ملخّص الليلة الخامسة والعشرون، وهي عبارة عن تغريدات نشرها مكتب الشيخ على موقع التواصل الاجتماعي تويتر:
"ولعمري ما علي من قتال من خالف الحق وخابط الغي من إدهان ولا إيهان فاتقوا الله عباد الله وفروا إلى الله من الله. وامضوا في الذي نهجه لكم وقوموا بما عصبه بكم. فعلي ضامن لفلجكم آجلا وإن لم تمنحوه عاجلا" كانت خطبة الإمام عليه السلام التي ختمنا بها البارحة.
منهج علي عليه السلام هو المحاربة ومواجهة الباطل من دون إدهان ولا إيهان، وفي المقابل كان هناك منهج آخر وهو منهج المصالحة والمداهنة وهو منهج أبي مسعود الخزرجي.
منهج المصالحة والإدهان والإيهان يراه البعض هو منهج العقل والحكمة والجلوس في الدار، في حين قال أمير المؤمنين عليه السلام عنه: إنا وجدناك لا تعقل عقلة.
أيها المؤمنون! لا تخدعنكم الشعارات! يجب في تقييم الدعوة إن كان تتوافق مع الدين أم لا فيجب النظر إلى مخرجات تلك الدعوة.
بدعوة المصالحة والمداهنة تخدم الطغيان سواء كنت مدركا أم لا. بهذه الدعوة ينتعش الباطل وينتشر الإرهاب.
منهج أمير المؤمنين عليه السلام هو منهج استئصال الباطل واقتلاعه من الجذور.
إن المداهنة والمصالحة مع الباطل هو الجهل والغباء بعينه. أبو مسعود الخزرجي دعا إلى الصلح مع معاوية! وهل يلتزم معاوية بمواثيق الشرف؟!
أنت من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله يا غبي ألم تسمع أنه صلوات الله عليه وآله حذّر من معاوية ولعنه، فكيف تدعو للمصالحة مع معاوية؟!
ينصب نفسه هذا الجاهل موجها للرأي العام فيثبط العزائم ويحرك الجمهور باتجاه آخر لأنه أحمق وإن كانت نواياه سليمة.
بجهده هذا يقتل الجهد الرافضي الذي يخرج الناس من البكرية إلى التشيع، ويعيد تقديس رموز الطغيان مثل أبي بكر وعمر وعثمان.
من المفترض أن يكون معنا في هذه الثورة والتوعية، وإذا بك تأتي لتخالف التوجه العام، فينتعش الباطل ويتمدد الإرهاب.
انتعش معاوية وتمدد إرهابه عبر شراء ذمم البعض، وعبر استغلال الحمقى الذي كانوا حول أمير المؤمنين عليه السلام.
أبو مسعود الخزرجي هو الأحمق الذي لا عقل له، وبسب حمقه وصمه أمير المؤمنين عليه السلام بوصمة لا تفارقه، كما وصم النبي صلى الله عليه وآله عمر بن هشام الذي كنيته أبو الحكم وصمه بأبي جهل فصار لا يُعرف إلا بهذا الاسم.
ونحن إن شاء الله تعالى على منهج النبي والوصي صلوات الله عليهما وآلهما لا نستحي في أن نصم المنحرفين بأسماء لا تفارقهم، كـ "البالون" و"عميد المنكر" و"أبو قذيله"، وهذا البالون كنا أول من حذر منه حينها فلم يصغ إليها حتى "فاحت ريحته" وتجاسر على الزهراء بلفظة كفرية.
وصم الوصي صلوات الله عليه أبا مسعود الخزرجي بوصم لا يفارقه حيث كانت الوصمة: "فرّوج" أو "فرّوخ"، والترديد بسبب عدم التنقيط آنذاك.
في شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص76: تذاكرنا القيام إذا مرت الجنازة عند علي عليه السلام، فقال أبو مسعود الأنصاري: قد كنا نقوم، فقال علي عليه السلام: ذاك وأنتم يومئذ يهود.
