بسم الله الرحمن الرحيم
مولانا الكريم، السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و عظم الله أجورنا و أجوركم بمصاب مولانا و إمامنا أبي عبدالله الحسين عليه السلام،
أردت أن أسئل عن وصية الإمام لاخته العقيلة الحوراء زينب سلام الله عليهما: " يا اخية، إني اقسم عليك فأبري قسمي لا تشقي علي جيبا، ولا تخمشي على وجها، ولا تدعي علي بالويل والثبور إذا انا هلكت"،
كيف يمكن جمع هذه الوصية مع رواية ضرب العقلية الحوراء سلام الله عليها جبينها على عمود المحمل حتى سالت الدماء من رأسها الشريف؟
وشكرا.
باسمه تعالى شأنه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد إمامنا سيد الشهداء وأهل بيته وأصحابه وبذكرى استشهاد إمامنا السجاد (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) جعلنا الله وإياكم من الطالبين بثأرهم مع المنتقم لهم ولي الله وبقيته في أرضه صاحب العصر والزمان الإمام الحجة بن الحسن المهدي صلوات الله عليه وعجل الله فرجه الشريف.
النهي عن الجزع في الرواية إنما هو ظرفي مؤقت لمكان قوله عليه السلام: "إذا أنا هلكت" لا أنه دائم مستمر، وإنما نهى (صلوات الله عليه) عن ذلك في لحظات ما بعد استشهاده لأن في جزع زينب (صلوات الله عليها) وهي الراعية لمن تبقى من نسائه وذراريه ما قد يعرّضهن إلى الهتك من قبل جيش الكفر الأموي في ذلك الموقف العصيب على أرض المعركة، فأراد (عليه السلام) أن يؤكد على أخته ضرورة ربط الجأش وحبس المشاعر في تلك اللحظات الحرجة حتى لا يكون مسوّغ للأعداء على ارتكاب ما هو أعظم مما قد يمسّ حرمات بنات الرسالة سلام الله عليهن.
أما حين زالت تلك اللحظات وانقضت المعركة وابتعدت القافلة عن أرض كربلاء بما فيها من حراجة وخوف ضرر فيرتفع المنع المؤقت ويعود الأصل في جواز بل استحباب الجزع على الحسين (عليه السلام) كما دلّت عليه الأدلة المتضافرة. وضرب الجبين بعمود المحمل وإسالة الدماء إنما يندرج تحت عنوان إظهار الجزع فيكون مشمولا بالاستحباب المؤكد.
وهذا نظير ما وقع من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنسبة إلى ابنته الزهراء (صلوات الله عليه) حين أوصاها بعدم الجزع عليه حين استشهاده، أما بعد ذلك فلا مانع، وقد فصّلنا القول في هذه المسألة في جواب سؤال سابق فارجع إليه إن أردت.
وفقكم الله لنيل رضاه. والسلام.
25 من شهر محرم الحرام لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.