بسم الله والصلاة و السلام على سيد المرسلين ابا القاسم محمد و على آله الطيبين الطاهرين و لعنة الله على اعدائهم اجمعين
١) كم كان عدد زوجات الرسول و من هن زوجاته اللواتي دخل بهن؟
٢)هل صحيح ان الرسول طلب من امرأة تدعى الجونية او ابنة الجون ان تهب نفسها له فقالت له اعوذ بالله منك فقال الرسول فد عذت بالله فالحقي بأهلك. فهل هذا الحديث صحيح و ان كان صحيح فما الحكمة و كيف يطلب الرسول من امرأة ان تهب نفسها له؟
وفقكم الله لمراضيه
و تحياتي لكم و لشيخ الرافضة(حفظهم الله) الشيخ ياسر الحبيب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج1: الأقوال مختلفة في هذا الشأن، وما يهمنا ما روي عن أهل البيت "صلوات الله وسلامه عليهم".
فقد روى الشيخ الصدوق "رضوان الله تعالى عليه" أن عددهن خمسة عشر امرأة: "عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن أبي عبد الله صلوات الله وسلامه عليه قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بخمس عشرة امرأة ودخل بثلاث عشرة منهن وقبض عن تسع". (الحدائق الناضرة للمحقق البحراني ج23 ص95 الفائدة الثالثة عشر، في خصائص النبي صلى الله عليه وآله وسلم).
وفي أقوال أخرى ومنها عن أبو عبيدة معمر بن المثنى، ما رواه الشيخ الطوسي "رضوان الله تعالى عليه" في كتابه المبسوط أن عددهن ثماني عشر امرأة: "قال أبو عبيدة معمر بن المثنى، جملة من تزوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثماني عشرة امرأة سبع من قريش، وواحدة من حلفائهم، وتسع من سائر القبائل، وواحدة من بني إسرائيل ابن هارون بن عمران، واتخذ من الإماء ثلاثا عجميتين وعربية، وأعتق العربية واستولد إحدى العجميتين". (كتاب المبسوط للشيخ الطوسي ج 4 ص270، في ذكر زوجات النبي).
ج2: في الروايات أن بعضهن وهبن نفسهن لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، ومنهن ليلى بنت الخطيم الأنصارية وخولة بنت الحكيم السلمي.
أما بخصوص التي نطقت بتلك الكلمة " القبيحة" في حق رسول الله فهي أسماء بنت النعمان بن الجون، فقد كذبت عائشة وحفصة على النبي "صلى الله عليه وآله" عندما زعمتا لبنت أبي الجون أنه يعجبه حين تدنو المرأة منه أن تقول له: "أعوذ بالله منك"! (راجع مستدرك الحاكم ج4 ص37 وفتح الباري لابن حجر ج9 ص295 وطبقات ابن سعد ج8 ص146).
أيضا روي أن النبي "صلى الله وعليه وآله" طلّقها لأنها حينما دخلت عليه قالت: ”أعوذ بالله منك“! وأظهرت بذلك حماقتها وعدم لياقتها لأن تكون زوجة لخاتم الأنبياء إذ استجابت لخدعة عائشة ودعوتها إياها لأن تهين النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" بهذه العبارة القبيحة، فطلّقها رسول الله وأرجعها لأهلها. (الإصابة ج8 ص19 والبحار ج22 ص193).
قال تعالى: «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّلاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ الَّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا».
الآية الشريفة تبيّن أصناف النساء اللاتي تحل لرسول الله صلى الله عليه إلى جانب من كن في عصمته وهذا حكم خاص به صلوات الله وسلامه عليه.
وفي هذه الآية التفاتة بلاغية جميلة في قوله «مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ» أي بما معناه ”رجع إليك“، في إشارة إلى أن ما على هذا الدنيا كلها من الأموال والجواري وما أشبه كله تحت ملكك، ووجود ذلك في يد الغير يكون في حكم المغصوب، إلا أنه قد عاد إلى مالكه الحقيقي.
كما نقرأ في الآية الكريمة بيّنت صنفا للنساء اللائي يجوز للنبي أن يجعلهن ضمن أزواجه و جعلت ذلك من اختصاصه، إذ تقول: «وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا».
وقد جرى هذا الحكم على خولة بنت حكيم السلمي، والتي سمّاها الله مؤمنة ولكن تطاولت عليها عائشة (لعنها الله) وقالت لها: ما أنهمكِ للرجال! (تفسير القمي - الجزء 2 - الصفحة 195).
وفي رواية أخرى أن حفصة (لعنها الله) أيضا قالت لها ذلك، فنهرهما النبي وقال لهما ما مضمونه: أنها أفضل منكما، ثم قال لتلك المرأة ما مضمونه: ارجعي رحمكِ الله وانتظر أمر ربي في هذا الشأن، فنزل قوله «وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا» أي إذا كان راغبا في نكاحها، «خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ» أي هذا الحكم خاص بك تستنكحها بلا مهر وبلا عقد دون سائر المسلمين الذين لا يجوز لهم ذلك.
وفقكم الله لمراضيه
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
25 ربيع الآخر 1438 هجرية