السلام عليكم و حمة الله و تعالي و بركاته اهنئكم بذكري ميلاد سيدنا امير المؤمنين صلوات الله عليه لكم شيخنا العزيز الحبيب و كافة الساهرين علي العمل بالقناتين المباركتين فدك و صوت العترة.
سؤالي يتلخص حول معني اية في سورة التوبة بمفهوم الاية انه ماكان لنبي ان يكون له اسري حتي يثخن في الارض اي كثرة الدماء فما هو المعني الصحيح للاية هذا و صلي اللهم علي محمد و ال بيته الطاهرين الطيبين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجوركم بذكرى وفاة السيد إبراهيم بن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله.
روى علي بن إبراهيم القمي عليه الرحمة والرضوان في تفسيره: حدثني أبي عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الأنفال فقال هي القرى التي قد خربت وانجلى أهلها فهي لله وللرسول وما كان للملوك فهو للإمام وما كان من أرض الجزية لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، وكل أرض لا رب لها والمعادن منها، ومن مات وليس له مولى فما له من الأنفال، وقال نزلت يوم بدر لما انهزم الناس كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله على ثلاث فرق، فصنف كانوا عند خيمة النبي صلى الله عليه وآله وصنف أغاروا على النهب، وفرقة طلبت العدو وأسروا وغنموا فلما جمعوا الغنائم والأسرى تكلمت الأنصار في الأسارى فأنزل الله تبارك وتعالى "ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض". (أي يغلب على الأرض ويبالغ في قتل أعدائه)
فلما أباح الله لهم الأسارى والغنائم تكلم سعد بن معاذ وكان ممن أقام عند خيمة النبي صلى الله عليه وآله، فقال يارسول الله ما منعنا ان نطلب العدو زهادةً في الجهاد ولا جُبْناً عن العدو ولكنا خفنا أن نعدو موضعك فتميل عليك خيل المشركين، وقد أقام عند الخيمة وجوه المهاجرين والأنصار ولم يشك أحد منهم والناس كثير يا رسول الله والغنائم قليلة ومتى يعطي هؤلاء لم يبق لأصحابك شئ.
وخاف أن يقسِّم رسول الله صلى الله عليه وآله الغنائم وأسلابَ القتلى بين من قاتل ولا يعطي من تخلَّف عليه عند خيمة رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا، فاختلفوا فيما بينهم حتى سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا لمن هذه الغنائم؟ فأنزل الله "يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله وللرسول".
فرجع الناس وليس لهم في الغنيمة شيء ثم أنزل الله بعد ذلك (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) فقسَّم رسول الله صلى الله عليه وآله بينهم، فقال سعد بن أبي وقاص يا رسول الله.. أتعطي فارس القوم الذي يحميهم مثل ما تعطي الضعيف؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله ثكلتك أمك وهل تنصرون إلا بضعفائكم!
قال فلم يخمِّس رسول الله صلى الله عليه وآله ببدر، وقسَّمه بين أصحابه ثم استقبل يأخذ الخمس بعد بدر، ونزل قوله "يسألونك عن الأنفال" بعد انقضاء حرب بدر فقد كتب ذلك في أول السورة وكتب بعده خروج النبي صلى الله عليه وآله إلى الحرب.
وجاء في تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان للمجدد الشيرازي قدس سره في شرح الآية الكريمة: (ما كان لنبي) أي ليس له، ولم يكن في عهد الله إليه (أن يكون له أسرى) بأن يأخذ الأسير ثم يطلقه منّاً، أو في مقابل الفدية (حتى يثخن في الأرض) الإثخان: التغليظ، أي يحمل الأرض ثقلاً بالقتلى، أو المعنى: حتى يغلب في الأرض ليخاف الكفار سطوته، فإنهم إنْ علموا أنهم إن وقعوا أسرى فُدّوا وتحرروا، جرَّأهم ذلك على الاستمرار في المؤامرة والمكايدة، لكنهم إن عرفوا أن وراءهم القتل، قلَّت جرأتهم، وسلمت الدولة من شرهم.
فهل (تريدون) أيها المسلمون (عرض الدنيا) أي المصالح الدنيوية، وسمي عرضاً لأنه لا يبقى، والمراد به هنا: المال المأخوذ فدية (والله يريد الآخرة) فإنكم إنْ صرفتم النظر عن المال لأجل ثواب الله سبحانه، كان خيراً لكم (والله عزيز) ذو قوة ومنعة، فاعملوا بأوامره حتى يقويكم (حكيم) يدبر الأمور بحكمته البالغة، فما يأمر به هو المصلحة دون ما تظنون.
كما ننصحكم بمشاهدة محاضرة (فليتشيعوا نجعل لهم ما تحت أيديهم):
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
17 رجب الأصب 1439 هجرية