السلام عليكم
ما هو حقيقه حديث تزكيه ام سلمه رضوان الله عليها لعمر بن الخطاب ؟!
بعد حديث الرسول صلى الله عليه واله وسلم (ان من اصحابي من لا يراني ولا اراه بعد موتي ) فقالت ام سلمه لعمر انت ليس منهم ؟! وما هي صحه الحديث ؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجوركم بذكرى استشهاد السيدة الزهراء صلوات الله عليها -على الرواية الثانية- ولعنة الله على قتلتها وأعدائها أجمعين.
مضمون الرواية صحيح ويوافق جملة من الأحاديث والروايات التي وردت من طرقنا وطرق مخالفينا في هذا الشأن، وهو ارتداد جملة من أصحاب الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله بعد استشهاده، إلا أنه قد وقع فيها تصرف وزيادة كما سيتضح إن شاء الله.
أما بالنسبة للروايات التي جاءت في مصادر البكرية:
عن رسول الله صلى الله عليه -و آله- وسلم أنه قال: يرِد عليَّ الحوض رجال من أصحابي، فيحلّؤون عنه، فأقول: يا ربِّ أصحابي. فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى. (صحيح البخاري 4/2058).
وأما ما جاء في مصادرنا:
ما رواه الشيخ الكشِّي قدس سره في رجاله كما في اختيار معرفة الرجال، ص 5 بسنده عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال: ارتد الناس إلا ثلاثة نفر: سلمان، وأبو ذر، والمقداد. قال الراوي فقلت: عمار؟ قال: كان جاض جيضة، ثم رجع، ثم قال: إن أردتَ الذي لم يشك ولم يدخله شيء فالمقداد، فأما سلمان فإنه عرض في قلبه أن عند أمير المؤمنين عليه السلام اسم الله الأعظم، لو تكلَّم به لأخذتهم الأرض، وهو هكذا، وأما أبو ذر فأمره أمير المؤمنين عليه السلام بالسكوت، ولم يأخذه في الله لومة لائم، فأبى إلا أن يتكلم. (اختيار معرفة الرجال: 5). وجاض: أي عدل عن الحق، وفي بعض النسخ: حاص، أي انهزم.
http://al-qatrah.net/an3012
نعود للرواية التي ذكرتموها حيث أنها جاءت في مصادر متعددة من كتب أهل الخلاف كمسند أحمد بن حنبل، ومجمع الزوائد للهيثمي، ومسند إسحاق بن راهويه، ومسند عبد الرحمن بن عوف للبرتي، والمعجم الكبير للطبراني، وبألفاظ متشابهة:
في مسند أحمد بن حنبل، حدثنا: أبو معاوية، قال: حدثنا: الأعمش، عن شقيق، عن أم سلمة، قالت: دخل عليها عبد الرحمن بن عوف، قال: فقال يا أمه قد خفت أن يهلكني كثرة مالي أنا أكثر قريش مالا، قالت: يا بني فأنفق فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يقول: إن من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه، فخرج فلقي عمر فأخبره فجاء عمر فدخل عليها، فقال لها: بالله منهم أنا، فقالت: لا ولن أبلي أحدا بعدك.
وبالعودة إلى كتاب مشيخة ابن طهمان لإبراهيم بن طهمان، نجد هذه الرواية وبنفس السند إلا أن الزيادة الأخيرة ليست موجودة فيه:
وبه عن الأعمش، عن شقيق بن سلمة: أنه قال: دخل عبد الرحمن بن عوف على أم سلمة، فقال: يا أمتاه، إني قد خشيت أن أكون قد هلكت، أنا أكثر قريش مالا، وقد بعت أرضا لي بأربعين الف دينار، فقالت: أنفق يا بني، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إن من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه أبدا.
والمعروف أن إبراهيم بن طهمان متقدم على المذكورين أعلاه كأحمد بن حنبل والهيثمي، وهو ثقة عندهم، وقد قال ابن حنبل: هو صحيح الحديث مقارب. وقال أبو زرعة : كنت عند أحمد بن حنبل، فذكر إبراهيم بن طهمان، وكان متكئا من علة، فجلس، وقال: لا ينبغي أن يذكر الصالحون فيتكأ.
وهنا يتضح لك أن الحديث قد تُصُرِّفَ فيه وزادوا فيه تلك الزيادة المنكرة لتلميع صورة عمر بن الخطاب لعنه الله.
وفقكم الله لمراضيه
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
14 جمادى الأولى 1439 هجرية