ملخّص الليلة الثامنة والعشرون، وهي عبارة عن تغريدات نشرها مكتب الشيخ على موقع التواصل الاجتماعي تويتر:
ملاحظة: هذه الليلة كانت مخصصة للإجابة عن إشكالات متداخل عبر مقطع مرئي، وقد تم عرضه في الليلة السابعة والعشرون، فراجع.
لم تسمع أذن الدهر من المصطفى صلى الله عليه وآله أن أبا بكر يقاتل على التنزيل بل المسموع كان خلافه وهو أن النبي صلى الله عليه وآله هو من قاتل على التنزيل وعلي عليه السلام هو من قاتل على التأويل.
علي عليه السلام هو المعني في قوله تعالى {بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه} فهو من أعطي هذا الوسام من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله حينما قال "لأعطين الراية غداً لرجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله".
إن الأحاديث التي رويتموها يا معشر أهل الخلاف والتي فيها أن النبي صلى الله عليه وآله عنى بالآية ٥٤ من سورة المائدة قوم من أهل اليمن فنقول يمكن أن تتوجه بأن أهل اليمن كانوا جل أنصار أمير المؤمنين عليه السلام في حروبه
إنا لا نجد نصاً يثبت أن المراد بالآية الـ ٥٤ من سورة المائدة هو أبو بكر ولذا فهي لا تثبت دليلاً على الحكم بإيمان أبي بكر فضلاً عن الحكم بأنه المعني {بِقَوْمٍ يُحِبّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}!
مَنْ {يَرْتَدّ} الإرتداد هنا لا يعني الإنسلاخ الكلي عن الدين حتى يُقال أن الآية ليس لها انطباق إلا على حالة أبي بكر وقتاله للمرتدين! يمكن أن يكون المراد هو البغي والخروج ونقض العهد وبالتالي يكون الجهاد في {يُجَاهِدُون} أعم ويشمل الجهاد على التنزيل والتأويل.
في الإمامة والسياسة نجد كتاباً أرسله علي عليه السلام لمعاوية مع جرير بن عبد الله جاء فيه: "وإن طلحة والزبير بايعاني بالمدينة، ثم نقضا بيعتهما، فكان نقضهما كردتهما، فجاهدتهما بعدما أعذرت إليهما".
في الشافي لابن الأثير: "لما توفي رسول الله واستخلف الناس أبا بكر" ثم قال: "وكان ممن خالف الجماعة منهم طائفة منعوا الزكاة فإنهم أقروا بشرائع الإسلام وأحكامه وأنكروا الزكاة ومنهم من أقر بالزكاة إلا أنه امتنع.." ثم جاء: "إما أن يكونوا كفاراً..وإما أهل بغي..".
أراد أهل الخلاف أن يثبتوا أن أبا بكر حارب المرتدين عن الإسلام وإذا بهم يثبتون أنه قاتل جماعة تقر بشرائع الإسلام وأحكامه وتقر الزكاة إلا أنها لم ترى شرعية لأبي بكر فامتنعت عن دفعها إليه.
لا يصح القول بأن معنى الإرتداد في قوله تعالى {يَا أَيهَا الذِينَ آمنُوا مَن يَرتَدّ} هو معنى واحد وهو الإنسلاخ الكلي عن الدين بل نجد شواهد تاريخية وأقوال فقهاء تنص على أكثر من معنى آخر وهو الخروج على الإمام والبغي عليه والنص الشرعي غائب في تعيين إحدى المعنيين.
أما الحسم عندنا فهو آكد وآكد فقد علمنا معنى قوله تعالى: {يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدّ} أمير المؤمنين كما قي الإفصاح للمفيد: "وتظاهر الخبر عنه عليه السلام أنه قال يوم البصرة والله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم".
إن المراد بالردة في قوله تعالى: {مَنْ يَرْتَدّ} هم عائشة وأصحابها لعنهم الله فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام في يوم الجمل "والله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم".
وبعد ما بين أمير المؤمنين عليه السلام بأن عائشة وأصحابها هم المرتدين في الآية الكريمة يأتي من يدعي أنه لعلي عليه السلام تبع وشيعة يدافع عن هذه المرتدة ويجعلها أماً له ويتولاها ويحصّنها ويجعلها سيدة ويترضى عليها!
إنا لا ندفع أن ممن قاتلهم أبي بكر مرتدون ولكنا ندفع أن قوله تعالى {فَسَوْف يَأتِي اللَّه بِقَومٍ يُحِبّهُم وَيُحِبُّونهُ} متعلق بأبي بكر وقد تبين أن دفعنا صحيح لأن الإدعاء بأن الآية إنما تعني أبا بكر فهو من الرجم بالغيب والتقدم على رسول الله الذي بين خلاف ذلك.
إن قتال أبي بكر لأهل الردة ليس دليلاً على إيمانه بالضرورة ولا دليلاً على أنه ممن عني بقوله تعالى {بِقَوْمٍ يُحِبّهُمْ وَيُحِبُّونَه} بالضرورة فليس كل من طلع بأمر قتال المرتدين شرطاً أن يكون مشمولاً بمنطوق هذه الآية الكريمة.
ألم يكن فيمن قاتل المشركين منافقون؟ هذا ما نُص عليه بالإجماع ففي حروب رسول الله صلى الله عليه وآله هنالك طوائف من المنافقين كانت تقاتل فهل مجرد القتال هنا يكفي للحكم بأن هؤلاء من أحباب الله ومن أهل الجنة؟ فدونكم قزمان ما كانت عاقبته؟
إن ابن أبي قحافة إن ترك مسيلمة مثلاً فسيشتد عوده ويزيل سلطان أبي بكر فكان لابد لأبي بكر من مقاتلته تحت راية الإسلام لا حباً في الإسلام بل خوفاً على كرسيه وعرشه فهل من دليل في حوزتكم يثبت خلاف ذلك؟
إن كان أبو بكر سليم النية وأراد فعلاً إعزاز دين الله عز وجل لما قاتل المسلمين لما تعدى على أهل بيت النبوة وإلا فما سر اقتحام بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله الثابت بالنص والذي ندم عليه ساعة هلاكه حيث قال ليتني لم أكشف بيت فاطمة؟!
إن المخالف لا يعتقد بالتفاصيل التي جرت حال كشف بيت بنت رسول الله من هتك حرمة واسقاط جنين إلا أنه يقر بالاقتحام فإن الذي كان يشغل بال أبي بكر في أيامه الأولى كان تثبيت الملك فلم يكن يفرق بين قتل كافر مرتد أو مسلم منع دفع الزكاة له أو قتل بنت رسول الله.
من المعجم الأوسط للطبراني: عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: "إن الله عز وجل يقول أنتقم ممن أبغض بمن أبغض، ثم أصير كلا إلى النار".
من تفسير ابن أبي حاتم: "...سمعت مالك بن دينار، يقول: قرأت في الزبور: إني أنتقم من المنافق بالمنافق، ثم أنتقم من المنافقين جميعا، وذلك في كتاب الله قول الله: وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون".
وكذا ورد في رجال الكشي: "عن أبي عبد الله عليه السلام أنه كتب إليه بعض أصحابه يسأله أن يدعو الله أن يجعله ممن ينتصر به لدينك فأجابه وكتب في أسفل كتابه يرحمك الله إنما ينتصر الله لدينه بشر خلقه".