سماحة الشيخ ياسر الحبيب
السلام عليكم ورحمة الله
سماحة الشيخ هذه الرسالة سوف احاججك بها امام الله عز وجل يوم القيامة ان لم ترد عليه ، لاني شاب فلسطيني من قطاع غزة سمعت عن التشيع وقرأت البعض عنه ، ولكن لحتى الان اريد ان اكون على المذهب الشيعي ولا اعرف كيف ، فالله عز وجل قال في كتابه اعتبرولوا يا اولي الابصار في اكثر من آية لنتدبر ونعرف ، والمتدبر صاحب العقل لما يحصل في محيطنا يستطيع ان يقارن بين السلفيين الوهابيين الذين الصقوا تهمة الارهاب والتخلف والنفاق والركوع للغرب بالاسلام ، والمتدبر لعزة وكرامة الاسلام الحقيقي وسماحته على ايدي التطور العلمي الذي وصلت اليه الجمهورية الايرانية بعزة وكرامة ، واستطاعت ان تقف بكرامتها في وجه الغرب والمنافقين من بنو جلدتنا ، ونصر حزب الله على اليهود بعزة وشموخ
كلها دلائل لاصحاب العقول من هو الصح من الخطأ
انتظر تواصلكم معي بفارغ الصبر
عبد العزيز
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إنّ هذه المعايير التي تتحدث عنها ايها الكريم لم يجعلها الاسلام العظيم حجة وأدلة شرعية لمعرفة المحق من المُبطل فقد حدثنا عن أمم منتصرة شيدت حضارات عظيمة في عصور غابرة ومع ذلك كانت على باطل وكانت تزدري جماعة المؤمنين الذين كانوا قلة مستضعفة.
بسم الله الرحمن الرحيم
وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (سورة الزخرف: 51)
قال عز من قائل: فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ (سورة النمل: 22 - 24)
إنّ ذات المعايير التي تحدثنا بها وهي معايير الغلبة والقوة التي تجعل بها حكومة ايران دليلا على أحقية التشيع هي ذاتها يستدل بها البكريون العمريون للتدليل على صلاح واستقامة خلفائهم.
لقد قدم الشيخ الحبيب أنموذجا حول خطأ هذه المنهجية في تقييم الرجال ومعرفة أهل الحق وأهل الباطل، فنأمل منكم متابعة المحاضرات التالية حول ما يسمى صلاح الدين الأيوبي لتتضح لكم الصورة بجلاء إن شاء الله وتفهمون لماذا يرفض الشيخ جعل ايران وما يبدو لها من زخرف دنيوي معيارا لأحقية التشيع العظيم الذي هو أكبر من أي نظام سياسي ولا تتوقف أحقيته على انتصاراته أو خسائره. (رابط أول - رابط ثان - رابط ثالث)
التشيع أكبر من ايران واكبر من الدول والشعوب. من يجسد ويمثل التشيع بكل تفاصيله حق التمثيل هم فقط سادته محمد وآله الاطهار صلوات الله وسلامه عليهم فقط ثم من بعدهم شيعتهم الأبرار المخلصون لا المنحرفون الدنيويون المتسلقون.
هنا ما يفيدك بشأن موقف الشيخ الحبيب من حزب الله وحسن نصر الله (الرابط)
ملاحظة: نعم نتفق معك في جزئية وهي أنّه رغم عدم التزام حكومة ايران التام بمنهاج التشيع الصافي وتعاليمه الانسانية على الوجه الذي يرتضيه الله تعالى واهل البيت الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم إلا أنّ مجرد تسربل حكومة ايران بالتشيع وانتحالها له هذا بحد ذاته كان له أثر بنحو او بآخر على ما تشهده تلك الدولة من تقدم علمي وهيمنة إقليمية, فكيف بدولة تقوم على التشيع ومبادئه الحقة؟ لك أن تتخيل الى اي ذُرى المجد (القويم) والعزة (الحقة) تصل؟!
عن الإمام الصادق صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: من دخل في هذا الدين بالرّجال ، أخرجه منه الرجال كما أدخلوه فيه ، ومن دخل فيه بالكتاب والسنّة ، زالت الجبال قبل أن يزول. (أمالي الصدوق,ص105)
كل شعوب الارض كانت لها صولات وجولات وهذا لا يعني أنها تمثل الاستقامة والعدل والصلاح.
هذا النبي صلى الله عليه وآله جاء إلى أمة من أحط الامم في مستوى الحضارة والفهم والادراك فتمكن من إخماد نار الحروب القبيلية وحوّلها الى أمة أقرب للآدمية. ذلك ما جعل الحكومة الانقلابية تبقي اسم الإسلام ولا تنقض عليه فتعلن الانقلاب عليه كله, حيث أنه إذا تحللت تلك القبائل من قوانين الاسلام رجعت الحالة الهمجية السابقة من جديد فحينها تخلو كل قبيلة بحكمها وتعود الصراعات والحروب. أدركت الحكومة الانقلابية بأنّ القضاء على الاسلام إسما ورسما ليس في صالحها لأنها بالتسمي به ومن خلال بعض قوانينه تتمكن من الحفاظ على ملكها.
هنا ما يفيدك الاطلاع عليه بهذا الشأن (الرابط)
لماذا إذاً لا يفضّل أتباع حكومة السقيفة النسخة الاسرائيلية الامريكية للمدنية والصدارة العالمية؟
التقدم على صعيد قيم عالم المادة مهما بدت له من زخارف إذا كان على حساب التقهقر في القيم والمباديء وركام من المظالم.. أي قيمة له؟ لا قيمة له وفق موازين الأرض سوى عند الماديين. أما وفق موازين السماء فلا قيمة له. والمؤمن يزن الأمور بموازين السماء.
