السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وقفت على مقالة تدافع عن رأي سياسي لعمر ابن الخطاب في عدم تقسيمه للأراضي المفتوحة عنوة فذهب إلى عدم تقسيمها و ذكروا انه وافقه على قوله علي بن ابي طالب عليه السلام وغيره كمعاذ وخلافه بلال رضي الله عنه و الزبير
فهل هذا صحيح ؟
وعلى فرض انه كذب على سيدنا علي عليه السلام فنرجو من فضيلة الشيخ مناقشة المقالة فقهيا ولو تعليقات فقط مبينا فيها حكم أهل البيت عليهم السلام لاني لاحظت فيها توجيه الواقعة بشيء من العواطف البكرية المتمثلة في عدالة الصحابة و عدم إمكانية مخالفة عمر للقرآن والسنة وغير ذلك
ننتظر رد الشيخ بفارغ الصبر
شكرا لكم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج1: بمراجعة الشيخ أفاد أن العكس هو الصحيح؛ أي أن الطاغية الثاني عمر بن الخطاب هو الذي وافق أمير المؤمنين عليه السلام ونزل على حكمه في هذه المسألة.
وهذا صريح ما رواه العدو من أن عمر أراد أن يقسم السواد - أي أرض العراق - إلا أن أمير المؤمنين عليه السلام قال له: «دعهم يكونوا مادة للمسلمين» فتركهم عمر. (تاريخ دمشق لابن عساكر ج2 ص193 ومعجم البلدان لياقوت الحموي ج3 ص275)
وفي الخبر المتضمن أجوبة أمير المؤمنين عليه السلام لليهودي الذي سأله عما امتُحن به من بين الأوصياء؛ قال: «إن القائم بعد صاحبه كان يشاورني في موارد الأمور فيصدرها عن أمري، ويناظرني في غوامضها فيمضيها عن رأيي». (بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج31 ص347)
وعليه تعرف أن ما فعله عمر لعنه الله إنما كان بالأصل عن أمر الإمام عليه السلام، فلقد كان الأئمة عليهم السلام يضطرون لأن يشيروا على حكام الجور أحيانا بما يؤدي إلى صالح الإسلام والمسلمين، محاولين منع الكوارث وتضييع الحقوق ما استطاعوا.
ومن المعلوم أن الله سبحانه هو المالك الحقيقي للأرض، وكذا رسوله وحججه لأنهم خلفاؤه فيها، فلهم فيها مطلق التصرف، إن شاءوا أباحوا وإن شاؤوا منعوا، وإن شاءوا قسموا وإن شاءوا أوقفوا، فهم الأدرى بمصلحة الإسلام والمسلمين، وهم أولى بالتصرف من كل أحد إذ يقول سبحانه: «النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ». (الأحزاب: 7)
وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم وأقطعه الدنيا قطيعة، فما كان لآدم عليه السلام فلرسول الله صلى الله عليه وآله، وما كان لرسول الله فهو للأئمة من آل محمد عليهم السلام». وقال عليه السلام: «وجدنا في كتاب علي عليه السلام: إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّـهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ. أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الله الأرض، ونحن المتقون، والأرض كلها لنا». وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: «إن الدنيا والآخرة للإمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء، جائز له ذلك من الله». (الكافي للكليني ج1 ص407 وص409)
وقد كان من حكم الإمام عليه السلام في أرض السواد أن جعلها لجميع المسلمين لكيلا تستأثر بها فئة منهم وإنما لتبقى للأجيال القادمة من المسلمين، ولذا لمّا سُئل أبو عبد الله الصادق عليه السلام «عن السواد ما منزلته؟ قال: هو لجميع المسلمين؛ لمن هو اليوم ولمن يدخل في الإسلام بعد اليوم ولمن يُخلق بعد». (التهذيب للشيخ الطوسي 7 ص155)
وفقكم الله لمراضيه
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
6 رجب الأصب 1438 هجرية