السلام عليكم شيخنا
شيخنا لقد ارسلت لكم رسائل و للاسف لم ياتيني الرد
سؤالي هو
لقد ناقشني احد الشباب و قال لي ان الائمة استعملوا التقية للحفاظ على الوحدة الاسلامية بدليل ان الامام علي عليه السلام بايع ابو بكر و عمر تقية !! و ان الائمة كانوا يلعنون صنمي قريش في خلواتهم فقط و ليس جهرا
وأن القران ايضا منع سب رموز المخالفين بقوله تعالى
( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون ( 108)
و ايضا يدافعون عن حسن نصرالله و انه ترضى على اعداء اهل البيت تقية
فما هو ردكم شيخنا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد أشبع سماحة الشيخ الحبيب (حفظه الله) مبحث التقية تحقيقاً وبياناً وقدّم الأدلة تلو الأدلة على كون التقية ليست حكما دائمياً وإنما هي قضية تخضع لظروف وشرائط معينة متى ما توافرت كان للتقية موضوع.
إن التقية رخصة يلجأ إليها المسلم في حالات اضطرارية ومواضع معينة بشرط أن لا يؤدي العمل بها إلى الفساد في الدين أو خفاء الحق، وإلا فإنه لا يجوز للمسلم حينئذ أن يعمل بالتقية بل عليه أن يضحي بنفسه في سبيل الله.
قال الإمام الصادق (عليه السلام): ”للتقية مواضع، من أزالها عن مواضعها لم تستقم له، وتفسير ما يُتّقى مثل أن يكون قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على غير حكم الحق وفعله، فكل شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لا يؤدي إلى الفساد في الدين فإنه جائز“. (الكافي ج2 ص168).
ويقول سيد فقهاء عصرنا سماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (حفظه الله) في خطابه بمناسبة عيد الغدير الأغر: ”يكون العمل بالتقية حراماً إذا أوجب إخفاء الحق، فأبو ذر كان يعلم أن العمل بالتقية يوجب إخفاء الحق ومساندة الباطل، ولذلك رفض“.
ويقول المحقق أبو القاسم الخوئي: ”إذا كانت المفسدة المترتبة على فعل التقيه أشد وأعظم من المفسدة المرتبة على تركها، أو كانت المصلحة في ترك التقية أعظم من المصلحة المترتبة على فعلها، كما إذا علم بأنه إن عمل بالتقية ترتب عليه اضمحلال الحق، واندراس الدين الحنيف، وظهور الباطل، وترويج الجبت والطاغوت، وإذا ترك التقية ترتب عليه قتله فقط، أو قتله مع جماعة آخرين، ولا اشكال حينئذ في أن الواجب ترك العمل بالتقية، وتوطين النفس للقتل، لان المفسدة الناشئة عن التقية أعظم وأشد من مفسدة قتله.. ولعله من هنا أقدم الحسين عليه السلام وأصحابه رضوان الله عليهم على قتال يزيد بن معاوية عليهما اللعنة وعرضوا أنفسهم للشهادة، وتركوا التقية عن يزيد لعنه الله وكذا بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام بل بعض علمائنا الابرار قدس الله أرواحهم وجزاهم عن الاسلام خيرا كالشهيدين وغيرهما“. (بحث الطهارة لآية الله العظمى الخوئي ج4 ص257).
وقد صرّح أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته الشقشقية المشهورة في نهج البلاغة بأن أبا بكر وعمر وعثمان قد تقمّصوا الخلافة دونه بغير وجه حق، وأنه كان هو الأحق بها. فقال صلوات الله عليه: ”أمَا وَاللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا ابن أبي قحافه وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى..“ إلى آخر الخطبة الشريفة.
أما القول بأن الأئمة (عليهم السلام) لم يلعنوا صنمي قريش إلا في خلواتهم فقط! فهذا خلاف ما يوجد في تراثهم عليهم السلام، بل قد أمرونا بإظهار البراءة منهما و الإكثار من سبهما، قال نبينا (صلى الله عليه وآله): ”إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة، وباهتوهم كي لا يطمعوا في الفساد في الاسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الاخرة“. (ج2 ص375).
ولمزيد من الروايات الشريفة التي تبين مجاهرة الأئمة الطاهرين (عليه السلام) بلعن أعدائهم، نرجو الاستماع إلى سلسلة محاضرات ”إنما نلعن من لعنه آل محمد عليهم السلام“ وسلسلة محاضرات: ”تحرير الإنسان الشيعي“، حيث عدّد الشيخ أمثلة عديدة لجهر الأئمة (عليهم السلام) بلعن وذم أبي بكر وعمر وعائشة وتركهم التقية أمام المخالفين. وقد قال الحر العاملي (قدس سره) مؤكدا ذلك: ”ألا ترى أنهم عليهم السلام كثيرا ما كانوا يعملون بالتقية في جزئيات يسيرة من المستحبات والمكروهات ويتركون التقية في الكليات كذم أئمة الضلال ولعنهم“. (الفوائد الطوسية ص468).
أما عن التصرفات غير الشرعية التي ارتكبها المدعو حسن نصر الله، فالقضية ليست كما يدعي المدافعين عنه في ترضيه على أعداء اهل البيت عليهم السلام، فهو وزعيمه خمنائي يعلمان جيدا أنّ ما يفعلانه ليس من التقية في شيء ويعلمان أنهما يدوسان على جراح آل محمد (عليهم السلام) بدون مسوغ شرعي في سبيل مصالح سياسية وصراعات إقليمية متشابكة وتحالفات استراتيجية مع حماس وسوريا.
الحكومة الإيرانية والعمائم التابعة لها تخال أنّها بخذلانها لآل محمد الطاهرين عليهم السلام والاستقواء بأولياء ابي بكر في فلسطين وسوريا واستجلاب مودتهم ومداهنتهم سوف تثبت عرشها المتضعضع وتكون في منعة من موجات التغيير التي تجتاح المنطقة بين حين وآخر بضغط من الشعوب وباستجابة لمطالب تلك الشعوب من الغرب القوي المهيمن وذلك وفق معادلات إقليمية معينة.
ما قيمة البكريين لكي نخشاهم ونطأطئ لهم الرؤوس فيخرج خامنئي منتحل الفقاهة ليحرم سب رموزهم القذرة ويدعو إلى التقارب والوحدة معهم على حساب جراحات أئمتنا الأطهار عليهم السلام؟! كيف نرضى لأنفسنا أن نبدي العداء لظالمنا المباشر (الصهاينة) بينما نسألم ونهادن ظلمة أئمتنا (عليهم السلام) ونكف عن ثلبهم وفضحهم وإبداء العداء لهم والنيل منهم والحال أنّ أنصارهم أضعف بكثير جدا من العدو الصهيوني؟! إن هؤلاء ودويلاتهم مجرد دمى في يد الصهاينة.
فكيف يخشون من الأضعف ويحسبون له حسابا بينما لا يبالون بمواجهة الأقوى؟! أيتقون من الأقوى و يمارسون التقية مع الأضعف؟! فالقول أنّهم يمارسون التقية مع أبناء ما يسمى الطائفة البكرية أمر مثير للاستهجان والسخرية من قبل الاخرين لو تأملت جيدا أيها الكريم.
شكرا لحسن تواصلكم.
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
28 شهر رمضان المبارك 1435 هجرية