مولانا حبيب قلبي، اقصدك بموضوع في بالغ الاهمية، كما تعلم انا لبناني من الجنوب و رافضي، اذا كنت تتابع ما يحدث في لبنان ففي الايام الثلاثة الاخيرة هناك فتنة بين الاخوة الشيعة و الاخوة السنة( علما ان هذه التسميات مغلوطة) و قد بدات على خلفية انتشار بعض المقاطع للشيعة يلعنون ابو بكر و عمر و عثمان و عائشة، فاستشاط الطرف الآخر غضبا و قام بشتم عزتنا و امنا و بضعة الرسول فاطمة عليها السلام و الامام علي و ابناءهما المعصومين الحسن و الحسين، على العلم ان الكثير من الاخوة السنة استنكروا ما حدث، الا ان الشيعة نزلوا الى شوارع بيروت صيدا و النبطية و بعض المدن الاخرى و اعتدوا على المتظاهرين السلميين منهم، و من كان يسب ال البيت و كسروا كل ما لا يتعلق بالشيعة اعلانا عن غضبهم للتعرض للصديقة الكبرى سيدة نساء العالمين، واليوم يتجمهر في هذه الاثناء الشيعة و هم يسبون ابو بكو عمر و عثمان و عائشة و بالمقابل تجمع البكريون و هم يطلقون شعارات كعمر ولي الله، فما العمل لدرء هذه الفتنة؟ اذا عملنا بعقيدتنا علنا هذا ما يحدث فالطرف الآخر يقبل ان يقوم الملحدون بشتم الله عز و جل ولكن لا يقبل ان يقوم احد بشتم ما يسمون بالصحابة فما العمل؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تم إطلاع الشيخ على رسالتكم، وكان الموقف كالتالي:
● أنه يأسف لما آلت إليه أوضاع لبنان من الاحتقان والتجاذب، ويسأل الله تعالى لهذا البلد العزيز الخير والصلاح.
● أنه يعتبر توظيف مظاهر البراءة العلنية في خدمة النزاعات السياسية أو إذكائها أمرا خاطئا، وهو من مصاديق «اللعن الاعتباطي» الذي سبق أن حذر منه أكثر من مرة. وأن المطلوب من مظاهر البراءة العلنية هو ما يكون هدفه دينيا فقط لإيقاظ الضمائر وإثارة العقول وهداية النفوس ولو بعد صدمها، لا ما يكون هدفه سياسيا أو ما يتقاطع مع النزاعات الاجتماعية أو الديموغرافية.
● أن من تجرّأ على المساس بقدس الزهراء (صلوات الله عليها) وانتهك حرمات العترة الطاهرة (صلوات الله عليهم) لا يُعذر حتى وإن ادعى أنه فعل ذلك كردة فعل، ذلك لأنه يعلم حرمة هذا المساس حتى في دين طائفته، وأن هذه الشخصيات المقدسة محل إجماع المسلمين، لا تُتَّهم والعياذ بالله بشيء من النفاق أو البغي أو الطغيان أو الابتداع. بخلاف شخصيات كأبي بكر وعمر وعائشة، فإنها شخصيات خلافية لا إجماع عليها، وهي متهمة بالنفاق والبغي والطغيان والابتداع عند طائفة من الأمة، فلا يكون هنالك حرج في أن تعبّر هذه الطائفة عن موقفها الشرعي الرافض لها.
● أنه لا يشك في أن المتجرئ لا يمثل سوى حالة شاذة معزولة منغمسة في الحرام، وأن السواد الأعظم من طائفته لا يمكن أن يقبل بما تفوّه به، ولربما كان من أولئك المختلين عقليا أو نفسيا، ولذلك ما كان ينبغي إعطاؤه هذا الحجم من الاهتمام.
● أن إقدام بعض المجاميع على حرق وتكسير ممتلكات الناس والاعتداء عليهم بغير وجه حق لا يمكن اعتباره انتصارا للسيدة الزهراء والعترة الطاهرة (صلوات الله عليهم)، فإن هذه من أفعال الجاهلية لا أفعال الإسلام والتشيع.
● أن سماح الطرف الآخر بسب الذات الإلهية أو تمريره مع أنه يستنفر حين يسمع سب أبي بكر أو عمر أو عائشة يمثل حالة مرضية تستدعي جهودا مكثفة من المخلصين لعلاج من أصيبوا بها بدعوتهم إلى التوبة من هذا التفريط والإفراط. وليس من العلاج الاستسلام لهذه الحالة المرضية بالكف عن رموز النفاق والطغيان، فإنها بذلك تستفحل والعياذ بالله.
● أن أول خطوة في درء هذه الفتنة تتمثل في فصل الميدان الديني عن الميدان السياسي، فإن لكل ميدان أفعاله وتحركاته المناسبة له. وما ينبغي أن يجتمع عليه اللبنانيون هو السعي لتغيير النظام والخلاص من الطبقة السياسية الفاسدة من كل الطوائف، وصولا لتأسيس نظام جديد يزدهر فيه لبنان على أساس التساوي في حقوق المواطنة، ومن تلك الحقوق حرية النقد الديني والمذهبي.
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
22 ربيع الآخر 1441 هجرية