لم يقم النبي صلى الله عليه وآله لجنازة قط إلا لجنازة واحدة لرجل يهودي فكره النبي صلى الله عليه وآله أن تعلوه وهو نبي الله صلوات الله عليه وآله. السنة أن لا تقوم للجنازة إذا مرت عليك ولم تكن مشيعا هو عدم القيام والترحم عليه من جلوس.
في مسند البزار برقم 631: كان علي وأبو مسعود قاعدين فمرت بهما جنازة فقام أبو مسعود فقال له علي اجلس فقال أما علمت أنا كنا نقوم للجنائز قال إنما كان ذلك وأنتم يهود.
في شرح النهج للمعتزلي ج4 ص76: حضرت عليا وقد سأله رجل عن امرأة توفي عنها زوجها وهى حامل فقال: تتربص أبعد الاجلين فقال رجل: فإن أبا مسعود يقول: وضعها انقضاء عدتها فقال علي عليه السلام: إن فروجا لا يعلم، فبلغ قوله أبا مسعود، فقال: بلى، والله إني لأعلم أن الآخر شر
أبو مسعود ترك قول أمير المؤمنين عليه السلام وقال بقول ابن الخطاب في المرأة الحامل التي يتوفى عنها زوجها. كان لنا تفصيل في "الاعتوار في المذهب المبتدعة" وبينا أن المخالف يقول عدتها بانقضاء حملها، وعلي عليه السلام يقول بالأبعدين فتبنى المخالف قول عمر.
قال المخالف بقول عمر أن عدة الحامل تنتهي بانقضاء مدتها وقالوا "إذا وضعت ما في بطنها وزوجها على السرير قبل أن يدلى في حفرته فقد انقضت عدتها" وعلي عليه السلام يقول بالأبعدين، فأنتم أهل الخلاف خالفتم عليا.
عدة المرأة ليست لاستبراء الرحم فقط بل لاحترام زوجها أيضا، فكيف يقول المخالف إذا مات زوجها على السرير وقبل أن يدفن لها أن تتزوج إذا ما وضعت حملها حينئذ، فأين احترام الزوج؟!
إذا تزوجت المرأة وقبل أن يدخل بها زوجها ووقع الطلاق فعليها أن تعتد أربعة أشهر وعشرا، مع العلم أنه لم يمسها، فكانت لاحترام الزوج، فكيف من مسها بعلها وأنجب منها أبناء وبنات؟!
أوصى النبي صلى الله عليه وآله بالتمسك بعلي عليه السلام لا بعمر، فتركتم فتاوي علي وتمسك بأقوال عمر الجاهل الذي يفتي برأيه. إن أهل الخلاف هم العصاة لعلي عليه السلام.
في شرح النهج لابن أبي الحديد المعتزلي ج4 ص76:روى المنهال عن نعيم بن دجاجة قال كنت جالسا عند علي عليه السلام إذ جاء أبو مسعود فقال علي عليه السلام جاءكم فروج فجاء فجلس فقال له علي عليه السلام بلغني أنك تفتى الناس قال نعم وأخبرهم أن الاخر شر قال فهل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا؟ قال: نعم، سمعته يقول: (لا يأتي على الناس سنة مائة وعلى الأرض عين تطرف)، قال: أخطأت استك الحفرة، وغلطت في أول ظنك، إنما عنى من حضره يومئذ، وهل الرخاء إلا بعد المائة!
فروج لا يعرف غير كلمة (الآخر شر) مما يسبب انهيارا في المجتمع وتثبط العزائم، فكم فروج عندنا اليوم لا يعرفون إلا كلمة واحدة يكررونها دائما. البعض لا يعرف إلا نظرية المؤامرة على الشيعة فإذا ما أراد الفرد الشيعي التحرك فإنه يتحطم بسبب تصوير وهمي لا وجود له.
إذا بقيت الأمة تعيش نظرية المؤامرة عليها فإنها لن تنهض، ولهذا الموضوع تفصيل مهم نرجئه لاحقا.
