السلام عليكم الشيخ ياسر الحبيب
قلتم في جوابكم هذا http://www.alqatrah.net/an1396
ان زيارة الناحية المقدسة معتبرة وصادرة عن المعصوم عليه السلام
لكن هناك من يرى ان هذه الزيارة ليست من المعصوم عليه السلام بل هي من تاليف الشيخ المفيد والشريف مرتضى رضوان الله عليهما وذلك لأنه قد إستشكل البعضُ بعضَ محتوی هذه الزيارة، منها :
عبارة « السَّلامُ عَلَى الاَجْسامِ الْعارِيَةِ فِى الْفَلَواتِ، تَنْـهَشُهَا الذِّئابُ الْعادِياتُ، وَ تَخْتَلِفُ إِلَيْهَا السِّباعُ الضّـارِياتُ» بینما جاء في خبر أبي مخنف الصحيح أن أهل الغاضرية من بني أسد دفنوا الحسين وأصحابه بيوم واحد أي في اليوم الحادي العشر من المحرم أي حيث كان العسكر زهاء عشرة آلاف لازالوا معسكرين هناك فلم تصل وحوش الفلوات الى تلك الجثث الطواهر الزواكي.
عبارة «فَهَوَيْتَ إِلَى الاَرضِ جَريحاً، تَطَؤُك َ الْخُيُولُ بِحَوافِرِها... » مما ظاهره أنّ ذلک کان قبل قتل الحسین.
عبارة «فَلَمّا رَأَيْنَ النِّـسآءُ جَوادَك َ مَخْزِيّاً، وَ نَظَرْنَ سَرْجَك َ عَلَيْهِ مَلْوِيّاً، بَرَزْنَ مِنَ الْخُدُورِ، ناشِراتِ الشُّعُورِ عَلَى الْخُدُودِ، لاطِماتِ الْوُجُوهِ سافِرات» التي تدلّ علی أنهن خلعن الحجاب من شدة حزنهن!! ظاهر العبارة أن ذلك كان باختيارهن مسامحة في الحجاب وهذا لايمكننا الموافقة عليه وانفرد به هذا النص ولايؤيده أي خبر آخر.
وعبارة «الشِّمْرُ جالِسٌ عَلى صَدْرِكَ، وَ مُولِـغٌ سَيْفَهُ عَلى نَحْرِك، قابِضٌ عَلى شَيْبَتِك َ بِيَدِهِ، ذابِـحٌ لَك َ بِمُهَنَّدِهِ...» التي لاتطابق الأخبار المعتبرة العديدة التي تدل على أنّ سنان بن أنس النخعي هو القاتل المباشر، ذبحه بأمر شمر بن ذي الجوشن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجوركم بذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه وأهل بيته عليهم السلام، ولعنة الله على قتلتهم وأعدائهم أجمعين.
بمراجعة الشيخ،
أولا؛ إن وصف أخبار أبي مخنف بالصحيحة غريب إذا قُصد به المصطلح. نعم إن أخباره غير خلية عن الاعتبار في نطاقها التاريخي، بيد أنها إذا صادمت أخبارا من طرقنا فضلا عن أخبار المعصوم عليه السلام؛ فإنها تسقط لعدم مقاومتها له. هذه قاعدة وأصل.
ثانيا؛ إن الجمع بين العبارات المذكورة في زيارة الناحية وبين ما ذكرته التواريخ ممكن، كالقول بأن المراد من الذئاب العاديات والسباع الضاريات هم القتلة أنفسهم، أو القول بأن النهش قد وقع قبل تولي بني أسد الدفن في اليوم التالي لعدم اهتمام عساكر العدو بطردها ليلا مثلا.
وكالقول بأن وطء الخيول هو من أثر الوقوع الطبيعي من أعلاها؛ لا أنه من أثر تقصُّد العدو بعد القتل، فتلك حادثة أخرى مرددة الوقوع.
وكالقول بأن المراد من (ناشرات الشعور) فتح الضفائر على عادة نساء العرب آنذاك في المصائب، ويكون ذلك كله من وراء الحجاب لا بمرأى الأجنبي.
وأما المباشر للذبح أ هو الشمر أم سنان أم خولي لعنهم الله؛ فإن أهل التواريخ أنفسهم قد حكوا تردد هؤلاء في القتل وإقدامهم وإحجامهم مع اشتراكهم، فلا عجب أن يقع الاختلاف في تعيين المباشر، وهو اختلاف لطالما لوحظ في أخبار الحروب والمعارك، يزيده ذكر بعض الأخبار أن سنانا كان أشبه الخلق بشمر في الهيئة. وأيا كان فإن هذا الاختلاف لا يرفع اليد عن اعتبار زيارة الناحية؛ وإنما العدل جعلها حاكمة عليها حاسمة في تعيين ما تردد واختلف حتى على فرض أنها من إنشاء المفيد أو المرتضى؛ ذلك لأن الركون إلى علمائنا المحققين الخبراء كأمثالهما أولى من الركون إلى مؤرخين وأخباريين كأبي مخنف أو غيره.
وأما ثالثا؛ فإنه لا يبعد عندي أن زيارة الناحية المقدسة نظرا لكونها صادرة على أصول البلاغة فإنها تتضمن تصويرات أدبية مجازية مع قطع النظر عن تحققها خارجا، وأن أصل الزيارة من الناحية المقدسة وأضيف إليها ما هو من إنشاء المفيد أو المرتضى حين كانا يزوران. يساعد على ذلك التأمل في أسلوب الزيارة وسبكها واختلاف نسخها.
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
26 محرم الحرام 1441 هجرية