ثمّ إنّ المنصف الذي يتتبع التاريخ بحيادية سيجد أنّ توسع وتمدد حكومات السقيفة وبني أمية والعباس فيما بعد كان بسبب ضعف الآخرين. مثلا دولة فارس حينها كانت في عصور ضعفها, والا فبإمكان شعوب أوروبا والغرب عموما أن تقول أنها وطئت أنوف العرب فالاستعمار الفرنسي والبريطاني قد احتل بلادهم وأخضعهم.
عندما تضعف الدول يستقوي عليها الآخرون, هذا طبيعي.
إنّ بني أمية والعباس قد ذرقوا ولم يتمكنوا من دخول بلاد الروم, ثم لما ضعفت بلاد الروم في عصر سلاطنة الترك تمكنوا من دخول بلاد الروم.
عمر بن صهاك ومن تلاه من الظلمة كسائر الحكام يسعون لتوسيع رقعة حكومتهم وسلطتهم باسم الاسلام، وإذا كانت هذه معايير شجاعة وفضل وإيمان وتقدم وعظمة فعلى هذا تكون دول الاستعمار وحكامها أفضل الخلق وأقومهم منهاجا!
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر", فهذه ليست معايير شرعية لتقييم الرجال.
علي عليه السلام على عمره القصير في حكم دام أربع سنوات واجه فيه من الصراعات التي بدأتها وشنتها عدوة الله ورسوله عائشة الحميراء ما واجه فقد اقام دولة نموذجية في جميع النواحي. وخلّف لنا منهاج نظام إسلامي كامل، وكتبه لعماله ووصاياه تشهد على ذلك.
أما حكومات السقيفة وبني أمية وبني العباس الوحشية الطاغوتية الماجنة فقد خلفت جماعات وحشية همجية ودويلات متخلفة متمزقة يحكمها جمع من الماجنين والظلمة على سيرة أسلافهم.
ثمّ إنْ كان التقدم وفق مقاييس عالم المادة معيارا فدونهم إيران النووية التي تشكل اليوم رقما اقليميا صعبا في المعادلة الدولية فهل هذا يدفعنا نحن لأن نفخر بها ونجعلها معيارا لصحة منهج التشيع؟ الدين أكبر من الدول والحكومات وأكبر من صولات الدول والرجال.
إنّ أغلب أنبياء الله العظام ما حكموا وما كانت لهم دول بل كانوا وأتباعهم مضطهدين لكنّ كل فرد منهم كان يحمل في داخله إمبراطورية من العز والاباء والقيم.
هيمنة الملوك التي يكون ثمنها الركوع والخضوع لأهواء النفس بتأسيس بنيان على الفسق والظلم للآخرين هي هيمنة دولة تخلف وتقهقر. تلك دول ما تلبث أن تزول وتهوي مهما علا بنيانها
بسم الله الرحمن الرحيم
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) (سورة الفجر)
ـ نسأل الله تعالى أن يوفقك لجوامع الخير في الدارين وينير بصيرتك وأن تعتنق التشيع الاصيل مستندا إلى ركن وثيق من الكتاب والعترة الطاهرة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ودخولك في التشيع يعني التزامك بالإسلام الحقيقي الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو الإيمان بالتوحيد والعدل الإلهي والنبوة والإمامة والمعاد، هذه أصول الدين، وأما فروعه فهي أن تلتزم بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم شهر رمضان وأداء الخمس والجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتولي لأولياء الله والتبري من أعداء الله.
ولكي تتشرف بدخول التشيع ننصحك بالآتي:
الاغتسال والوضوء ثم أداء صلاة ركعتين شكرا لله تعالى على هذه النعمة ثم بعد الصلاة تقول باتجاه القبلة:
"أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله وخاتم النبيين، وأشهد أن عليا وليّه وحجّته وأمير المؤمنين، وأشهد أن فاطمة الزهراء أمَتَه المعصومة وسيدة نساء العالمين، وأشهد أن الأئمة الأطهار من عترة النبي المختار حجج الله على الخلق أجمعين وشفعاء يوم الدين، وأشهد أن أعداءهم ومناوئيهم والمائلين عنهم أعداء الله وهم في النار مخلدون، وأشهد أن الموت حق، ومساءلة القبر حق، والبعث حق، والنشور حق، والصراط حق، والميزان حق، والحساب حق، والكتاب حق، والجنة حق، والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور.
رضيت بالله ربا، وبمحمد (صلى الله عليه وآله) نبيا، وبالإسلام دينا، وبالقرآن كتابا، وبالكعبة قبلة، وبعلي وليا وإماما، وبالحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والحجة بن الحسن (صلوات الله عليهم) أئمة، اللهم إني رضيتُ بهم أئمة فارضَني لهم، إنك على كل شيء قدير. اللهم إني بهم أتولّى ومن أعدائهم أتبرّأ، فارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين".
بهذا تكون قد آمنت بالإسلام الحق، وواليت محمداً وآله الأطهار صلوات الله عليهم، فهنيئاً لك وأقرّ الله عينك ورزقك الجنة بشفاعتهم.
ويجب عليك معرفة الأحكام الشرعية المطابقة لفقه آل محمد (صلوات الله عليهم) من صلاة وصوم وحج وزكاة وغير ذلك، فإن كل عبادة لا تكون كذلك هي عبادة باطلة. ويمكنكِ مراجعة هذه الأحكام في كتاب "المسائل الإسلامية" لسماحة السيد المرجع دام ظله (الرابط)
شكرا لتواصلكم.
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
23 شعبان 1434