ثق بربك وبنبيك وبأئمتك وبإمامك صاحب الأمر صلوات الله عليهم واستهدِ برأي الحاكم الشرعي وتوكل على الله بنشر العلم وهداية الآخرين وإنكار المنكر ولا تدع نظرية المؤامرة ووهمها تثبطك.
كنت أتحدث لإخوان لنا في الكويت قبل عشرين عاما وقلت لهم أن هذا المنهج سيغير العالم، فكانوا يرونه شبه مستحيل، وها هو يتحقق. فلو كانوا معنا لنال أجر وشرف نشر الدعوة إلى ما وصلت إليه ولكان عدد المتشيعين أكبر. الشعور بعدم الثقة بالنفس سبب تنثبيط العزائم.
أرجوكم أن تقرأوا كتاب "تحرير الإنسان الشيعي" ففيه تاريخنا لاستعادة مجدنا وتنهض أمتنا، استشعروا الثقة بالنفس وأنكم الأعلون فإنكم ستنهضون.
تحرر من قيد الناس وماذا سيقولون وما هي ردة فعلهم، وضع المولى صاحب الأمر عليه السلام بين عينيك وكأنه ينظر إليك ويستمع لحديثك فبكلمة رضا منه تتبدد كل يُحكى ويُحاك ضدك وتستشعر التوفيق والتسديد الإلهي العجيب.
والله والله والله حينما أتحدث معكم مع كامل احترامي لكم ولكن لا أنظر لكم ولا أنظر إلا لرجل واحد وهو المولى صاحب الأمر عليه السلام فأتحرى رضاه عن كل كلمة أتلفظ بها ولا أتحرى رضا الناس عنها.
روى أبو مسعود حديثا عن النبي صلى الله عليه وآله لا يعرف معناه وهو سمع منه مباشرة: (لا يأتي على الناس سنة مائة وعلى الأرض عين تطرف)، فرد عليه أمير المؤمنين عليه السلام بكلمة قوية فيها تحقير وازدراء (أخطأت استك الحفرة).
الطالقاني الجاهل كحال فروج (أبي مسعود) جاهل لا يفهم ومنطقه كمنطق مصالحة فروج، الطالقاني الأبله يقول أمريكا صنعت البيت الأبيض ليكون مضادا "للبيت الأسود!" ويعني الكعبة! لا شيء عندنا في الإسلام اسمه البيت الأسود. ولكنه جاهل.
لماذا لم يحترم أمير المؤمنين عليه السلام أبا مسعود البدري وأمثاله حيث لم تخن ولم تُشترَ بالمال ولم تتآمر عليه وقد ترى تلك الشخصيات للوهلة الأولى لا تستحق كل ذلك الازدراء؟ الجواب: لأن حماقتهم تسبب أزمة في الأمة لذا وجب التحذير منهم.
في مسند أحمد برقم 1187: فدخل عليه أبو مسعود فقال له يا فروخ أنت القائل لا يأتي على الناس مئة سنة وعلى الأرض عين تطرف أخطت استك الحفرة إنما قال رسول الله لا يأتي على الناس مئة سنة وعلى الأرض عين تطرف ممن هو اليوم حي وإنما رخاء هذه الأمة وفرجها بعد المئة.
نصح أمير المؤمنين عليه السلام بترك قتل عثمان لأن مفسدة قتله أعظم من المصلحة، وترك مقادير الله تجري، ولم ينهَ عن قتله ولم يقل أنه ذو النورين ولم يورد مدحا له ولكن في قتله تحدث فتنة ولذا قال كلمة ليست فيها أدنى احترام لعثمان.
نصح أمير المؤمنين بترك قتل عثمان بقوله: إن تفعلوا فبيضا فلتفرخنه، أرى فتنة هاجت وباضت وفرخت ولو تركت طارت إليها فراخها. وذلك بعد أن أتاه قوم فاستأمروه في قتل عثمان فنهاهم. (النهاية في غريب الحديث والأثر ج3 ص424).
