السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف نوفق بين هاتين الروايتين
الاولى قول الصادق عليه السلام ما مضمونه (اكل التمر البرني على الريق يورث الفالج) والرواية الثانية التي تدعو الى اكله على الريق
(عن محمد بن الحسن بن شمون قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أن بعض أصحابنا يشكو البخر فكتب إليه كل التمر البرني على الريق واشرب عليه الماء ففعل فسمن وغلبت عليه الرطوبة فكتب إليه يشكو ذلك فكتب إليه كل التمر البرني على الريق ولا تشرب عليه الماء فاعتدل)
وهنا ينقدح في الذهن اشكال اخر ايضا وهو كيف يوصي الامام السائل خطأ بما يضره (ففعل فسمن وغلبت عليه الرطوبة) الا ترون ان هذا يقدح بعصمة وعلم الامام والعياذ بالله حيث رجع بعد ذلك واوصاه بغير ما اوصاه بداية
2: ما هو السبيل لتحصيل اليقين في الدين والتغلب على الوساوس ونريد من سماحة الشيخ ان يذكر لنا ما جاء في الماثور عن المعصومين صلوات الله عليهم مما يفيد في المقام وايضا في تحصيل العلم النافع والفهم والذكاء وقوة القلب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجوركم بذكرى استشهاد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله ولعنة الله على قاتليه.
بمراجعة الشيخ؛
ج1: من المعلوم أن الإنسان الذي لا يشتكي شيئاً قد يوصىٰ بأن لا يتناول أشياءً معينة بكيفيات معينة أو أوقات معينة لأنها قد تضرّه مع مرور الوقت، بينما الإنسان العليل قد يوصى بتناولها بنفس تلك الكيفيات أو الأوقات لأنها العلاج المناسب له. وعليه فما توهمتموه من تعارض بين الروايتين غير صحيح، فإن الرواية الأولى المانعة عن أكل التمر البرني على الريق إنما هي موجهة لمن لا يشتكي شيئاً إذ يُخاف عليه مع مرور الوقت أن يُصاب بالفالج، أما الرواية الثانية فإنما هي موجهة لمن يشتكي البخر ولمن يشتكي اليبوسة، فيكون أكله للتمر البرني على الريق مفيدا له كعلاج حتى إذا انتهى من شكواه عاد فامتنع عن أكله على الريق خشية إصابته بالفالج.
وأما الجواب على الإشكال فهناك جزء قد سقط من الرواية التي نقلتموها، فإن تمامها هكذا: «عن محمّد بن الحسن بن شمّون: كَتَبتُ إلى أبِي الحَسَنِ عليه السلام: إنَّ بَعضَ أصحابِنا يَشكُو البَخَرَ، فَكَتَبَ عليه السلام إلَيهِ: كُلِ التَّمرَ البَرنِيَّ. قالَ: وكَتَبَ إلَيهِ آخَرُ يَشكو يَبسا، فَكَتَبَ عليه السلام إلَيهِ: كُلِ التَّمرَ البَرنِيَّ عَلَى الرّيقِ وَاشرَب عَلَيهِ الماءَ. فَفَعَلَ فَسَمِنَ وغَلَبَت عَلَيهِ الرُّطوبَةُ، فَكَتَبَ إلَيهِ يَشكو ذلِكَ. فَكَتَبَ إلَيهِ: كُلِ التَّمرَ البَرنِيَّ عَلَى الرّيقِ ولا تَشرَب عَلَيهِ الماءَ. فَاعتَدَلَ». [المحاسن للبرقي ج2 ص343]
وكما ترى فإن الذي تضرر لم يكن الرجل الذي شكى البخر، بل الرجل الآخر الذي شكى اليبوسة، أي أن الإمام (عليه السلام) لم ينصح الشاكي الأول بما تضرر منه. وأما الشاكي الثاني فلقد نصحه الإمام (عليه السلام) بما هو العلاج المناسب له، ولكنه تضرر لأنه أكثر من تناوله كما يكثر أي أحد تناول أي دواء أو علاج، فلقد كان يشتكي اليبوسة، فأوصاه الإمام (عليه السلام) بما ينفعه فانتهت حالة اليبوسة عنده إلا أنه أفرط فغلبت عليه الرطوبة، فعاد واشتكى للإمام (عليه السلام) فأوصاه بأكل التمر البرني على الريق دون شرب الماء عليه، فاعتدل الرجل ورجعت إليه صحته.
ج2: يوصي الشيخ بالآتي:
1- الإكثار من قراءة القرآن الكريم مع التدبر فيه وفي أحاديث آل محمد عليهم الصلاة والسلام.
2- قراءة سورة القدر ألف مرة خاصة في ليالي شهر رمضان.
3- المواظبة على هذا الذكر: «القول مني في جميع الأشياء قول آل محمد عليهم السلام فيما أسروا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وفيما لم يبلغني».
4- المواظبة على هذين التعقيبين بعد كل صلاة: «يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك. سبحان من لا يعتدي على أهل مملكته، سبحان من لا يأخذ أهل الأرض بألوان العذاب، سبحان الرؤوف الرحيم، اللهم اجعل لي في قلبي نورا وبصرا وفهما وعلما إنك على كل شيء قدير».
5- المواظبة على قول هذا بعد صلاة المغرب: «اللهم إني أسألك اليقين بحق مولانا زين العابدين عليه السلام».
هذا بالنسبة للمطالعات والأذكار، وأما بالنسبة للأطعمة فيوصي الشيخ بأكل السفرجل، ففي الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه يجلو عن الفؤاد، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه يقوي القلب ويحيي الفؤاد ويشجّع الجبان، وعن الرضا (عليه السلام) أنه يزيد في العقل.
وكذلك يوصي الشيخ بأكل إحدى وعشرين زبيبة حمراء على الريق، ففي الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) أن من أدمن ذلك رُزِق الفهم والحفظ والذهن، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه يُدفع عنه كل مرض وسقم.
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
26 صفر 1437 هجرية