ما المقصود من قول الله تعالى: ”فاقتلوا أنفسكم“؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

ما معنى طلب موسى عليه السلام من بني اسرائيل أن اقتلوا أنفسكم.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسعد الله أيامنا وأيامكم.

معناه ليقتل كل أحدٍ منكم أخاه أو صاحبه الذي عبد العجل، وكان هذا كفارة للإثنين للقاتل والمقتول. أما القاتل فلأنه سكت على أخيه أو صاحبه حين عبد العجل فلم ينهه عن ذلك، فأمره الله تعالى بأن يقتله بنفسه حتى يستشعر مرارة الألم حين يقتل أباه أو ابنه أو أخاه أو قريبه فيغفر الله له. وأما المقتول فلأنه عبد العجل وكفر بالله تعالى، فيكون قتله كفارة له حتى يغفر الله تعالى له ذلك تماماً كحال المرتد الفطري إذا ما تاب بعد استقرار الحد عليه، فإن كفارته التي ترفع عنه العذاب في الآخرة هي أن يُقتل في الدنيا. ومع ذلك فقد تاب الله على قوم موسى (عليه السلام) لاحقاً ورفع القتل عن أكثرهم بعدما توسلوا بمحمد وآله الأطهار عليهم الصلاة والسلام.

روى القمي في تفسيره عن الأئمة الأطهار عليهم السلام: ”إن موسى لما خرج إلى الميقات ورجع إلى قومه وقد عبدوا العجل قال لهم موسى: يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم. فقالوا له: كيف نقتل أنفسنا؟ فقال لهم موسى: اغدوا كل واحد منكم إلى بيت المقدس و معه سكين أو حديدة أو سيف فإذا صعدت أنا منبر بني إسرائيل فكونوا أنتم ملتثمين لا يعرف أحد صاحبه فاقتلوا بعضكم بعضا. فاجتمعوا سبعين ألف رجل ممن كان عبدوا العجل إلى بيت المقدس، فلما صلى بهم موسى وصعد المنبر أقبل بعضهم يقتل بعضا حتى نزل جبرائيل فقال: قل لهم يا موسى: ارفعوا القتل فقد تاب الله عليكم، فقُتل عشرة آلاف. وأنزل الله: ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم“. (تفسير القمي ج1 ص47)

وقال إمامنا العسكري (عليه السلام) في تفسيره أن القاتلين قالوا: ”نحن أعظم مصيبة منهم! نقتل بأيدينا آباءنا وابناءنا واخواننا وقراباتنا ونحن لم نعبد (العجل) فقد ساوى بيننا وبينهم في المصيبة! فأوحى الله إلى موسى: يا موسى! إني إنما امتحنتهم بذلك لأنهم ما اعتزلوهم لمّا عبدوا العجل ولم يهجروهم ولم يعادوهم على ذلك. قل لهم: من دعا الله بمحمد وآله الطاهرين الطيبين يسهل عليه قتل المستحقين للقتل بذنوبهم. فقالوها فسهل عليهم ولم يجدوا لقتلهم ألما. فلما استحر القتل فيهم وهم ستمئة ألف الا اثني عشر ألفا الذين لم يعبدوا العجل؛ وفق الله بعضهم فقال لبعض والقتل لم يفض بعدُ إليهم: أوليس الله قد جعل التوسل بمحمد وآله الطيبين أمراً لا يخيب معه طلبة ولا يرد به مسألة وهكذا توسلت الأنبياء والرسل؛ فما لنا لا نتوسل بهم؟ فاجتمعوا وضجّوا: يا ربنا! بجاه محمد الأكرم، وبجاه علي الأفضل الأعظم، وبجاه فاطمة الفضلى، وبجاه الحسن والحسين سبطي سيد النبيين وسيدي شباب أهل الجنة أجمعين، وبجاه الذرية الطيبين الطاهرين من آل طه ويس، لما غفرت لنا ذنوبنا، وغفرت لنا هفواتنا، وأزلت هذا القتل عنا. فذاك حين نودي موسى عليه السلام من السماء: أن كُفَّ القتل، فقد سألني بعضهم مسألة وأقسم عليَّ قسماً لو أقسم به هؤلاء العابدون للعجل وسألوا الله العصمة لعصمتهم حتى لا يعبدوه، ولو أقسم عليَّ بها إبليس لهديته، ولو أقسم بها عليَّ نمرود أو فرعون لنجيّته. فرفع عنهم القتل، فجعلوا يقولون: يا حسرتنا! أين كنا عن هذا الدعاء بمحمد وآله الطيبين حتى كان الله يقينا شر الفتنة ويعصمنا بأفضل العصمة“؟! (تفسير الإمام العسكري عليه السلام ص253)

مكتب الشيخ الحبيب في لندن


ليلة 14 ربيع الأول 1431


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp