مقابلة بين قوله تعالى:(ولو تقول علينا بعض الأقاويل) وقوله تعالى:(من تأتِ منكن بفاحشة مبينة)

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.

وبعد:-

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولا: استمعت لمناظرة للشيخ ياسر الحبيب قال فيها تعليقا على قول الله عز وجل "يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين "
فقال إن الحكيم أي المولى عز وجل لا يقول هذا إلا إذا كان من الوارد حدوث هذا.
ووجدت مثله في خطاب المولى عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله في قوله تعالي "ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين" ولا أذكر إن جاء مثله في القرآن مثله أم لا . المهم هل يقاس هذا بذاك.

ثانيا: هل عانى الرسول صلى الله عليه وآله من سكرات الموت؟ مع التوضيح من فضلكم حيث أن هذه المسألة تُشكل علي.

ثالثا: حديث صحيح مسلم رقم 3302 والذي جاء فيه "فَرَأَيْتُمَاهُ كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ "
هل هو حديث صحيح وما هي أسانيده ومن صححه مع ذر المصادر إن تيسر.

آسف على الإطالة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لا إله إلا الله
محمد رسول الله


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولا: المقام غير المقام. هذه آية نزلت في مناسبة معينة وفق ما جاء في تفاسيرنا لتنفي عن رسول الله صلى الله عليه وآله تلك التهمة الشنيعة من المنافقين وتثبت أنّ رسول الله كان صادقا فيما بلغه. أي لو كان ما قاله رسول الله في تلك الحادثة كذبا لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين. فهنا إثبات لصدقه صلى الله عليه وآله واستحالة كذبه على الله تعالى.

جاء في تفسير نور الثقلين:

العياشي عن زيد بن الجهم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي:لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي عليه السلام فأظهر ولايته, قالا جميعا: والله ما هذا من تلقاء الله ولا هذا الا شئ أراد أن يشرف به ابن عمه، فأنزل الله عليه: " ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين * وانه لتذكرة للمتقين * وانا لنعلم ان منكم مكذبين " فلانا وفلانا " وانه لحسرة على الكافرين " يعنى عليا " وانه لحق اليقين " يعنى عليا " فسبح باسم ربك العظيم.

(فلانا وفلانا) يُقصد بهما ابو بكر وعمر لعنهما الله. علي بن ابي طالب عليه السلام هو الذي جعله الله حسرة على الكافرين بولايته وهو حق اليقين.

ثانيا: في كتاب الله تعالى آيات تشير إلى أنّ تلك الاية فقط من باب فرض المحال ليس بمحال لأنها تبين عصمة رسول الله صلى الله عليه وآله وصدق ما جاء به وأنه يهدي الى صراط مستقيم.

رسول الله الذي وصفه الله تعالى بأنه على خلق عظيم هو رأس وسيد اهل بيتٍ اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا

قال تعالى ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ (الأحزاب: 33)

(فامنوا بالله ورسوله النبي الامي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون) (الأعراف:158)

(وأطيعوا الله والرسول لعلكم تُرحمون) (آل عمران:132)

﴿وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم﴾ (الشورى: 52)

(فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه أولئك هم المفلحون) (الأعراف: 157)

تلك بعض الايات التي تذكر بعضا من الصفات الكاملة العُلى لنبينا الكريم صلى الله عليه وآله.

أما قوله تعالى: (من تأتِ منكن بفاحشة مبينة) فهو ليس في نساء معصومات ولا توجد آية أخرى تعارض ظاهر هذه الاية لنقول أنها من باب فرض المحال ليس بمحال!

بل هناك آيات نزلت في ذم عائشة وحفصة واثبتت أنّ قلبهما زاغ عن الايمان وطالبتهما بالتوبة فمن تصدر عنهما معصية عظيمة كالتظاهر على سيد المرسلين فلماذا يُتعجب من إقدمهن على الزنا؟

أم جميل التي كنت تتظاهر مع زوجها على رسول الله لو قيل أنها زنت أكنت تتعجب من صدور أمر كهذا منها او تستبعده؟

نتعجب حقيقة ممن يفزعون من القول بزنا عائشة بينما يقبلون من عائشة تظاهرها على رسول الله والحال أنّ هذه معصية كان الله تعالى وجبريل وصالح المؤمنين(علي عليه السلام) كما جاء عن اهل البيت والملائكة بعد ذلك ظهير حرب لعائشة وحفصة فيها. بينما الزانية ما حشد الله تعالى في قبالها كل هذا المعسكر وهو تعالى في مقدمتهم.

بل وردت آيات تهددهن بالطلاق وتصرح أنّ هناك نساءا خيرا منهن. أيضا شرطت تميزهن عن سائر النساء بالتزام التقوى.

فبضم جميع هذه الآيات لبعضها يتبين أنّ تلك الآية الكريمة هي في مورد التحذير من أمر محتمل الصدور لا أمر ممتنع عن أزواج النبي وأنّ المقابلة بين الآيتين غير صحيحة, فتأمل.

ج2 رسول الله صلى الله عليه وآله لو أراد لما عانى شيئا من سكرات الموت ولكنه النبي الرحيم الكريم صلى الله عليه وآله أراد أن يستشعر بنفسه آلام النزاع التي يواجهها المؤمنون من سائر هذه الامة ولكن مع ذلك جبريل رفق بنبينا صلى الله عليه وآله فأحس رسول الله بشيء يسير من تلك السكرات لكن نبينا حتى هذا المقدار اليسير جدا أشفق على أمته منه فطلب من ملك الموت أن يشدد عليه سكرات الموت ويخففها على أمته. فبماذا جازينا هذا النبي الذي يفيض رحمة وعطفا علينا حتى آخر لحظة من عمره الشريف في هذه الدنيا.

ج3 هذا الحديث صحيح على قواعد أهل الخلاف ويكفي في صحته أنه أخرجه مسلم، وسنلفتك إلى نكتة مهمة بخصوصه وهي أنّ البخاري أخرجه أيضا ولكنه مدلس كعادته! فقد وضع مكان هذه العبارة (كذا وكذا)!

تجد في كراس البخاري المجلد الرابع ص121: أنشدكما بالله ، هل تعلمان ذلك ؟ قالا : نعم ، ثم توفى الله نبيه فقال أبو بكر : أنا ولي رسول الله ، فقبضها أبو بكر يعمل فيها بما عمل به فيها رسول الله ، وأنتما حينئذ ، وأقبل على علي وعباس تزعمان أن أبا بكر "كذا وكذا" ، والله يعلم إنه فيها صادق بار راشد تابع للحق .

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

27 محرم 1433 هـ


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp