باسمه تعالى
السلام عليكم والرحمة شيخنا الكريم
انا مستبصرة وراسلتكم واجبتوني اكثر من مرة
واحمد الله الذي هداني لهذا وما كنت لاهتدي لولا ان هداني الله
عندي سؤال لو تكرمتم تبيان لموضوع تمت اثارته مؤخرا ووجدت له صدى عندي
ولكن انا في بيئة لا يتم تداول فيها كتب الشيعة الا ما استطيع ايجاده ع نت
تمت اثارة موضوع المدرستين الاخبارية والاصولية وان الاصولية حاربت الاخبارية ولاحقت رموزها واتباعها وحاصرتهم وابعدت الناس عنهم
وهل صحيح ان الاصوليةاعتمدت منهج المخالف في القياس واستعمال علم الرجال الذي لم يأت به رواة الحديث من عصر الائمة وخصوصا في عصر الغيبة الصغرى وهم الرواة ومؤلفي الكتب الذيت موجودين وكان ممكن لو اخطئوا في الروايات كان الامام عجل الله فرجه الشريف منعهم عبر سفرائه
وان لا يحق للمتأخرين عن هؤلاء الرواة والمحدثين ان يضعفوا نقلهم او يصححوه ويخوضوا في علم الرجال وهم متخللفون عنهم اصلا
وهل النهج الاصولي يعتبر تعدي على الخط العقائدي القويم واستيراد نهج المخالف والتاسيس للحوزات وتقديس العمائم وصرف التقليد للمراجع وبالتالي هذا يعتبر تعدي على مقام الامام عليه الصلاة والسلام الذي مهما غاب عن اعيننا فهو حاضر ونستطيع ان لم نعلم شيئ ان نلجأ له بالطرق المعروفة او الدعاء بحقه وهو بقدرة الله عز وجل وولايته التكوينية ان يعيننا على هذي الحياة .. ويجيب استفساراتنا عبر الارتباط به وارجو ان وصلكم ما أعني
والسؤال الاخر ضمن ما اثير .. ان عائشة الطائشة لعنها الله كما اوردتم من كتب المخالفين والتي تثبت انحرافها ب جميع ما نهى الله عنه وحرمه بالذات انحرافها الاخلاقي والعقائدي
ولكن الروايات الشريفة لم تصرح بزناها
وان الفاحشة فسرها احد الائمة عليهم الصلاة والسلام بالخروج بالسيف ولم يتطرقوا لتبيان الفاحشة وهي الزنا بعد استشهاد النبي الاعظم صلوات الله وسلامه عليهم وعلى اهل بيته..
هي اسئلة لان نحن متعللمون على سبيل نجاة وبرحمته جل وعلا وشفاعتهم صلوات الله وسلامه عليهم ربنا يهدينا سواء السبيل ولا نضل
ارجو من شيخنا الكريم تفهم اسئلتي التي تحيرني
لاني منذ استبصاري عانيت كل انواع المرار والحمدلله واشعر اني في جهاد والله
انا مقللدة للسيد صادق الشيرازي كنت قبله غصب يعني جعلوني اقللد خامنئي ولكني لم ارتاح ابدا لخطهم ولا لتقديس العمائم بطريقة تستفزني
ولكن شيخنا الكريم
داخليا اشعر ان واجبي ان مرجعبتي هو امامي عليه الصلاة والسلام والسادة الشيرازي والمشايخ المقربين لهم هم العلماء العدول وارتاح لهم لانهم يقربوني من الله وال البيت عليهم الصلاة والسلام خصوصا السيد الشهيد محمد رضا الشيرازي رحمه الله وحشره مع من دافع عنهم ونصرهم صلوات الله وسلامه عليهم
الله يا ربي ينصركم ويسددكم ويجري الحق على لسانكم ويجعلكم على ما يحبه الله ويرضاه
موالية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ ومن ذا يدعي أنّ رواة الحديث لم يكونوا يفتون الناس وفقا لما يرَون أنه أثبت الطرق لروايةٍ ما في نظرهم وإن لم يخصصوا كتبا يذكرون فيها أحوال الرجال؟ ثم إذا كان ما يقولون صحيحا وأنّ كل ما جاءنا عن الرواة والمحدثين في ذلك الزمان صحيح لا يحتاج مراجعة وتمحيصا فلماذا لم يوقفنا الإمام على عدد من الرجال ينتخبهم ويسميهم ويرجعنا إليهم على نحو الإلزام والفرض؟
في زمن الغيبة الابتلاء للأمة هو في صدق الاتباع لمن عينهم الإمام عليه السلام وجعلهم حجة له علينا وهم الفقهاء العدول في كل عصر.
إذا كان الرجوع للفقهاء يتسبب في إبعادنا عن الإمام فيكون أول من قادنا للابتعاد عنه هو الإمام والعياذ بالله حين أمرنا بالرجوع لرواة الحديث!
هذا إن تأملت ليس كلاما يقبله عقل أو نقل. ليس كل فرد من حين ولادته يكون مُهيئا لملاقاة صاحب الأمر عليه السلام. في فترة الجهاد وتهذيب النفس لبلوغ شرف لقائه عليه السلام والتلقي عنه مباشرةً ماذا يصنع المكلف؟ ممن يأخذ أحكام دينه؟
فإذاً لا يمكنك الاتصال المباشر بالإمام سوى من خلال سلوك الطريق الذي رسمه لك عجل الله تعالى فرجه الشريف
ما يجب أن يكون واضحا لا لبس فيه هو أنّ الفقهاء العدول ليس فيهم الغنى عن الإمام عليه السلام والعياذ بالله وإنما الأخذ عنهم في زمن الغيبة طريق رسمه لنا الإمام عليه السلام نسعى من خلاله لنيل رضا الامام عليه السلام والتقرب منه أكثر فأكثر. لا الاستغناء بالفقهاء عنه فداه ارواحنا والعياذ بالله !
فإذا ما علمت ذلك فاعلمي أنّ كل ما من شأنه نشر حالة الفقه والفقاهة في عصر الغيبة من حوزات وغيرها هو مما يسر قلب ولي أمرنا أرواحنا له الفداء.
إنّ الدعوة للوقوف على فقه الأموات وتصنيم الأسلاف والجمود على تراثهم في الواقع هو دعوة للسير في طريق أهل البدعة. لولا الحراك العلمي الدؤوب وحركة التحقيق المستمرة من قبل أعلام الشيعة عبر العصور لما كنتم ترون التشيع صخرة عتية في وجه كل العواصف التي عصفت بالتشيع وذلك بعناية من لدن ولي أمرنا عجل الله تعالى فرجه الشريف.
نحن إذا فعلنا ذلك فإننا حينها نكون قد جعلناهم في منزلة الإمام وقلنا بعصمتهم! ليس أحد يبين "عين الفرض" في كل مسائل الشرع سوى الإمام المعصوم عليه السلام وكل من عداه مجتهد يعرض عليه القصور.
نقول في زيارة الامام روحي فداه: "السلام عليك يا مهدي الأرض ومبين عين الفرض".
هذا واعلموا أنّ لقاءكم بالإمام روحي فداه رهن المصلحة وقد تصلون لدرجات عالية تكونون فيها مُهيئين للقائه عليه السلام لكنّ ذلك لا يقع لمصلحة يعلمها الإمام فقد يكون صلاحكم في بقاء حالة الوجد والشوق والتعلق الروحي به صلوات الله وسلامه عليه وقد يكون لقاؤكم إياه صلوات الله وسلامه عليه مضرا بدينكم من حيث أنه سبيل لدخول العُجب إلى نفسكم مثلا.
قد سبق للشيخ أن ذكر بأنّ أمر المرجعية تحت نظر الإمام فأنتم ترون كم من المنتحلين صرفوا الأموال وقُدم لهم الدعم الاعلامي في سبيل تبوء ذلك المقام ولم يتمكنوا.
الإمام عليه السلام لا يُخلي مراجع التقليد العدول من رعايته ومنهم من يلتقي بالامام عليه السلام ويتلقى منه إجابة بعض المسائل.
ـ أهل الأصول لا يعملون بالقياس المحرم البدعي. تابعوا الجواب التالي: (الرابط)
ـ محاولة إرجاع اندثار المسلك الإخباري إلى تعرض بعض رجاله للتصفية هو منطق لا يمكن لذي نظر القبول به فعلى فرض صحة ذلك الادعاء كلنا نعلم كم من الإبادات تعرض لها الشيعة عبر العصور ولكنّ التشيع بقي صامدا. الفكرة تقارعها الفكرة لا السيف.
لا نريد الخوض في تفاصيل قضايا نحن شخصيا يشهد الله لا نعلم وجه الحقيقة فيها, فمن قائل أنّ ما تعرض له بعض الأخباريين كان من باب من حفر حفرة لأخيه وقع فيها ومن قائل أنّ خصومهم تآمروا عليهم ولسنا نعرف وجه الحقيقة على وجه القطع فيما جرى من أحداث حينها ولذا طوينا عنها كشحا وعند الله تحتكم الخصوم.
هنا جواب يتصل بكلامنا حول المسلكين فيه ما يفيدكم ومن خلاله يتبين لكم السبب الفعلي لتواري المسلك الاخباري (رابط)
أيضا هنا حول حجية الأخذ عن الفقهاء في زمن الغيبة إشكال طرحه بكري وتجدون الاجابة عليه (رابط)
الفقهاء العدول هم نواب صاحب الأمر عليه السلام وهذا ما دلت عليه الروايات الشريفة. هل يجب أن ترد رواية تقول بالنص أهل البيت "عِدلُ" الكتاب لنفهم هذا المعنى؟ لا توجد رواية تعبر عن أهل البيت بعدل الكتاب ولكنّ هذا تعبير استقيناه من دلالة حديث الثقلين.
في كتاب الله تعالى كله هل يوجد وصف اهل البيت بمصطلح (العصمة)؟ هذا وصف فهمناه من دلالة آية التطهير.
فما هو دليل من يعترض على وصف الفقهاء العدول بالنواب على حرمة التعبير أو الوصف استنادا للدلالة؟
عندما نقول عن الفقيه نائب فهذا يعني أنّ تصديه للإفتاء وبيان المسائل المتعلقة بالعقائد والاهتمام بكل ما يتعلق بمصلحة الأمة الشيعية في زمن الغيبة كل ذلك ليس بالأصالة وإنما بالنيابة. (رابط
)
الأصل أنّ الامة في حال حضور بقية الله في أرضه عليه السلام تتلقى الاحكام القطعية الواقعية ولذا نقول في زيارة الامام عليه السلام: السلام عليك يا مبين "عين" الفرض. والأمر ذاته فيما يتعلق بالمسائل المشكلة في الاعتقاد والتوجيه المباشر للأمة.
صدر الأمر بالرجوع إلى الفقهاء في عصر الغيبة: «وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وانا حجة الله عليهم».
لاحظي أنّ الإمام أرجع للرواة حيث كانوا هم الفقهاء في ذلك الزمان وكانت لديهم القدرة على استنباط الحكم الشرعي لأنهم (مُحدّثون).
المُحدّث في الاصطلاح أي في لسان الشارع ليس هذا الذي يسرد الأحاديث ويرويها فحسب, كلا. بل الذي يدريها ويعقلها ويفهما وهذا هو المحدّث في لسان الشارع أي هو (الفقيه). وفي هذه الروايات بين الامام عليه السلام المقصود بالمحدّث: "إعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنا، فإنا لا نعد الفقيه منهم فقيها حتى يكون محدثا. فقيل له: أو يكون المؤمن محدثا؟ قال عليه السلام: يكون مُفهّماً، والمفهَّم محدث".
"أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا ، ان الكلمة لتنصرف على وجوه فلو شاء انسانٌ لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب".
"اعرف منازل الشيعة على قدر روايتهم ومعرفتهم، فإن المعرفة هي الدراية للرواية وبالدرايات للروايات يعلو المؤمن الى أقصى درجات الإيمان، إني نظرت في كتاب لعلي فوجدت في الكتاب أن قيمة كل امرء وقدره معرفته، إن الله تبارك وتعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدنيا".
"حديث تدريه خير من حديث ترويه".
إذاً المعول هو على فهم ودراية الأحاديث لا مجرد روايتها فقط.
ثمّ لاحظوا قول الامام عليه السلام (الحوادث الواقعة) تجدون أنه أمر بالرجوع للفقيه الحي.
الإفتاء أحد أهم أركانه تشخيص المسألة والقضية للتمكن من إعطاء الحكم الشرعي. فتأملوا دقة قول الإمام عليه السلام الذي قطع به الباب على المتأولين: "الحوادث الواقعة".
حوادث واقعة تتطلب المعاصرة والمزامنة إذ لا يُقال للميت أفتنا في هذه الحادثة الواقعة فكيف له الافتاء فيها وهو لم يشخصها ويعاينها ليعطي فيها الحكم الصحيح؟
وانظروا بعد ذلك دقة قول الإمام عليه السلام: "فإنهم حجتي عليكم".
أي على الاطلاق هم حجة لا في الحوادث الواقعة فقط بل هم حجة للإمام بشكل عام حيث لو كان يقصد حجيتهم فقط في (الحوادث الواقعة) لقال مثلا: فهم حجتي عليكم "فيها"..
فكيف بعد هذا يُستكثر على الفقيه العادل الجامع للشرائط وصفه بنائب الإمام؟
من الناحية اللغوية معنى النائب مأخوذ من الإنابة أي الرجوع. النائب هو من يرجع إليه الناس. الإمام أرجعنا للفقهاء في زمن الغيبة فنعم هم نواب.
إنّ مولانا عليه السلام في غيبته الصغرى لم يترك الأمة بدون معلم موجه وكان له سفراء أربعة عُرفوا باسم (النواب) الأربعة.
في زمن الغيبة الكبرى (أرجع) الامام للفقهاء و قد بين الامام العسكري صلوات الله عليه أنه ليس كل الفقهاء تنطبق عليهم الصفات التي حددها للفقيه العادل وانما قسم منهم.
جعل الإمام الصادق عليه السلام الفقيه العارف بأحكامهم حاكما بأمره إذ يقول الصادق عن الفقيه: "ينظران من كان منكم ممّن قد روى حديثنا وعرف حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً، فإني جعلته عليكم حاكماً، فإذا حكم بحكمنا فلم يُقْبَل منه، فإنَّما استخف بحكم الله، وعلينا ردّ والراد علينا كالراد على الله وهو على حد الشرك بالله".
الفقيه قد جعله الامام حجة فقال: "حجتي عليكم" وهذا مقام رفيع جعله الامام بالارجاع للفقية فقال: "فارجعوا" والرجوع في اللغة يعني الإنابة وهذا المعنى واضح ولا يحتاج مزيد فذلكة من المتمحلين والمتأولين على الطريقة البكرية.
ـ أما بالنسبة لمسألة وقوع عائشة في فاحشة الزنا فدعوى أن أئمتنا لم يتحدثوا عن ذلك هي دعوى باطلة منشؤها عدم اطلاع المدعين على الروايات الشريفة التي ذكرها الشيخ في كتابه (الفاحشة الوجه الآخر لعائشة) وفي محاضراته.
لقد ذكر الشيخ أنّ الفاحشة منها ما بقيد (مبينة) كالخروج بالسيف وهذا لا يُخرج الزنا عن الفاحشة المبينة كما سيتضح.
ومن الفاحشة ما هو على الاطلاق تنقيحا وتبادرا وهو أيضا الزنا والتبرج والتعرض للرجال وما ماثل ومنها ما هو داخل تحت عنوان كل ما تفحش قبحه كالكذب على الله.
فاحشة الخروج بالسيف مبينة بالنسبة "للناس" فهي ظاهرة لهم وبالمثل فاحشة الزنا التي وردت في رواية شيخنا القمي وأقسم عليها علي بن إبراهيم وذكر أنّ الامام "سيحد" الحميراء عليها هي أيضا فاحشة مبينة ولكن بالنسبة "للامام" لكون الامام لديه بينات عليها حيث سيقرر الحميراء عليها ويرجعها للدنيا ويجلدها الحد هي وطلحة فذكر هذه في رواية وتلك في رواية أخرى لا يعني التعارض بل يندرج عند أهل الدراية تحت عنوان التفسير بالمصداق.
يتبين لك أنّ الزنا داخل في الفاحشة المقيدة ب(مبينة) وداخل في الفاحشة على إطلاقها.
فأين المفر؟!
عائشة مصداق لكل ضروب الفاحشة وما تركت مصداقا من مصاديق الفاحشة إلا وأتته! ولماذا العجب؟ أليست قرن الشيطان وراس الكفر باقرار كتب المخالفين؟ الشيطان لا يتورع عن رذيلة وفاحشة دون أخرى.
ضرب الشيخ في كتاب الفاحشة الأمثلة وانتهى إلى كون لفظة (الفاحشة) في اللسان الاستعمالي لها ظهور وانصراف لا يُعدل عنهما إلا مع القرينة الصارفة وهي مفقودة فيما نحن بصدده فيثبت معنى الزنا.
وللتأكد من ذلك عليكم بمراجعة كتاب الفاحشة بالتفصيل، وخاصة الفصل السادس.
ـ ثقة الاسلام الشيخ القمي يفسر بما وصله عن أهل البيت عليهم السلام والقسَم والجزم منه على ارتكاب الحميراء لعنها الله الزنا أقوى من الرواية بمجردها على ما اعتمده أهل التحقيق.
تابعوا هذه الحلقة لتعرف من هو علي بن إبراهيم القمي وما مكانته ومنزلته (الرابط)
ـ إن التزمتم أيتها الكريمة بما ختمتم به رسالتكم فأنتم على خير وإلى خير إن شاء الله. بارك الله فيكم وثبتكم ووفقكم لخير الدارين.
شكرا لتواصلكم
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
30 رجب 1434