من يدعو إلى المصالحة مع المحرفين في دين الله أو الساعين في هدم الإسلام هو فرّوج أو فرّوخ بنص أمير المؤمنين عليه السلام.
كان أمير المؤمنين عليه السلام يشتكي من الحمقى والجهلة الذين أحاطوا به الذين يدعون إلى الصلح والمدانة مع المحرفين، هم فعلا لا عقل لهم.
في نهج البلاغة ج1 ص187: أما والذي نفسي بيده ليظهرن هؤلاء القوم عليكم، ليس لأنهم أولى بالحق منكم، ولكن لإسراعهم إلى باطل صاحبهم وإبطائكم عن حقي.
انتبهوا أيها المؤمنون إلى عامل جريان الوقت حيث تتطلب المرحلة أن تلتحقوا بسرعة وتلبوا النداء وإلا سينتصر العدو.
كان معاوية إذا أشرّ التحق به أصحابه، في حين أن أمير المؤمنين عليه السلام يخطب بهم ويحفزهم ويلقي المواعظ فيجر أحد الحديث طولا والآخر عرضا حتى ينحرف الموضوع من الجهاد إلى الحديث عن سعر الخضار في السوق!
في نهج البلاغة ج1 ص188: ولقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها. وأصبحت أخاف ظلم رعيتي. استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا. وأسمعتكم فلم تسمعوا، ودعوتكم سرا وجهرا فلم تستجيبوا، ونصحت لكم فلم تقبلوا. أشهود كغياب وعبيد كأرباب؟ أتلو عليكم الحكم فتنفرون منها. وأعظكم بالموعظة البالغة فتتفرقون عنها. وأحثكم على جهاد أهل البغي فما آتي على آخر القول حتى أراكم متفرقين أيادي سبأ ترجعون إلى مجالسكم وتتخادعون عن مواعظكم. أقومكم غدوة وترجعون إلي عشية كظهر الحية، عجز المقوم وأعضل المقوم أيها الشاهدة أبدانهم الغائبة عقولهم. المختلفة أهواؤهم. المبتلى بهم أمراؤهم. صاحبكم يطيع الله وأنتم تعصونه. وصاحب أهل الشام يعصي الله وهم يطيعونه. لوددت والله أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني رجلا منهم، يا أهل الكوفة منيت بكم بثلاث واثنتين: صم ذوو أسماع، وبكم ذوو كلام، وعمي ذوو أبصار. لا أحرار صدق عند اللقاء ولا إخوان ثقة عند البلاء. تربت أيديكم. يا أشباه الإبل غاب عنها رعاتها كلما جمعت من جانب تفرقت من جانب آخر.
في النهج الخطبة رقم 131: أيتها النفوس المختلفة والقلوب المتشتتة. الشاهدة أبدانهم، والغائبة عنهم عقولهم، أظأركم على الحق وأنتم تنفرونه عنه نفور المعزى من وعوعة الأسد. هيهات أن أطلع بكم سرار العدل، أو أقيم اعوجاج الحق. اللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منا منافسة في سلطان ولا التماس شيء من فضول الحطام، ولكن لنرد المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك. فيأمن المظلومون من عبادك، وتقام المعطلة من حدودك، اللهم إني أول من أناب وسمع وأجاب، لم يسبقني إلا رسول الله صلى الله عليه وآله بالصلاة.
كما رأيتم كيف كان يشتكي أمير المؤمنين عليه السلام بشكوى بليغة ممن حوله من أمثال الفرّوج أو الفرّوخ أبي مسعود. على الأمة أن تواجه كل فرّوج أو فرّوخ في أمتنا وأن لا يكونوا موجهين في الأمة كي لا تحدث الأزمات ويقع التضعضع.
حكمة لأمير المؤمنين لو اتبعت لكنا بخير إذ قال: لو سكت الجاهل ما اختلف الناس.