السلام عليكم
كنت في نقاش مع احد الشيعة عن موضوع لعن أبا بكر وعمر وعثمان وعائشة فقال لي هذا الشخص (أنا اتحدى ان تأتي برواية من كتب الشيعة أن أحد الأئمة عليهم السلام صرح باللعن بأسماء هؤلاء) فنفى وجود حتى رواية واحدة في هذا الموضوع واحتج علي يقول الله تعالى (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) فكان لي ردا عليه لكن لم يكن وافيا فاتمنى الرد من سماحة الشيخ بأقرب وقت.
مهدي دشتي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أسعد الله أيامنا وأيامكم.
يمكنكم مراجعة سلسلة (بيان آل محمد - عليهم السلام - في أعدائهم) فقد ذكر الشيخ عشرات الروايات ومن ضمنها الروايات التي تذكر أن أهل البيت (عليهم السلام) لعنوا وذموا أعداءهم بالاسم صراحة. تجدون السلسلة على (هذا الرابط)
وإحدى هذه الروايات هي ما رواه ثقة الإسلام الكليني وشيخ الطائفة الطوسي (عليهما الرضوان) بسند معتبر عن الحسين بن ثوير وأبي سلمة السراج قالا: ”سمعنا أبا عبد الله عليه السلام وهو يلعن في دبر كل مكتوبة أربعة من الرجال وأربعا من النساء، فلان وفلان وفلان ومعاوية - ويسمّيهم - وفلانة وفلانة وهند وأم الحكم أخت معاوية“. (الكافي ج3 ص342 وتهذيب الأحكام ج2 ص321) وفي لفظ رواية الطوسي: ”التيمي والعدوي وفعلان ومعاوية - ويسميهم - وفلانة وفلانة وهند وأم الحكم أخت معاوية“.
فلاحظ ما جاء في الرواية من أن الإمام (عليه السلام) عندما لعن هؤلاء كان «يسمّيهم». وهؤلاء هم أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وعائشة وحفصة وهند وأم الحكم، لكن الراوي حيث لم يكن يستطيع التصريح بأسمائهم فقال: (فلان وفلان.. أو: التيمي والعدوي.. وفلانة وفلانة) فإنه أراد أن لا يظن السامع أن الإمام (عليه السلام) لم يكن يصرّح بأسمائهم حين يلعنهم، فلذلك أكد على ذلك بقوله: «ويسمّيهم»، أي أن الإمام الصادق (عليه السلام) كان بعد كل صلاة مفروضة يقول في دعائه هكذا: «اللهم العن أبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية وعائشة وحفصة وهند وأم الحكم».
ومن العيب على الإنسان غير المطلع وغير المتعلم أن يجازف بنفيه وجود حتى رواية واحدة فيها لعن الأئمة (عليهم السلام) لأعدائهم بأسمائهم، والأكثر عيباً أن يجازف بذلك بعض الجهلة من المعممين الذين يرتدون الزي الديني وليسوا لائقين لذلك.
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
11 رجب 1431
----------------------------------
السؤال :
بسمه تعالى
رأيت جوابا لكم لسائل يسألكم تحت عنوان :
أحد ”الشيعة“ تحداني بأنه لا توجد حتى رواية واحدة فيها اللعن بالأسماء لأبي بكر وعمر وعثمان وعائشة.. فما ردكم؟(*)
===========================
أقول تعليقا على المقام:
أنا لست أنكر جواز اللعن في العنوان الاولي وخصوصا عند عدم ورود عناوين ثانوية، ولا نحتاج في هذا الأمر الى رواية للعن أئمة الضلال.
ولكن من العيب ان يتصدر الانسان في اصدار الاحكام ويدعي الاجتهاد الجزئي وانه من اهل الخبرة ويعيب على غيره من العلماء وهو جاهل بأمور علمية
(( ومن العيب على الإنسان غير المطلع وغير المتعلم أن يجازف بنفيه وجود حتى رواية واحدة فيها لعن الأئمة (عليهم السلام) لأعدائهم بأسمائهم، والأكثر عيباً أن يجازف بذلك بعض الجهلة من المعممين الذين يرتدون الزي الديني وليسوا لائقين لذلك. ))
الرواية التي وصفتها بالاعتبار فيها سقط بالسند ، فظاهر سند الكليني هو الاعتبار ولكن فيه سقط لراو مجهول ، راجع سند الشيخ وستعرف السقط ، الظاهر انك مقلد لغيرك أو لست من أهل هذا الفن.
هذه واحدة فقط مهلكة ولو تتبعنا سقطاتك الباقية فكم سيكون عددها ؟!
نصيحة لوجه الله خالصة الزم بيتك ، ولا تكون رأسا يقود الناس بالجهل.
أبو محمد
______________
(*) تم حذف نصي السؤال والجواب المقتبسين في هذه الرسالة لسؤال وجواب سابقين، لوجودهما قبل هذه الرسالة في أعلى الصفحة، وهذه الرسالة تعليقا عليهما.
-------------------
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
علق سماحة الشيخ بالقول: ”ذكر صاحب الوسائل أن الشيخ في سنده ”ترك قوله عن الخيبري“ (الوسائل ج6 ص462) فإن أعرضنا عن القول بالزيادة في نسخة التهذيب المتداولة وقلنا بالسقوط في سند الكليني؛ لما ضرّ ذلك أيضا في الحكم بالاعتبار من حيث المجموع.
