ملخّص الليلة السادسة عشرة، وهي عبارة عن تغريدات نشرها مكتب الشيخ على موقع التواصل الاجتماعي تويتر:
علمنا أن العباس بن عبدالمطلب وابنه عبدالله كانا مغرمين بجمع المال وهي نقطة ضفعهما، ومن صور تهافت ابن العباس على المال وجمعه من أنه سرق بيت مال البصرة في القصة المعرفة إذ خان أميرالمؤمنين عليه السلام واستولى على ذلك المال وهدده أمير المؤمنين عليه السلام بالقتل.
وعبيد الله بن العباس أيضا متهالك على جمع المال فقد خان المجتبى صلوات الله عليه. فعلمنا أن العباس كان ربويا وأنه حتى في الإسلام كان يلهث وراء المال بل وراء الطعام المجاني وأنه تقاضى من عمر راتبا هو الأعلى 12 ألف درهم.
من هذا المجموع نعرف أن هذه العائلة بشكل عام كانت عائلة دنيوية تريد المال والثراء وليس يهم أفرادها كيف يحصلون على المال! من حل أم من حرام! فالمهم الحصول على المال وهذه هي نقطة ضعفهم.
عائلة العباس بن عبد المطلب كانت بعيدة عن التدين الحقيقي. يقول الباقر عليه السلام: لا يؤمن رجل فيه الشح والحسد والجبن ولا يكون المؤمن جبانا ولا حريصا - على المال والمنافع الدنيوية - ولا شحيحا. وهذه الصفات كانت تتوفر في هذه العائلة.
عرفنا جانب الشح والحسد، فنبين اليوم جانب من جوانب النفسية الجبانة لعبد الله بن العباس.
في سنن البيهقي برقم 12237:.. فقال زفر (لعبد الله بن العباس): فما منعك أن تشير بهذا الرأي على عمر؟ فقال (عبد الله بن العباس): هبته والله! إنه الجبن من عبد الله بن العباس وحال المؤمن أن لا يخاف غير الله سبحانه.
تكشف لك الرواية في سنن البيهقي برقم 12237 جانب من شخصية عبد الله بن العباس، وأنه جبان ليست له الشجاعة للتصدي للأحكام المنكرة أو الخاطئة. وهي صفة (الجبن) مع الأسف صارت متفشية في طبقة رجال الدين منّا ومن غيرنا.
تجد الجبان يغطي جبنه بغطاء شرعي كأن يبرر لجبنه أنه في حالة تقية، أو دفع المهم بالأهم، أو بعنوان درأ المفسدة أولى من جلب المصلحة. هي عناوين شرعية سليمة ولكن توظيفها شيطاني.
قلنا سابقا أن المتدين إذا أراد أن يوظف الدين للدنيا فبإمكانه ذلك ويعينه الشيطان. إن الذين قاتلوا أهل البيت عليهم السلام اتخذوا الغطاء الشرعي.
أسقط ابن عباس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لـ "هيبة" عمر، ومتى كانت هيبة الفرد وعدمها سببا لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!
كم من معمم عندنا اليوم يعتمر عمامة ابن عباس ويتحدث بمنطقه؟ كم من معمم عندنا اليوم يركض وراء الدنيا وملذاتها وشهواتها؟!
ورّث العباس أبناءه صفات الجبن والشح والحسد، مع كثير من التمظهر بالمظهر الديني! وعلى هذا سار بنو العباس وانقلبوا على آل محمد عليهم السلام وأذاقوهم المرارات بعد أن جاءوا باسم آل محمد عليهم السلام.
ما سار عليه بنو العباس كانت له عوامل من جدهم العباس بن عبد المطلب. البحث كله مترابط، وابتدأناه بسؤال: ما خطورة أن ينجرف الإنسان وراء كسب المال الحرام؟ وقلنا أن شهر رمضان فرصة لأن يتخلص الإنسان من المال الحرام فيذوب من جسده كما يذوب الرصاص.
حينما طعن أبو لؤلؤة رضوان الله عليه عمر لعنه الله، دخل عليه ابن عباس فأثنى عليه ثناء عجيبا!
جاء في تاريخ المدينة لابن شبة برقم 1494: لما طعن عمر دخل عليه ابن عباس.. أسلمت حين كفر الناس، وجاهدت مع رسول الله، وقتلت شهيدا، قال: أعد، فأعاد ثلاث مرات، فقال عمر: إن الغرور لمن غررتموه ، لو أن لي ما على الأرض من صفراء وبيضاء لافتديت بها من هول المطلع.
قول ابن عباس لعمر (أبشر بالجنة) قول تملق، وكان عمر يعلم ذلك، يتملق ابن عباس لعمر في أواخر حياته.
هذا ما عرفتم عن شخصيتين من كبار شخصيات بني هاشم آنذاك وهما العباس وابنه عبد الله، الآن نكشف لكم جانبا من شخصية أيضا مهمة من شخصيات بني هاشم ألا وهو عقيل.
كان عقيل راكضا وراء الدنيا وجمع المال، ومن أبرز ما فعل من أفعال خسيسة هي بيعه دار النبي صلى الله عليه وآله في مكة مستغلا غياب النبي صلوات الله عليه وآله عنها.
البعض يحاول مبررا لعقيل أنه باعها بيعا فضوليا! أي بيع فضولي وهو مستولٍ عليها سارق لأموالها. للأسف المرض الذي يعاني منه المخالف تسرب إلينا وهو الإعذار لمجرد الإعذار لأية شخصية تنتمي لبني هاشم.
جاء في علل الشرائع ص155:.. للاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله لما فتح مكة وقد باع عقيل بن أبي طالب داره فقيل له يا رسول الله ألا ترجع إلى دارك؟ فقال: وهل ترك عقيل لنا دارا إنا أهل بيت لا نسترجع شيئا يؤخذ منا ظلما. فلذلك لم يسترجع فدك لما ولى.
قضية عقيل مع أخيه علي عليه السلام ثابتة أيضا وهي أنه أراد أن يبيعه دينه! جاء عقيل لعلي مستغلا إخوته وأنه أمير المؤمنين ليعطيه من بيت المال ما لا يحل. فأحرقه بحديدة محماة، فباع أخاه وذهب لمعاوية.
العباس وعقيل كبيرا بني هاشم هما المفتونان بالمال واشترتهما السلطات الغاشمة فباعا أمير المؤمنين عليه السلام وخاناه.
في الكافي ج8 ص189: فأين كان عز بني هاشم وما كانوا فيه من العدد؟ فقال الباقر عليه السلام:.. وبقي معه رجلان ضعيفان ذليلان حديثا عهد بالإسلام: عباس وعقيل وكانا من الطلقاء أما والله لو أن حمزة وجعفرا كانا بحضرتهما.. ولو كانا شاهديهما لأتلفا نفسيهما.
ليس عند حمزة وجعفر "لحية مسرحة" لا عندهم إلا السيف في إسقاط السقيفة.
لعل قائل يقول: شيخنا كل ما تقدم كان مظنونا فهل عندك ما يثبت ذلك يقينا؟ نقول: نعم، هناك خبر في أصولنا الأربعمئة القديمة يثبت ذلك يقينا في خبر لم تسمعوه من ذي قبل.
تجد في أصل عاصم الحنّاط ص178: عن أبي جعفر عليه السلام يقول إن أبا بكر وعمر لم يأكلا مما انتزعا منا ولم يورثاه ولدا، الشيخ: إن أبا بكر وعمر استغلوا المال للشراء السياسي حيث اشتروا ذمم الناس.
حين خطبت الزهراء عليها السلام في المسجد تأثر المهاجرون والأنصار فلو تركهم أبو بكر لثاروا عليه فعمل على الترهيب (أن له شيطان يعتريه فقد لا يكون مسؤولا عن أفعاله) والترغيب (قطع خطبة الزهراء عليها السلام وقال للناس قوموا إلى أعطياتكم).
استغلا أبو بكر وعمر المال وريع فدك للإنفاق على الناس لشراء ذممهم وكان لهم منه نصيبا ليسكتوا فسكتوا! الصفراء (الذهب) والبيضاء (الفضة) تغري فيبيع الضعيف دينه ومبادئه فلا دين حينها يبقى!
سمعتم عن سرقة القرن وهي أن رجلا أفريقيا تظاهر بأنه ساحر يضاعف الأموال فضحك على أحد مدراء بنوك دبي. بعد انكشاف الأمر تم إلقاء القبض عليه في أمريكا لأيام فأطلق سراحه، كيف؟ لأنه أنفقها على الناس فرضيت عليه فأمست تحبه وتدافع عنه حتى منهم سيناتور أمريكي!
إن المنتفعين يسكتون بل يمتدحون ذلك المنفق وإن كان المال حراما. سياسة صدام هي سياسة أبي بكر وعمر حيث كان ينفق على جماعته وعشيرته بل وخارج بلده. تجد بعض العرب يحبونه اليوم لأنه ينفق عليهم حتى وإن كان مجرما قاتلا يقولون على الأقل أنه حرامي شريف ينفق المال.
كان أبو بكر سياسيا ماكرا خبيثا وكذلك عمر.
يكمل الرواية التي تثبت يقينا خيانة بعض بني هاشم كما جاءت في أصل عاصم الحنّاط ص178: عن أبي جعفر يقول إن أبا بكر وعمر لم يأكلا مما انتزعا منا ولم يورثاه ولدا ولو فعلا ذلك أنكر الناس ذلك فلما قسماه بينهم رضوا وسكتوا ولو ذكرت ذلك لأحد من الناس قال أسكت، ولو ذكرت ذلك لأحد من الناس قال أسكت قد فعله أبو بكر وعمر ولو حدثتهم لجهدوا به وكفروا وإن عمر لما طعن جعل يقول يا بني عبد المطلب أرضيتم عني فكانوا يقولون نعم وكان يكثر ما يقول ذلك حتى قال له قومه وهل يجد عليك أحد من الناس، فقال (عمر) إني أعلم بالذي ائتمرنا به في حياة رسول الله والذي صنعنا وتواثقنا إن نبي الله قتل لا نولي أحدا منهم هذا الأمر ثم ندم على ما قال.
لولا خيانة العباس وأبنائه وعقيل لما جرت الويلات على أمير المؤمنين عليه السلام والزهراء و الحسن والحسين والأئمة الطاهرين عليهم السلام. اشتروهم بالمال المغصوب. كان هدف أبي بكر وعمر شراء الولاءات.
نقطة مهمة في الرواية الواردة في أصل عاصم الحنّاط ص178: إني أعلم بالذي ائتمرنا به في حياة رسول الله والذي صنعنا وتواثقنا إن نبي الله قتل. يقول قُتِل فهناك نية مبيتة لقتل النبي صلى الله عليه وآله وهذا ما وقع.
هذه الخيانة الداخلية التي وعدناكم بأن نكشفها التي كانت خيانة عظيمة حيث أحدثت تغييرا مصيريا في الأمة. باعوا دينهم وشرفهم ونسبهم فإنهم من بني هاشم أحفاد أولئك الأعاظم.
ما تعرض له الأئمة الطاهرون من خيانات داخلية تعرضنا له نحن، ولا عجب. فإن كان أولئك قد رأوا النور المعصومي وخانوا فلا عجب على من يخون اليوم. أقولها لكم من باب العظة والعبرة.
لا يكن كل همّك أخي المؤمن السعي وراء المال فقد تخسر دينك. ذكرنا قول النبي صلى الله عليه وآله لأهل الصفة ما مضمونه تعيشون حياة الفقر الآن وما هي إلا سنوات حتى تنفح عليكم الدنيا، ولو أدركتموها لتمنيتم العودة للصفة لأنكم ستخسرون دينكم.
أخي المؤمن! إذا أحس الواحد منكم أنه لا يصمد أمام إغراء المال والوجاهات والمنصاب فلا تقترب إليها فقد تخسر دينك، فإن الدنيا تغر وتضر وتمر.
أخي المؤمن! إذا رأيت الأموال والمناصب والوجاهات تغرك فلا تدخل التجارة وأبقَ كاسبا، ولا تدخل السياسة. كن موظفا على قدر الحاجة وإذا جاءتك الأموال فأنفقها إذا كنت تخشى على نفسك أن تكون عبدا للمال.
بلية أهل البيت عليهم السلام أن الخيانات كانت من أقاربهم، كم من خيانة تعرض لها آل محمد عليهم السلام من أقاربهم إما سببا أو نسبا؟!
في الكافي ج1 ص380: عن علي بن أسباط قال: قلت للرضا عليه السلام: إن رجلا عنى أخاك إبراهيم (أحد الخونة وهو ابن الإمام الكاظم)، فذكر له أن أباك في الحياة، وأنك تعلم من ذلك ما يعلم، الشيخ: بسبب خيانات الواقفة التي دافعها المال نشأ مذهب عريض كان ممتدا إلى المغرب!
خانت الواقفة الأئمة عليهم السلام بسبب الأموال وأنكروا موت الكاظم عليه السلام وقالوا أنه المهدي ووضعوا أكثر من سبعين حديثا عن روايتهم حيث كانوا رواة الأئمة ينص على أن المهدي اسمه موسى! كم من فرد مات على هذا المذهب المنحرف في المغرب والعراق وبلاد فارس والحجاز؟!
أحد أولئك الخونة من الواقفة هو إبراهيم بن الإمام الكاظم عليه السلام، لذا أنا أصر على محاربة التقديس الأعمى لأقارب الأئمة عليهم السلام.
يكمل الرواية في الكافي ج1 ص380: عن علي بن أسباط قال: قلت للرضا عليه السلام: إن رجلا عنى أخاك إبراهيم، فذكر له أن أباك في الحياة، وأنك تعلم من ذلك ما يعلم، فقال سبحان الله يموت رسول الله صلى الله عليه وآله ولايموت موسى عليه السلام قد والله مضى كما مضى رسول الله
ولكن الله تبارك وتعالى لم يزل منذ قبض نبيه صلى الله عليه وآله هلم جرا يمن بهذا الدين على أولاد الأعاجم ويصرفه عن قرابة نبيه صلى الله عليه وآله هلم جرا فيعطي هؤلاء ويمنع هؤلاء.
نقطة مهمة [منذ قبض.. ويصرفه عن قرابة نبيه] فمن كان من أقارب النبي صلى الله عليه وآله عند قبضه صلوات الله عليه وآله؟ عقيل والعباس! فقد صرف الله الدين عنهما.
يكمل الرواية في الكافي ج1 ص380: لقد قضيت عنه في هلال ذي الحجة ألف دينار بعد أن أشفى على طلاق نسائه وعتق مماليكه ولكن قد سمعت ما لقي يوسف من إخوته.
ذكرت لكم سابقا أن إخوة الإمام الرضا عليه السلام - وكانوا كثيرون - منهم من اشتكى عليه عند القاضي البكري فمثل أمامه وهو حجة الله في خلقه، من تسبب في ذلك؟ إخوته عليه السلام حسدا كما حسد إخوة يوسف.
يعلق العلامة المجلسي تعليقا مهما على الرواية المذكورة آنفا في كتاب الكافي ج1 ص280: «عن قرابة نبيه» كبني العباس وأكثر بني الحسن عليهالسلام، بل أكثر بني الحسين عليه السلام أيضا.
ها وقد نبينّا لكم الخيانة الداخلية كما وعدناكم، أعاذنا الله وإياكم من مضلات الفتن.