السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الحقيقة ومع كل هذه الاحداث في عالمنا المعاصر خاصة مايسمى بالثورات العربية التي تبين للكثيريين انها تستخدم من الغرب لتحقيق اهداف معينة في عالمنا وانها ليست خالصه لوجه الله من قبل الشعوب خاصة البكريين الذي بكل تاكيد سيستغلونها تمام الاستغلال في الاضرار لشيعة آل محمد
اثناء هذه الاحداث وخاصة في هذه الأيام انا كنت مناصر جدا للسياسات الايرانية في المنطقة من الباب السياسي خاصة في مواجهة الاستكبار الصهيوني العالمي وكذلك في مواجهة حكام الخليج الحلفاء لامريكا والغرب
ولكن مشاهدة محاظرات الشيخ الحبيب حول النظام الايراني وبالاخص بخصوص الخامنئي ومدى الظلم الذي تسبب به والذي يتسبب به حتى الآن جعلني أتساءل ماهو البديل لقيادة الموقف الشيعي حاليا ً في ظل هذه الاوضاع السياسيه ؟
خاصة ان ايران تعتبر تقريبا اقوى قوة شيعية عسكرية حاليا
بناء على ماتقدم أرجو اجابة الشيخ الحبيب حول الأسألة التالية :
1- هل تنصح بالتأييد للسياسات الخارجية لايران مع وجود الخامنئي ونظامه؟ وهل ترى بأن مصلحة الشيعه تكمن فيها ام انها تسبب الضرر لشيعة آل محمد؟ \"وانا اتحدث هنا عن مواجهة الصهيونية العالمية وامريكا وغيرها لان الاتحاد مع البكريين واضح مدى ضرره\"
2- نفس السؤال ينطبق حول حزب الله في لبنان .. هو اقوى قوة عسكرية تواجه اسرائيل حاليا ولكن مرجعيتهم للخامنئي .. فهل ترون انهم مخلصون تمام الاخلاص ؟ ام انه تحركهم السياسه
3- وجهة نظركم حول القصف العشوائي لحزب للمدنيين في محلها ولكن اذا كان هذا الخيار يردع الاسرائيليون للتوقف عن قصف المدنيون اللبنانيين فهل هو جائز ؟
او حتى من باب قوله تعالى \"اعتدوا عليهم بمثل ما اعتدوا عليكم\"
4- يبقى السؤال الاهم هو ماهو البديل للسياسة التي تحقق مصلحة الشيعة حول العالم اذا كانت اقوى قوة حاليا بقيادة الخامنئي ظالمة وبترية ؟ ام انه فعلا امتلأت الأرض ظلما وجورا ولم يبق من الصالحون الا القليل
وتقبلوا فائق الاحترام
محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ج1 الشيخ يتكلم نظريا من واقع المبادئ الدينية، وعمليا وفق العلم السياسي وما تفرضه قوانين النظام العالمي الجديد.
المنطقة يعيد تشكيلها الأقوى حضاريا واقتصاديا, هذه حقيقة لا داعي للقفز عليها.
الشيخ لا يدعو إلى الخنوع لأمريكا وما يسمى القوى العظمى ولكنه ليس يخدع الناس ويدخلهم في صراعات وحروب تُسفك فيها الدماء من أجل لا شيء.
إذا أردنا أن نهزم الغرب فعلينا أن نهزمه حضاريا وثقافيا بالتوغل في المجتمعات الغربية وغزوها حضاريا وثقافيا. من الداخل يجب أن نغير المجتمعات الغربية. حينما نسعى في نشر نور التشيع ونعمل بجد وفق خطة منظمة مدروسة لتغيير التركيبة الديموغرافية للغرب من الداخل. لابد من تكثيف الهجرات للغرب لكل من يتمكن من ذلك والسعي لأن يتقلد ويتبوأ المسلمون في تلك البلاد مراكز القيادة، ثم اللازم تشكيل جماعات ضغط (لوبي) على مراكز صنع القرار الغربي، وذلك يتأتى بالتوغل في أبعاد السياسة والاقتصاد والاجتماع في الغرب، خاصة بعد الاقتصاد لأنه من حيث أن الدول الغربية دول رأسمالية فإن صنّاع القرار خاضعون للرأسماليين، هذا إن لم يكونوا منهم عادة.
هنا يعرض الشيخ باختصار رؤيته بهذا الخصوص
الإدارة الأميركية شيطان لكنها ليست الشيطان الاكبر فهذا وهم زرعه خميني لأغراض سياسية.
الشيطان الاكبر هما أبو بكر وعمر وأشياعهما كقرضاوي ونواصب حماس الذين راح خميني ومن أتوا بعده يمالئونهم على حساب الدين في سبيل حفظ كراسيهم وسلطتهم إلى أن آلت حال الأمة إلى الحال التعيسة التي هي عليها اليوم بحيث تسترخص الدماء في سبيل القضايا السياسية لكنّ الدماء عندها تغدو غالية في سبيل إزهاق باطل أعداء آل محمد عليهم السلام وعلى رأسهم طواغيت السقيفة والحال أنّ هؤلاء هم عدونا الأول بحق.
