بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
شاهدت أحد المقاطع الفيديوية للشيخ ياسر الحبيب وهو يتحدث عن تعريف الفلسفة وقد اقتبست هذا الكلام من هذا المقطع:الفلسفة عبارة عن تخرصات اكتسبت او توشحت بثوب العلم اعتمادا على بعض المبادئ العقلية الصحيحة- يعني المبدأ العقلي يظهر صحيحا لكن عندما يبدأ يبني عليه او يتوسع عليه يصل إلى التخرص، فلايتوصل إلى شي بل يتوصل الى الإلحاد ويتوصل إلى الكفر ويتوصل إلى الضلال ويتوصل إلى الفساد لأنه لا يكون عنده ضابط ولايجعل هنالك حدا للعقل لأن العقل محدود ،فالعقل لا يمكن أن يحيط بالذات الإلهية والفلسفة تخوض في كنه الذات الإلهية.
سؤالي لو تفضلتم علي بالاجابة : ماذا عن كتاب فلسفة الإمام الصادق ع هل ينطبق عليه قولكم؟
ولكم مني كل التقدير والاحترام
عمار بناو حسون/ الدنمارك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قصد الشيخ من كلامه المنهج المعروف المتداول باسم الفلسفة الذي لا يعترف بمحدودية العقل وإدراكاته، ولا يقصد الشيخ ما يؤخذ من الأئمة المعصومين عليهم السلام ويُطلق عليه تجوّزا (فلسفة) حتى وإن كان الآخذ ممن أجرى كلامه على قواعدهم ومبانيهم واصطلاحاتهم، فما دام التزم بحد ما جاء عن المعصومين عليهم السلام وطرح كل ما يعارضه فلا بأس عند الشيخ وإن كان يخطِّئ هذا المنهج أصلا.
ومؤلف الكتاب وهو الشيخ محمد جواد الجزائري يبدو منه أنه من هذا الصنف لأنه قد نصّ في كتابه على رفض المنهج المعروف المتداول باسم الفلسفة، فقال: «إن كثيرا من الفلاسفة الأقدمين والتابعين لهم جهلوا شأن العقل الإنساني فأعطوه أكثر مما له، وأطلقوا له العنان فيما وراء نطاق المشاهدة والتجارب، وآمنوا بقدرته على إدراك كنه الأشياء على حقيقتها وكما هي في ذاتها، حتى الأشياء المجردة عن المادة ولواحقها من الشكل واللون والتحيز والقدر، وكلما تتفرع عليه ويتفرع عليها من مصدرها وأسبابها البعيدة وتشخيص غاياتها ومصيرها. وهذا رأي لا يرفض كله ولا يقبل كله، لما سيعرفه طالب الحقيقة في بحوثنا الآتية من حدود للعقل الإنساني لا تتفق مع ما يرونه للعقل من القدرة الواسعة.
لا أقول أنهم أساءوا استعمال العقل الإنساني في بحث حقائق الأشياء وفي التفتيش عن أسرارها، وإنما أقول أن العقل قاصر في نفسه عن حل مسائل ما وراء الطبيعة من أسرار التشريع والتكوين وغيرهما من حقائق الأمور الإلهية. ولم أقصد طرده وعزله عن كل ما يتعلق بذلك، فإنه لا يجوز التعبد بشيء من ذلك ما لم يحكم بإمكانه على الأقل، بيد أن سلطته محدودة بحدود لا يجوز له تعديها، وذلك لا يقلل من قيمته في النطاق المخصص له. إن هذا الرأي المرتكز على إعطاء العقل أكثر مما له لخطر عظيم على إيمان عموم أهل الأديان» (فلسفة الإمام الصادق عليه السلام للجزائري ص85)
وفقكم الله لمراضيه
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
19 جمادى الأولى 1439 هجرية