ذلك لأن الخيبري ليس مجهولاً كما توهمت، وإنما هو ”خيبري بن علي الطحان الكوفي“، والقدح في مذهبه لا يلازم القدح في وثاقته سيما إذا جاء القدح بلفظ: ”يُقال“، وقد وقع في أسناد كامل الزيارات كما في ص244، ومبنانا وثاقتهم جميعاً كما هو مبنى جمع من الأعاظم، إلا إذا قام الدليل على القدح في وثاقة أحدهم بعينه مع احتفاف ذلك بالقرينة المفضية للاطمئنان، ذلك لأن مبنانا عدم كفاية الظن بالمنقول في الرجال - مع التسليم أنه عن حس لا حدس - لأنا لا نعلم طريق نقل الناقل، فيؤول الأمر إلى الاحتفاف بالقرينة المفضية للاطمئنان لمقاومة التوثيق الإجمالي ورفع اليد عنه. وتفصيل ذلك يكون إن شاء الله في دروس الدراية، فترقب.
وإذ نقول بالمجموع فإن السند يكون معتبراً بلحاظ وقوع الخيبري في أسناد كامل الزيارات، نعم ليس هو بصحيح على الاصطلاح، غير أن الاعتبار الذي نقول به أعم من صحة السند، إنما يُراد به أن هذا السند هل يمكن التعويل عليه أم لا؟ ولذا ترانا لم نعبّر بالصحة بل بالاعتبار.
ثم بعد ذلك يأتي اعتبار المتن، فاعتبار المجموع، وذلك أعم من الأعم فيهما، ويُراد بهذا الأخير أن هذا الحديث هل يمكن التعويل عليه من حيث المجموع أم لا؟
وقد أشرنا إلى ذلك في بعض دروسنا الحوزوية في الدراية وكذا في ثنايا الفقه الاستدلالي والقواعد الفقهية، كما أشرنا إليه أيضا في جوابين سابقين(1)“.
فلا تتسرع وترمي سماحة الشيخ بالجهل فإن من العيب أن يرمي طالب العلم غيره بالجهل قبل أن يعرف مبناه فيحاكمه على مبنى غيره! وللعلم فإنك لو دققت لوجدت أن مبنى سماحة الشيخ يشترك مع مبنى جمع من الأعاظم ومسلكهم قديما وحديثا.
ثم على رسلك، إن كانت لسماحة الشيخ دعوى فهي أنه طالب علم فقط، فلا تحملن كلام سماحته عما يتطلع إليه على أنه حكاية عن واقع. ولتأخذ من غير سماحته تقييمك له فليس ذلك من شأن سماحة الشيخ، فإنه لا يدعو لنفسه بحال من الأحوال، ليس يبني مرجعية، وليس يطرح نفسه قائداً لأحد، إنما هو ناصح، عامل إن شاء الله بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا أقل ولا أكثر.
غفر الله لك! قد كان يسعك أن توقف سماحة الشيخ على ما توهمته خطأ ناصحاً بغير لغة الإزراء، فتلك شيمة أهل العلم، ولو أن الشيخ أراد مماحكتك لقال لك: وإنك لهاهنا وأنت تلحن بقولك: ”ولا تكون رأسا يقود الناس بالجهل“؟! فالصواب أن تقول: ”ولا تكن رأسا..“!
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
ليلة 30 شهر شوال 1431
_________________________
(1) قال سماحة الشيخ في جواب سابق: ”وأما الاطمئنان والوثوق والاعتبار، فعلى مبنى أنه أعمّ من صحة السند وعدمها كما هو الحق..“، وكذلك قال في جواب آخر: ”ولا ينحصر الحكم باعتبار الرواية في كونها صحيحة السند، فصحة السند إنما هي إحدى المزايا، وهناك مزايا أخرى تجعل الرواية معتبرة حائزة على الحجية في مقام العمل أو الاعتقاد حتى ولو كانت ضعيفة السند، منها موافقتها للكتاب، واستفاضتها واشتهارها، وأخذ الأصحاب بها، واحتفافها بالقرائن الموجبة للاطمئنان بصدورها، ووجود نظائر لها، ووجود المعارض لها عند أهل الخلاف، ومشموليتها بالقواعد التصحيحية، إلى غير ذلك من مزايا.
وكم من رواية صحيحة السند إلا أنها مسلوبة الاعتبار في مقام العمل أو الاعتقاد، لوجود ما يقدح فيها أو يكسرها، كمعارضتها للكتاب، وشذوذها، وإعراض الأصحاب عنها، وظهور علة فيها، وفقدان النظير لها، وموافقتها لما عند أهل الخلاف، وخروجها عن القواعد التصحيحية. إلى غير ذلك من قوادح.
وعليه، فما يتوهمه الجهلة من أن كل حديث فاقد لصحة السند هو فاقد للحجية والاعتبار هو وهم فاسد، وكذا ما يتوهمونه من أن كل حديث حائز على صحة السند هو حائز على الحجية والاعتبار. فليست هذه الملازمة ضرورية“.
تجد الجوابين كاملين بالضغط (هنا)، و(هنا).