر وعمر ومن إليهما من جماعتهما في هذا الشأن.
إن هذه الحقيقية يكشفها أصل عباد العصفري في رواية عن فاطمة بنت الحسين عليهما السلام: "قالت جاء رجل من بني أسد إلى أبى عليه السلام فقال ما بال القوم يأمروك على أبيك ولم يؤمرونه؟ فقال: إن القوم تعاهدوا وتواثقوا أن لا يولوها أبي".
في الأصول الستة عشر عن جعفر بن محمد علهيما السلام قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر ببراءة قال فجاء جبرئيل فقال يا محمد إنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو من هو منك قال فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله علياُ إلى أبى بكر وأمره أن يدفع إليه براءة…".
قال فلحقه علي عليه السلام وكان معه عمر وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى حذيفة قالوا له لا تدفعها إليه فأبى أبو بكر فدفعها إليه قال وأجمع القوم على كتاب كتبوه بينهم في المسجد الحرام أن قبض رسول الله صلى الله عليه وآله إلا يولوا عليا منها شيئاً، فلما سجى أبو بكر دخل عليه علي عليه السلام فقال ما أحد أحب أن ألقى الله بمثل صحيفة من هذا المسجى قال فلما سجى عمر دعى له فقال مثل ذلك قال فهي الصحيفة التي كتبوها بينهم إن قبض رسول الله لا يولوها علياً".
إن مقولة علي عليه السلام في أبي بكر وعمر مروية عند أهل الخلاف أيضاً إلا أن تأويلهم لها هو تعظيم علي أمير المؤمنين لهما إلى حد أنه عليه السلام يتمنى أن يلقى الله بصحيفتهما!
لقد فاتهم الذي قصده أمير المؤمنين عليه السلام والذي بينه أولاده عليهم السلام وهو أن المراد لا صحيفة الأعمال بل الصحيفة المكتوبة في المسجد الحرام!
قد يحتج المخالف قائلاً إن روايتكم هذه ليست بحجة علي فإن القول المنسوب لأمير المؤمنين عليه السلام ثابت ولكن الرواية روايتكم ولا اعتداد بتفسيركم لها ولكن سيتبين الليلة أي تفسير سيتعين لهذه الرواية.
في الكافي عن الباقر: "كنت دخلت مع أبي الكعبة فصلى على الرخامة الحمراء بين العمودين فقال: في هذا الموضع تعاقد القوم إن مات رسول الله أو قتل ألا يردوا هذا الأمر في أحد من أهل بيته أبدا قلت: ومن كانوا؟ قال: كان أبو بكر وعمروأبو عبيدة بن الجراح، وسالم ابن الحبيبة".
في المكان الذي شهد ولادة أمير المؤمنين عليه السلام يُتآمر عليه ويُتعاقد ويُكتب كتاباً لإقصائه عن مكانه الشرعي! إن الروايات في هذا الشأن كثيرة تخبرنا أن هذا الكتاب دفن في الكعبة تشديداً للمعاقدة بناء على إعتقاد أهل الجاهلية القديم.
عن قيس بن عباد: بينما أنا بالمدينة في المسجد في الصف المقدم..." إلى أن قال: "إن هذا عهد من النبي إلينا أن نليه ثم استقبل القبلة وقال هلك أهل العهد ورب الكعبة - ثلاثا - ثم قال: والله ما عليهم آسى ولكن آسى على من أضلوا قال: قلت: من يعني بهذا؟ قال: الأمراء".
قال أهل الخلاف في تفسير هذا الحديث أن المراد بالأمراء هو غير الخلفاء فقد حاولوا صرفه عن أبي بكر وعمر وعثمان مع أن الإنسان المنصف يعي أنه إن كان هنالك إضلال فإنه سيكون من رأس الهرم لا من البقية فالبقية إنما هم تبعٌ له.
لم يحدثنا التاريخ عن دور تضليلي قام به "الأمراء" بمعنى أصحاب الألوية حتى يقول فيهم أبي بن كعب هلك أهل العقدة ورب الكعبة - ثلاثا - وهذه قرينة أولى تحبط محاولة أهل الخلاف في صرف تفسير "الأمراء" عن من أطلقوا على أنفسهم أمراءاً للمؤمنين وإلصاقها بأمراء ألألوية.
جاء في ترجمة قيس بن عبادة في تهذيب الكمال للمزي "ذكره مُحَمَّد بْن سَعْد في الطبقة الأولى من تابعي أهل البصرة قال وكان ثقة قليل الحديث".
وفي رجال الطوسي "قيس بن عبادة بن ثعلبة البكري ممدوح" فإذن قيس بن عبادة ممدوح ثقة عند أهل الخلاف وكذلك ممدوح عندنا وكان ترابياً يلعن عثمان.
عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب قال: "أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة" إن هذا يثبت أن ظلامة أمير المؤمنين عليه السلام هي أول ظلامة في الإسلام بدأت بعد رحيل المصطفى صلى الله عليه وآله مباشرة.
لو كان المراد بالصحيفة التي ذكرها الأمير في قوله "ما أحد أحب إلىّ أن ألقى الله بمثل صحيفة من هذا المسجى" أنها صحيفة الأعمال لما قال عليه السلام "أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة" فإذن ما أراده الأمير هو ملاقاته الله بالذي كتباه أبو بكر وعمر في الصحيفة.
إن أبي بن كعب له مواقف ضد أبي بكر فقد ذكره البرقي في طبقاته ضمن المنكرين على أبي بكر وذكره الطبرسي في احتجاجه ومما جاء قام أبي بن كعب فقال: "يا أبا بكر لا تجحد حقا جعله الله لغيرك، ولا تكن أول من عصى رسول الله صلى الله عليه وآله في وصيه وصفيه".
جاء في شرح النهج لابن أبي الحديد وهو يعدد أسماء من يطلق من يطلق عليهم "الصحابة والتابيعين" بأنهم قالوا أن علياً هو أفضل من أبي بكر قال "وكلمة أبي بن كعب مشهورة منقولة ما زالت هذه الأمة مكبوبة على وجهها منذ فقدوا نبيهم ألا هلك أهل العقيدة".
إن الأمراء الذي عناهم أبي بن كعب بإضلال الناس هم لا محالة الذين جاءوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله مباشرة أبو بكر وعمر وعثمان أما علي عليه السلام فهو خارج عن هؤلاء لأن أبي بن كعب كان ممن دافع عن علي وأنكر على أبي بكر جحوده حقه وعصيانه لرسول الله.
في الطبقات الكبرى عن مسروق قال سألت أبي بن كعب: ما لكم أصحاب رسول الله نأتيكم من البعد نرجو عندكم الخبر أن تعلمونا فإذا أتيناكم استخففتم أمرنا كأنا نهون عليكم؟ فقال: والله لئن عشت إلى هذه الجمعة لأقولن فيها قولا لا أبالي استحييتموني عليه أو قتلتموني".
إن كلمة أبي بن كعب "والله لئن عشت إلى هذه الجمعة لأقولن فيها قولاً لا أبالي استحييتموني عليه أو قتلتموني" تثبت أن الذي أراد أن يقوله كانت كلمة تتضمن ما يعرضه للقتل لأنها تمس برأس الهرم.
ابن عساكر عن جندب: "أتيت المدينة ابتغاء العلم" إلى أن قال: "حتى أتيت حلقة فيها رجل... فسمعته يقول: هلك أصحاب العقدة ورب الكعبة ولا آسى عليهم، أحسبه قال مرارا فجلست إليه فتحدث بما قضى له ثم قام فسألت عنه بعدما قام قلت من هذا؟ قالوا هذا سيد المسلمين أبي بن كعب".
ثم قال أبي بن كعب لجنب: "اللهم إني أعاهدك لئن أبقيتني إلى يوم الجمعة لأتكلمن بما سمعت من رسول الله لا أخاف فيه لومة لائم" ولكنه لم يدرك الجمعة قال جندب: "وجعلت انتظر الجمعة فلما كان يوم الخميس... مات سيد المسلمين أبي بن كعب".
إن أبي بن كعب لم يدرك الجمعة التي عاهد الله على أن يقول فيها كلمة خطيرة سمعها من رسول الله لا يخاف فيها لومة لائم لأنه كان تحت سلطة أبي بكر وعمر وعثمان.