السلام عليكم و رحمة الله بركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد
هل صحيح ان الرسول صل الله عليه وآله وسلم امر بقتل النضر بن الحارث صبرا ؟ ام هو من نزلت فيه آية (سأل سائل بعذاب واقع) رغم انني قرأت رواية ولا اتذكر المصدر حاليا ان الرسول لم يأمر بقتل احد صبرا الا عقبة بن ابي معيط ، وأود معرفة لماذا ايضا امر النبي بقتلؤعقبة بن ابي معيط صبرا لانني لم اقف على روايات من اهل البيت تتحدث عن ذلك ؟ واعلم عن كثرة الرسائل التي تصلكم ولكن ارجو الاجابة بكون ان قصة قتل النضر بن الحارث باتت مطعن في نبوة النبي عند الملحدين
وشاكر لكم وللشيخ ياسر الحبيب
ضياء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج1: لم يثبت من طرق أهل بيت النبوة (عليهم السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر بقتل النضر بن الحارث (لعنه الله) صبرا، كما لم يتفق الرواة وأصحاب السير والمؤرخين على ذلك، فعلى سبيل المثال روى ابن سلام عن ابن جعدبة أنه: «كان ينكر قتل النضر بن الحارث في يوم بدر صبراً، فقال: أصابته جراحة فارتثّ منها، وكان شديد المداوة فقال: لا أطعم طعاما، ولا أشرب شرابا ما دمت في أيديهم، فمات». ولمّا راجع ابن سلام أباه في هذه المسألة دعّمها بقوله: «قد قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل أحدا صبراً إلا عقبة بن أبي معيط يوم بدر». (طبقات ابن سلام ص6)
وأما الذي نزل فيه قوله تعالى: «سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ» ففي بعض روايات الأئمة (عليهم السلام) أنه النضر بن الحارث، لكن الظاهر وقوع تصحيف في الاسم، فهو إما جابر بن النضر بن الحارث الكلدي، وإما الحارث بن عمرو [النعمان] الفهري، وذلك لما ضُبط في نسخ أخرى من الروايات نفسها.
وعلى فرض أن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر بقتل النضر وعقبة وأنهما ما ماتا من أثر ما أصابهما في الحرب من جروح، فإن ذلك لا إشكال فيه لاستحقاقهما لهذا العقاب من حيث كونهما من مجرمي الحرب، وإلا فماذا كانا يفعلان في بدر مع جيش المشركين سوى قتل المسلمين؟ فكيف لو انضم إلى ذلك إجرامهما في حق رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قبل؟ فقد روى الواقدي أن النضر بن الحارث قام بمحاولة اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله) لولا أن حماه الله تعالى (راجع مناقب ابن شهراشوب عن الواقدي ج1 ص68) وروى غيره أن عقبة بن أبي معيط أقبل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يتعبّد في حجر الكعبة فوضع ثوبه في عنقه وخنقه به خنقاً شديداً حتى ظن الناس أنه قد قُتل (راجع الدرر لابن عبد البر برقم 14 وإمتاع الأسماع للمقريزي ج4 ص128) هذا ناهيك عن إلقاء القاذورات والنجاسات على رأسه الشريف وهو ساجد وعند باب داره والكثير من هذه الأفعال القذرة التي رواها أهل السير والمؤرخون.
وما محاولات الملحدين للطعن في نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله) إلا محاولات بائسة لا يقبلها أهل الفكر والنجابة، فإن الاقتصاص من القتلة ومجرمي الحرب أمر ليس عليه غبار، وقد اقتص الغرب - الذي هو قبلة الملحدين - بعد انتصاره في الحرب العالمية الثانية من أركان حكومة هتلر وحكم على معظمهم بالإعدام مع أن فيهم من ظهرت براءته بعد إعدامه كـ (ألفرد يودل) فحكمت المحكمة تالياً له بالبراءة! ومع ذلك كله لم يقل أحد أن قتل هؤلاء صبراً كان مخالفاً للمثل الإنسانية، فلماذا حين اقتص النبي (صلى الله عليه وآله) من أركان حكومة قريش وحكم عليهم بما يستحقون يكون الأمر مثاراً للطعن عند هؤلاء البائسين من الملحدين؟! هذا على افتراض صحة ما ذُكر من كونه (صلى الله عليه وآله) قد أمر بقتلهم.
شكرا لحسن التواصل.
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
ليلة 20 ذي الحجة 1435 هجرية