احتفل بهلاك الظالمين كما تشاء ولكن لا نريد تحمّل تبعات ما تفعله!

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم

الحاج ياسر الحبيب وفقك الله ، بعد الدعاء لكم بالتوفيق ونيل رضا صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف والصلاح والهداية لما يرضيه بأبي هو وأمي ...

إننا في حين نصاب بالقرف والاشمئزاز عندما نسمع اسم كل من ظلم آل محمد صلوات الله عليهم ولو بكلمة ، ونشعر بجذوة البغض والبراءة ، ونستشعر الرغبة في المجاهرة بفضحهم لعنهم الله ... نمسك ونصبر ... لأننا مكلفون بالتقية ... التي هي دين الأئمة سلام الله عليهم وديننا ... وهذا هو مسلك فقهائنا في زمن الغيبة ... حتى في ما يسمى بالجمهورية الإسلامية فالعلماء يتقون في الدولة الشيعة من الشيعة أنفسهم ... فما بالك بغيرهم ...

في الكافي الشريف عن مولانا الإمام الصادق عن أبيه صلوات الله وسلامه عليهما : لا والله ما على وجه الأرض شيء أحب إلي من التقية ، يا حبيب إنه من كانت له تقية رفعه الله ، يا حبيب من لم تكن له تقية وضعه الله ، يا حبيب إن الناس إنما هم في هدنة فلو قد كان ذلك كان هذا.
يقول العلامة المجلسي في مرآة العقول في شرح هذا الحديث : (فلو قد كان ذلك) يعني ظهور القائم عليه السلام والأمر بالجهاد معهم ومعارضتهم (كان هذا) أي ترك التقية الذي هو محبوبكم ومطلوبكم.

وهو بالفعل محبوب ومطلوب عندنا ...

ربما ترى أن التقية غير محرزة في هذا العصر ، فهذا شأنك ونفسك باعتبار أنه رأيك وحدك المخالف لمشهور العلماء والمتعارف بين أبناء الطائفة ...
إن كنت تريد أن تودي بنفسك في المهالك وتعيش في المهجر وتتلف نفسك على بغض أعداء الزهراء فنسأل من الله لك القبول ...
لكن لا نريد أن نتحمل تبعات حماستك ... لا أريد أن أخسر وظيفتي فيثقل علي أمر الكد على عيالي ... لا أريد أن يمنع خطيبنا في محرم من دخول الكويت ... لا أريد أن يضيق علي في المدينة عندما أزور أئمة البقيع سلام الله عليهم ...
لا أريد أن أفسد علاقتي مع جاري السني فيمنعني من استخدام مواقف السيارات في شهر محرم وأمنعه من مواقف السيارات في مناسبته ...
لا أريد أي شيء من هذا ... أنت تريد لك الحرية في ذلك ...
لكنني لا أريد ، ولا سائر الشيعة يريدون ... لا نريد أن نتحمل تبعات حماستك ...
نحن نقدر هذا الحب والولاء ؛ ولكن كمال هذا الحب وكمال الأدب هو الطاعة ... نعم الطاعة والانصياع لأوامرهم ...
نحن لا نحب أن نسكت عن مثالب عدونا ونحب أن نشيع فضائل آل محمد وعظمة أئمتنا صلوات الله عليهم ...
لكن كتمان سرهم جهاد في سبيل الله ...
تريد أن تفعل ذلك فشأنك ؛ لكن لا أريد أن أتحمل تبعات حماستك أبدا ...
أنا أعتقد بوجوب التقية فلا تحملني ما تفعل ...

تحية عطرة ، مع أمل في أن تفهم الرسالة ومضمونها وتخفف من حدة هجومك ... احتفل بهلاك أعداء الله ، لكن لا داعي لاستخدام الاعلام ...
افعل ذلك وإن شاء الله ستسشعر في قلبك رضا قلب إمامك عنك ...

وفقك الله لكل خير

حسن


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تسلّم سماحة الشيخ رسالتكم شاكرا ومقدرا وداعيا لكم بالخير والتوفيق.