أصلا كل مآسينا التي نحن فيها اليوم هم مصدرها. هنا جواب تتضح لك فيه حقيقة ما نقول
إذاً المطلوب هو التوازن, فبالقدر الذي يتم فيه التصدي للإدارة الأميركية وقوى الاستعمار يجب التعامل مع الواقع السياسي الذي تفرضه هذه القوى المهيمنة على قاعدة موازين القوى. إذا صرنا أقوياء في الداخل الأمريكي مثلا نستطيع أن نؤثر في صنع القرار، أما مجرد الاستعداء والهتافات العدائية بالموت وما أشبه فحماقة سياسية لا تفضي إلا شيء سوى الدمار.
هذا من جانب ومن جانب آخر، لا بد من التصدي في المقابل لحكومة السقيفة ومحاربتها والعمل الدؤوب على إسقاطها. كما سيتبين لك في جواب قادم أنّ الشيخ مع التصدي للعدو الصهيوني ولكن ذلك لا يستدعي التنازل عن المبدء العقائدي أو تطبيع العلاقات مع حكومة ومنهج السقيفة بأي شكل من الاشكال.
ج2 لا يشك الشيخ في أن جمهور المنضمين إلى حزب الله إنما انضموا بدافع من الإخلاص لدينهم ووطنهم وكرامتهم ظنا منهم أن هذا هو الحق وهذا هو الصواب، يقول الشيخ هذا من واقع تواصل الكثير من هؤلاء معه شخصيا. أما القيادات فمع بالغ الاسف لقد سخروا الدين وشعاراته في سبيل المنافع السياسية وقد كان للنكهة الديماغوجية في خطابات حسن نصر الله دور في تحريك عواطف الجماهير وبرمجة نمط تفكيرهم وتغييبهم تماما عن أولوياتهم وتحويل الكيان الصهيوني التي هي فرع الى قضية حياتهم الاساسية وصرفهم عن قضيتهم الأولى والأهم ألا وهي تسقيط ومحاربة حكومة وخط السقيفة. فمن المعلوم أنه لولا سيادة هذا الخط المنحرف على الأمة لما كان يمكن دخول الاستعمار والاحتلال في أراضينا، ولو افترضنا أن فلسطين كانت تحت السيادة الشيعية أي كانت محكومة بمنهج آل محمد الأطهار (عليهم الصلاة والسلام) لما كان يمكن أن يحتلها الصهاينة، لأن التشيع ثورة وعزة وكرامة وحصانة ومناعة، بينما ما يسمى (التسنن) على خلاف ذلك تماما، لذلك يستغله الأعداء والمحتلون والمستعمرون لتحقيق مآربهم لأن قياداته وعوامه سهلة الإخضاع. ألا ترى الآن كيف أن الكثير من المخالفين مما يسمى بعرب إسرائيل (عرب 48) قد تماهوا في الدولة الصهيونية حتى صار منهم الوزراء والنواب والمسؤولون! ألم ترَ ذلك الشيخ أو المقرئ البكري يقرأ آيات من القرآن الكريم في محضر.. شيمون بيريز في عيد الفطر وكأن الأمر عادي وكأن بيريز ليس مجرما ملطخة يداه بدماء الفلسطينيين الأبرياء!
بدل أن يكون جهاد الصهاينة سبيلا لإنهاض الأمة الشيعية واستعادة ثقتها بنفسها ومحفزا لها على جهاد عدوها الاول حكومة السقيفة فقد حصل العكس وهو أنّ هذا دفعهم للتضحية بقضيتهم الأولى والأهم في سبيل ما يسمى العدو المشترك! وكأنّ الشعوب البكرية بحق تعادي الصهاينة ومستعدة للتصدي لهم! انهم جماهير مليونية في كل العالم ولم تحرك ساكنا من أجل فلسطين! بينما حينما أرادوا تغيير حكوماتهم لرفع الحيف عن أنفسهم انظروا ماذا صنعوا؟ الشعوب البكرية ليس من أولوياتها نصرة المظلومين وهي لا تثور إلا لنفسها فقط فالدعوة للتوحد معها في سبيل ما يسمى (عدوا مشتركا) هو كذبة تضحك عيون ثكلى الشياطين.
الدين لا ينفك عن السياسة فإنّ الدين جاء ليُنظم السياسة. ولكنّ ما حصل وما هو حاصل أنّ أهل الاهواء والمطامع جعلوا الدين مطيّة للسياسة فلاهم أصلحوا حال السياسة ولاهم تركوا الدين في سلامة من التشويه نتيجة لسلوكهم السياسي المنحرف عن تعاليم الدين.
بناءا على ذلك وحرصا على الدين وعمامة الدين من أن تُذال بما لا يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وآله جراء الدخول في تلك الاجواء الملوثة فإنّ الشيخ لا يحبذ في مثل زماننا أن يدخل رجل الدين بعمامة الدين أروقة "العمل" السياسي كانتخابات في المجالس النيابية أو قيادة للاحزاب السياسية وغيره لأنه لا ضمانات من عدم انحراف ذلك الرجل وانسياقه خلف المطامع بل حتى لو كان هناك ضمانات فمن يضمن أنّه يتمكن من التوفيق بين قوانين وبروتوكولات العمل السياسي الحالية والتي هي في مجملها لا تنفك عن النفاق وبين الدين؟ لذا على من يتصدون لتلك المناصب بشكل مباشر أن لا يتزيا أحدهم بزي رجل الدين و يتحدث بصفة دينية, وإن كان لدى احدهم الحد الادنى من الالتزام الديني فعليه أن يراجع نواب الإمام عليه السلام (العدول) فيأتمر بأوامرهم وهم يرشدونه لما فيه جادة الصواب. ولكن أين تجد هذا الرجل في مثل وقتنا؟
هنا أيضا ننقل جوابا سابق للشيخ يتعلق بسؤالكم
ـ فيما يتعلق بالانضمام لصفوف ما يسمى حزب الله أو دعمه فقد أفاد الشيخ في جواب سابق ما نصه: عليكم مراجعة الحاكم الشرعي (أي مرجع التقليد أو وكيله المفوض في مثل المقام) فإن أجاز لكم البقاء في الحزب المذكور لمصلحة شرعية من المصالح أو دفعا لضرر يمكن أن يقع عليكم أو تقديما لأهمية مقاومة العدو الصهيوني فلا تثريب عليكم في الاستمرار شريطة أن تراقب الله تعالى في عملك، وإلا فعليكم الخروج والعمل بما يرضي الله تعالى وإمام الزمان أرواحنا فداه.
ج3حول قصف المدنيين فقد أجاب الشيخ سابقا بقوله:
من حيث المبدأ فسماحة الشيخ مع مجاهدة العدو الصهيوني ودحره ويتحفظ على الوسائل غير الشرعية كالقصف العشوائي للمدنيين، وعلى خلط المحاور العقدية بالسياسية بالتنازل عن الثوابت الدينية والترويج للظالمين ومنتحلي المرجعية، وعلى تجاوز الأحكام الشرعية ولو في تضمين الإعلام المقاوم الأغاني والموسيقى المحرمة ونحو ذلك، فإنه لا يطاع الله من حيث يعصى.
أما الانضمام في صفوف تنظيمهم فجائز إذا أجازه الحاكم الشرعي ولو بعنوان من العناوين الثانوية. وأما دعمهم المادي والمعنوي للبكريين في فلسطين المحتلة فلا يراه سماحة الشيخ صائباً. (هنا)
نضيف لكلام الشيخ القول بأنّ قصف المدنيين الأبرياء ليس يخلو من إشكال شرعي حيث هؤلاء بينهم النساء والأطفال. والعمل بقوله تعالى: "فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ" مقيد بالقيود الشرعية، وليس على إطلاقه بحيث يمكن تجويز قتل النساء والأطفال والأبرياء عشوائيا.
في حديث عن حفص بن غياث إنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن النساء كيف سقطت الجزية عنهن ورفعت عنهن؟ فقال: لأن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) نهى عن قتل النساء والولدان في دار الحرب إلا أن يقاتلن، فإن قاتلن فأمسك عنها ما أمكنك ولم تخف خللاً. فلما نهى عن قتلهن في دار الحرب كان (ذلك) في دار الإسلام أولى، ولو امتنعت أن تؤدي الجزية لم يمكن قتلها، فلما لم يمكن قتلها رفعت الجزية عنها ولو امتنع الرجال أن يؤدوا الجزية كانوا ناقضين للعهد وحلت دماؤهم وقتلهم، لأن قتل الرجال مباح في دار الشرك، وكذلك لا يقتل المقعد من أهل الذمة والأعمى والشيخ الفاني والمرأة والولدان في أرض الحرب، فمن أجل ذلك رفعت عنهم الجزية.
راجع الصياغة الجديدة لعالم الايمان والحرية والرفاه والسلام للسيد محمد الشيرازي قدس سره (الفصل الرابع, الاسلام يعتبرالحرب حالة استثنائية)
ج4 تجد البيان فيما سبق من إجابات وننصحك بقراءة كتاب (الصياغة الجديدة لعالم الايمان والحرية والرفاه والسلام) للسيد محمد الشيرازي قدس سره, ففيه تجد إجابات شافية مفصلة على سؤالك هذا إن شاء الله.
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
8 ذو الحجة 1433 هـ