السلام عليكم
سمعتكم مرة تنقلون هذه العبارة عن الإمام علي سلام الله عليه "ما رأيت نعمة موفورة إلا وإلى جانبها حق مضيع" وأحب التنبيه إلى أن هذا الحديث لا أصل له!
فهو ليس في نهج البلاغة ولا في غيره ولم ينقله الشريف الرضي رحمه الله وإنما أدرجها جورج جرداق ضمن "روائع نهج البلاغة" ولست أدري من أين أخذها، وأخطأ بعض العلماء فنسبها دون تثبت للنهج الشريف كالشيخ شمس الدين وغيره!
إن كان لديكم مصدر لعله فاتنا فأرجو أن تفيدونا به، وشكرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجوركم بذكرى استشهاد الخليفة الشرعي الثاني الإمام الحسن عليه السلام، ولعنة الله على قاتليه.
بمؤدّى العبارة ما جاء في النهج: «ما جاع فقير إلا بما منع [مُتِّعَ] به غني». (نهج البلاغة - الحكمة 319)
وبمضمون العبارة ما نُسب إلى معاوية لعنه الله: «ما رأيت سرفاً إلا وإلى جانبه حق مضاع» (البصائر والذخائر لأبي حيان التوحيدي ج6 ص206) وما نُسب إلى أبي العباس السفاح لعنه الله: «قلَّ أن يوجد تبرع إلا ومعه حق مضاع». (التذكرة الحمدونية ج1 ص260)
ومن غير البعيد أن تكون الحكمة بالأصل لمولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم نُسبت تزويراً إلى هؤلاء، حيث ظاهرة سرقة الحكم العلوية هي ظاهرة ملحوظة في المصادر، ومنها على سبيل المثال أنه جاء عنه (عليه السلام) قوله: «لا يقيم أمر الله سبحانه إلا من لا يصانع ولا يضارع ولا يتبع المطامع». (نهج البلاغة - الحكمة 105 وحلية الأولياء لأبي نعيم ج7 ص286) ولكنك تجد أن العبارة نُسبت إلى عمر بن الخطاب لعنه الله! كما في (كنز العمال للمتقي الهندي برقم14320)
بل يمكن القول أيضا أن نفس عمر ومعاوية والسفاح وأضرابهم إنما كانوا يأخذون من أمير المؤمنين (عليه السلام) الحكم والمواعظ ويجرونها على ألسنتهم، فهو (عليه السلام) أستاذ الكل في الكل.
ومن المحتمل أيضا وقوع الاشتباه، خاصة أن العبارة في (البصائر والذخائر ج6 ص206) مسبوقة بعبارة أخرى لأمير المؤمنين عليه السلام، حيث يقول أبو حيان: «وقال علي بن أبي طالب عليه السلام: ما دون أربعة آلاف درهم نفقة، وما فوقها كنز».
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
7 صفر الأحزان 1439 هجرية