بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى آله الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم الى يوم الدين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الجليل ياسر الحبيب
من هم ابرز اليهود الذين اسلموا عند النواصب، الذين يأخذون بأحاديثهم واقوالهم وآرائهم، ومن ابرز علماء اليهود الذي يأخذ عنه النواصب دينهم؟؟
اخوكم في حب امير المؤمنين ابو تراب
فائز الجبوري
باسمه جل ثناؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
من أبرزهم كعب الأحبار اليهودي الذي كان بمثابة الزعيم الديني ليهود الجزيرة العربية، ورغم أنه لم يسلم في زمان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رغم معاصرته له، إلا أنه أسلم فجأة في زمن عمر بن الخطاب! وهذا بحد ذاته يبعث في النفس تساؤلا عن سبب ذلك، وكيف أن هذا الحاخام اليهودي لم يؤمن رغم ما رآه من معجزات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) طوال فترة حياته الشريفة؛ ثم فجأة يقتنع بالإسلام في زمن عمر الذي عيّنه في ما بعد مستشارا له وأفسح له المجال لكي يحدّث الناس عن تعاليم اليهود!
كان عمر مثلا يستشير كعب الأحبار هذا في أهم أمور الحكم ويأخذ بآرائه مثنيا عليها! فمثلا لاحظ ما يرويه أحمد بن حنبل من أن عمر قال لكعب: "إني أسألك عن أمر فلا تكتمني. قال: والله لا أكتمك شيئاً أعلمه. قال ما أخوف شيء تخوفه على أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال أئمة مضلين! قال عمر: صدقت قد أسرَّ ذلك إليَّ وأعلمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم"! (مسند أحمد ج1 ص42).
بل يسأله عمر عن رأيه فيه؛ هل أنه خليفة شرعي لرسول الله حقا أم مجرد ملك وحاكم غير شرعي؟! فقد روى نعيم بن حماد أن عمر بن الخطاب قال لكعب: "أنشدك بالله يا كعب! أتجدني خليفةً أم ملكاً؟ قال: بل خليفة! فاستحلفه، فقال كعب: خليفة والله من خير الخلفاء! وزمانك خير زمان"! (كنز العمال ج12 ص574).
بل كان عمر يسأل كعب الأحبار عن الغيب وما سيجري في المستقبل ويرسل كلامه إرسال المسلّمات! فقد روى أبو داود عن الأقرع مؤذن عمر بن الخطاب أنه قال: "بعثني عمر إلى الأسقف، فدعوته، فقال له عمر: وهل تجدني في الكتاب؟ قال: نعم، قال: كيف تجدني؟ قال: أجدك قرناً، فرفع عليه الدرة، فقال: قرن مه؟ فقال: قرن حديد، أمين شديد! قال: كيف تجد الذي يجيء من بعدي؟ فقال: أجده خليفة صالحاً غير أنه يؤثر قرابته! قال عمر: يرحم الله عثمان! ثلاثا، فقال: كيف تجد الذي بعده؟ قال: أجده صدأ حديد! فوضع عمر يده على رأسه فقال: يا دفراه يا دفراه! فقال: يا أمير المؤمنين، إنه خليفة صالح ولكنه يُستخلف حين يُستخلف والسيف مسلول والدم مهراق"! (سنن أبي داود ج2 ص403).
فانظر هنا كيف أن كعب الأحبار هذا يشبّه الخليفة الشرعي أمير المؤمنين (عليه السلام) بصدئ الحديد ويتجاوب معه عمر بالقول: (يا دفراه يا دفراه)! أي: يا لنتانة وقذارة صاحبنا هذا!!
وكان عمر (عليه اللعنة) كثيرا ما يسأل هذا الحاخام اليهودي عن أمور الدين، فقد سأله: "ما أول شيء ابتدأه الله من خلقه؟ فقال كعب: كتب الله كتاباً لم يكتبه بقلم ولا مداد ولكن كتب بإصبعه يتلوها الزبرجد واللؤلؤ والياقوت: أنا الله لا إله إلا أنا سبقت رحمتي غضبي"! (الدر المنثور ج3 ص6).
وعندما قرأ عمر الآية الشريفة: "وأدخلهم جنات عدن" لم يجد غير هذا اليهودي الذي أسلم حديثا لكي يسأله عن تفسيرها! فقال له: "يا كعب ماعدن؟ قال: قصور من ذهب في الجنة يسكنها النبيون والصديقون وأئمة العدل"! (الدر المنثور ج5 ص347).
بل كان عمر يستشير كعب الأحبار في وجهات سفره! إذ أراد ذات مرة أن يسافر العراق لكن كعب الأحبار نصحه بعدم الذهاب فامتثل لذلك! فقد جاء: "عن أبي إدريس قال: قدم علينا عمر بن الخطاب الشام فقال: إني أريد أن آتي العراق، فقال له كعب الأحبار: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين من ذلك! قال وما تكره من ذلك؟ قال: بها تسعة أعشار الشر وكل داء عضال وعصاة الجن وهاروت وماروت، وبها باض إبليس وفرخ"! (كنز العمال ج14 ص173).
ولم يكن ذم هذا اليهودي الخبيث للعراق إلا لأن أهله كانوا مشهورين منذ ذلك الوقت بالولاء والتشيع لمولى الموحدين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه! بينما نراه يثني ثناء عظيما على الشام إلى درجة أنه يعتبرها أفضل من المدينة المنورة! وما ذلك إلا لأن بني أمية كانوا هم من باضوا هناك وفرّخوا وزرعوا مشاعر النصب والعداء لأمير المؤمنين عليه السلام! فقد اقترح عمر ذات مرة على كعب أن يترك الشام ويستقر بالمدينة، حين قال له: "ألا تتحول إلى المدينة؟ فيها مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبره. فقال كعب: يا أمير المؤمنين.. إني وجدت في كتاب الله المنزل أن الشام كنز الله من أرضه، فيها كنز من عباده"!! (كنز العمال ج14 ص143).
وبعد هذا يعجب المرء كيف يرمينا المخالفون بأننا قد أخذنا ديننا من اليهود بدعوى أن هناك شخصا أسطوريا اسمه عبد الله بن سبأ كان يهوديا ثم أسلم وهو الذي صنع التشيع! بينما لا يلتفتون إلى أن دينهم في أصله وجذوره إنما جاء من اليهود لأن أئمتهم وخلفاءهم – كعمر بن الخطاب – إنما كانوا تلاميذ عندهم يأخذون عنهم العقائد والأحكام ويستشيرونهم في كل صغيرة وكبيرة!
بل إن عائشة كانت عندما تمرض تأتي بامرأة يهودية لكي ترقيها وتدعو لها بالشفاء وذلك بمرأى من أبيها أبي بكر! كما تلاحظ في هذه الرواية: "عن عمرة بنت عبد الرحمن، أن أبا بكر الصديق دخل على عائشة وهي تشتكي ويهودية ترقيها! فقال أبو بكر: إرقيها بكتاب الله"! (موطأ مالك ج2 ص943).
فانظر إلى مدى التلاصق الشديد بين أئمة الضلال وبين اليهود المنحرفين!
رعاكم الله للخير. والسلام.
الثاني والعشرين من شهر صفر لسنة 1427 من الهجرة النبوية الشريفة.