وينصحكم سماحة الشيخ بالرجوع إلى ما يقوله في موضوع التقية سيما في التعليقات اليومية، فإن سماحته يناقش في صدق تحقق مصاديقها الموضوعية في هذا الزمان(1).

أما ما ذكرته مما لا تريد أن تتأثر به معيشتك، فاطمئن، لا شيء يقع إلا بعض الحواجز النفسية التي تزول مع مرور الوقت، وهي مرجوحة في ظل راجحية المد التغييري الذي يفضي إن شاء الله تعالى إلى تحرير الإنسان الشيعي وفرض واقع علوه على الغير ودخول هذا الغير تباعاً في دين الله أفواجاً.

إنما هي بضع سنين فحسب، وسترى بعون الله تعالى نتاج هذا المخاض. لا ينفي سماحة الشيخ أنه في بدايته صعب، لكن نتيجته ستكون أحلى من العسل بإذن الله تعالى. فاصبر قليلاً.

ولو أن كل جهدا تغييرياً شيعيا لواقع الإذلال ينبغي تركه لئلا يتأثر أحد في معيشته حتى بمقدار هذا التأثر اليسير؛ لما تحقق تطلع شيعي قط، ولعل آخره ما تطلع إليه أكثرنا من ثورة في إيران. فمن المعلوم ما سببته تلك الثورة من ضغوط على الشيعة في كل أنحاء العالم سيما في الخليج، غير أن الشيخ أيده وقال: ”نصبر ونتحمل! المهم هو تحقق الأمل - وإن خُدعنا به في النتيجة - إلا أنه كان أملا في تغيير واقع إذلالي إلى واقع عزة ورفعة ومنعة.

ألا تعطي لمن يشعل ثورة عقائدية فرصة كما أعطيت من أشعل ثورة سياسية؟ احتمل أن لهؤلاء حجة بينهم وبين الله تعالى تستحق أن تصبر لأجلها على بعض ما هو يسير، والبث لترى هل أنهم يخادعون أنفسهم أم أنهم واثقون بنصر الله؟

زماننا يشبه في بعض أبعاده زمان المفيد (رضوان الله تعالى عليه) فاقرأ سيرته وانظر كيف رفع التقية في موارد وموارد، وأمر بذلك شيعة بغداد. نعم قد سبب ذلك بعض الحوادث، لكن لولا حركة المفيد، وبعثه للمد الشيعي، لضاع التشيع أو كاد، أو لكان التشيع الذي ندين به اليوم غير الذي ضحى المفيد لأجل إيصاله إلينا نقيا خالصا من الشوائب البترية، ولكان عددنا اليوم أقل بكثير مما نحن عليه.

اصبر حتى ترى تكوّن عالم شيعي جديد بإذن الله تعالى لا ترى فيه إلا النقاء والصفاء والعلو والهيمنة، ولا تُتعدى به التقية إلى خارج أطرها الشرعية لتكون مرادفة للإذلال والخنوع. والأمل أن يكون هذا العالم ممهدا لقدوم صاحبنا المفدى صلوات الله عليه وعجل الله تعالى فرجه الشريف.

وليكن هذا الحديث الشريف على بالك، وتأمل فيه جيدا أيامك ولياليك حتى تسبر أغواره:
قال الصادق عليه السلام: ”وأيم الله لو دُعيتم لتنصرونا لقلتم: لا نفعل! إنما نتَّقي! ولكانت التقية أحبَّ إليكم من آبائكم وأمهاتكم! ولو قد قام القائم ما احتاج إلى مساءلتكم عن ذلك ولأقام في كثيرٍ منكم من أهل النفاق حدّ الله“! (التهذيب ج6 ص172 عن أبي حمزة الثمالي رضوان الله عليه).

ولا تنس أن تدعو دوماً بما جاء عنهم عليهم السلام:

”واجعلنا يا رب.. ممن لا حاجة به إلى التقية من خلقك“. (دعاء يُدعى به عقيب زيارة المهدي صلوات الله عليه، رواه السيد ابن طاووس في مصباح الزائر ص219)“.


مكتب الشيخ الحبيب في لندن



(1) تجد تعليقات سماحة الشيخ (بالضغط هنا).

3 ذو القعدة 1431


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp