لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون ان يحمدو بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب اليم / ١٨٨/ ال عمران
سؤالي فيمن نزلت هذه الأية وماهو تفسيرها
جزاكم الله خير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قال علي بن إبراهيم في قوله (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لما يفعلوا) نزلت في المنافقين الذين يحبون أن يحمدوا على غير فعل، وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) قوله (ولا تحسبنهم بمفازة من العذاب) يقول ببعيد من العذاب (ولهم عذاب أليم). تفسير القمي الجزء الأول صفحة 129/128، وكذا في البرهان في تفسير القرآن الجزء الأول صفحة 723.
- وجاء في تفسير كنز الدقائق سورة آل عمران آية 190/187:
لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا: يعجبون بما فعلوا من التدليس وكتمان الحق، أو من الطاعات والحسنات... والخطاب للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن ضم الباء جعل الخطاب له وللمؤمنين... ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا: من الوفاء بالميثاق وإظهار الحق والاخبار بالصدق، أو كل خير.
فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب: فائزين بفوز ونجاة منه.
وفي تفسير علي بن إبراهيم: عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه يقول: ببعيد من العذاب.
وهو حاصل المعنى.
ولهم عذاب أليم: بكفرهم وتدليسهم.
قيل: إنه (عليه السلام) سأل اليهود عن شئ مما في التوراة؟ فأخبروه بخلاف ما كان فيه، واروه أنهم قد صدقوا وفرحوا بما فعلوا، فنزلت.
وقيل: نزلت في قوم تخلفوا عن الغزو، ثم اعتذروا بأنهم رأوا المصلحة في التخلف واستحمدوا به.
وقيل: نزلت في المنافقين، فإنهم يفرحون بمنافقتهم ويستحمدون إلى المسلمين بإيمان لم يفعلوه على الحقيقة.
والصواب أن الآية نزلت فيما رواه أبو الجارود، عن الباقر (عليه السلام) وجرت في غيرهم.
- وجاء في كتاب مجمع البيان في تفسير القرآن أسباب النزول:
نزلت في اليهود حيث كانوا يفرحون بإجلال الناس لهم ونسبتهم إياهم إلى العلم عن ابن عباس وقيل نزلت في أهل النفاق لأنهم كانوا يجمعون على التخلف عن الجهاد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فإذا رجعوا اعتذروا وأحبوا أن يقبل منهم العذر ويحمدوا بما ليسوا عليه من الإيمان عن أبي سعيد الخدري وزيد بن ثابت وقيل أتت يهود خيبر إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقالوا نحن نعرفك ونؤمن بك وليس ذلك في قلوبهم فحمدهم المسلمون فنزلت فيهم الآية عن قتادة.
المعنى: ثم بين سبحانه خصلة أخرى ذميمة من خصال اليهود فقال ﴿لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا﴾ أي الفارحون الذين يفرحون بالنفاق ﴿ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا﴾ أي بالإيمان وقيل هم اليهود الذين فرحوا بكتمان أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وأحبوا أن يحمدوا بأنهم أئمة وليسوا كذلك وقد عرفت المعنى في القراءة بالتاء والياء في الحجة فلا معنى لإعادته وقال أبو القاسم البلخي أن اليهود قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه وأهل الصلاة والصوم وليسوا أولياء الله ولا أحباءه ولا أهل الصلاة والصوم ولكنهم أهل الشرك والنفاق وهو المروي عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) وقيل معناه أنهم يحبون أن يحمدوا على إبطالهم أمر محمد وتكذيبهم به والأقوى أن يكون المعني بالآية من أخبر الله عنهم أنه أخذ ميثاقهم في أن يبينوا أمر محمد ولا يكتموه وعليه أكثر أهل التأويل وقوله ﴿فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب﴾ أي لا تظننهم بمنجاة وبعد من النار ﴿ولهم عذاب أليم﴾ أي مؤلم موجع. (مجمع البيان في تفسير القرآن سورة آل عمران آية 188)
وفقكم الله لمراضيه
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
19 جمادى الأولى 1439 هجرية