السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد
سؤالي هو يا سماحة الشيخ حول هذه الرواية
أن الإمام الحسن عليه السلام قال:
ياأهل الكوفة : ذهلت نفسي عنكم لثلاث : مقتلكم لأبي ، وسلبكم ثقلي ، وطعنكم في بطني و إني قد بايعت معاوية فاسمعوا و أطيعوا ، فطعنه رجل من بني أسد في فخذه فشقه حتى بلغ العظم { كشف الغمة540، الإرشاد للمفيد190، الفصول المهمة 162، مروج الذهب للمسعودي )
س1/ ما مدى مصداقية هذه الرواية هل هي معتبرة عند الشيعة من حيث السند وقد نقلها شيخنا المفيد رحمة الله عليه؟
س2/ماذا كان يقصد الإمام عليه السلام بقوله قد بايعت معاوية ونحن نقر بأنه صالحه؟
س3/ هل كان الإمام عليه السلام يأمر بطاعة الفاجر معاوية بدلا عنه؟؟
س4/ كما ان الوهابية يحتجون بهذا السؤال : إذا لم تكن الرواية صحيحه فلماذا ينقلها الشيخ المفيد في كتابه؟
أحمد عبدالله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جواب الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ليس على الأرض أفحش من أتباع عائشة في الكذب والتزوير! وما ذاك إلا لأنهم يرون دينهم يتساقط ويتهاوى فيحاولون جبره بخداع عوام الناس والتدليس عليهم!
وهذا الذي تسألون عنه هو مثال على ذلك، فإن الرواية المزعومة هذه لم يروها الشيخ المفيد ولا غيره من أعلام الشيعة! إنما هي روايتهم هم، تجدها في تاريخ بغداد للخطيب ج1 ص149 وتاريخ دمشق ج13 ص27 والإصابة لابن حجر ج2 ص65، ولا تجد لها أثراً لا في كشف الغمة ولا في الإرشاد ولا في الفصول المهمة! نعم تجدها في مروج الذهب للمسعودي ج1 ص348 ولكنها منقولة عن نسخة لصاحبهم الطبري!
والذي فعله هؤلاء الأفاكون هو أنهم ألصقوا بروايتهم الموضوعة هذه ذيلاً من روايتنا التي تجدها في الإرشاد للمفيد ج2 ص12 وكشف الغمة للإربلي ج2 ص163 وغيرهما، والذي ألصقوه هو ما جاء فيها من أنه (عليه السلام) حين ركب فرسه: «بدر إليه رجل من بني أسد اسمه الجراح بن سنان وأخذ بلجام فرسه وبيده مغول وقال: الله أكبر! أشركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل! وطعنه في فخذه فشقه حتى بلغ العظم، فاعتنقه الحسن عليه السلام وخرّا جميعاً إلى الأرض».
هكذا تراهم أخذوا روايتهم التي فيها «إني قد بايعت معاوية فاسمعوا له وأطيعوا» وألصقوا بها «..وطعنه في فخذه فشقه حتى بلغ العظم» مع شيء من التحريف والتغيير والتبديل، وأرجعوا إلى مصادر شيعية حتى يوهموا الناس أن الرواية يرويها الشيعة!
على أن الحمقى لم يلتفتوا أيضاً إلى أن بعضاً من مصادرهم الأخرى لم ترد فيها هذه الزيادة في روايتهم، أعني قوله: «إني قد بايعت معاوية فاسمعوا له وأطيعوا»، بل اقتصر ما فيها على قوله: «يا أهل الكوفة! لو لم تذهل نفسي عنكم إلا لثلاث لذهلت، لقتلكم أبي، وطعنكم في فخذي، وانتهابكم ثقلي» هذا فقط، كما في الكامل لابن عدي ج7 ص121 وميزان الاعتدال للذهبي ج4 ص312 وسير أعلام نبلائه أيضاً ج3 ص145 ولفظ آخر لابن عساكر في تاريخه ج13 ص270.
ثم على فرض أن الرواية رواها المفيد، فإن احتجاجهم بأنه لماذا رواها إذا لم تكن صحيحة هو مما يبعث على القهقهة! وليس له من الاحتجاج العلمي نصيب، لأن من المعلوم أنه لا يمكن إلزام المرء بكل ما يورده في كتاب من كتبه من أخبار وآثار إلا إذا نصّ على أنه لم يخرج فيه إلا ما صحّ، ومع ذا لا يمكن إلزام غيره وإن كان من مذهبه، لأنه قد يصحّ عن واحد ما لا يصحّ عند آخر، نعم يمكن إلزام الجميع إذا أقرّوا بصحة كتاب أحدهم، كما عند الطائفة البكرية في شأن ما أخرجه شيخاهم البخاري ومسلم، أما نحن فلم نقرّ بمثل هذا في كتاب من كتبنا، ولا نصّ المفيد عليه. ولو أنهم احتجوا علينا بهذا لأمكننا إلزامهم أيضاً بعشرات الروايات والأحاديث التي جاءت في كتب علمائهم مما يدعون الآن أنها لم تصح! إذ يقولون مثلا حين نستخرج لهم رواية من تاريخ الطبري: هذه ضعيفة! - مع أنها إن دققت لا تكون كذلك - فهل لنا أن نحتج عليهم بالقول: إذا كانت غير صحيحة فلماذا أخرجها الطبري؟!
نقول هذا على فرض أن الرواية أخرجها المفيد كما يزعمون، فكيف والرجل بريء مما يدّعون! ولا جاءت هذه الرواية في كتابه؟! إنما الرواية روايتهم وقد ألصقوا بها شيئاً من رواية يرويها المفيد وغيره من أعلام التشيع، وجاءوا إلينا برواية مختلقة مكذوبة ركّبها أحدهم في مخيلته وجاء يلزمنا بها؟!
إني لست أدري متى سيكف هؤلاء القوم عن أخلاق أمهم عائشة في الكذب والاختلاق! ألا تخلّقوا بأخلاق رسول الله (صلى الله عليه وآله) الصادق الأمين؟! ألا لعنة الله على الكاذبين!
كتب الله لنا ولكم خير الدنيا والآخرة، والسلام. ليلة أربع بقين من جمادى الآخرة لسنة إحدى وثلاثين وأربعمئة وألف من الهجرة النبوية الشريفة.